ظهرت من جديد دعوات تشكيل اللجان الشعبية التى بدأت مع جمعة الغضب يوم 28 يناير 2011 بعد اختفاء الشرطة من الشارع وانتشار وهروب المساجين والبلطجية، فقرر الشعب المصرى أن يستعيد دور رجال الشرطة باللجان الشعبية، فاستلهم «الشيخ حافظ سلامة» الفكرة من أيام السويس، ومن ثم وبشكل تلقائى لجأ المواطنون لتشكيلها لحماية المنازل والممتلكات العامة. وبعد العنف الذى ظهر أثناء فض اعتصامى رابعة والنهضة، جاءت الدعوات بأهمية تشكيل لجان شعبية لمواجهة الإرهاب والتصدى لحرق الكنائس ومساكن الأقباط واستجاب المواطنون لها.. وشكلت فى كل مدن ومراكز المحافظات، خاصة بعد دعوات حملة تمرد أمس تحت شعار جمعة اللجان الشعبية لحمايةمصر من الإرهاب ورغم أهمية هذه اللجان الآن خطورتها على المجتمع وتهديدها له يمثل قلق للكثيرين، حيث يقول الدكتور يسرى العزباوى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لجأ الأهالى إلى ابتكار اللجان الشعبية، وكان لها بعض المزايا منها حماية الممتلكات العامة والخاصة وقتها، ولكن لا يمكن أن ننكر أنه تم استخدامها من قبل الخارجين عن القانون، واستغلوها فى ابتزاز المواطنين والاستيلاء على ما لديهم من أموال وتهديدهم فى مسكنهم والحصول على إتاوات منهم.
وأضاف العزباوى: إن المشكلة لن تقتصر الآن على وجود هذه اللجان، بل يمكن أن يترتب عليها مواجهات حادة بينهم وبين مؤيدى الرئيس المعزول وأنصار جماعة الإخوان المسلمين الذين يعبثون فى كل مكان فى القاهرة والأقاليم والمحافظات.
وأكد العزباوى أن الشرطة الآن استعادت قوتها وعافيتها وفى أحسن حالاتها، يمكنها أن تنزل الشارع بمنتهى السهولة وتستثمر هذا النجاح وسوف تلقى ترحيبا ودعما من المواطنين، بل وتعاونا من أجل تقديم البلطجية والمجرمين للعدالة، لأن الجميع يشعر بالقلق والخوف من وقوع هجمات إرهابية قد ينفذها البعض فى كل شوارع مصر.
وأكد العزباوى ضرورة أن يكون وجود اللجان الشعبية لفترة محدوة، حتى لا ننشر صورة أن الدولة بلا قانون أو أمن، فالدولة المصرية يجب أن تثبت أنها منحازة لدولة القانون ولديها مؤسسات آمنة قادرة على حماية مصر واستقرار مواطنيها.
بينما يرى اللواء طلعت مسلم- الخبير الاستراتيجى والأمنى- أنه لا يشجع تكوين هذه اللجان الشعبية لأنها نتج عنها مخاطر جثيمة بعد اللجوء إليها فى ثورة يناير، حيث تم استخدامها من قبل البلطجية، وخرجت عن الهدف النبيل لها من حماية المنشآت فى فترة الانفلات الأمنى، إلى أن أصبحت جزءاً من هذا الانفلات، بل وارتكبت جرائم قتل على أيدى أشخاص انتموا إلى اللجان الشعبية.
ويرى مسلم أن الحل إذا كانت الحالة الأمنية تلزم وجود اللجان الشعبية هو التعاون بين الشرطة والمنظمين لهذه اللجان، ويتم الاتفاق على تحديد مكان اللجان وما هى المهام المكلفة بتنفيذها، وأين مكان تمركزها بالمنطقة، بل وتحديد أرقام معينة تقوم باستخدامها هذه اللجان للاتصال للشرطة والإبلاغ الفورى عن الأحداث.
وأضاف مسلم: إذا لم يتم تقنين أوضاع هذه اللجان، فيجب على كل مواطن أن يلزم بيته أثناء الاشتباكات أو فى الأوقات المتأخرة من الليل لحماية نفسه وعدم تعرضها للمخاطر.
وأضاف مسلم: حماية وحفظ الأمن ليس مسئولية الداخلية بمفردها، بل هى تحتاج إلى تكاتف مختلف الجهات، من رؤساء المحافظات ورؤساء المدن والأحياء، وأن يكون هناك تنسيق بين الأطراف من أجل تسريع عملية استعادة الأمن وإلقاء القبض على المتهمين والخارجين عن القانون.