أسماء الفائزين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    أسعار الفاكهة اليوم السبت 11 أكتوبر في سوق العبور للجملة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 11 أكتوبر 2025    أسعار الأرز الشعير والأبيض السبت 11-10-2025 ب أسواق الشرقية    أخبار مصر: مفاجأة صحية عن "قلب" ترامب قبل زيارته لمصر، تمساح يثير الرعب بشوارع الهرم، تعاقد عماد النحاس مع نادٍ خليجي كبير    كرم سامي يكتب: من شرم الشيخ إلى العالم .. القاهرة تُعيد السلام في الشرق الأوسط    مواعيد مباريات اليوم السبت 11-10-2025 والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في تصفيات كأس العالم    حالة المرور اليوم، كثافة على غير العادة بهذه الشوارع والمحاور    الطقس اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. انخفاض في درجات الحرارة واضطراب بالملاحة البحرية    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بكفر الزيات    عقد قران إيناس الدغيدي.. وزغرودة من بوسي شلبي وهالة صدقي تشعل الأجواء    فأر يفاجئ مذيعة الجزيرة أثناء تقديم النشرة يثير الجدل.. حقيقي أم مشهد من الذكاء الاصطناعي؟    صلاح خارج مواجهة مصر وغينيا بيساو    أسعار الفاكهة اليوم السبت 11-10-2025 في قنا    أسعار الذهب اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة قنا    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة قنا    ترامب يسخر من منح جائزة نوبل للسلام للمعارضة الفنزويلية    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 كتوبر 2025    كوريا الشمالية تستعرض صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات في عرض عسكري ضخم    الولايات المتحدة تعلن استعدادها لخوض حرب تجارية مع الصين    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    انخفاض كبير تخطى 1000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم السبت 11-10-2025    النيابة العامة تباشر التحقيق في واقعة وفاة 3 أطفال داخل بانيو ب المنوفية    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    حرب أكتوبر| اللواء صالح الحسيني: «الاستنزاف» بداية النصر الحقيقية    النيل.. النهر الذي خط قصة مصر على أرضها وسطر حكاية البقاء منذ فجر التاريخ    بالأسماء، نقابة أطباء أسوان الفرعية تحسم نتيجة التجديد النصفي    بعد رحيله عن الأهلي.. رسميًا الزوراء العراقي يعين عماد النحاس مدربًا للفريق    أطباء يفضحون وهم علاج الأكسجين| «Smart Mat» مُعجزة تنقذ أقدام مرضى السكري من البتر    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مصطفى كامل يطلب الدعاء لوالدته بعد وعكة صحية ويحذر من صلاحية الأدوية    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    رسمياً.. التعليم تعلن آلية سداد مصروفات المدارس الرسمية والمتميزة للغات 2025/ 2026    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    عمرو أديب: شيء ضخم جدا هيحصل عندنا.. قيادات ورؤساء مش بس ترامب    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    ترامب: اتفاقية السلام تتجاوز حدود غزة وتشمل الشرق الأوسط بأكمله    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عواصف الذعر فى الشرق الأوسط


