تعلو أصداء قضية «أمن الخليج وتطورات الثورة المصرية» بأبعادها المعقدة ما بين الحين والآخر، خاصة مع الهجمات الإسرائيلية على سوريا وزيارة الرئيس الإيرانى «أحمدى نجاد» للقاهرة على هامش القمة الإسلامية، الذى ردد تصريحات مثيرة حول أن إيران مستعدة للدفاع عن مصر والسعودية ضد أى هجوم، وكأنه يحاول توريط البلدين فى التوتر الإيرانى - الإسرائيلى الدولى، فى الوقت الذى تقلق الكثير من دول الخليج من تصدير الثورة بعد أن ركبها الإخوان إلى الخليج، وأكبر مثال عى ذلك الإمارات، لكن باقى الدول لديها نفس القلق إلا أن مستويات الإعلان عنه بشكل مختلف. «روزاليوسف» رصدت الأصداء الخليجية حول هذه الملفات التى لا تتجاهلها مصر رغم أزماتها الكارثية الحالية، من خلال استطلاع رأى المفكرين العرب خاصة السعوديين، فاعترف د. «سعود كاتب» -المفكر السعودى البارز ورئيس قسم الاتصالات والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز بجدة - بأنهم قلقون من جهات معروفة تريد تصدير أفكارنا للخليج، نافيا وجود توتر سعودى أو خليجى من التطورات الحالية للثورة المصرية، مشددا أن الثورة شأن مصرى خالص وحكومات الخليج بما فيها المملكة العربية السعودية أعلنت مرارا وتكرارا متانة علاقتها بالشعب المصرى الشقيق ووقوفها الدائم معه ومع من يختاره لقيادتها.. وأوضح من جديد أن القلق فى الواقع ينبع من وجود كثير من دلائل محاولات بعض الجهات تصدير أفكارها لدول الخليج لأهداف أصبحت واضحة ومعروفة. الكاتب فى صحيفة الجزيرة اليومية إبراهيم الماجد يلقى باللوم على الإعلام الذى لعب دورا غير أخلاقى فى مسألة وجود قلق خليجى من الثورة المصرية، لكنه اعترف بأن بعض الجهات فى الخليج أبدت تخوفها من وجود جماعة الإخوان المسلمين على قمة الهرم فى السلطة، ولكن هذه الجهات لا تمثل الرأى السياسى الرسمى فى الخليج، العلاقة بين السعودية ومصر وطيدة لا يمكن لها أن تتأثر بتغير رئيس أو حكومة، فهى علاقة أقوى من أن تتأثر بشىء من هذا القبيل، لذا فإن موقف المملكة منذ اندلاع الثورة إلى اليوم كان موقفاً واضحاً وصريحاً، المملكة مع الشعب المصرى وما يختار إخوان أو غيرهم! ∎ تصدير فكر الإخوان إلى دول الخليج د. سعود كاتب يرى أنه إذا حاول الإخوان فى مصر تصدير فكرهم لأغراض سياسية أو لإثارة القلاقل فى أى بلد خليجى فهم بهذا المعيار خطر من حق تلك الدول مواجهته والتصدى له.. موضحا أن اعتقال دولة الإمارات لخلايا الإخوان، إضافة إلى بعض التحركات المشبوهة لشخصيات دينية محسوبة فكريا على الإخوان.. كل ذلك لا يعطى إشارات حسن نية.. أعتقد أن الرئيس محمد مرسى يجب عليه أن يتعامل مع هذه الأوضاع كرئيس دولة وليس كعضو حالى أو سابق فى تنظيم جماعة الإخوان. د. جاسر الحربش يرى أن صعود الإخوان لا يشكل مصدر خطر على دول الخليج لأن مصر والسعودية فى أمس الحاجة لبعضهما البعض إذا فكرتا بالمنطق السياسى والاقتصادى، نعم توجد دول إقليمية غير عربية وقوى دولية تحاول أن تستفيد من الاستفراد بكل طرف عربى على حدة، وأعتقد أن الساسة الحاليين فى البلدين لديهم وعى بذلك. ويعتب الحربش على حكومة الإخوان فى مصر توسطها الانتقائى لصالح اثنى عشر معتقلا من الإخوان من بين أكثر من ثلاثمائة وخمسين مواطنا مصريا موقوفين لأسباب جنائية، مضيفا: لا أظن أن أزمة معتقلى الإمارات سوف تؤثر فى التعاون الاقتصادى بين مصر والسعودية ودول الخليج، إن الوساطة السياسية المتحزبة إيديولوجيا، لن