«مرسى باع سينا يا ولد شوفوا بقا خيانته يا ولاد» هكذا زف المصريون الرئيس الإخوانى المعزول بعد الأنباء التى ترددت حول وثيقة بيع 40٪ من سيناء فى إطار المشروع الأمريكى الإسرائيلى لإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على حساب المصريين بتبادل أراض فى سيناء لتوسيع غزة، ورغم نفى البيت الأبيض محاكمة أوباما على هذه الجريمة إلا أن الكونجرس لايزال يحقق فيها، وهناك بلاغات قدمت ضد مرسى والشاطر وأعوانهما للتحقيق فى هذه الجريمة، وسط مطالبات بمعاقبة مرسى بالإعدام من خلال محاكمة عاجلة جدا!.. ولن ننسى بالطبع قرار «السيسى» فى بداية حكم مرسى بمنع بيع أراض فى سيناء بعد انتشار حالات بيع الأراضى الاستراتيجية بمساحات كبيرة لفلسطينيين حصلوا على الجنسية المصرية وشركات قطرية تختفى وراءها كيانات صهيونية! اللواء حمدى بخيت مستشار رئيسأكاديمية ناصر العسكرية كشف لنا أنه بعد انهيار النظام الإخوانى الملىء بالصلف والتعنت والتمسك بفكرة غير موجودة على أرض الواقع بأن ما حدث من هذا النزول الجماهيرى الهادر لم يكن ثورة بل انقلاب عسكرى كان من الطبيعى أن تذهب القراءات حول وجود صفقات عقدت بين الأمريكان والإخوان للوصول بهم إلى الحكم.. ومنها الوثيقة المطروحة بخصوص بيع 40٪ من أراضى سيناء لحماس مقابل 8 مليارات دولار، خاصة أن هذه الصفقات تفسر على اعتبار أنها هى التى جعلت الأمريكان يغضون الطرف تماما عن الأخطاء الفادحة التى ارتكبتها الجماعة خلال العام الماضى!
ولا يستبعد بخيت أن تكون هناك بعض الاتفاقيات والوثائق الخفية بين نظام الإخوان والولاياتالمتحدة، ومازال هذا الدعم الخفى مستمرا للجماعة رغم إسقاط الشعب لها، وهو الذى يدفع بطرح تساؤلات حول الأحداث التى تجرى الآن وما يدبر من مكائد وتفجيرات بسيناء، لتصبحعلامات الاستفهام موجهة حول المستفيد مما يحدث الآن، وبالتأكيد فهى تصب فى مصلحة الولاياتالمتحدة والجماعة، وليس فى مصلحة الشعب المصرى وأهداف الدولة المصرية.
وأضاف بخيت أن من أسباب احتمالية أن تكون هذه الوثيقة صحيحة وأن يكون وقع عليها الشاطر ومرسى وبديع، هو تسديدهم لفواتير لصالح الأمريكان خلال العام الماضى، حيث وجدنا فيها تزكية ودعم أمريكياً للإخوان وله أسبابه، حيث أرادوا تمكينهم وأن يركبوا على أنفاس الدولة المصرية فى وقت خطير جدا، كانت يجب أن تسوق فيه العديد من الملفات فى المنطقة منها الملف الإيرانى والسورى والفلسطينى - الإسرائيلى، حيث أراد الأمريكان تصدير التكتل المصرى الذى يضم 90 مليون سنى فى مواجهة الشيعة، من خلال الاستعانة بمختلف تنظيمات الإخوان السنية المنتشرة فى دول الربيع العربى مقابل أن يكون الثمن دعمهم بقوة للبقاء فى الحكم!.
ولو ثبتت صحة هذه الوثيقة سوف تظهرها وتكشفها القوات المسلحة بكل وضوح.
أشك أن أوباما أعطى هذا المبلغ الكبير للجماعة، لأن الرئيس فى أمريكا ليست لديه الحرية المطلقة فى الإنفاق، بل هناك يقوم الكونجرس بدور رقابى شديد على هذه العملية، وإلا كانت وسائل الإعلام الأمريكية ملأت الدنيا صخباً، ولكن الحديث حول تسريبات هذه الوثيقة متسق مع التسوية النهائية للقضية الفلسطينية، وكانت أراضى شمال سيناء طرفاً فيها «هكذا رأى السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة إسرائيل الأسبق بالخارجية». وأضاف أن التسوية التى طرحت وبقوة مشروع توسيع قطاع غزة كانت تشتمل على زيادة المساحة الجغرافية لقطاع غزة من 345كم مربع إلى 700 كم مربع، وهذا الفارق من الأراضى يؤخذ من أراضى سيناء، عن طريق تبادل فى الأراضى يتم بين مصر وإسرائيل، بأن تعطى إسرائيل مصر مقابل أراضى سيناء مساحات من صحراء النقب.
