بغض النظر عن بعض ما أعلنته السلطات الأمريكية مساء الخميس من معلومات وفيديو للمشتبه بهم فى انفجارات بوسطن.. بعد تراجع السلطات الأمريكية على مدى يومى الأربعاء والخميس الماضيين ثلاث مرات عن الخروج فى مؤتمر صحفى للإعلان عن النتائج المبدئية للتحقيق والمعلومات المتوافرة عن المشتبه بهم.. وذلك أيضا بعد نفى مقتضب لأن يكون الطالب السعودى المصاب فى الانفجار له علاقة بالأمر.. ثم نفى آخر من السلطات الفيدرالية لخبر أذاعته محطة السى إن إن ووكالة «الأسوشيتد برس» بأنه تم القبض على مشتبه به آخر!! بغض النظر عن كل هذا.. فاللافت الذى نتوقف عنده هنا هو قلق وخوف الأمريكيين المسلمين ومن ذوى الأصول العربية ووضع أيديهم على قلوبهم خشية أن يكون الفاعل مسلما، وهو الأمر الذى بات طبيعيا منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر.. فهؤلاء لم يعانوا فقط من حملات التشويه التى تذكيها بعض وسائل الإعلام.. بل أيضا من برامج المراقبة الأمنية التى جرى تقنينها فى فترة حكم بوش - تشينى لتشمل هواتفهم ومساكنهم وتعاملاتهم المالية.. باختصار تحولوا إلى مشتبه بهم لحين إثبات آخر، وهو ما جعل كثيرين منهم حانقا أو مستسلما ولكن أغلبهم بات معتادا على أساليب المراقبة تلك بمختلف أنواعها. ولذا كان الجميع يتابع باهتمام مجريات التحقيق فى انفجارات بوسطن البشعة - وبالطبع فن محطة فوكس نيوز اليمينية لم تدخر جهدا فى استضافة معلقين معروفين بتحاملهم على العرب والمسلمين وأحدهم متهم فى مصداقيته قال الأربعاء: إن قرارا اتخذ بترحيل الطالب السعودى المصاب على خلفية أمن قومى - عرف لاحقا أنه بسبب مخالفة انتهاء تأشيرته - يوم الثلاثاء المقبل وملمحا لمقابلة الرئيس أوباما - دون تخطيط مسبق - وزير الخارجية السعودى. ذلك فى الوقت الذى تتابعت فيه أنباء عن العثور على خطابات بها سم السارين - وهو يستخلص من الخروع - أرسلت إلى مكتب سيناتور مسيسيبى وإلى الرئيس الأمريكى، ولم تكد السلطات الأمريكية تعلن إلقاء القبض على الفاعل وهو أصلا من ولاية السيناتور المستهدف، حتى جاءت أنباء تعرض مصنع للسماد فى واكو بولاية تكساس بانفجار أودى بحياة 15 - حتى لحظة كتابة هذه السطور - وإصابة ما يزيد على 170 من شدة الانفجار وغاز الأمونيا - الكلور - المنبعث من الانفجار الذى امتدت آثاره وحرائقه إلى عدة أميال بفعل الرياح. متوالية الحوادث الدموية التى شهدتها الولاياتالمتحدة على مدى الأسبوع الماضى بالنسبة لى أو لأى متابع للشأن الأمريكى.. نجد فيها عاملا واضحا ومشتركا يجمع بينها، إنه شهر أبريل الذى شهد قبل عشرين عاما بالتمام والكمال واقعة «واكو» الشهيرة عندما قامت السلطات الأمريكية بشن هجوم استخدمت فيه الدبابات والقنابل المسيلة للدموع على مجمع يشمل كنيسة وبعض البيوت المحيطة بها كان يتحصن داخلها لما يزيد على خمسين يوما أفراد حركة دينية مناوئة ومسلحة بزعامة ديفيد كوريش تسمى الداووديون.. رافضين أمر تفتيش على الأسلحة، وهو ما أسفر عن مقتل 74 شخصاً من بينهم 12 طفلاً تحت سن الخمس سنوات وعشرات النساء وكان ذلك فى عهد الرئيس بيل كلينتون الذى اعتذر لاحقا عن استخدام القوة. وهو نفس التاريخ الذى اختاره الجندى الأمريكى السابق تيموثى ماكفى لتنفيذ تفجير أوكلاهوما 19 أبريل 1995 لتنفيذ تفجير بسيارة المفخخة على مبنى فيدرالى فى أوكلاهوما سيتى «جنوب-غرب» يوقع 168 قتيلا وأكثر من 500 جريح. وأدين تيموثى ماكفى المناصر للجماعات المسلحة والمجموعات المعارضة للحكومة الفدرالية، بهذا الهجوم. وحكم عليه بالإعدام فى يونيو .1997 وتم تنفيذ الحكم فى 11 يونيو 2001 انتقاما لقتلى واكو بعدها بعامين.. ورفض حتى إعدامه إلا أن يتحمل المسئولية عن هذا الحادث البشع ودون أن ينبت بحرف عن شركائه.