ظاهرة إعادة تقديم الأفلام المصرية القديمة فى أعمال درامية رغم أنها أثبتت فشلها عاما وراء الآخر فإنها مازالت مستمرة فى حلبة رهان المنتجين. والمفاجأة أنها هذا العام اتجهت نحو اقتباس الأفلام الأجنبية لأول مرة. وظهرت فى ثلاثةمسلسلات وهى «لعبة الموت» المأخوذ عن فيلم «النوم مع العدو sleeping with the enemy و«نكدب لو قلنا مبنحبش» المأخوذ عن فيلم «الأمر معقد ts complcated و«اسم مؤقت» المأخوذ عن «المجهول unknown». لكل فيلم من الأعمال السابقة طابع معين فمن الدراما النفسية للكوميديا العائلية للإثارة والحركة.
والعامل المشترك فى الأفلام الثلاثة أنها لم تلق نجاحا جماهيريا كبيرا. وصنفت كأعمال جيدة تحمل العديد من العيوب والمشاكل، فضلا عن انخفاض إيراداتها ويبدو أن كل هذه العوامل قد أغرت صناع الدراما لإعادة تقديمها وإضافة أحداث تقع فى الشارع المصرى، لكن المؤسف هو عدم التنويه للمشاهد كما حدث فى حالات مماثلة وحسب المعمول به.
المسلسلات الثلاثة بدأت تتضح معالمها وكشفت حلقاتها الأولى اقتراب أحداثها من الأفلام الأصلية باستثناء مسلسل «اسم مؤقت» للمخرج أحمد جلال الذى استطاع من خلاله المؤلف محمدسليمان عبد المالك أن يحقق عنصر التشويق والإيقاع السريع للأحداث وتوالى الأزمات مع كل حلقة، بالإضافة لقدرته على وضع المسلسل فى إطار مصرى يتناغم والحالة التى عاشتها مصر فى العام السابق أثناء انتخابات الرئاسة، وفى نفس الوقت تمكن المخرج من تنفيذ ذلك بشكل شديد الاحتراف من خلال الصورة والأداء التمثيلى والمونتاج.
التشابه بين «اسم مؤقت» والفيلم فى التفاصيل وليس فى الحبكة، فالمسلسل أخذ من الفيلم تعرض البطل لحادث ودخوله فى غيبوبة ثم يفيق ليجد أن لديه مشاكل فى الذاكرة، إلى أن يعرف هويته ويذهب لزوجته - فى الفيلم زوجته وفى المسلسل والدته - فتنكر معرفتها به ويجد شخصا آخر محتلا مكانه وشخصيته.. فى الفيلم السبب فى استبدال البطل جاء لاستكمال تنفيذ خطة التخلص من أمير عربى يقوم بتمويل أحد المشروعات العلمية.. وغياب البطل كان سوف يعرقل استمرار هذه الخطة، خاصة أن البطل وزوجته جزءانمن تنفيذها.. أما فى المسلسل فالأمر يتعلق بخطة يتم تدبيرها للتخلص من أحد مرشحى الرئاسة من خلال تورطه فى فضائح متتالية تبدأ عندما يتعاون مع أحد رجال الأعمال - بطل المسلسل.
فيلم «المجهول» مأخوذ عن رواية بعنوان «خارج رأسى - out of my head للروائى الفرنسى «ديديير فان كوويلاريت» وقد صدرت فى عام ,2003 أما الفيلم فقام بإخراجه جومى كوليتسيرا عام .2011
وعلى عكس ما فعله مؤلف «اسم مؤقت» من اقتباس التفاصيل وتأليف حبكة جديدة تتناسب مع الحالة المصرية، قام الكاتب تامر حبيب باقتباس الحبكة العامة لفيلم «الأمر معقد»، وأن يقوم بتأليف تفاصيل جديدة - إلى حد ما لمسلسل «نكدب لو قلنا مبنحبش» من إخراج غادة سليم، ومن بطولة يسرا ومصطفى فهمى، وإن كانت بعض تفاصيل المسلسل تتشابه إلى حد كبير مع الفيلم، فمثلا البطلة فى الفيلم تمتلك مخبزا وفى المسلسل مطعما، فى الفيلم لديها ابنتان وصبى وفىالمسلسل لديها بنت وولدان.. فى العملين الزوج يترك زوجته ليتزوج امرأة أخرى.
أما الحبكة العامة فى العملين فتدور حول زوجة وأم لثلاثة أبناء انفصلت عن زوجها الذى تزوج من امرأة شابة أكثر جمالا وأناقة وجاذبية من زوجته الأولى.. وبعد فترة يعود الزوج للحنين لزوجته الأولى وتنشأ بينهما علاقة يحاولان إخفاءها عن الجميع.. فى الفيلم الذى قامت بإخراجه نانسى مايرز عام 2009 وقامت ببطولته ميريل ستريب مع إليك بالدوين. يكون الدافع الرئيسى لمحاولة الزوج العودة مرة ثانية لزوجته، أما فى المسلسل فالأمر أكثر استخفافا، فالزوج سوف ينتبه لزوجته بعد أن غيرت من مظهرها - العادى الوقور - لتحاول أن تكون امرأة مغرية وجذابة، وهذا يبعد ويختلف كثيرا عن المشاعر فالزوج أكثر تفاهة فى العمل المصرى ولا ينتبه إلا للشكل، وهو أمر غريب لأنه متزوج من امرأة أصغر وأجمل وأكثر أناقة من زوجته الأولى حتى بعد اهتمامها بمظهرها.
أما العمل الثالث «لعبة الموت» للمخرجين الليث حجو وسامر برقاوى فهو الأكثر تشويها للأصلين الأدبى والسينمائى .. ففيلم «النوم مع العدو» الذى قدم عام 1991 من إخراج جوزيف روبين وبطولة جوليا روبرتس، مأخوذ عن رواية بنفس العنوان للأديبة نانسى بيرس صدرت فى عام ,1987 الرواية ومن بعدها الفيلم ثم المسلسل تدور حول زوجة تعيش مع زوجها السادى فى مكان ناء على أحد الشواطئ وتتعرض منه للتعنيف والضرب والإهانات المتواصلة، إلى أن تقرر الفرار بحياتها والبدء من جديد بعيدا عنه. والوسيلة الوحيدة التى تطمئن لنجاحها فى الفرار منه هى إيهامه أنها ماتت غرقا. الفيلم التزم بالحبكة العامة وأحدث تغييرات فى بعض التفاصيل، ولكن بقى الهدف من الرواية واضحا فى العمل السينمائى، وهو فكرة التمكن من استعادة الحياة والتغلب على الخوف من داخل الشخص نفسه وليس بمساعدة الآخرين، وهو ما لم يتحقق فىالمسلسل الذى قامت بكتابته السورية «ريم حنا». فبطلة المسلسل «نايا - سيرين عبدالنور» حياتها مليئة بالأصدقاء الذين يشعرون بها ويتعاطفون معها وفى نفس الوقت تجد من يعاونها على الهرب، وهذا يفسد الأصل الأدبى فالتغلب على ضعف النفس عندما يأتى من داخل الإنسان يكون أقوى كثيرا مما هو عليه إذا ساعدته عوامل خارجية.
أخيرا فإن ما يحسب ل«لعبة الموت» أنه ذكر أن العمل مأخوذ عن قصة اجنبية بخلاف «اسم مؤقت» و«نكدب لو قلنا مبنحبش» اللذين لم يشيرا إلى الأصول التى أخذا عنها.