وأكد هريدى أنالإخوان قبلت بهذه الشروط الإسرائيلية ليحسب لها حل القضية الفلسطينية،
رغم أن هذه التسوية كانت ضد القضية حيث تنص أن تجعل الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح ويحق للقوات الإسرائيلية أن تتمركز على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية بل تحدثت إسرائيل أن هذا التمركز يمتد إلى 40 سنة، ومن الشروط الأخرى للتسوية هى السماح للسلاح الجوى الإسرائيلى بدخول المجال الجوى الفلسطينى دون اعتراض.
وأوضح أن أى نظام عربى كان لن يقبل بهذه التسوية، حتى نظام مبارك رفضها، والنظام السورى، إلا أن الإخوان وافقت عليها مقابل دعمهم للوصول للحكم والتمكن، مشيرا إلى أنه من الوارد أن تكون هناك صفقات، ولا يشترط أن تكون مكتوبة بين الإخوان والأمريكان على غرار هذه الوثيقة، مؤكدا أن الجماعة كانت تتماشى مع أى تسوية للقضية الفلسطينية تفرضها الولاياتالمتحدة، وذلك كان يدلل عليه ويدعمه تلك الأحداث والتفجيرات التى كانت تقع فى عهد مرسى بسيناء، وتلك الجماعات التى كانت تعلن عن الامارة الإسلامية هناك!
ووضح أن هذه الإمارة كان محدداً مكانها ولم يكن عشوائياً، وكانت المنطقة التى ستنضم إلى قطاع غزة فى ضوء التسوية النهائية الخاصة بعد توسيعه، واستطرد هريدى أن الولاياتالمتحدة كانت تبارك هذه التسوية، حيث كانت على علم سواء من خلال أجهزتها أو عبر الموساد، بأن هذه الجماعات المتطرفة تتمركز فى شمال شرق سيناء، وهى نفس المنطقة التى كانت قدرة الجيش مقيدة فيها بحكم القرار السياسى الإخوانى الذى كان يرفض المواجهة.
الأمريكان على علم بأن السلفية الجهادية فى سيناء ما هى إلا امتداد لتنظيم القاعدة، وكانت تغض الطرف عما يحدث فى هذه المنطقة، لأنها كان لديها أمل أنه سيأتى اليوم وتدخل فى إطار التسوية، ويتم استجلاب اللاجئين الفلسطينيين ويستوطنون فى قطاع غزة الموسع، وأرادت من خلال أمريكا أنتحل ثلاث مشكلات بحجر واحد، منها حل مشكلة اللاجئين، والسيطرة على القطاع، وتصدير الأزمة، فبدلا من أن تكون القضية بين غزة وإسرائيل، حولتها إلى غزة ومصر.. ولم يتذكر الإخوان طيلة عامهم عن فك الحصار الإسرائيلى على القطاع، ومن ثم كانت الجماعة توافق على الحصار، وفكرة التسوية، بل فى مفهومها العقائدى نحو فكرة تأسيس الخلافة، تلك الفكرة غير المؤمنة بالحدود بين الدول، حيث كانت ترى الجماعة بما أن سيناء أرض إسلامية وغزة أرض إسلامية أيضا، فلا مانع من فتح الحدود واستبدال الأراضى والموافقة على شروط التسوية الصهيونية، مادامت الضمانة لكل تلك التضحيات هو بقاؤه فى الحكم، وقال هريدى: لولا سقوط هذا النظام فى 30 يونيو، لكانت مصر ذاهبة فى عهدهم باتجاه التنازل عن سيناء فى إطار تنفيذ مشروع صهيونى كبير!
