«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عواصف الذعر فى الشرق الأوسط

الشرق الأوسط بين لحظة اقتراب الحقيقة.. وتهديدات الخطر العظيم
كانت السيدة فاطمة بنت موسي، حفيدة الإمام جعفر ابن كاظم.. إمام الشيعة السابع.. في طريقها من المدينة المنورة إلي خراسان.. حيث أخوها علي بن موسي الرضا.. مرضت.. وبقيت في قرية اسمها (تاجية) علي بعد 06 كيلومتراً من مدينة قم.. ومن هناك علم أحد زعماء (الأشاعرة) بقدومها ومرضها فاستدعاها إلي حيث هو.. واشتد مرضها.. فماتت بعد 71 يوما ولم تكن قد بلغت العشرين من عمرها.
بُني لها قبر.. ظل عادياً لفترة طويلة من الزمن.. ثم تحول بمضي الوقت ، ولأسباب تجارية ودينية وسياسية، إلي مزار كبير يلتف حوله الألوف علي مدار الأيام.. حيث ترقد من يصفها الشيعة بالمعصومة.. في إشارة منهم إلي أنها لم تقترف ذنبا في حياتها.. وأصبح هذا المرقد هو سر جاذبية مدينة قم.. التي يصفها الشيعة بدورهم بأنها مدينة مقدسة.
لكن (قم) التي من الصعب أن تري فيها شخصاً غير معمم.. فإذا ما رآه احدهم قالوا عنه (أفندي).. اضطرت إلي الكشف قبل أيام عن سر أكبر.. أخفته الجبال والتضاريس الجغرافية القاسية والمتنوعة حولها.. هو المفاعل النووي الذي لم يكن معلوما.. وتحيطه درجات مهولة من التأمين من قبل الحرس الثوري الإيراني.. ويبدو أنه سيكون الثقب الأسود الذي تنجرف من خلاله المنطقة برمتها إلي (حرب) مهولة.. تلفح حرارة نيرانها كل المشرق العربي.. وإن لم يعلموا مصدره الحقيقي.
أن رائحة الحرب في كل مكان.. لكن هناك أملاً بألا تأتي.. غير أن الأمل مرتبط تماما بالسلوك الذي سوف تلجأ إليه إيران.
البرنامج المقدس
حول مرقد فاطمة المعصومة يطوف المعزون بالجثامين المتوفاة قبل أن تدفن.. وتسود عقولهم قناعة غريبة تقول إن من يفعل ذلك إنما يضمن أن يبرأ الميت من جهنم.. لكن وجود مرقدها في هذا المكان لا يمكن أن يحصن منطقة قريبة من قم من الاحتمالات المروعة التي تلاحق الملف النووي الإيراني.. منذ تم الكشف عن هذا المفاعل.
القدسية التي يضفيها الإيرانيون علي المدينة، فهي منبع وقبلة الملالي، وموقعها كعاصمة دينية لنظام آيات الله، دفعت بعض المسئولين الإيرانيين إلي أن يعلق قائلا: أن قرب المفاعل من (قم) يعني أن المشروع النووي الإيراني بلغ هذه المرحلة البعيدة من القدسية.. وسيكون الدفاع عنه كالدفاع عن المقدسات!!
لا يمكن بالطبع أن تنعكس الأبعاد العقيدية علي مفاعل قم، فنجد من يطوف حوله تبركا.. لكن إيران بحسبانها شيعية، يلجأ المسئولون فيها إلي مبدأ التقية أي إظهار ما لا تبطن.. ويريدون استخدام البرنامج النووي لدفع عملية توسع مذهبي عريض النطاق.. وقد أضفوا عليه أبعادا دينية حولته من مجرد برنامج نووي تكنولوجي إلي عملية جهاد ضد من تعتقد إيران أنهم شياطين.
عموما، هذه السمات المقدسة للمدينة قم وما فيها لم تستطع أن تخفي السر الأهم والأخطر فيها أو قربها.. وقد تمكن عملاء مختلفون علي تحديد هويتهم.. هل هم من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.. أم من جهات أخري.. تمكن من اختراق الحجب.. بحيث أوصلوا معلومات إلي أجهزة مخابرات غربية متنوعة حول موقع المفاعل الذي تبين أنه يضم علي الأقل ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي.. تستخدم في تخصيب اليورانيوم.. بطريقة تقول كل المؤشرات أنها ليست سلمية علي الإطلاق.