عبدالله كمال 3 أكتوبر 2009 12:00 م

الشرق الأوسط بين لحظة اقتراب الحقيقة‮.. ‬وتهديدات الخطر العظيم‮ ‬
كانت السيدة فاطمة بنت موسي،‮ ‬حفيدة الإمام جعفر ابن كاظم‮.. ‬إمام الشيعة السابع‮.. ‬في طريقها من المدينة المنورة إلي خراسان‮.. ‬حيث أخوها علي بن موسي الرضا‮.. ‬مرضت‮.. ‬وبقيت في قرية اسمها‮ (‬تاجية‮) ‬علي بعد ‮06 ‬كيلومتراً‮ ‬من مدينة قم‮.. ‬ومن هناك علم أحد زعماء‮ (‬الأشاعرة‮) ‬بقدومها ومرضها فاستدعاها إلي حيث هو‮.. ‬واشتد مرضها‮.. ‬فماتت بعد ‮71 ‬يوما ولم تكن قد بلغت العشرين من عمرها‮.‬
بُني لها قبر‮.. ‬ظل عادياً‮ ‬لفترة طويلة من الزمن‮.. ‬ثم تحول بمضي الوقت‮ ‬،‮ ‬ولأسباب تجارية ودينية وسياسية،‮ ‬إلي مزار كبير‮ ‬يلتف حوله الألوف علي مدار الأيام‮.. ‬حيث ترقد من‮ ‬يصفها الشيعة بالمعصومة‮.. ‬في إشارة منهم إلي أنها لم تقترف ذنبا في حياتها‮.. ‬وأصبح هذا المرقد هو سر جاذبية مدينة قم‮.. ‬التي‮ ‬يصفها الشيعة بدورهم بأنها مدينة مقدسة‮.‬
لكن‮ (‬قم‮) ‬التي من الصعب أن تري فيها شخصاً‮ ‬غير معمم‮.. ‬فإذا ما رآه احدهم قالوا عنه‮ (‬أفندي‮).. ‬اضطرت إلي الكشف قبل أيام عن سر أكبر‮.. ‬أخفته الجبال والتضاريس الجغرافية القاسية والمتنوعة حولها‮.. ‬هو المفاعل النووي الذي لم‮ ‬يكن معلوما‮.. ‬وتحيطه درجات مهولة من التأمين من قبل الحرس الثوري الإيراني‮.. ‬ويبدو أنه سيكون الثقب الأسود الذي تنجرف من خلاله المنطقة برمتها إلي‮ (‬حرب‮) ‬مهولة‮.. ‬تلفح حرارة نيرانها كل المشرق العربي‮.. ‬وإن لم‮ ‬يعلموا مصدره الحقيقي‮.‬
أن رائحة الحرب في كل مكان‮.. ‬لكن هناك أملاً‮ ‬بألا تأتي‮.. ‬غير أن الأمل مرتبط تماما بالسلوك الذي سوف تلجأ إليه إيران‮.‬
البرنامج المقدس‮ ‬
حول مرقد فاطمة المعصومة‮ ‬يطوف المعزون بالجثامين المتوفاة قبل أن تدفن‮.. ‬وتسود عقولهم قناعة‮ ‬غريبة تقول إن من‮ ‬يفعل ذلك إنما‮ ‬يضمن أن‮ ‬يبرأ الميت من جهنم‮.. ‬لكن وجود مرقدها في هذا المكان لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحصن منطقة قريبة من قم من الاحتمالات المروعة التي تلاحق الملف النووي الإيراني‮.. ‬منذ تم الكشف عن هذا المفاعل‮.‬
القدسية التي‮ ‬يضفيها الإيرانيون علي المدينة،‮ ‬فهي منبع وقبلة الملالي،‮ ‬وموقعها كعاصمة دينية لنظام آيات الله،‮ ‬دفعت بعض المسئولين الإيرانيين إلي أن‮ ‬يعلق قائلا‮: ‬أن قرب المفاعل من‮ (‬قم‮) ‬يعني أن المشروع النووي الإيراني بلغ‮ ‬هذه المرحلة البعيدة من القدسية‮.. ‬وسيكون الدفاع عنه كالدفاع عن المقدسات‮!!‬
لا‮ ‬يمكن بالطبع أن تنعكس الأبعاد العقيدية علي مفاعل‮ قم‮‬،‮ ‬فنجد من‮ ‬يطوف حوله تبركا‮.. ‬لكن إيران بحسبانها شيعية،‮ ‬يلجأ المسئولون فيها إلي مبدأ‮ التقية‮ ‬أي إظهار ما لا تبطن‮.. ‬ويريدون استخدام البرنامج النووي لدفع عملية توسع مذهبي عريض النطاق‮.. ‬وقد أضفوا عليه أبعادا دينية حولته من مجرد برنامج نووي تكنولوجي إلي‮ عملية جهاد‮ ‬ضد من تعتقد إيران أنهم شياطين‮.‬