توقف التعاون لكنها من المؤكد أن تأتى على حساب أمور أخرى. ∎ التنافس المصرى السعودى على قيادة السنة فى العالم الماجد قال: إن المملكة ومصر قطبان مهمان للأمة الإسلامية ولا يمكن أن تستغنى المملكة عن مصر ولا مصر عن المملكة خاصة فى مسألة قيادة العالم السنى، وكان هذا واضحا فى اجتماعات القمة الإسلامية بالقاهرة، ولا يوجد أصلاً تنافس على هذه القيادة، فهما مكملان لبعض، وهذه هى الحالة السائدة منذ عقود، وما يصدر من بعض الجماعات أو الأفراد لا يمكن أن يؤثر بأى شكل من الأشكال، فالقضايا الفردية لا تعنى شيئاً بالنسبة للقضايا الكلية خاصة فى مثل هذه الحالة. الحربش قال: لا أعتقد أن الحكومة السعودية تريد أو تشجع تنافسا على القيادة السنية، بل تريد الاستقواء بكل الأطراف السنية لتحسين الأوضاع المحزنة لكل السنة فى العالم الإسلامى، وهذا يتطلب التعاون الجماعى المنظم، أما خطب بعض الدعاة السعوديين لصالح الثورة المصرية - يقصد «العريفى» - فهو من باب طلب الشهرة الجماهيرية عن طريق المزايدة الدينية على الحكومة السعودية، وبالتأكيد ليس تقربا من مصر، بل انتهازية معهودة فى هذا النوع من الدعاة، وسوف تكتشفون ذلك عندما تتعاملون معهم عن كثب، والأيام حبلى بالمفاجآت. كاتب قال: إذا ثبت أن لهؤلاء المعتقلين الإخوان نوايا إجرامية أو محاولات لإثارة القلاقل وإذا ثبت أن لها ارتباطات بجماعات داخل مصر سواء كان الإخوان أو غيرهم فإن المتوقع من الحكومة المصرية أن تثبت ليس بالقول، ولكن بالعمل أنها ضد تلك الجماعات وتعمل بشكل واضح على تحجيمها.. أما إذا لم يتحقق ذلك فإن دول الخليج من حقها حماية نفسها بكل الوسائل.. وفى تصورى كمحب لمصر أن من الحكمة أن تلتفت مصر حكومة وشعبا إلى البناء الداخلى وتعمل على الحفاظ على علاقات الأخوة والتعاون مع جميع دول الخليج لأن تصدير الأفكار والثورات ثبت عمليا فشله، كما أن دول الخليج متيقظة تماما لأى محاولات لزعزعة أمنها واستقرارها. هذا التنافس ليس وليد اليوم ولكنه تنافس تاريخى نابع من حجم مصر وتأثيرها ومن دور المملكة وتأثيرها عربيا وإسلاميا.. هذا التنافس فى الواقع كان أقرب للتكامل والتنسيق الدائم القائم على علاقات الأخوة والصداقة والمصالح المشتركة بين البلدين.. وهذا ما ينبغى أن يكون عليه الحال اليوم وغدا وأن تستمر العلاقة الطيبة بين البلدين واعتبارها خطا أحمر لا يسمح أى منهما لأى طرف بالإساءة إليه. د. سعود كاتب قال: كلى ثقة أن دول الخليج ستقف بجانب شقيقتها الكبرى مصر، وهذا ما أكده كبار المسئولين السعوديين وكان آخرهم وزير المالية السعودى الذى صرح بأن علاقة المملكة مع دول الثورات العربية لم تتأثر وتحديدا فيما يتعلق بالتبادلات التجارية والدعم التنموى. الحربش أكد أنه يتوقع دعم قمة الرياض للاقتصاد المصرى، والقمة الإسلامية أيضا، باتفاقيات متبادلة لأن إفلاس الاقتصاد المصرى وتردد الدول العربية القادرة عن مساعدته سوف يضعف الطرفين لصالح أطراف غير عربية، وبعضها غير مسلم أصلا، إن من يحب الخليج حقا لا يستطيع أن يكره مصر، والعكس صحيح أيضا، فالعائلة واحدة و المصير كذلك. الماجد يتمنى أن تساهم القمة الاقتصادية والقمة الإسلامية فى دعم الاقتصاد المصرى ووضعه على المسار الصحيح ليعيش شعب مصر العزيز والغالى على قلوبنا حياة مستقرة رغدة، فمصر بلاد الخير وأهلها أهل كل خير. كلى يقين أننا سنرى مصر بإذن الله قريبا دولة مزدهرة بعد تجاوز هذه الأزمات.