وفيما يبدو فإن إيران شمت الرائحة.. وأدركت أنها بصدد مأزق خطير.. فسارعت إلي إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود المفاعل.. وهي تعتقد أنها إنما تقطع الطريق علي من قد يتهمها بإخفاء الأسرار والمفاعلات.. لكن التصرف الإيراني اللاهث لم يطوق المأزق.. وخرج محمد البرادعي مدير المنظمة لكي يقول أن إيران اخترقت القانون.. وعلي خلفية هذا المأزق جرت مفاوضات جنيف بين إيران والدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلي ألمانيا.
كان البرادعي في الهند، يتسلم جائزة أنديرا غاندي الشهيرة كنوع من التكريم، حيث قال لقناة (سي إن إن) الهندية كان من المفترض أن تبلغنا إيران في نفس اليوم الذي بدأت فيه بناء هذه المحطة.. هذا ما تنص عليه المعاهدات.. ومن ثم هي تقف الآن علي الجانب الخطأ من القانون.
إن كلاما كهذا يبدو مهما جدا.. خاصة أن البرادعي ظل لفترة طويلة، حتي بداية الشهر الماضي، متحفظا في أن يوجه اتهامات محددة لإيران.. بشأن ملفها النووي.. وكان آخر ما قاله أنه لاتوجد أدلة علي أنها تمتلك سلاحا نوويا.. لكن تصريحه الأخير له مدلولات قانونية وتبعات عديدة.. خاصة أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال بعده أن ما فعلته إيران يمثل اختراقا لقرارات مجلس الأمن الدولي.. وعليها أن تقدم الأدلة علي أن هذه المنشأة النووية مخصصة للأغراض السلمية.
وذهبت إيران في اتجاه معركة جانبية ضد بان كي مون.. واتهمته بأنه إنما يستبق ما سوف يقوله خبراء الوكالة الدولية المختصة.. وراحت توبخه وتقول إنه يردد كلام أوباما وساركوزي وبراون (رئيس الولايات المتحدة - ورئيس فرنسا - ورئيس وزراء بريطانيا) أي ما جاء علي لسانهم في اجتماع مجلس الأمن الأخير الذي كان عامرا بالتحذيرات للبرنامج النووي الإيراني.
وفي نفس الوقت مضت تقول - أي إيران - لوكالة الطاقة الذرية أن هذه المحطة هي منشأة احتياطية أقيمت بحيث تكون بديلا إذا ما تعرض البرنامج النووي الإيراني في مفاعل (نطنز) للهجوم العسكري.. وهو كلام رآه البرادعي غير مقنع.
القوة النووية المعلنة
الحسابات المتسارعة راحت تحصي ما الذي لدي إيران من قدرات ومفاعلات نووية.. معلنة.. حتي الآن.. ووفق أحدث المعلومات من مصادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن لدي إيران ما يلي:
- مفاعل لتخصيب اليورانيوم في نطنز بوسط إيران، كشف وجوده في 2002 يخضع لرقابة مفتشي الوكالة الدولية، ويضم في الوقت الحاضر أكثر من ثمانية آلاف جهاز طرد مركزي منها نحو 0064 قيد التشغيل. والمنشآت تحت الأرض في نطنز يمكن أن تضم 05 ألف جهاز طرد مركزي.
- مفاعل تخصيب اليورانيوم في قم بوسط إيران، وهو قيد البناء حاليا وكشفت إيران وجوده للوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل أيام، ويقع بين مدينتي طهران وقم.
وتفيد معلومات صحفية أنه مدفون تحت جبل ويمكن أن يحتوي علي ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي.
