المستشار «خالد محجوب» رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية، نموذج لقضاة مصر الشرفاء، الذين لا يخافون الموت حتى لو طالت التهديدات بالقتل أسرهم، فبلا أى مبالغة، عقيدة أمثال هؤلاء القضاة الأبطال فى سبيل الحق كل شىء يهون مهما كانت غلاوته.. المفارقة أن أمثال «محجوب» يزعجون النظام خاصة أن لديه واحدا من أخطر الملفات، التى من شأنها أن تقلب مصر وثورتها رأسا على عقب.. ونتحدث هنا عن قضية «الهروب الجماعى» من سجن وادي النطرون بما يضم من كبار قيادات الإخوان، وفى مقدمتهم رئيس الجمهورية الحالى، «روزاليوسف» رأت من واجبها أن تقدم هذا المثال البطولى لقضاة مصر فى أيام يتعرض فيها القضاء المصرى لحملات تشنيع وهجمات ديكتاتورية مشابهة لسياسات النظام السابق وأشنع، لكن قضاة مصر الشرفاء لها بالمرصاد، وكأنه قدرهم ليحموا هذا الوطن من وبال الطغاة. المستشار محجوب لمن لا يعرف هو المسئول بشكل غير مباشر عن توجيه الاتهام لمبارك فى قضية إهدار المال العام فى القصور الرئاسية لأنه كان مسئولا عن جرد القصور، وكان السبب فى سجن «أمين عام الحزب الوطنى» بقنا فى عز جبروت الحزب الحاكم فى النظام السابق بسبب التلاعب فى الانتخابات رغم الضغوط عليه وقتها؟!معروف للجميع أن المستشار محجوب وكل أعضاء هيئة محكمة قضية وادى النطرون يتعرضون لتهديدات غير مسبوقة بعد إصرارهم على إعادة فتح المرافعة فى القضية وتأجيل الحكم فيها بعدما اتضح للقضاة عدم كفاية الأوراق لتكون عقيدة المحكمة مطمئنة فى إصدار حكمها نظرا لعدم وجود تقارير عن كيفية الهروب من سجن وادى النطرون واقتحامه وأسماء جميع السجناء الهاربين منه! وبدأت الفضائح تتكشف أكثر وأكثر مع سماع شهادة مأمور السجن وقت حادثة الهروب، التى تمت بواسطة أكثر من 500 سيارة محملة بأسلحة آلية كان يقودها أشخاص أعرابيون فى فجر اليوم التالى لجمعة غضب ثورة يناير 29 يناير 2011!ومن مفاجآت المشهد الجديد التى كشف عنها مأمور السجن العميد سامح رفعت، خلال سؤال المحكمة له أن المتهم الوحيد المقبوض عليه فى القضية ليس المتهم الحقيقى، بل هناك تشابه أسماء تسبب فى هذا الخطأ، وأوضح أن المتهم الموجود هو السيد عطية محمد عطية وكان محبوسا فى سجن دمنهور فى قضية سرقة بالإكراه، بينما المتهم الحقيقى وهو هارب كان محبوسا فى وادى النطرون فى قضية الإتجار بالهيروين وصدر لهم عفو رئاسى ضمن 22 وسط تساؤلات كثيرة حول سر هذا العفو!
بعدها حضر لرئيس المحكمة ممثل النيابة العامة وطلب غلق القضية والفصل فيها بحالتها، عندها زاد الشك أكثر لدى رئيس المحكمة وأنه بذلك يوجد سر يجب كشفه، قام المستشار خالد محجوب بصفته رئيس المحكمة بتطبيق سلطاته، فأعلنت المحكمة بنفسها عن طريق مأمور الضبط باستدعاء مساعد وزير الداخلية لشئون السجون ومدير إدارة شئون السجناء ورئيس مباحث سجن وادى النطرون.. ومنذ هذه اللحظة تم اتباع الطرق الخسيسة مع رئيس المحكمة بدأت بالترغيب، حيث تم استدعاؤه فى مارس الماضى لاجتماع خاص بالمحكمة وسط إجراءات أمنية غير عادية بوجود بوابات للمرفقعات وتشكيلات أمنية كبيرة ووجود مدير الأمن نفسه وقيادات للداخلية، وبرروا ذلك بأن الجلسة مستهدفة بأعمال تخريبية لأنه تم رصد دعوات لذلك على مواقع التواصل الاجتماعى، كما تم رصد دعوات للتضامن مع المحكمة، وخلال ذلك حضر لرئيس المحكمة شخص وقال له إنه مضغوط عليه ولا يستطيع تحمل هذه الضغوط ويعرض عليه أن يقول ما المنصب الذى يريد رئيس المحكمة الذهاب إليه مقابل إنهاء هذه القضية بما لديه من أوراق فرفض المستشار خالد محجوب هذا