بعيداً عن زغاريد وأفراح الذين فازوا، وبعيداً عن صراخ ودموع وأنين الذين خسروا، يبقى أن المؤكد فى كل ما جرى أن 64 سيدة مصرية دخلن مجلس الشعب فى إطار «الكوتة»! أتمنى وأحلم أن تحقق المرأة النائبة تحت قبة مجلس الشعب ما لم يحققه الرجل من أحلام وطموحات أبناء دائرته! أتمنى أن تتواصل المرأة النائبة بفاعلية وجدية وصدق مع أبناء وأهالى دائرتها، وأن تراهم بانتظام، وتسمع لهم بانتظام، وألا تغلق هاتفها أو هواتفها أمام من يحتاجونها! أتمنى ألا تكرر النائبة أخطاء وخطايا وجرائم بعض النواب فى دورات سابقة، وربما قادمة، عندما أنفقوا الملايين على شراء أصوات وملايين أخرى على شكل شكاير الأرز والمكرونة وعلب السمن والبطاطين، هذا غير توزيع أجهزة المحمول والغسالات والتليفزيون على آلاف الناخبين! أتمنى على النائبات الناجحات ألا يعتبرن أن مجرد نجاحهن ودخولهن البرلمان وحصولهن على كارنيه مجلس الشعب والأهم الحصول على «الحصانة» هو غاية المراد من رب العباد!! هؤلاء النائبات أول من يعرفن تلال وجبال المشاكل والهموم التى تئن تحت وطأتها المرأة المصرية سواء كانت ربة بيت أو موظفة أو عاملة، زوجة أو مطلقة أو أرملة، فالمرأة فى مصر هى أول من يكتوى بنار الأسعار وجحيم الغلاء والفساد والإهمال الذى يستشرى فى مجالات عديدة!! المرأة هى التى تدفع فاتورة تدنى التعليم الحكومى وما يترتب عليه من دروس خصوصية تلتهم من ميزانية البيوت المصرية حوالى عشرة مليارات جنيه وربما أكثر!! المرأة هى التى تدوخ بطفلها السبع دوخات بين مستشفيات الحكومة بحثاً عن علاج مجانى، فلا تجد إلا الإهمال والتجاهل وإذا وجدت أطباء يرقون لحالها فربما طالبوها بإيجاد الدواء لطفلها ولسان حالهم يقول: العين بصيرة والأيد قصيرة!! المرأة - التى هى أمى وأمك، أختى وأختك، خالتى وخالتك زميلتى وزميلتك.. إلخ - هى أول من يدفع فاتورة التحرش الجنسى وسخافات «شنبات» تلخص الرجولة فى هذه التصرفات الوضيعة! المرأة الأم والزوجة هى أول من يدفع فاتورة انهيار مؤسسة الزواج وما يترتب عليها من بهدلة القضايا والنفقة والمؤخر وكلام الناس الذى لا يرحم! أرجو ألا تنشغل المرأة النائبة من أجل الأضواء والشهرة والبطولة الزائفة بالنقاش لمجرد النقاش، والرغى لمجرد الرغى واللهث وراء برامج التوك شو.. بكل صخبها وصراخها فى الفاضية والمليانة ومناقشة قضايا تافهة لا تهم الغالبية العظمى من نساء وستات وزوجات وبنات مصر من عينة: ماذا تفعلين إذا لم يتذكر زوجك عيد ميلادك؟! كيف تتصرفين مع زوج لا يفهم فى قواعد الإيتكيت؟! هل توافقين على ضرب الزوجة لزوجها؟! إلى آخر هذه الموضوعات التافهة والعبيطة التى تقدمها برامج أكثر تفاهة وعبطاً!! أتمنى ألا تنقل غيرة الستات من «الستات» إلى مجلسنا الموقر، أتمنى ألا أجد نائبة تهاجم نائبة أخرى لمجرد إثبات الوجود والسلام. لقد هاجمت مئات الأقلام والمقالات فكرة الكوتة النسائية لمجرد الهجوم والتقليل من شأن المرأة الفكرى والاجتماعى فى ظل تيارات غريبة تريد العودة بالمرأة إلى زمن الحرملك وسى السيد وعلى النائبات الفاضلات المحترمات أن يثبتن لنا - وبحق - أنهن جديرات بهذا المقعد، وجديرات بدورهن فى الحياة عموماً. ولهؤلاء الذين لا يرون فى المرأة إلا زينة وقطعة ديكور لا أكثر ولا أقل أذكرهم بما حدث عام 1951 الذى شهد صدور فتوى من «الشيخ علام نصار» مفتى الديار المصرية - وقتها - بعدم معارضة الإسلام لحق المرأة فى مباشرة الحقوق السياسية. ولم يتغير واقع المرأة المصرية إلا بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 ثم صدور قانون سنة 1956 الذى تضمن مبدأ المساواة الكاملة فى الحقوق السياسية، ويلفت الانتباه أن القانون الصادر عام 1956 تضمن فى مادته الرابعة ما ينص على أنه يجب أن يقيد فى جداول الانتخابات كل من له مباشرة الحقوق السياسية من الذكور بينما على المرأة أن تقدم بنفسها طلباً بذلك، لكن تم تعديل هذه المادة فيما بعد لكى يصبح قيد المرأة فى جداول الانتخابات إجبارياً شأنها فى ذلك شأن الرجل! فى إحدى قصائد العبقرى «صلاح جاهين» يقول على لسان الرائعة العبقرية «سعاد حسنى» البنت زى الولد ماهيش كمالة عدد: «فعلا ياعم صلاح ودعنى - بعد إذنك أقول - النائبة زى النائب ماهيش كمالة عدد!!