عندما نكتشف أننا فى حاجة لأن نربى أولادنا من جديد بعد أن أفسدهم المجتمع وسيطرت عليهم شهوة المال فهل ننجح فى ذلك؟ فيلم «زهايمر» للفنان عادل إمام تأليف نادر صلاح الدين إخراج عمرو عرفة يحاول أن يجيب عن هذا التساؤل حيث جسد عادل إمام شخصية محمود شعيب الرجل الثري الذي يعيش وحيدا ويستيقظ صباح يوم ليجد أن كل من حوله تغير، ويفاجأ بشخصيات جديدة تقتحم حياته منها الممرضة والخادمة والجنايني وأنه مصاب بمرض الزهايمر منذ عامين ونتيجة لعدم مداومته علي الدواء ساءت حالته. الفيلم خلال النصف ساعة الأولي يحكي قصة شعيب الذي يرفض الاعتراف بمرضه، ويحاول جاهدا معرفة الحقيقة، لكنه يفشل ولا يجد من يساعده ويتخلي أقرب الناس عنه. فيقوم بزيارة أحد أصدقائه المقربين والذي جسد دوره الفنان سعيد صالح حتي يتأكد من ذاكرته، فيجد أن صديقه نفسه مصاب بالزهايمر في مشهد من أقوي مشاهد الفيلم، حيث يظهر سعيد صالح في حالة سيئة وقد هزمه المرض، لا يتذكر شيئا عن حياته وقد تركه أولاده فيأتي علي لسانه جملة (بلاش يجي عيالي يزوروني علشان ما افتكرش أنهم سابوني ) فالفيلم ركز علي تغير طبائع المجتمع وطغيان المصلحة الشخصية علي العلاقة الإنسانية والمشاعر بين الأب والأبناء. نكتشف بعد مرور نصف ساعة من الأحداث أن محمود شعيب ضحية للعبة من ابنيه حيث رفعا عليه قضية حجر نظرا لاحتياجهما للمال لسداد قرض بنكي، ويحاولان إفقاده الذاكرة والتواطؤ مع كل من حوله للاستيلاء علي ثروته. الفيلم يعطي مبررا لتواطؤ الجميع علي خداع محمود شعيب لأنهم غلابة، وهو ما جاء علي لسان ( مني ) نيللي كريم الممرضة التي شاركت في قتل ذاكرته، ودافعت عن نفسها ومن معها من منطلق الفقر الذي تحيا فيه الطبقة الكادحة، والمستعدة لأن تبيع قيمها وأخلاقها في سبيل المال. فساد الذمة لم يتوقف عند الممرضة والجنايني والخادمة، بل شمل الطبيب الذي خالف قواعد مهنته وشارك في الجريمة والصديق المقرب لشعيب الفنان أحمد راتب، فالكل باع ضميره تحت إغواء شهوة المال. يقرر الأب المطعون في أبنائه أن يلعب معهم نفس اللعبة ليلقنهم درسا لن ينسوه (هذه هي الفكرة الرئيسية للفيلم) حيث ربط المؤلف أخلاق المجتمع بمرض الزهايمر فإن كان الزهايمر يأكل في جسد المريض حتي يصفيه، فإن الفساد والجحود يأكلان في المجتمع. مواقف انتقام الأب من ابنيه سامح والذي جسد دوره الممثل فتحي عبدالوهاب، وكريم والذي جسد دوره أحمد رزق جاءت ساذجة، حيث نصب لهما فخا بعد أن أوهمهما بأنه اشتري (مخدرات) بكل ثروته وعليهما تهريبها من لبنان إلي القاهرة، بنية وضعهما في لحظة اختبار حقيقية بين المال الحرام والحلال فيختاران الحرام، ليقبض عليهما في مطار القاهرة وهو الدرس الذي قرر الأب تلقينه لولديه.. وهو درس صالح لكل المجتمع.. الكبير قبل الصغير. ثم تأتي النهاية، فيتضح أن الأب وضع دقيقا بدلا من الكوكايين، ثم بعد ذلك يقوم بسداد ديون الأبناء ويأخذ حفيدته بعيدا عنهما، ليعلمها ما فشل في تعليمه لولديه وهي نهاية متوقعة منذ بداية الأحداث. عادل إمام أدي دوره بدفء شديد وقد جسد شخصيتين منفصلتين وسحب البساط كعادته بتلقائيته من تحت أقدام جميع الممثلين في الفيلم، ليطغي حضوره علي كل مشاهد الفيلم وليسرق دموع المشاهدين في مشهد لقائه بصديقه المريض. نيللي كريم لم تترك بصمة حيث جاء أداؤها باهتا، وبالمثل رانيا يوسف والتي اعتمدت علي ملابسها فقط، في حين أدي فتحي عبد الوهاب وأحمد رزق بتلقائية وبساطة شديدة.