- مفاعل التحويل في أصفهان بوسط إيران أيضا وقد تمت تجربته صناعيا في 4002 وهو يسمح بتحويل يلوكايك (الكعكة الصفراء) أي مسحوق اليورانيوم المركز المستخرج من مناجم الصحراء الإيرانية، إلي غازات رباعي الفلوريد (تترافلورايد) وسداسي الفلورايد (هكسافلورايد). وهذان الغازان ينبغي بعد ذلك إدخالهما في أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب. وهذا الموقع يخضع بانتظام لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
- منشأة إنتاج الوقود النووي في أصفهان التي دشنت في نيسان/ أبريل 9002، تملك طاقة لإنتاج ل 01 أطنان من الوقود النووي سنويا. ويستخدم اليورانيوم المخصب في هذه المنشأة لإنتاج الوقود النووي المخصص للمفاعلات النووية.
- بناء مفاعل آراك غرب إيران، يعمل بالمياه الثقيلة وقد انتهي تقريبا. وهذا المفاعل مخصص كما يعلن رسميا لإنتاج البلوتونيوم لغايات البحث الطبي. وقد سمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أغسطس الماضي بزيارة الموقع الذي يضم مصنعا لإنتاج المياه الثقيلة.
- بناء المحطة النووية في بوشهر جنوب إيران دخل مرحلته النهائية.
ومن المقرر مبدئيا أن يبدأ تشغيلها في الأشهر المقبلة، لكن إطلاقها أرجئ مرات عدة.
وقد وقعت موسكو في 5991 اتفاقا بقيمة مليار دولار لإنهاء هذه المحطة التي بدأ الألمان ببنائها قبل الثورة الإسلامية في 9791.
لكن في العام 2991 رفضت ألمانيا استئناف أشغال البناء تحت ضغط الولايات المتحدة متذرعة بخطر انتشار التكنولوجيا النووية الحساسة. ويخضع الموقع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أسرار أخري
وليست المشكلة الآن فيما هو معلن.. ولكنها فيما لم يعلن.. ومفاعل (قم) هو أكبر دليل يمسك به الغرب حاليا لكي يوقن من أن النوايا الإيرانية ليست كلها سلمية.. وإن هناك ما تخفيه التقية السياسية.. وإنه إذا كان قد تم اكتشاف مفاعل آخر غير مدرج علي لوائح الإعلان فما الذي يمنع من وجود غيره.. وهو أمر شديد الخطورة في ظل أهمية أن تكون مباديء الشفافية هي الأساس في التعامل القانوني مع الأنشطة النووية لكي يتم التأكد من سلميتها والتزامها بالقانون.
ولكي ندرك حجم الموقف.. فإن علينا أن نعود إلي ما سبق أن تم تداوله حول اكتشاف مواد مشعة قرب مفاعل أنشاص المصري المخصص للأبحاث النووية.. وأثار هذا جدلا لافتا في الصحافة الدولية.. وظل الأمر قيد التحقق ربما أربع سنوات.. إلي أن أقرت الوكالة بالرأي المصري الذي قال إن تلك الإشعاعات نتجت عن نقلها في حاويات نقل نظائر مشعة.. وبالطبع لم يكن هناك في مصر عملاء لكشف هذه الواقعة البسيطة.. ولكن كانت هناك طرق قياس تلجأ إليها الوكالة الدولية للطاقة.
وتعطي هذه الواقعة انطباعا بأن من الممكن أن تكون هناك عمليات رصد لمستويات الإشعاع هي التي قادت قوي غربية إلي معرفه سر مفاعل (قم).
شفويا.. كأقوال تنتظر الأفعال أبدت إيران رغبتها في أن تخضع المفاعل الأخير إلي تفتيش وكالة الطاقة الذرية، وبهذا المنطق دخلت إلي مفاوضات جنيف.. حيث عقدت في إطار كان قد توقف منذ أشهر طويلة.. وخرج الحاضرون من أوروبا والولايات المتحدة يقولون إن (البداية طيبة.. والتعهدات مبشرة ولكننا في انتظار أفعال إيران).. وخرجت إيران تقول إنها متمسكة بحقوقها.. أي برنامجها النووي.