عموما،‮ ‬هذه السمات المقدسة للمدينة‮ قم‮ ‬وما فيها لم تستطع أن تخفي السر الأهم والأخطر فيها أو قربها‮.. ‬وقد تمكن عملاء مختلفون علي تحديد هويتهم‮.. ‬هل هم من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة‮.. ‬أم من جهات أخري‮.. ‬تمكن من اختراق الحجب‮.. ‬بحيث أوصلوا معلومات إلي أجهزة مخابرات‮ ‬غربية متنوعة حول موقع المفاعل الذي تبين أنه‮ ‬يضم علي الأقل ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي‮.. ‬تستخدم في تخصيب اليورانيوم‮.. ‬بطريقة تقول كل المؤشرات أنها ليست سلمية علي الإطلاق‮.‬
وفيما‮ ‬يبدو فإن إيران شمت الرائحة‮.. ‬وأدركت أنها بصدد مأزق خطير‮.. ‬فسارعت إلي إبلاغ‮ ‬الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود المفاعل‮.. ‬وهي تعتقد أنها إنما تقطع الطريق علي من قد‮ ‬يتهمها بإخفاء الأسرار والمفاعلات‮.. ‬لكن التصرف الإيراني اللاهث لم‮ ‬يطوق المأزق‮.. ‬وخرج محمد البرادعي مدير المنظمة‮ ‬لكي‮ ‬يقول أن إيران اخترقت القانون‮.. ‬وعلي خلفية هذا المأزق جرت مفاوضات جنيف بين إيران والدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلي ألمانيا‮.‬
كان البرادعي في الهند،‮ ‬يتسلم جائزة أنديرا‮ ‬غاندي الشهيرة كنوع من التكريم،‮ ‬حيث قال لقناة‮ (‬سي إن إن‮) ‬الهندية كان من المفترض أن تبلغنا إيران في نفس اليوم الذي بدأت فيه بناء هذه المحطة‮.. ‬هذا ما تنص عليه المعاهدات‮.. ‬ومن ثم هي تقف الآن علي الجانب الخطأ من القانون‮.‬
إن كلاما كهذا‮ ‬يبدو مهما جدا‮.. ‬خاصة أن البرادعي ظل لفترة طويلة،‮ ‬حتي بداية الشهر الماضي،‮ ‬متحفظا في أن‮ ‬يوجه اتهامات محددة لإيران‮.. ‬بشأن ملفها النووي‮.. ‬وكان آخر ما قاله أنه لاتوجد أدلة علي أنها تمتلك سلاحا نوويا‮.. ‬لكن تصريحه الأخير له مدلولات قانونية وتبعات عديدة‮.. ‬خاصة أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال بعده أن ما فعلته إيران‮ ‬يمثل اختراقا لقرارات مجلس الأمن الدولي‮.. ‬وعليها أن تقدم الأدلة علي أن هذه المنشأة النووية مخصصة للأغراض السلمية‮.‬
وذهبت إيران في اتجاه معركة جانبية ضد بان كي مون‮.. ‬واتهمته بأنه إنما‮ ‬يستبق ما سوف‮ ‬يقوله خبراء الوكالة الدولية المختصة‮.. ‬وراحت توبخه وتقول إنه‮ ‬يردد كلام أوباما وساركوزي وبراون‮ (‬رئيس الولايات المتحدة‮ - ‬ورئيس فرنسا‮ - ‬ورئيس وزراء بريطانيا‮) ‬أي ما جاء علي لسانهم في اجتماع مجلس الأمن الأخير الذي كان عامرا بالتحذيرات للبرنامج النووي الإيراني‮.‬
وفي نفس الوقت مضت تقول‮ - ‬أي إيران‮ - ‬لوكالة الطاقة الذرية‮ ‬أن هذه المحطة هي منشأة احتياطية أقيمت بحيث تكون بديلا إذا ما تعرض البرنامج النووي الإيراني في مفاعل‮ (‬نطنز‮) ‬للهجوم العسكري‮.. ‬وهو كلام رآه البرادعي‮ ‬غير مقنع‮.‬
القوة النووية المعلنة
‮ ‬الحسابات المتسارعة راحت تحصي ما الذي لدي إيران من قدرات ومفاعلات نووية‮.. ‬معلنة‮.. ‬حتي الآن‮.. ‬ووفق أحدث المعلومات من مصادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن لدي إيران ما‮ ‬يلي‮: ‬
- مفاعل لتخصيب اليورانيوم في نطنز بوسط إيران،‮ ‬كشف وجوده في ‮2002 ‬يخضع لرقابة مفتشي الوكالة الدولية،‮ ‬ويضم في الوقت الحاضر أكثر من ثمانية آلاف جهاز طرد مركزي منها نحو ‮0064 ‬قيد التشغيل‮. ‬والمنشآت تحت الأرض في نطنز‮ ‬يمكن أن تضم ‮05 ‬ألف جهاز طرد مركزي‮.‬
- مفاعل تخصيب اليورانيوم في قم بوسط إيران،‮ ‬وهو قيد البناء حاليا وكشفت إيران وجوده للوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل أيام،‮ ‬ويقع بين مدينتي طهران وقم‮.
