روزاليوسف الأسبوعية : 08 - 08 - 2009 تلقيت هذا الخطاب الكريم من الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى تعقيباً على مقالى الذى نشر قبل أسبوعين تحت عنوان »الألغام.. خطر يجب إزالته« وتقول فيه: اسمحوا لى بداية أن أعبر لكم عن تقديرى لاهتمامكم بقضية إزالة الألغام من الساحل الشمالى الغربى وتنمية المناطق المتضررة وإطلاق إمكانياتها الواعدة فى مختلف المجالات التنموية. وفى هذا الصدد، أود الإفادة أن اللجنة القومية للإشراف على إزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى والتى أشرف برئاستها منذ عام 2002 وتضم فى عضويتها عشرين وزارة ومحافظتى مطروح والإسكندرية وعدداً من الجمعيات الأهلية، قد قامت بتبنى أنشطة ترويحية وتخطيطية كان من أهمها إعداد خطة لتنمية الساحل الشمالى الغربى بالتعاون مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة أقرها مجلس الوزراء بالفعل فى نوفمبر 2005 كخطة قومية بتكلفة إجمالية تبلغ 60 مليار جنيه مصرى، وتحتل التنمية الزراعية جانباً كبيراً بين محاورها المختلفة إلى جانب التنمية السياحية والتعدينية والصناعية والعمرانية، ومن المتوقع أن توفر 384 ألف فرصة عمل جديدة وتؤسس مجتمعاً عمرانياً يقدر أن يجتذب أكثر من 5,1 مليون مواطن بحلول عام 2022 فى إطار جهود تنفيذ الخطة القومية. قمت بتوقيع اتفاق مشروع تعاون بين الحكومة المصرية والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، تتكلف مرحلته الأولى التجريبية والتى بدأت فى يناير 2007 نحو 2,3 مليون دولار، يمول 80٪ منها عن طريق شركائنا فى التنمية وتمول الحكومة المصرية والبرنامج الإنمائى المبلغ المتبقى. هذا وتتركز المرحلة الأولى- ضمن أهداف عديدة- حول إنشاء الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى بوزارة التعاون الدولى، والتى عهد إليها القيام بأنشطة لإزالة الألغام بالتنسيق والتعاون مع القوات المسلحة وكذا أنشطة لمعاونة الضحايا والتوعية بالمخاطر وأيضاً وضع ورقة استراتيجية للإعلام وتعبئة الموارد، وإجراء دراسات جدوى لمشروعات تنموية وصياغة وثيقة المرحلة الثانية من التعاون بين الجانبين التى ستمتد ما بين خمسة وستة أعوام للقضاء تماماً على هذه المشكلة. وقد نجح المشروع فى تنفيذ العديد من الأهداف المرجوة، حيث تم إعداد خطة عمليات للمرحلة الأولى التجريبية لتطهير مساحة 250,31 فدان على جانبى ترعة الحمام بهدف تنفيذ مشروعى إقامة مدينة العلمين الجديدة وامتداد ترعة الحمام، تم الانتهاء من تطهير 474,14 فدان من هذه المساحة- حتى تاريخه- بعد أن قام المشروع بتدبير التمويل والمعدات اللازمة للقوات المسلحة المصرية التى تعد الجهة الوحيدة المخول لها القيام بعمليات التطهير، كما قام المشروع بتوفير أطراف صناعية لعدد 88 من مصابى الألغام والبالغ عددهم 206 مصابين بالتعاون مع مركز العجوزة لإعادة التأهيل، بالإضافة إلى التنسيق مع الصندوق الاجتماعى للتنمية لتوفير عدد 500 فرصة عمل لصالح ضحايا الألغام وأسرهم لمساعدتهم على الانخراط مرة أخرى فى مجتمعهم. وفى الختام فإننى إذ أعبر لكم مجدداً عن خالص التقدير لاهتمامكم بهذا المشروع القومى، لأرجو أن تتفضلوا بقبول وافر الاحترام. فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى. وصاحب خطاب الدكتورة فايزة أبو النجا مذكرة توضيحية شاملة عن قضية الألغام فى مصر وجهود وزارة التعاون الدولى فى إزالتها، وهى مذكرة ثمينة توضح أبعاد قصة الألغام والجهود التى تبذل للتغلب عليها. تقول المذكرة أن مصر تعتبر ثانى دول العالم من حيث حجم الألغام التى زرعت فى أرضها حيث يبلغ عدد الألغام والأجسام القابلة للانفجار حوالى 22 مليوناً أى حوالى 21٪ من إجمالى الألغام المزروعة فى العالم، والتى تقدر بحوالى 105 ملايين لغم، تحتل منطقة الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى- والتى كانت مسرحاً لمعركة العلمين خلال الحرب العالمية الثانية- المرتبة الأولى بين المناطق الموبوءة فى مصر حيث زرع بها حوالى 7,19 مليون لغم وجسم قابل للانفجار أى نحو 90٪ من تلك المزروعة فى الأراضى المصرية، تنتشر على مساحة 59 ألف فدان وحالت لمدة ستة عقود دون استغلال حوالى 22٪ من مساحة الجمهورية.. بينما زرعت