ويتفق معه د. يسرى الغرباوى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بقوله: إذا كنا حتى الآن لم نتأكد من مصداقية الوثيقة بعد لكن هناك دلائل لا تستبعد صحتها، لأكثر من سبب أن الرئيس كان يريد أن يفرط فى أراضى الوطن من حلايب وشلاتين وإعطاءها للسودان، والفترة الماضية شهدت مساومات بين الإدارة الأمريكية والجماعة حول مشروع «غزة الكبرى»، ومن ثم كان من المتوقع رد الفعل الأمريكى الغريب على سقوط النظام الإخوانى الذى يمثل لهم كنزا حقيقيا ينفذ مشروعاتهم، بل سادت حالة من التردد فى الإدارة الأمريكية كلها لم نشهدها مع سقوط نظام مبارك، بعدما صدر الأمريكان تيارات الإسلام السياسى فى دول الربيع العربى للسيطرة على الشرق الأوسط بأكمله.
وأكد «الغرباوى» أن مرسى فى حال توقيعه على هذه الوثيقة أعطى وعد بلفور جديداً للأمريكان بأراض جديدة - فى صفقة لاستبدال الأراضى - لا يملكها فى الأساس، وأشار الغرباوى إلى أن خطورة هذه الوثيقة تأتى على عدة مستوياتمنها الإقليمى وهو تفريغ قضية العرب الأولى من مضمونها، وهى الدفاع عن القضية الفلسطينية، حيث أعطى صك اعتراف لإسرائيل بما تفعله فى غزة وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، ومن ثم ضاع النضال العربى الذى بدأ منذ 1948 وتطلب هذه الوثيقة من الفلسطينيين أن يكفوا عن مطالبهم بالعودة لحدوهم القديمة قبل ,1967 وهذا كان له انعكاس واضح خلال العام الماضى جاءت فى تصريحات أبومازن الرئيس الفلسطينى شديدة اللهجة والوضوح، والتى تتهم الإخوان بدعم مزيد من الانشقاق الفلسطينى بدلا من حثهم على المصالحة الوطنية ومن المخاطر التى تطرحها هذه الوثيقة على المستوى الإقليمى أيضا الاعتراف الرسمى الإخوانى بمشروع الشرق الأوسط الكبير فى المنطقة، وجعل إسرائيل صاحبة اليد الطولى والدولة العظمى، وكانت الخطوات تسير نحو تحقيق هذه الأهداف ومنها تقسيم مصر وسوريا إلى دويلات.
اللواء د. نبيل فؤاد أستاذ العلومالاستراتيجية يؤكد أنه لا يوجد أحد فى مصر من رئيس الجمهورية وأى مواطن يملك أن يبيع شبراً من تراب أرضنا، وفكرة توقيع الرئيس على الوثائق والاتفاقيات الدولية لا يمكن أن يأخذ فيها قراره بمفرده، فلابد من وجود مجلس تشريعى يوافق على هذه الاتفاقيات، ولكن فكرة الوثيقة هى أمر يمكن حدوثه من خلال ربطه بالمشروع الإسرائيلى بسيناء!
«فؤاد» شدد على خطورة هذه الفكرة التى تحاول إسرائيل تنفيذها وضاعف هذا من صحة هذه الوثيقة بتفريط الإخوان فى 40٪ من أراضى سيناء، ومن الممكن أن يكون هذا فى إطار الأموال الضخمة التى أنفقتها إدارة أوباما لتصعيد تيارات الإسلام السياسى، والقوات المسلحة استشعرت خطورة مثل هذه السيناريوهات وإمكانية حدوثها، لذا قام الفريق أول عبدالفتاح السيسى منذ شهور بإصدار قرار منع بيع الأراضى فى سيناء لغير المصريين، وخاصة فى تلك المنطقة الحدودية لغزة وإسرائيل، وكانت رسالة واضحة للداخل والخارج تعلن فيها القوات المسلحة أنها لن تفرط فى شبر من أراضيها.
«حافظ أبو سعدة» أمين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان يؤكد أنه فى حال تورط مرسى فى الوثيقة فهى خيانة عظمى وتفريط فى سيادة الدولة المصرية، مشيرا إلى أنه لا يستبعد صحة هذه الوثيقة خاصة أن الأمريكان لديهم تاريخ طويل فى شراء الأراضى، فقامت بشراء «ألاسكا» من «الاتحاد السوفيتى»، وأيضا شراء «فلوريدا» من «فرنسا»، وهو نفس السياق الذى تريد إسرائيل وأمريكا تنفيذه من خلال مشروع غزة الكبرى، ويجب على النيابة العامة أن تفتح تحقيقاً فورياً فيما يتعلق بهذه المعلومات والبحث عن وثائق من هذا النوع، بل ومعاقبة مرسى إذا تورط فى مثل هذه الجريمة النكراء.