‬وتفيد معلومات صحفية أنه مدفون تحت جبل ويمكن أن‮ ‬يحتوي علي ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي‮. ‬
- مفاعل التحويل في أصفهان بوسط إيران أيضا وقد تمت تجربته صناعيا في ‮4002 ‬وهو‮ ‬يسمح بتحويل‮ يلوكايك‮ (‬الكعكة الصفراء‮) ‬أي مسحوق اليورانيوم المركز المستخرج من مناجم الصحراء الإيرانية،‮ ‬إلي‮ ‬غازات رباعي الفلوريد‮ (‬تترافلورايد‮) ‬وسداسي الفلورايد‮ (‬هكسافلورايد‮). ‬وهذان الغازان‮ ‬ينبغي بعد ذلك إدخالهما في أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب‮. ‬وهذا الموقع‮ ‬يخضع بانتظام لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية‮.‬
- منشأة إنتاج الوقود النووي في أصفهان التي دشنت في نيسان‮/ ‬أبريل ‮9002‬،‮ ‬تملك طاقة لإنتاج ل ‮01 ‬أطنان من الوقود النووي سنويا‮. ‬ويستخدم اليورانيوم المخصب في هذه المنشأة لإنتاج الوقود النووي المخصص للمفاعلات النووية‮.‬
- بناء مفاعل آراك‮ ‬غرب إيران،‮ ‬يعمل بالمياه الثقيلة وقد انتهي تقريبا‮. ‬وهذا المفاعل مخصص كما‮ ‬يعلن رسميا لإنتاج البلوتونيوم لغايات البحث الطبي‮. ‬وقد سمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أغسطس الماضي بزيارة الموقع الذي‮ ‬يضم مصنعا لإنتاج المياه الثقيلة‮.‬
- بناء المحطة النووية في بوشهر جنوب إيران دخل مرحلته النهائية‮.
‬ومن المقرر مبدئيا أن‮ ‬يبدأ تشغيلها في الأشهر المقبلة،‮ ‬لكن إطلاقها أرجئ مرات عدة‮.
‬وقد وقعت موسكو في ‮5991 ‬اتفاقا بقيمة مليار دولار لإنهاء هذه المحطة التي بدأ الألمان ببنائها قبل الثورة الإسلامية في ‮9791.