العامل المشترك الآخر هو تردد محتوى المواد المستخدمة فى هذه التفجيرات أى نترات الألمونيوم.. فهل صدفة أن تكون عامل انتقاد استخدام السلطات غازا مسيلا للدموع يحتوى هذه المادة فى واكو مع استخدام الجناة لها فى أوكلاهوما، ناهيك عن اعتناق كل أبطال هذه الحوادث لأيديولوجية مضادة على طبيعة الجماعات المصنفه بأنها منظمات إرهابية محلية تعتنق أفكارا متطرفة ترفض الملونين وأصحاب الديانات الأخرى وتؤمن بحق الرجل الأبيض دون غيره فى الولاياتالمتحدة.. تلك الدولة التى بنت قوتها على أساس اختلاف وتنوع قاطنيها الذين جاءوا مهاجرين إليها من مختلف انحاء العالم. وقد لا يعلم كثيرون أن هذه المنظمات المعروفة بالعنف والدموية والمسلحة أيضا لدرجة تكوينها لميليشيات تجرى تدريباتها بشكل منتظم كانت حتى وصول جورج بوش الابن للحكم هى هدف المباحث الفيدرالية الأول، ولسنوات طويلة، وقد تراجع الاهتمام الحكومى بممارساتها لدرجة كبيرة بعد احداث الحادى عشر من سبتمبر.. مما أتاح لها إعادة بناء نفسها والانتشار أيضا، الغريب أن شهر أبريل الحالى وتحديدا عشية عيد الفصح فى الخامس من أبريل 2013 كانت أكبر المنظمات العنصرية والمعروفة باسم KKK بلباسها المميز وكذلك علمها تقوم بمسيرة ضخمة فى تنيسى فى إحدى المناطق التى يقطنها 63٪ من الأمريكيين السود فى تحد صحبه قرار محكمة أمريكية بإسقاط التهم عن 9 من مجموع 13 كانوا قد أعتقلوا العام الماضى بتهمة القيام بتدريبات عسكرية ضمن ميليشيا سرية عنصرية. كل هذا يجرى على الأراضى الأمريكية وحيث تبقى إحصائيات حقوقية عن تنامى نشاط هذه المنظمات بما فيها منظمات انفصاليه تدعو إلى انفصال الولايات لاسيما تكساس عن الحكومة الفيدرالية بواشنطن، فى غياهب التجاهل الإعلامى، وأود أن أعرض هنا لتقرير منظمة حقوقية أتابع تقاريرها بدقة منذ سنوات طويلة لاسيما خريطة جرائم الكراهية فى أمريكا.. التى ترصد أماكنها فى مختلف الولايات وقد باتت هذه الخريطة مصدرى للاطلاع قبل أى زيارة لى لأى مكان فى أمريكا خارج واشنطن تحرزا من التواجد فى المكان الخطأ كما أجدنى كثيرا أضبط نفسى متلبسة بتفحص أحذية البشر فى هذه المناطق وحيث يعرف الأكثر دموية منهم بارتداء أحذية سوداء بأربطة حمراء. وحسب آخر تقرير صدر لهذه المنظمة وهى مؤسسة حقوقية للجنوب معنية بدراسة الفقر.. فقد أظهر أرقاماً مذهلة وانتشاراً سريعاً لهذه المنظمات الإرهابية التى تضاعفت خلال عام واحد فقط بنسبة 244 فى المائة، ففى العام 2008 كان عددها 149 منظمة، وتضم 42 قوة ميليشيا، وفى عام 2009 بلغ عدد المنظمات المتطرفة 512 منظمة تتبعها 127 قوة ميليشيا مسلحة ومدربة. وبالنظر لتوزيع «خارطة الكراهية» هذه سنجد المفاجأة الأولى وهى وجود عدد من أخطرها وأشدها ضراوة على بعد دقائق من البيت الأبيض. ففى واشنطن وحدها توجد 9 منظمات متطرفة، وفى الولايتين الملاصقتين أى فرجينيا وميريلاند (حيث تمثل واشنطن حياً كبيراً كوسط القاهرة، وفرجينيا تماثل الجيزة وميريلاند مصر الجديدة)، سنجد فى ميريلاند 13 منظمة متطرفة، وفى فرجينيا وحدها 22 منظمة مماثلة. أما باقى الولايات لا سيما الجنوبية فحدث ولا حرج، ففى تكساس وحدها هناك 66 منظمة، وكاليفورنيا ،60 ونيويورك 44 منظمة إرهابية، وألاباما 32 وجورجيا 37 منظمة، وجنوب كارولينا 36 وفلوريدا 51 منظمة، وتتوزع باقى هذه المنظمات المتطرفة ما بين واحدة فى نورث داكوتا (على حدود كندا)، والينوى -ولاية الرئيس أوباما - (28)، وميسورى (31).