باقى الألغام والأجسام القابلة للانفجار فى منطقة الصحراء الشرقية نتيجة للمعارك الحربية التى دارت فى هذه المنطقة، على الرغم من الجهود التى قامت بها القوات المسلحة فى إزالة نحو 3 ملايين لغم من الصحراء الغربية، إلا أنه يوجد العديد من الصعوبات الفنية التى تواجه مصر لإزالة الألغام فى باطن الأرض بسبب حركة الكثبان والسيول، وتحرك أماكن الألغام مع حركة الرمال، وعمق الألغام الموجودة فى باطن الأرض مع زيادة حساسيتها بسبب رصها منذ أكثر من 60 عاما بالإضافة إلى عدم وجود تسجيلات دقيقة لحقول الألغام، الأمر الذى يقلل من أهمية خرائط حقول الألغام على الرغم من الجهود الحثيثة التى بذلت مع الدول المتحاربة للحصول عليها والاسترشاد بها فى عمليات التطهير، هذا وتشير تقديرات القوات المسلحة المصرية إلى أن تكلفة إزالة الألغام تبلغ حوالى 250 مليون دولار. وتشير المذكرة إلى أن الحكومة المصرية عملت على إثارة مشكلة الألغام فى أراضيها فى العديد من المحافل الدولية بهدف جذب الانتباه العالمى نحو ضخامة المشكلة وأثارها السلبية على المستويين التنموى والإنسانى، وفى عام 2000 أصدر السيد رئيس الوزراء قراره رقم 750 بتشكيل اللجنة القومية لإزالة الألغام، والتى تولت رئاستها السيدة وزيرة التعاون الدولى فى عام 2002 وبناء على توصية السيدة وزيرة التعاون الدولى، وافق السيد رئيس الوزراء على إبراز البعد التنموى فى مهام اللجنة بإعادة تسميتها »اللجنة القومية للإشراف على إزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى«، وقد قامت اللجنة القومية بأنشطة ترويحية عديدة بالتعاون مع جهات حكومية وأهلية، كان أهمها هو إنشاء وتأسيس صندوق ائتمان دولى بالتعاون مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة لتعبئة الموارد اللازمة لعمليات الإزالة، والإشراف على وضع خطة تنموية متكاملة للمنطقة الموبوءة، وأقرها مجلس الوزراء فى أكتوبر ،2005 يصل إجمالى تكلفة الخطة القومية إلى 60 مليار جنيه، وتشمل قائمة متكاملة من المشروعات الإنمائية فى قطاعات الزراعة والصناعة والبيئة والسياحة والبنية الأساسية والعمران والإسكان والخدمات الاجتماعية، من شأنها خلق 384 ألف فرصة عمل فى المنطقة، منها 46٪ فى مجالات الأنشطة السلعية والسياحية والبيئية، و54٪ فى مجالات الأنشطة الخدمية. وقد نجح المشروع المصرى فى حشد دعم دولى وتوفير التمويل اللازم للمرحلة الأولى التجريبية، حيث قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، ونيوزلندا، والصين، واليابان، بالإضافة إلى عدد من وكالات الأممالمتحدة بتقديم الدعم المالى والنوعى للمشروع. هذا وقد قامت الأمانة العامة التابعة لوزارة التعاون الدولى بالتنسيق مع وزارة الدفاع - فى سابقة تعد الأولى - بدعوة أكبر خمس شركات عالمية متخصصة فى إنتاج مستكشفات الألغام، لإجراء اختبار عملى لأحدث المستكشفات للوقوف على أنسبها للعمل تحت الظروف السائدة فى منطقة الساحل الشمالى الغربى من حيث طبيعة التربة ودرجة الحرارة والملوحة. وفى إطار التنسيق بين وزارة التعاون الدولى ومحافظة مطروح تم الاتفاق على تخصيص قطعة أرض فى منطقة العلمين ليقام عليها نصب تذكارى لتخليد ذكرى ضحايا حوادث الألغام من المصريين، حيث تم الإعلان فى الصحف القومية عن مسابقة تنظمها الأمانة التنفيذية بالتعاون مع وزارة الثقافة لتصميم النصب التذكارى، تمَّ الانتهاء من إجراء مسح ميدانى وبناء قاعدة بيانات متكاملة عن الناجين من حوادث الألغام وذلك بالتعاون مع إحدى الجمعيات الأهلية فى محافظة مطروح. وفى مارس 2009 بدأت أعمال تطهير باقى المساحة المستهدفة خلال المرحلة الأولى (200,28 فدان) المخصصة لوزارة الزراعة لتنفيذ مشروع امتداد ترعة الحمام، حيث تم الانتهاء من تطهير 424,11 فدان من هذه المساحة، ومن المقرر الانتهاء من باقى المساحة قبل نهاية العام الجارى. وتجدر الإشارة إلى أنه تم التخلص من جميع الألغام والمخلفات المتفجرة التى تم العثور عليها فى المناطق المطهرة وذلك بالنسف، حيث تم العثور على 13720 لغماً و210214 جسماً قابلاً للانفجار. وهكذا يمكن القول أن مصر تنتصر فى معركة الألغام التى دخلتها متأخرة عن طريق الجهود المشتركة التى تقوم بها الوزارات والهيئات تحت إشراف وزارة التعاون الدولى.