‬لكن في العام ‮2991 ‬رفضت ألمانيا استئناف أشغال البناء تحت ضغط الولايات المتحدة متذرعة بخطر انتشار التكنولوجيا النووية الحساسة‮. ‬ويخضع الموقع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية‮.‬
أسرار أخري‮ ‬
وليست المشكلة الآن فيما هو معلن‮.. ‬ولكنها فيما لم‮ ‬يعلن‮.. ‬ومفاعل‮ (‬قم‮) ‬هو أكبر دليل‮ ‬يمسك به الغرب حاليا لكي‮ ‬يوقن من أن النوايا الإيرانية ليست كلها سلمية‮.. ‬وإن هناك ما تخفيه‮ التقية السياسية‮.. ‬وإنه إذا كان قد تم اكتشاف مفاعل آخر‮ ‬غير مدرج علي لوائح الإعلان فما الذي‮ ‬يمنع من وجود‮ ‬غيره‮.. ‬وهو أمر شديد الخطورة في ظل أهمية أن تكون مباديء الشفافية هي الأساس في التعامل القانوني مع الأنشطة النووية لكي‮ ‬يتم التأكد من سلميتها والتزامها بالقانون‮.‬
ولكي ندرك حجم الموقف‮.. ‬فإن علينا أن نعود إلي ما سبق أن تم تداوله حول اكتشاف مواد مشعة قرب مفاعل أنشاص المصري المخصص للأبحاث النووية‮.. ‬وأثار هذا جدلا لافتا في الصحافة الدولية‮.. ‬وظل الأمر قيد التحقق ربما أربع سنوات‮.. ‬إلي أن أقرت الوكالة بالرأي المصري الذي قال إن تلك الإشعاعات نتجت عن نقلها في حاويات نقل نظائر مشعة‮.. ‬وبالطبع لم‮ ‬يكن هناك في مصر عملاء لكشف هذه الواقعة البسيطة‮.. ‬ولكن كانت هناك طرق قياس تلجأ إليها الوكالة الدولية للطاقة‮.‬
وتعطي هذه الواقعة انطباعا بأن من الممكن أن تكون هناك عمليات رصد لمستويات الإشعاع هي التي قادت قوي‮ ‬غربية إلي معرفه سر مفاعل‮ (‬قم‮).‬
شفويا‮.. ‬كأقوال تنتظر الأفعال أبدت إيران رغبتها في أن تخضع المفاعل الأخير إلي تفتيش وكالة الطاقة الذرية،‮ ‬وبهذا المنطق دخلت إلي مفاوضات جنيف‮.. ‬حيث عقدت في إطار كان قد توقف منذ أشهر طويلة‮.. ‬وخرج الحاضرون من أوروبا والولايات المتحدة‮ ‬يقولون إن‮ (‬البداية طيبة‮.. ‬والتعهدات مبشرة ولكننا في انتظار أفعال إيران‮).. ‬وخرجت إيران تقول إنها متمسكة بحقوقها‮.. ‬أي برنامجها النووي‮.‬
لكن اللغة التي تحدث بها الرئيس الأمريكي أوباما بعيد الاجتماع،‮ ‬مساء الخميس،‮ ‬تدل علي أنه لن‮ ‬يمكن لإيران أن تمارس مماطلات زمنية طويلة‮.. ‬وأنها عليها أن تدرك أنها بصدد الاقتراب من لحظة الحقيقة‮.. ‬إذ علي الرغم من أوباما أقر‮ بالبداية البناءة‮ ‬لمفاوضات جنيف التي من المقرر أن تستكمل في نهاية الشهر الحالي‮.. ‬إلا أنه قال‮: نريد إجراءات ملموسة‮.. ‬أن للصبر حدوداً‮.‬
ولم‮ ‬يكن أوباما‮ ‬يردد أغنية‮ (‬أم كلثوم الشهيرة‮) ‬بقدر ما كان‮ ‬يعبر عن تحول نوعي في مسار التعامل مع البرنامج النووي الإيراني‮.. ‬خاصة أنها تلقت رسالة واضحة من المجتمع الغربي‮.. ‬وأصبح مطلوبا منها أن تسمح بالتفتيش خلال أسبوعين‮.. ‬أي قبل أن تعود المفاوضات من جديد‮.. ‬وفي‮ ‬غضون ذلك سوف‮ ‬يكون البرادعي قد زار طهران خلال أيام‮.‬
أبعاد الصفقة‮ ‬