وسنبدأ بأشدها ضراوة وهى منظمة متنوعة من العنصريين حليقى الرءوس، وهؤلاء يمثلون فى معظمهم أشخاصاً من ذوى البشرة البيضاء ويتميزون بعنصريتهم الشديدة وكذلك العنف، وانتشروا بشدة فى أوائل الثمانينيات وعرف عنهم القيام بأعمال عنف غير متصورة، حيث يستهدفون الملونين والمثليين جنسياً، ولهم طقوسهم وبدعهم حيث عادة ما يرتدون أحذية ذات عنق (بوت) تربط بأربطة حمراء فى إشارة للدم ومزودة بقطع من الفولاذ، ويقومون باستخدامها لدق عنق ورأس الضحية الذى يقع بين أيديهم بإلقائه فى وضع محاذ لرصيف الشارع وينهالون عليه ركلاً قبل دق عنقه بالرصيف وكذلك رأسه بالمطارق. ومن أشهر حوادثهم قيامهم بقتل طالبة إثيوبية فى بورتلاند (أريجون) تدعى مولوجيتسا، وذلك ضرباً بعصا لعبة البيسبول فى إبريل من عام 1999 وحادثة أخرى قاموا فيها بسحق رأس رجل مثلى بولاية أوكلاهوما.ولهذه المنظمة شعارات بحروف رمزية وكذلك أرقامها، فالرقم 88 يعنى «هيل هتلر» أى حرفى (H+H) وحرف H كما هو معروف هو الثامن فى الأبجدية الإنجليزية، وعلى نفس النسق تجدهم يستخدمون الرقم 28 (أى الدم والشرف) و38 (أى العصبة الجنوبية) لفصل منظمة حليقى الرؤوس. وعادة ما يقيمون ما يسمى «بالبوت بارتى» أى حفلات ضرب الضحية بوحشية حتى الموت وبمشاركة عضوات بالمنظمة يطلق عليهن الريشة الخشبية، ويترك هؤلاء علامات مميزة فى أجساد ضحاياهم أشهرها تحطيم الفك، كما أن لهم تعبيراتهم الخاصة التى تشكل قاموساً خاصاً بهم مثل (RAHOWA) وهى اختصار الحرب العرقية المقدسة، وعادة ما يقومون بوشم رءوسهم وأيديهم وأماكن فى أجسادهم بهذه اللغة أو بأشكال حيوانات أو العنكبوت كما يربطون أحذيتهم المزدانة بالأربطة الحمراء بشكل إمبريال كلانس. منظمة «امبريال كلانس» وهى ثانى أكبر مجموعات المنظمة العنصرية الشهيرة المعروفة باسم (KKK) كو كلوكس كلان، التى ظهرت بعد الحرب الأهلية لمناهضة حصول الأمريكيين الأفارقة على حقوقهم المدنية، واشتهرت بشنق ضحاياها على الأشجار وتتمركز كلانس الأمبراطورية فى ولاية كنتاكى، إلا أنها تنتشر فى ولايات أخرى وتستهدف الملونين واللاتينيين واليهود والمثليين جنسياً ويؤمنون بتفوق الجنس الأبيض النقى ويستعينون بتفسيراتهم الخاصة للكتاب المقدس لاستهداف ضحاياهم، ويقيمون مهرجاناً سنوياً بمشاركة حليقى الرؤوس والنازيين الجدد، وهؤلاء أيضاً يشتهرون بالعنف حتى فى ما بينهم.. حيث لا تخلو مهرجاناتهم الموسيقية التى تنطق بالعنصرية من معارك قتل فيها أعضاء آخرون ضرباً. «كو كلوكس كلان» - هى الأقدم والأكبر من حيث السمعة السيئة بسبب مهاجمتها الوحشية لضحاياها وانتزاعهم أحياناً من منازلهم ليشنقوا أمامها وهؤلاء معروفون بلباسهم الأبيض وأقنعة الرأس التى تمتد على شكل أقماع لإثارة الخوف لدى ضحاياهم.