حذرت إحدى المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في أمريكا من أن المنظمات ذات الأفكار الوطنية المتطرفة في الولاياتالمتحدة شهدت تزايدا كبيرا خلال العام الأخير لاسيما بعد وصول أول رئيس أسود إلى البيت الأبيض ما يهدد الأمن الداخلي الأمريكي. وذكرت منظمة "ساوثرن بوفيرتى لوو سنتر" أن عدد المنظمات ذات التوجهات الوطنية المتطرفة في أمريكا قد ارتفعت من 149 منظمة وجماعة في عام إلى 512 عام 2009 من بينها 127 ميليشيا شبه عسكرية.
ونقلت صحيفة لوموند الفرنسية عن بيان صادر عن هذه المنظمة التي أسست في عام 1971، للدفاع عن الحقوق المدنية قولها أن أفكار ومعتقدات المنظمات ذات التوجهات الوطنية المتطرفة التي تمارس نشاطها حاليا في الولاياتالمتحدة تتباين ما بين الإيمان بالتفرقة العنصرية وكراهية اليهود والعرب والمسلمين والأسبان والأجانب بصفة عامة.
وأضاف البيان أن بعض هذه المنظمات يرفض الأفكار الاشتراكية التي يعتقد أنها تسيطر على فكر الرئيس أوباما، ويمجد الفكر النازي فيما يعتنق بعضها كل هذه الأفكار مجتمعة ويعتنق البعض الآخر جانبا من هذه الأفكار أو واحدة منها.
ولا تستبعد ساوثرن بوفيرتى لوو سنتر أن يكون العدد الحقيقي للمنظمات الوطنية المتطرفة في أمريكا قد وصل إلى 950 منظمة وليس 512 منظمة فقط إذا أضيف إليها المنظمات الرافضة للنظام العالمي الجديد.
وحذرت منظمة ساوثرن بوفيرتى لوو سنتر من أن هذه المنظمات نجحت في استغلال حالة القلق التي تعترى المجتمع الأمريكي بسبب المشاكل الاقتصادية الطاحنة والتغيير الذي يطرأ على التركيبة السكانية الأمريكية بسبب تزايد أعداد الملونين على حساب الأكثرية البيضاء بسبب موجات الهجرة وارتفاع معدلات النمو السكاني لدى الملونين لتعزيز أوضاعها وتقوية شوكتها في المجتمع الأمريكي الأبيض.
كما حذرت من أن وصول الرئيس أوباما للسلطة كأول رئيس أمريكي أسود يحكم أمريكا منذ تأسيسها على أيدي المهاجرين الأوروبيين أشعل الروح الوطنية المتطرفة خاصة بعد أن تزايدت الاتهامات له باعتناق الأفكار الاشتراكية تضامنا مع السود الذين يعانون من تدنى أوضاعهم الاجتماعية مقارنة بالبيض.
وترى ساوثرن بوفيرتى لوو سنتر أن القلق على مستقبل أمريكا في ظل الصعود الصاروخي لدول نامية مثل الصين والهند والبرازيل ساهم أيضا بقوة في إيقاظ التيار الوطني المتطرف بعد فترة ثبات أعقبت الاعتداءات التي شنتها المنظمات الوطنية اليمينية المتطرفة على مقر شركة واكو في عام 1993 (86 قتيلا) والاعتداء على أوكلاهوما سيتي عام 1995 (168 قتيلا).
ويأتي هذا التحذير الخطير في الوقت الذي كشف فيه استطلاع للرأي العام نظمته كلا من صحيفة "وول ستريت جورنال وقناة أن بى سى نيوز عن أن 60 في المائة من الأمريكيين لديهم إحساس يصل إلى حد اليقين بأن الأمور لا تسير على ما يرام بشكل عام في أمريكا وأن القادم أسوأ. زيادة مطردة وقد ارتفع عدد المجموعات المتطرفة أو شبه العسكرية لليمين المتطرف بأكثر من ثلاثة أضعاف في الولاياتالمتحدة العام الماضي، وهي زيادة غذاها انتخاب أول رئيس اسود في تاريخ البلاد والأزمة الاقتصادية وفقا لدراسة سنوية لمركز أبحاث. وأحصى مركز "ساوثرن بوفرتي لو سنتر" الذي يرصد هذه الحركات، 512 مجموعة نشطة العام الماضي في مقابل 149 العام 2008. و127 من هذه المجموعات ميليشيات شبه عسكرية حقيقية في مقابل 42 فقط العام السابق. وارتفع عدد مجموعات الدفاع الذاتي المعادية للمهاجرين من 173 إلى 309. وقال مارك بوتوك مدير المركز "لاحظنا تفجرا لعدد الميليشيات وللحراك الوطني المناهض للحكومة عموما". وأضاف "إنه حراك يرى في الدولة العدو الأول ويترك نفسه نهبا لمجموعة من النظريات عن مؤامرات مفترضة"، موضحا "بالنسبة إليهم فإن الدولة جزء من مؤامرة شريرة للقضاء على الأمريكيين". وكان التيار اليميني المتطرف موضع تعليقات ودراسات كثيرة منذ الاعتداء على مبنى إداري فدرالي في اوكلاهوما سيتي (جنوب) أوقع 168 قتيلا العام 1995. إلا أن تأثير هذا التيار بدا كأنه تراجع عندما لم تتحقق نبوءته بنهاية العام في أول يناير 2000. واستنادا إلى بوتوك، فإن الزيادة الكبيرة لعدد المجموعات المتطرفة والعنصرية العام الماضي ترجع إلى انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة وأيضا إلى الأزمة المالية التي أدت إلى ارتفاع مديونية البلاد ومعدل البطالة. وكثيرا ما تصف هذه المجموعات بعض المشروعات الرئاسية وخصوصا إصلاح نظام الضمان الصحي بأنها "فاشية" أو"اشتراكية"، الوصف الذي يعتبر إهانة بالنسبة إلى الأمريكيين. وقال بوتوك أن "الانكماش والبطالة أضرا بشدة بالكثير من الناس الذين انتابهم الغضب الشديد والذين يسعون إلى العثور على سبب".