لكن اللغة التي تحدث بها الرئيس الأمريكي أوباما بعيد الاجتماع، مساء الخميس، تدل علي أنه لن يمكن لإيران أن تمارس مماطلات زمنية طويلة.. وأنها عليها أن تدرك أنها بصدد الاقتراب من لحظة الحقيقة.. إذ علي الرغم من أوباما أقر بالبداية البناءة لمفاوضات جنيف التي من المقرر أن تستكمل في نهاية الشهر الحالي.. إلا أنه قال: نريد إجراءات ملموسة.. أن للصبر حدوداً.
ولم يكن أوباما يردد أغنية (أم كلثوم الشهيرة) بقدر ما كان يعبر عن تحول نوعي في مسار التعامل مع البرنامج النووي الإيراني.. خاصة أنها تلقت رسالة واضحة من المجتمع الغربي.. وأصبح مطلوبا منها أن تسمح بالتفتيش خلال أسبوعين.. أي قبل أن تعود المفاوضات من جديد.. وفي غضون ذلك سوف يكون البرادعي قد زار طهران خلال أيام.
أبعاد الصفقة
ما هو المعروض علي إيران وفق ما يمكن فهمه من مسار الاستخلاصات بعد ما جري في مجلس الأمن.. والكشف عن محطة قم.. واجتماع جنيف.. ثم تصريحات أوباما؟
من الواضح أننا بصدد المضي قدما في مناقشة صفقة معروضة علي إيران.. مؤداها أن عليها أن تقبل بالتخلي عن طموحها لامتلاك السلاح النووي مقابل حوافز مالية واقتصادية وربما سياسية.. وأن عليها لكي تحصل علي هذه الصفقة أن تدرك أنها اقتربت من لحظة الحقيقة.. وأن البديل المطروح سوف يكون عقوبات قاسية تؤدي إلي مزيد من الضغوط علي نظام الملالي في إيران.. وهي عقوبات يبدو أنها واضحة المعالم لدي كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها.. وحتي لو لم يضمن هؤلاء الحلفاء مساندة روسيا والصين فإن الطريق نحو تلك العقوبات قد يصل إلي نهايته في بداية العام الجديد.. تمهيدا لما هو أبعد.
وقد تدور الصفقة حول السماح الغربي بعمليات التنمية النووية في الحدود السلمية المتفق عليها قانونا.. وبحيث يخضع برنامج إيران إلي تفتيش مستمر من وكالة الطاقة الذرية.. وبحيث تحصل علي قدر من المعرفة التكنولوجية.. وأيضا أن تنال السماحية المالية والاقتصادية الدولية.. فتخرج من شبكة القيود المعقدة التي تحيط بتحركاتها الدولية وتعوق أعمالها المختلفة منذ سنوات.
وفي البعد السياسي قد تتضمن الصفقة توقفا عن ملاحقة نظام الملالي من قبل الغرب بهدف إسقاطه.. وإخراج إيران من قائمة الدول المارقة.. والتعامل معها كدولة عادية.
لكن الأهداف الإيرانية قد تكون أبعد منذ ذلك بكثير.. وفق الطموحات المعلنة والرغبات المستمرة في فرض الهيمنة والنفوذ علي منطقة الشرق الأوسط.. ومن الواضح أن لديها مطالب بشأن الأوضاع في فلسطين وفي لبنان وفي الخليج وفي العراق وأيضا في منطقة أفغانستان وباكستان.. فهل سوف تتمكن من خلال تفاوضها مع الغرب علي تنفيذ تلك الطموحات السياسية؟
كل هذه الآمال الإيرانية مقيدة بتوازنات قوي معقدة إقليميا ودوليا.. ولن تكون سهلة وفق ما تعتقد إيران نفسها.. ولايمكن إتمام صفقة سياسية تتيح لها النفوذ علي حساب القوي الإقليمية في الشرق الأوسط أو تسمح لها بدور ما في الملفات العربية المختلفة.. وعمليا لا يمكن أن تحصل علي أي رسوخ في أي من الملفين الفلسطيني واللبناني.. بل إن أي تسوية قد تكون في المستقبل علي حساب حزب الله ونفوذه في لبنان.. إن لم يكن تصفية وجوده.. علي المدي المتوسط لو كانت الصفقة سلمية.. وعلي المدي القصير وبمنتهي العنف لو كان البديل المطروح هو الحرب.. وفي هذين الملفين بالتحديد فلسطين ولبنان يمكن القول إنه لا يمكن أن تنال إيران أي شيء ليس لأن العرب فقط يرفضون ولكن لأن الغرب سوف يراعي مصالح إسرائيل.