الابتزاز لأنه لا يليق بالعدالة، فجاء الترهيب بعد الترغيب فى اللقاء نفسه، فقال له هذا الشخص أنت مستهدف وخلى بالك على نفسك وعيالك، وبعد ذلك حدثت واقعة بجوار منزل المستشار خالد محجوب حيث تم الاعتداء على أحد القضاة القاطنين بجوار منزله مشتبهين فيه أنه المستشار خالد محجوب لتصادف أنه يركب نفس نوع ولون سيارة محجوب ويسكن بنفس المنطقة وقاموا بضربه بطلق نارى فى قدمه قائلين له علشان تبقى تفتكرنا، فقام المستشار خالد محجوب بتحرير مذكرة لرئيس المحكمة الابتدائية يطلب فيها حمايته وحماية أسرته من التهديدات، وأحالها بدوره لوزارة العدل، بعدها مباشرة بدأت تهديدات تصل لمنزله، حيث سلمه حارس العقار خطابا تركه له أحد الأشخاص أسفل العمارة التى يسكن بها ومكتوب فيه «أحذر بالله عليك خاف على نفسك وعلى عيالك»
فقام المستشار خالد محجوب على الفور بإخطار مديرية الأمن وقدم مذكرة لوزير الداخلية بهذه التهديدات، فقامت مديرية الأمن بتكثيف الأمن فى المنطقة التى يقطن بها وعينت حارسا على منزله، ثم جاءت جلسة المحكمة الأخيرة فى 14 أبريل الجارى ومثل أمامها الشهود الذين استدعتهم المحكمة بنفسها ولم يأتوا من قبل واستمعت المحكمة لشهاداتهم، وأكد اللواء محمد ناجى مساعد وزير الداخلية لشئون السجون أن الاقتحام أدى إلى إتلاف السجن بأكمله وتخلف عنه قتل 14 سجينا، وقدم للمحكمة تقرير مصلحة السجون حول اقتحام السجن، وقال العميد سيد حجاب مدير إدارة شئون السجناء أن التقرير المطلوب لدى قاعدة البيانات بمصلحة السجون والمسئول عنها مدير قطاع المعلومات بمصلحة السجون، ثم أدلى المقدم محمد أبوسريع رئيس مباحث سجن وادى النطرون بشهادته وأكد نفس شهادة اللواء عصام القوصى مأمور السجن وقتها أثناء الاقتحام وقال إن المقتحمين كانوا يلبسون ملابس عادية وملثمين ويتحدثون بلهجة بدوية عربية ويحملون بنادق آلية ورشاشات والأمر كان مدبراً ومنظما، وقدم للمحكمة صورا فوتوغرافية بإتلاف السجن.
قامت المحكمة بتأجيل القضية على جلستين، الجلسة الأولى ليوم 28 أبريل 2013 لسماع الشهود: «مأمور السجن الملحق بسجون وادى النطرون ورئيس المباحث الخاص به ومدير إدارة قطاع المعلومات بمصلحة السجون» والجلسة الثانية ليوم 12 مايو 2013 لسماع قائد كتيبة تأمين منطقة سجون وادى النطرون وبعد هذه الجلسة تلقى المستشار خالد محجوب تهديدات أخرى مباشرة بأن تليفونه مراقب وأن تحركاته وأسرته مرصودة وأنه إذا لم يتم غلق القضية سوف يتم مالا تحمد عقباه، لكن محجوب القاضى البطل ماض فى طريقه بكل قوة بلا أى خوف من هذه التهديدات، وكل المصريين يحملون النظام مسئولية أى ضرر يحلق بمحجوب وأسرته!
محجوب عمل وكيلا للنائب العام منذ عام 1997 حتى عام 2003 ثم تم ترقيته إلى قاض بمحكمة الجيزة الابتدائية، ثم أصبح رئيس محكمة الجيزة عام 2006وأخيرا أصبح رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية عام 2008 وإلى الآن، كما أنه محكم دولى بمركز تحكيم كلية حقوق جامعة عين شمس. ومشهود له أنه لا يستجيب لأى ضغوط أو تهديدات فعندما كان يشرف على الانتخابات عام 2000 بمحافظة قنا اكتشف تدخل أمين الحزب الوطنى فى قنا بالتلاعب فى الانتخابات ورغم الضغوط عليه قام بتحرير مذكرة وسلمها للمحامى العام لنيابات قنا مما تسبب فى حبس أمين الحزب الوطنى فى قنا عن هذه الواقعة وكان قد تولى فحص ملفات الفساد وإهدار المال العام بوزارة الزراعة، وفضح الكثير فيها، وتولى جرد القصور الرئاسية للاطمئنان على كنوز مصر بعد الثورة، والمتهم فيها الآن الرئيس السابق مبارك بإهدار المال العام.