أخطر ما يواجه المجتمع الانفلات، والأخطر منه الانفلات الأمنى، إنه وراء حالة عدم الاستقرار والرعب التى تسود بيننا جميعا. وراء هذا الانفلات ظاهرة مدمرة هى رواج تجارة الأسلحة، بمختلف أنواعها فالسلاح أصبح فى أيدى الكثير وللأسف بدون ترخيص لكن الأخطر رواج السلاح الأبيض الذى أخذ بؤرا مشهورة لبيعه على الأرصفة فى مصر وهو رصيف ميدان العتبة الشهير برصيف الحلوانى وأرصفة الموسكى والتبين ومدينة السلام وحلوان.
فالتجارة ازدهرت منذ اندلاع الثورة لكنها لاقت رواجا أكثر فى شهر رمضان الكريم بدون رحمة فكانت لنا زيارة وسط الازدحام الشديد لتجارة السلاح الأبيض.
فعندما اقتربنا من الكراتين التى أخذت شكل الطرابيزات وكل طربيزة يقف خلفها طفل صغير لا يزيد عمره على 16 عاما وملامحه تدل على الشدة والغضب وعدم الاقتراب إلا لمن يشترى فقط بالأسعار المطروحة وممنوع التصوير.
فيقول أحد التجار الموجودين الذى رفض ذكر اسمه أو ظهور صورته: إن أشهر أنواع الأسلحة البيضاء الموجودة على الأرصفة بميدان العتبة السكين.
فالمطواة الأكثر استيرادا ويتراوح سعرها مابين 30 جنيها إلى 35 جنيها والمطواة القرن غزال ومطواة الخوجة بمعنى أنها مستوردة وخوجاية وتتميز بأن لها يد من العاج يصل سعرها فى السوق إلى 40 جنيها محفورة عليها ثلاث دوائر ونجوم وهلاليين.
والأحدث فى الأسلحة البيضاء هى المطواة الليزر وهى تتميز بأنها سريعة الخروج ذات سوستة لسرعة الفتح.
وهناك نوع آخر وهى البرازيلى وتتميز بأنها مشرشرة فالضرب بها مميت وهى الأشد ويتراوح سعرها من 200 إلى 250 جنيها. والنوع الأخير والأكثر رواجا أيضا المطواة الطيرة وهى تتميز بالحجم الصغير ويستخدمها البنات لأنها سهلة الحمل والتعامل أيضا وسعرها يتراوح من 15 إلى 30 جنيها.
وانتقلنا من الفرش الأول على الأرصفة لفرش أحد الشباب الذى اعترض أيضا على أن يعطى أى بيانات عن شخصيته وكانت بجواره فتاة صغيرة تتابع حركة الشراء والبيع وكان من الواضح أنها شقيقته.
فيقول: لا أستطيع أن أقول من أين نحضر السلاح الأبيض إلا إننى أشير إلى أنها مكتوب عليها صنعت فى جنوب السودان ونحن لنا دورة فى التجارة تبدأ من مهرب ثم تاجر جملة ومخازن فى جميع المحافظات والأماكن بمصر ثم تجار نصف الجملة ثم تأتى المرحلة الأخيرة وهى الباعة الجائلون على الأرصفة.
ونحن نجد من ميدان العتبة الأشهر لبيع السلاح الأبيض ولو الحكومة ليها حاجة عندنا تيجى تأخدها. وكان لنا لقاء على فرش آخر لأحد التجار وبسؤاله ماذا يكون رد فعلكم بعد إلقاء القبض على أحدكم؟ ولماذا لاتتعظون من ذلك؟
هذا يحدث معنا ومن يتم إلقاء القبض عليه بالفعل يأخذ حكما يصل إلى سنوات لكننا لا نتراجع عن هذه التجارة فهى مربحة وفاتحة بيوت وأنا مبعملش حرام والحكومة بتشوفنا ليل نهار وكل يوم بنقف بس إذا حسينا بقلق بنفترق ونفرش بعيد عن بعض وعندما نعرض قطع السلاح على الطرابيزات لا تكون أكثر من 5 إلى 10 قطع فقط ويكون لدينا مخزون فى شنطة تحت الطرابيزة.
ثم انتقلت بحذر شديد من وسط العرض المرعب لشكل السلاح الأبيض فى الشوارع بأرصفة ميدان العتبة وطلبت من أحد رجال الأمن الوقوف إلى جوارى فقط حتى أتمكن من التصوير الممنوع للسلاح قال لى أنت كدا بتعملى مشاكل أبعدى عنهم لأنهم بلطجية وممكن تقوم مشكلة كبيرة بسبب التصوير ده. ومن هنا أدركت أنه ليس لهؤلاء من يقوم بحماية الناس من شرهم أو شر ما يقومون ببيعه.
ومن هنا كان رأى الخبير الاستراتيجى اللواء سامح سيف اليزل حول هذه الظاهرة بالشوارع المصرية الشعبية فيقول: الأسلحة بجميع أنواعها بما فيها الصواريخ مصدرها الرئيسى الحدود الليبية وأيضا الأنفاق تستخدم لتهريب السلاح بالإضافة إلى جزء من الكميات المحدودة عن طريق الحدود السودانية ومنها السلاح الأبيض. فأصبح بيع السلاح فى أى وقت وأى مكان بدون خوف وهو يشكل خطراً كبيرًا جدًا على حياة المواطنين لتزايد الظاهرة يوما تلو الآخر.
ومن هنا مطلوب من الحكومة إعطاء المشكلة أولوية كبرى لأن المواطنين قد ضجروا من الحديث دون جدوى. وخطورة الظاهرة أنها سرية فيجب تغليظ العقوبة للقضاء على الظاهرة مع سرعة القضايا وإعطاء الحكم فيها حتى يتعظ الأخرون. وعن الأطفال المستخدمة فى ذلك النشاط لابد من تغليظ العقوبة فى قانون الأحداث حتى يتراجع الأطفال الذين يعملون لحساب التجار الكبار.