أفاقت والآلام تمزق جسدها والدماء تسيل بين فخذيها تتأوه في صمت ترتعد من الرعب لتجده ممدا علي الأرض ورائحة الخمر تفوح من فمه، لم تجد أمامها سوي الفاز الكريستال كي تضربه علي رأسه عدة مرات حتي فارق الحياة. وقفت عالية أمام وكيل النيابة ترتجف عندما سألها عن أسباب القتل لتقول له بصعوبة لأنه اغتصبني فحولها للطب الشرعي ليكتب تقريره. التقرير أكد أنه تم اغتصابها علي مدار يومين بواسطة المجني عليه شريف فؤاد وهو ابن زوج أمها، وقد ذكر التقرير وجود جروح حول الفم لمنعها من الاستغاثة وبالظهر نتيجة طرحها علي الأرض. جلست وهي تضع رأسها بين ركبتها والدموع تنهمر علي وجهها علي سرير في أحد المستشفيات والأمن يحاصر حجرتها.. إنها لا تصدق ما حل بها إنها فقدت في بضع ساعات كل شيء كرامتها وسمعتها وعذريتها لتجد نفسها متهمة بالقتل العمد. لا تستوعب لماذا هي المدانة؟! لماذا هي داخل السجن وتنتظر محاكمة وقد أثبت التقرير أنها اغتصبت؟! نيران الانتقام تشتعل في صدرها لمسات يديه تحرقها، لعابه الذي سال علي جسدها ماء نار. إن جسدها حزين يريد الثأر. جلست أمام وكيل النيابة شاردة الذهن تحاول أن تتحدث ولكن صوتها يأتي متقطعا فشفتاها ترتعدان والكلام يخرج بصعوبة. بادرها وكيل النيابة متسائلا عن سبب وجودها في شقة شريف ولماذا قتلته بعد يومين من اغتصابه لها، وإذا كان القتل دفاعا عن النفس فلماذا لم تقتله منذ اللحظات الأولي لجريمته؟! قالت: هو ابن زوج أمي رجل الأعمال المعروف فؤاد سراج تزوج من والدتي قبل 5 أعوام كانت معاملته لأمي قاسية حتي بغضت الحياة معه وطلبت منه الطلاق عدة مرات لكنه كان يرفض ويعتذر ويجبرها علي الحياة معه دون إرادتها. أضافت بعد أن التقطت كوب المياه وشربت وقد تساقطت بضع قطرات علي ملابسها بسبب رجفة يدها: أنا أعيش مع والدي رجل القانون والقاضي محرم السيد بعد أن انفصل كل من والدي ووالدتي منذ 15 عاما بإرادتهما ولم أكن أنا عقبة في القرار فهما أكثر تفاهما كصديقين.. عشت في بداية انفصالهما مع أمي ثم انتقلت للعيش مع أبي بعد زواجها، لم أر شريف سوي مرات قليلة أثناء زيارتي لوالدتي. ومنذ عام تم القبض علي زوج أمي بتهمة توظيف الأموال وحكم عليه بالسجن 15 عاما وكان القاضي الذي أصدر الحكم هو والدي، وطوال فترة المحاكمة كانت التهديدات لا تنقطع، ولكن والدي علمنا القوة، فالساكت عن الحق شيطان أخرس. وبعد الحكم فوجئت بشريف يعترض طريقي وأنا عائدة إلي منزلي.. وعندما وقفت بالسيارة خرج من سيارته وتقدم نحوي، شعرت بالخطر، وما أن وضعت قدمي علي البنزين كي أفلت منه حتي اعترض طريقي، وكان السبيل الوحيد للفرار هو دهسه بالسيارة فتوقفت، اقترب مني.. لحظات وكنت قد فقدت الوعي ولم أفق إلا وأنا أمام باب فيلته بالتجمع، حاولت دفعه والإفلات منه، لكنه كتم صوتي ودفعني إلي الداخل قبل أن يسمعني أحد. حملني ودخل بي إلي حجرة كبيرة وألقي بي علي السرير بعد أن مزق ملابسي وصفعني علي وجهي.. قاومت بصلابة، لكنه كان أقوي، فتمكن مني وبعد أن انتهي قيدني بحبل في السرير وأسمعني ألفاظا بشعة، وفي اليوم التالي تكرر ما حدث وقد فقدت الوعي لدقائق، واستمر شريف في شرب الخمر وتدخين الحشيش حتي أغشي عليه وأفقت بعدها ووجدته أمامي ممدا علي الأرض، لم أفكر وقتها في الهرب، لكني فكرت في الانتقام. وفي المحكمة وقفت في صمت داخل القفص الحديدي.. أصوات مختلطة غاضبة.. عالية في ساحة المحكمة عيناها مكسورة حزينة، أسئلة كثيرة تحاصرها، لكنها لا تسمع شيئا صمتت الأصوات فجأة، جذبها العسكري من ذراعها لتقف، رفعت رأسها وتعلقت عيناها بكلمة «العدل أساس الملك» ثم دفعها العسكري مرة أخري لتجلس. وبدأت المحاكمة إنها قاتلة وكيل النيابة يوجه لها التهمة والقاضي يسألها لماذا لم تبلغي الشرطة وقد حدث ما حدث؟ ردت علي سؤال القاضي بصوت مخنوق، لماذا لم أبلغ وقد حدث ما حدث؟ لماذا لم ألملم أشلاء جسدي وأمضي؟ أضافت قائلة بصوت مسموع تتخلله الدموع: أنا لا أشك في عدالة القضاء يا سيدي القاضي لكنها أمور لا تحسب، فمن تشتعل النيران في منزله يحاول إطفاءها بنفسه، قبل أن يبلغ المطافئ.. وأنا التهمتني النيران ليومين متتاليين حتي تشوهت.. الاغتصاب إحساس مرير لا يقف عند حدود الجسد هو إيذاء نفسي.. إهانة.. إذا كانت هناك تهمة فوجهها للقانون فهو بلا روح أنا لم أفكر.. لم أخطط.. ولم أكن في حالة دفاع عن النفس لأن واقعة الاغتصاب قد تمت.. ولكني كنت غاضبة لشرفي ولكرامتي. إن إحساس المرارة بعد الاغتصاب وأنا أري نفسي قطعة لحم مكومة ضعيفة أشد ذلا من مقاومتي له. سيدي القاضي أنا نفس الإنسانة التي يمكنها أن تقتل قبل حدوث الاغتصاب وبعده لماذا في الأولي بريئة وفي الثانية مدانة؟ لماذا وأنا أحاول الهرب في نظر القانون أدافع عن نفسي وبعد الاغتصاب قاتلة لم أكن أدافع عن شرفي وكرامتي؟! حاكموا القانون أولا قبل أن تحاكموني.