وتبدو المعضلة قائمة في الخليج.. وسوف يصطدم أي توسع سياسي إيراني بعرقلة من المملكة العربية السعودية التي من الواضح أن جميع دول الخليج تلقي بكرة هذا الموقف في ملعبها.. كما أن مصر تعضد موقف السعودية وتقول إن كل ترتيبات أمن الخليج يجب أن تراعي المصالح العربية.
التحذيرات العربية
ولاشك أن كثيراً من العواصم الغربية قد استمعت إلي تحذيرات عربية مختلفة.. تشير إلي أن المشكلة مع إيران ليست في كونها تمتلك برنامجا نوويا غير واضح النوايا.. ولايتمتع بالشفافية.. وينذر بسباق نووي في المنطقة.. وإنما في إنها تريد فرض هيمنة ونفوذا ليس لها علي الملفات الإقليمية.
وبالتالي فإن لحظة الحقيقة تعني أن إيران عليها أن تنتبه إلي أهمية ما يمكن أن تحققه من مكسب واقعي.. يتضمن درء المخاطر عنها وعن المنطقة.. وأن تتخلي عن طموحها الجامح ورغبتها في أن تحصل مقابل أي تفاهم مع الغرب علي مكاسب غير واقعية علي الإطلاق ولاتعكس موازين القوي والعلاقات الدولية والإقليمية ولاتتواءم مع أهداف النظام الدولي وأجندة الغرب.. ويتوقف هذا الأمر علي مدي قدرة النظام الإيراني علي استيعاب حقيقة الموقف.. وقدرة صوت العقل أن يفرض نفسه علي المتنازعين في داخله.
من هنا، وعلي الرغم من (البداية البناءة) في مفاوضات جنيف.. فإن عواصف الذعر تهب علي منطقة الشرق الأوسط.. خاصة بعد أن لاحت في الأفق أكثر من أي وقت مضي احتمالات العمل العسكري المضاد لإيران أكثر من أي وقت مضي.. وبدرجة أعلي مما كانت عليه من قبل.. الصحيح بالطبع أن اللغة السياسية الدولية لاتعكس هذا الآن.. لكن رائحة هذه الرياح وتلك العواصف تطال جميع الأنوف.. وعندها سوف تكون هناك كارثة كبيرة تهدد الأوضاع في المنطقة.
إن السيناريوهات المختلفة المتوقعة لمثل تلك الحرب.. قد تؤدي إلي حروب صواريخ.. وضربات انتقامية.. وأفعال طائشة.. خصوصا من قبل إيران.. التي قد تستثمر كل انتشارها الإقليمي خلال السنوات الماضية وتوسعها العسكري التقليدي لكي تبدو ليست لقمة سائغة.. أو سهلة المنال.
هكذا تقترب نيران عاتية من مناطق الخليج والعراق ولبنان وفلسطين والمناطق المحتمل أن تكون نقاط عبور للعتاد العسكري الغربي في اتجاه ضرب إيران والممرات المائية.. بخلاف ما قد يحدث بالإضافة إلي ما هو حاليا في أفغانستان وباكستان.. ما يعني أن إحساسنا بالذعر من الخطر له ما يبرره.
إن الكرة الآن في ملعب إيران.. ليس فقط لكي تقي المنطقة شر الويلات المتنوعة ثمنا لشرهها السياسي والاستراتيجي والنووي.. ولكن أيضا لأن المضي قدما في مشروعها النووي سيكون غطاء نهائيا للمشروع النووي الإسرائيلي الغامض.. إذ ستحدث المقايضة الكبري التي تريدها إسرائيل لكي تمنح نفسها شرعية امتلاك السلاح النووي.. وهذا في حد ذاته سيسبب ذعرا ونتائج وخيمة تفوق في قسوتها نتائج حرب علي إيران.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
www.rosaonline.net
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
htt//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.