هذه دعوة مني لاحتساء كوب من الشاي فهل تقبل دعوتي؟؟ أعرف أن الناس مختلفو الأمزجة والرغبات.. فأي نوع تفضل؟ الشاي الأخضر أم الأسمر؟.. سكر زيادة أم مضبوط أم سكر خفيف؟.. ساخن أم مثلج؟.. تلقيمة أم فتلة ؟ تخيل معي أنك تتناول الشاي الآن.. فلو كنت تشربه ساخنا سكر زيادة، فإنك سوف تمسكه بين كفيك لتستمد في البداية بعض الدفء.. ثم تأخذ أول رشفة.. ربما يكون لايزال ساخنا فتشعر بلسعة حارة تصيب طرف لسانك.. فضطر بعدها لبلع ما في فمك من شاي لتتقي الألم سريعاً.. فتنتقل اللسعة تلقائياً وإجبارياً إلي الحلق.. ثم البلعوم ثم المريء انتهاء بالمعدة.. تعاني أنت من آثار تلك اللسعة فترة ليست بالقصيرة.. تجعلك تحذر في المرات التي تليها وأنت تتناول كوب الشاي.. وما إن تستمر في الشرب حتي يأخذك طعمه الحلو.. ناسياً ما كان في السابق.. ولا تنتبه إلا وأنت قد تناولت أحياناً بعضاً من حبيبات الشاي الساكن في قاع الكوب والتي نسميها «التفل».. ساعتها ستشعر بمرارة تلك الحبيبات في فمك فتسارع بإخراجها ،لكن هيهات.. لقد أفسدت عليك الطعم الحلو الذي استمتعت به منذ لحظات وأصبح مجرد ذكري. أما إذا كنت تشربه سكر خفيف.. فأنا متأكدة أنك تسارع في تناوله حتي تصل إلي النهاية سريعاً لأنها تكون أكثر حلاوة من باقي الكوب.. وربما عانيت في أول الأمر من لسعة كالسابق وربما لا، لكنك حتماً تعاني من مرارة الشاي أثناء تناولك إياه والتي تنسيك إياها آخر رشفة حلوة المذاق. وإذا كنت تشربه فتلة.. فإنك بهذا تشرب شاياً نظيفاً لا يحتوي علي حبيبات مُرة أو غيرها.. وسواء تألمت في البداية أم لا فإنك في كل الأحول تستمتع بالكوب كاملاً حتي آخر رشفة أيا كانت درجة حلاوته التي تفضلها. ماذا تبقي لدينا؟؟؟.. الشاي المثلج.. والأخضر.. إذا كنت تفضله مثلجاً فأنت قد فاتك الكثير من التمتع بطعم الشاي الأصلي.. أما الأخضر فهو أفضل الأنواع وأحلاها كما يدعي الأطباء.. فأنت تتذوق في كل مرة طعم الطبيعة بغض النظر أيضاً عن درجة حلاوته فهو حتما أجود الأنواع.. لايشربه الكثيرون.. هذا عن الشاي.. فماذا عن الحياة!!!.. أليست كأكواب الشاي!!! مختلفة باختلاف الشخص الذي يحياها.. متنوعة ما بين حلو ومر ومضبوط؟ مابين ساخن وبارد.. أخضر وأسود!!! إنها عند البعض ككوب من الشاي الأخضر.. وربما تكون ككوب ساخن سكر زيادة تصيبك منها لسعات مؤلمة ولحظات جميلة تنهيها معك بالطعم المُر.. وربما تكون ككوب ساخن سكر خفيف.. تصيبك منها لسعات مؤلمة وتشعرك بمرارة في حلقك لكنها تطيب لك بحلوها في النهاية.. وربما تكون ككوب بفتلة.. نظيفة لا يشوبها شيء وربما تسبب لك آلاماً ليست بالكثيرة أيضاً.. لكنك في النهاية تكون قد تمتعت بحياتك كاملة حتي آخر لحظة.. وربما تكون عند البعض كالشاي المثلج.. باردة في جميع أحوالها.. وإذا حدث واستمتعت بها فهو حتماً تمتع بارد.. سريعاً ما ستشتاق بعده لبعض من الدفء حتي لو كان مصحوباً باللسعات. نعم إنها الحياة كوب من الشاي المر، ولكن هناك القدرات التي وهبك الله إياها والخير الكامن داخل نفسك. إنهما بمثابة السكر.. الذي إن لم تحركه بنفسك فلن تتذوق طعم حلاوته.. وإن عملت جاهداً بنفسك لتنجح لتصبح حياتك أفضل وتذوق حلاوة إنتاجك وعملك وإبداعك فتصبح حياتك أفضل شاي يعدل المزاج. الآن وقد قبلت الدعوة.. فلتأخذ ما تحب.. لكن احرص أن تختار أجود الأنواع وأفضلها وأنسبها لك ولقدراتك ولمزاجك واحذر وأنت تتناوله خصوصاً في آخر رشفة حتي لا تتفاجأ ببعض الحبيبات المُرة غير المرغوب فيها والتي قد تدوم مرارتها طويلاً - نصيحة أخيرة.. احرص أن يكون كوبك شفافاً نظيفاً واختر بعناية الرفيق الذي سيضيف إلي الشاي النكهة المفضلة إليك حتي تكتمل لحظات استمتاعك.