ما هو المعروض علي إيران وفق ما‮ ‬يمكن فهمه من مسار الاستخلاصات بعد ما جري في مجلس الأمن‮.. ‬والكشف عن محطة قم‮.. ‬واجتماع جنيف‮.. ‬ثم تصريحات أوباما؟
من الواضح أننا بصدد المضي قدما في مناقشة صفقة معروضة علي إيران‮.. ‬مؤداها أن عليها أن تقبل بالتخلي عن طموحها لامتلاك السلاح النووي مقابل حوافز مالية واقتصادية وربما سياسية‮.. ‬وأن عليها لكي تحصل علي هذه الصفقة أن تدرك أنها اقتربت من لحظة الحقيقة‮.. ‬وأن البديل المطروح سوف‮ ‬يكون عقوبات قاسية تؤدي إلي مزيد من الضغوط علي نظام الملالي في إيران‮.. ‬وهي عقوبات‮ ‬يبدو أنها واضحة المعالم لدي كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها‮.. ‬وحتي لو لم‮ ‬يضمن هؤلاء الحلفاء مساندة روسيا والصين فإن الطريق نحو تلك العقوبات قد‮ ‬يصل إلي نهايته في بداية العام الجديد‮.. ‬تمهيدا لما هو أبعد‮.‬
وقد تدور الصفقة حول السماح الغربي بعمليات التنمية النووية في الحدود السلمية المتفق عليها قانونا‮.. ‬وبحيث‮ ‬يخضع برنامج إيران إلي تفتيش مستمر من وكالة الطاقة الذرية‮.. ‬وبحيث تحصل علي قدر من المعرفة التكنولوجية‮.. ‬وأيضا أن تنال السماحية المالية والاقتصادية الدولية‮.. ‬فتخرج من شبكة القيود المعقدة التي تحيط بتحركاتها الدولية وتعوق أعمالها المختلفة منذ سنوات‮.‬
وفي البعد السياسي قد تتضمن الصفقة توقفا عن ملاحقة نظام الملالي من قبل الغرب بهدف إسقاطه‮.. ‬وإخراج إيران من قائمة الدول المارقة‮.. ‬والتعامل معها كدولة عادية‮.‬
لكن الأهداف الإيرانية قد تكون أبعد منذ ذلك بكثير‮.. ‬وفق الطموحات المعلنة والرغبات المستمرة في فرض الهيمنة والنفوذ علي منطقة الشرق الأوسط‮.. ‬ومن الواضح أن لديها مطالب بشأن الأوضاع في فلسطين وفي لبنان وفي الخليج وفي العراق وأيضا في منطقة أفغانستان وباكستان‮.. ‬فهل سوف تتمكن من خلال تفاوضها مع الغرب علي تنفيذ تلك الطموحات السياسية؟
كل هذه الآمال الإيرانية مقيدة بتوازنات قوي معقدة إقليميا ودوليا‮.. ‬ولن تكون سهلة وفق ما تعتقد إيران نفسها‮.. ‬ولايمكن إتمام صفقة سياسية تتيح لها النفوذ علي حساب القوي الإقليمية في الشرق الأوسط أو تسمح لها بدور ما في الملفات العربية المختلفة‮.. ‬وعمليا لا‮ ‬يمكن أن تحصل علي أي رسوخ في أي من الملفين الفلسطيني واللبناني‮.. ‬بل إن أي تسوية قد تكون في المستقبل علي حساب حزب الله ونفوذه في لبنان‮.. ‬إن لم‮ ‬يكن تصفية وجوده‮.. ‬علي المدي المتوسط لو كانت الصفقة سلمية‮.. ‬وعلي المدي القصير وبمنتهي العنف لو كان البديل المطروح هو الحرب‮.. ‬وفي هذين الملفين بالتحديد‮ فلسطين ولبنان‮ ‬يمكن القول إنه لا‮ ‬يمكن أن تنال إيران أي شيء ليس لأن العرب فقط‮ ‬يرفضون ولكن لأن الغرب سوف‮ ‬يراعي مصالح إسرائيل‮.‬
وتبدو المعضلة قائمة في الخليج‮.. ‬وسوف‮ ‬يصطدم أي توسع سياسي إيراني بعرقلة من المملكة العربية السعودية التي من الواضح أن جميع دول الخليج تلقي بكرة هذا الموقف في ملعبها‮.. ‬كما أن مصر تعضد موقف السعودية وتقول إن كل ترتيبات أمن الخليج‮ ‬يجب أن تراعي المصالح العربية‮.‬