وعادة ما تختفى هذه المنظمة ثم تعاود الظهور فى أوقات بعينها كما حدث فى الستينيات فى أعقاب الحقبة الماكارثية، وقامت بأعمال قتل كثيرة كان أشهرها قتلهم لأربع فتيات صغيرات كن فى طريقهن للصلاة فى الأحد بالكنيسة المعمدانية فى مدينة برمنجهام بولاية ألاباما، إضافة لقيامهم بأعمال تفجير متعددة. ولكن فى السبعينيات كانت هناك مرحلة كمون لهم حتى عاودوا الظهور مجدداً فى حقبة تصاعد تطرف اليمين المسيحى الأمريكى والمحافظين الجدد، وهذه الجبهة تحديداً كانت نواة لعشرات من المنظمات التى تشكلت بأسماء مختلفة وانتشرت فى أنحاء الولاياتالمتحدة. وهؤلاء أيضاً لهم شعارهم وقاموسهم فالحروف (AKIA) (تعنى كلمة السر الخاصة بهم «عرقى أنا» أو «عنصرى أنا»). وغريب (تعنى شخصاً لا ينتمى للمنظمة) و«AYAK» تعنى هل أنت من الكلانس (عنصرى) KBI مكتب التحقيقات والتحرى التابع لهم (اصطياد وتحديد الضحايا) وSANBOGوتعنى أن هناك غرباء يتواجدون قريباً وهى إشارة لتوخى الحذر) .منظمة الهوية المسيحية، وهى منظمة معروفة بمعاداة السامية وهى على عداء مع تيار الأفنجليكان الذى يؤمن بدعم «إسرائيل» وعودة كل اليهود إليها كضرورة لظهور المسيح . ∎ جماعة إخوان الكلات (وهى منبثقة عن ال(KKK) وهى أكثر منظماتها انتشاراً فى الأراضى الأمريكية، ويركزون هجماتهم على المهاجرين.. ويترأسها أحد حليقى الرؤوس السابقين بعد مقتل زعيمها فى إحدى الهجمات العنصرية التى شنتها هذه الجماعة فى نوفمبر .2006الغريب أن قائمة الجماعات «الإرهابية» المتطرفة هذه تضم أيضاً منظمة أمة الإسلام برئاسة فراقان، وهى جماعة تضم أمريكيين من أصل افريقى يرفضون الاختلاط والزواج بالبيض، لكن غير عنيفين، وتتمركز هذه الجماعة فى العاصمة الأمريكيةواشنطن.كما تضم القائمة جماعة كاثوليكية ترفض الاعتراف باليهود و«إسرائيل» ويحملون اليهود مسئولية صلب المسيح.حلفاء للحزب الجمهورىوجد المنافس الجمهورى فى هذه التيارات حليفاً مناسباً فى الانتخابات الماضية إلا أن فوز أوباما بأصوات المهاجرين جعل البعض يستمر فى ممالأة حزب الشاى المتطرف الذى خسر مرشحوه فى ولايات كثيرة الانتخابات الأخيرة.
وإذا كان بعض الساسة فى واشنطن مؤخراً قد حاولوا تبرير تزايد نفوذ المتطرفين لأسباب تتعلق بعوامل مثل التغيير الديمغرافى الكبير، الذى سيجعل من البيض أقلية بعد عقود قليلة ومن الأمريكيين من أصول لاتينية أغلبية بحلول العام 2030 وأيضاً لأسباب تتعلق بالأزمة الاقتصادية الطاحنة (بغض النظر عن هذه النكتة وحيث إن الأزمة الاقتصادية كان وراءها الشركات الكبرى وتحالف مصالح السلاح والنفط والبنوك فى عهد رئيسهم المقرب بوش ونائبه تشينى، ناهيك عن حروبهم باهظة التكاليف) بغض النظر عن كل ذلك.. فإن الأوضاع تظل فى الولاياتالمتحدة فى طريقها إلى صدام كارثى قد يقسم الأمة بحق إذا لم يسارع أوباما وسلطاته وبحزم لإيقاف هذا التيار العنصرى المتطرف والإرهابى وميليشياته المسلحة بضربة تضمن انكفاءهم لسنوات طويلة، وإلا فإن الولاياتالمتحدة ستكون معرضة لهجمات لا تحمد عقباها، فهؤلاء معروفون بأعمالهم الانتقامية وقد كانت حادثة أوكلاهوما التى راح ضحيتها 158 شخصاً عملية انتقامية رداً على مقتل أفراد من المنظمة فى حادثة زواكوس الشهيرة، وهؤلاء أصلاً يعادون الحكومة الفيدرالية ويستهدفون المسلمين وأصحاب البشرة الملونة والمهاجرين الجنوبيين. كلمة أخيرة «أطالب من الإعلام فى بلدى بأن يتجنبوا نقل أخبار أو تحليلات عن قنوات ووسائل إعلام امريكية محسوبة على اليمين المتطرف أو ممن لديها موقف متأهب ضد أوباما الديمقراطى أو ضد العرب والمسلمين أو المحسوبة على اللوبى إياه مثل فوكس والويكلى أستاندارد أو النيويورك بوست، كلها تقول ما تريده لأجل ما تريده لكن بدورنا علينا توخى الحذر.