فاجأنى أحد الأصدقاء بأن وضع فى يدى كتلة من الحجارة.. معلنا فى فرح أنها هدية لى من الصحراء الشرقية.. قلبت قطعة الحجر وأنا مندهش من هذه الهدية.. وأدرك الصديق دهشتى فأوضح متسائلا: ألم تلاحظ أى شىء غريب فى هذا الحجر؟ أعدت التأمل بدقة.. قطعة الحجر لونها رمادى غامق.. بها بعض النقاط اللامعة.. وخطوط قصيرة غير مكتملة لونها فضى.. وكأنها قصاصات من شعر رجل أشيب.. تحسست شعرى ومسحت قطعة الحجر بيدى جيدا.. ولم أفهم شيئا.. فالخطوط والنقاط اللامعة وكأنها معجونة داخل قطعة الحجر الصلبة.. وابتسم صديقى وهو يزف لى المفاجأة: «أنت تمسك الآن بقطعة من منجم الذهب بالصحراء الشرقية.. وما فى يدك خام الذهب قبل تنقيته»!! وصحت مندهشا على غرار صيحة على بابا: «دهب.. أحمدك يارب». صديقى هذا يعمل فى منجم جبل السكرى بالصحراء الشرقية وهو أحد ثلاثة مواقع لإنتاج الذهب حاليا فى الصحراء الشرقية تضم جبل السكرى وحمش ووادى العلاقى.. والعمل يجرى فى هذه المناجم بخبرات وأيدى عمال مصريين على مدار الساعة فى ورديات متواصلة منذ بداية التشغيل التجريبى فى 24 يناير الماضى.. وقد بلغ إجمالى إنتاج منجم السكرى خلال ثلاثة أشهر فقط أكثر من طن حيث بلغ إنتاج الذهب 910 كيلو جرامات والفضة 110 كيلو جرامات!! هل تصدقون أن هذا يحدث فى جنوب الوادى بينما نحن مشغولون فى العاصمة «القاهرة» بتفاهات تستنزف كل طاقاتنا وتفكيرنا وتغتال أى بارقة أمل فى المستقبل؟! ولم تتحرك أى قناة فضائية أو محلية لنقل وقائع العمل فى هذه المناجم.. ربما لأن المشوار صعب والموضوع لا يثير شبهة بالبكائيات واللطم على الخدود مثل حكايات الفساد والبلطجة ومعارك جمهور الكورة وفضيحة الصلح بين المستشار مرتضى منصور والكابتن شوبير! ومغامرات وزير التعليم الدكتور أحمد زكى بدر لضبط المخالفين فى المدارس والتى ستنتهى مثلما انتهت مغامرات الدكتور الجبلى وزير الصحة بأن يبقى الحال على ما هو عليه.. لأن محاولات الضبط والتخويف والإصلاح مجرد ترقيع فى نظام خاطئ لابد أن ينسف من أساسه. وندور فى الطاحونة اليومية من اليأس والإحباط والفساد والإهمال.. ولم يبشرنا أحد بدخولنا عصر إنتاج الذهب والفضة تجارياً ورسميا إلا زميلنا الصحفى النشط كمال عامر الذى نشر تفاصيل هذ الكشف العظيم فى مجلة وجريدة روز اليوسف من خلال التقرير الذى تلقاه المهندس سامح فهمى وزير البترول من الجيولوجى مصطفى البحر رئيس هيئة الثروة المعدنية، والجيولوجى فكرى يوسف وكيل الوزارة للثروة المعدنية. وقد أوضح هذا التقرير أن إنتاج مصنع السكرى للذهب يعد أول مصنع متكامل فى مصر.. وأن منجم السكرى للذهب يعد من أكبر المناجم على المستوى العالمى حيث تبلغ احتياطاته حوالى 13 مليون أوقية وقد أظهرت عمليات الحفر العميق نتائج عالية لتركيز الذهب وأنه تعمل حاليا بالموقع عشرة أجهزة حفر حيث تم حفر 1800 بئر حتى الآن بأعماق تصل إلى ألف متر لتأكيد مزيد من الاحتياطيات. وأوضح هذا التقرير أن إجمالى الاستثمارات فى مشروع السكرى لإنتاج الذهب بلغ حوالى 320 مليون دولار وأنه تم توقيع 8 اتفاقيات للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة باستثمارات 34 مليون دولار مع شركات من كندا وقبرص وروسيا والإمارات العربية. أخيرا هناك شىء مفرح يضاف إلى ثرواتنا الأخرى التى ننساها ونتجاهلها عن عمد بعد أن عبثت بها أيدى اللصوص والمخربين.. وأصبحنا لا نسمع عنها إلا من خلال الوقفات الاحتجاجية للعاملين بها أو من خلال تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات والتى لا يهتم بها أحد. أرجوكم.. دعونا نفرح ونهتف: «دهب.. فضة.. أحمدك يارب!!». وقفات سريعة برنامج «نادى السينما» الذى كان أحد العلامات المميزة للتليفزيون المصرى والذى تقدمه بدأب واجتهاد «درية شرف الدين» أصبح مطرودا من جنة التليفزيون المصرى لتستضيفه إحدى القنوات الخاصة.. ويضيع وسط الزحام. لأنه فقد بيته الأصلى الذى تعودنا أن نلقاه من خلاله فى موعد أسبوعى محدد.. فهل يتدارك المهندس أسامة الشيخ ويعمل على إعادة هذا البرنامج لحضن أمه فى التليفزيون المصرى. قليلات هن المذيعات اللاتى يملكن القدرة والموهبة على الدخول لقلب وعقل المشاهد.. من بينهن المذيعة «ريم ماجد» والتى تقدم برنامجا يوميا على قناة «أون. T.V» بعنوان «بالمصرى الفصيح».. تتميز بالبساطة والثقافة وامتلاك مفردات لغة عربية لها إيقاع موسيقى خاص بها.. إنها اكتشاف رائع. قناة نايل لايف من أنشط القنوات المتخصصة وأكثرها جاذبية.. أمتعتنا هذا الأسبوع ببرنامج متكامل عن العبقرى الراحل «صلاح جاهين».. وأيضا ببرنامج حوارى مع الفنان الكبير محمد منير بعنوان «حدوتة مصرية» قدمته المذيعة شافكى المنيرى ببراعة.. بالإضافة إلى مجموعة الأفلام الأجنبية المختارة بعناية.. إنها قناة تتفوق على الكثير من القنوات الفضائية الأخرى.؟