التحذيرات العربية
ولاشك أن كثيراً‮ ‬من العواصم الغربية قد استمعت إلي تحذيرات عربية مختلفة‮.. ‬تشير إلي أن المشكلة مع إيران ليست في كونها تمتلك برنامجا نوويا‮ ‬غير واضح النوايا‮.. ‬ولايتمتع بالشفافية‮.. ‬وينذر بسباق نووي في المنطقة‮.. ‬وإنما في إنها تريد فرض هيمنة ونفوذا ليس لها علي الملفات الإقليمية‮.‬
وبالتالي فإن لحظة الحقيقة تعني أن إيران عليها أن تنتبه إلي أهمية ما‮ ‬يمكن أن تحققه من مكسب واقعي‮.. ‬يتضمن درء المخاطر عنها وعن المنطقة‮.. ‬وأن تتخلي عن طموحها الجامح ورغبتها في أن تحصل مقابل أي تفاهم مع الغرب علي مكاسب‮ ‬غير واقعية علي الإطلاق ولاتعكس موازين القوي والعلاقات الدولية والإقليمية ولاتتواءم مع أهداف النظام الدولي وأجندة الغرب‮.. ‬ويتوقف هذا الأمر علي مدي قدرة النظام الإيراني علي استيعاب حقيقة الموقف‮.. ‬وقدرة صوت العقل أن‮ ‬يفرض نفسه علي المتنازعين في داخله‮.‬
من هنا،‮ ‬وعلي الرغم من‮ (‬البداية البناءة‮) ‬في مفاوضات جنيف‮.. ‬فإن عواصف الذعر تهب علي منطقة الشرق الأوسط‮.. ‬خاصة بعد أن لاحت في الأفق أكثر من أي وقت مضي احتمالات العمل العسكري المضاد لإيران أكثر من أي وقت مضي‮.. ‬وبدرجة أعلي مما كانت عليه من قبل‮.. ‬الصحيح بالطبع أن اللغة السياسية الدولية لاتعكس هذا الآن‮.. ‬لكن رائحة هذه الرياح وتلك العواصف تطال جميع الأنوف‮.. ‬وعندها سوف تكون هناك كارثة كبيرة تهدد الأوضاع في المنطقة‮.‬
إن السيناريوهات المختلفة المتوقعة لمثل تلك الحرب‮.. ‬قد تؤدي إلي حروب صواريخ‮.. ‬وضربات انتقامية‮.. ‬وأفعال طائشة‮.. ‬خصوصا من قبل إيران‮.. ‬التي قد تستثمر كل انتشارها الإقليمي خلال السنوات الماضية وتوسعها العسكري التقليدي لكي تبدو ليست لقمة سائغة‮.. ‬أو سهلة المنال‮.‬
هكذا تقترب نيران عاتية من مناطق الخليج والعراق ولبنان‮ ‬وفلسطين والمناطق المحتمل أن تكون نقاط عبور للعتاد العسكري الغربي في اتجاه ضرب إيران والممرات المائية‮.. ‬بخلاف ما قد‮ ‬يحدث بالإضافة إلي ما هو حاليا في أفغانستان وباكستان‮.. ‬ما‮ ‬يعني أن إحساسنا بالذعر من الخطر له ما‮ ‬يبرره‮.‬
إن الكرة الآن في ملعب إيران‮.. ‬ليس فقط لكي تقي المنطقة شر الويلات المتنوعة ثمنا لشرهها السياسي والاستراتيجي والنووي‮.. ‬ولكن أيضا لأن المضي قدما في مشروعها النووي سيكون‮ ‬غطاء نهائيا للمشروع النووي الإسرائيلي الغامض‮.. ‬إذ ستحدث المقايضة الكبري التي تريدها إسرائيل لكي تمنح نفسها شرعية امتلاك السلاح النووي‮.. ‬وهذا في حد ذاته سيسبب ذعرا ونتائج وخيمة تفوق في قسوتها نتائج حرب علي إيران.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
www.rosaonline.net
أو علي المدونة علي العنوان التالي‮: ‬
htt//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.