تنمية محافظة الأقصر شيء مهم ولكن الأهم هو الارتقاء بأسلوب معيشة ساكني قري الأقصر حتي يواكبوا التطور ويكونوا أداة للمحافظه عليه. "الرائدات الريفيات" خطوة جديدة في سبيل تحقيق هذا الارتقاء فهم عبارة عن مجموعة من الفتيات يتم اختيارهن بعناية لخدمة أهالي قريتهن ويتبعن إحدي الجهتين: إما وزارة الصحة أو وزارة التضامن الاجتماعي حيث تقوم هاتين الجهتين بتكليفهن بمهام محددة كالتوعية الصحية وحملات التطعيم أو المساعدة علي إيصال الخدمات المختلفة للأسر غير القادرة بالقري. وبالرغم من أن الرائدة الريفية موجودة في جميع المحافظات إلا أن الأمل والتفاؤل الذي انتاب الأقصريين بعد التطورات الأخيرة التي شهدوها جعلت لهذه التجربة في الأقصر واقعا مختلفا. حيث تقول شادية عبدالسميع 83عاما - رائدة ريفية: قبل أن أفكر في العائد المادي فكرت في الخدمة التي أقدمها لأهالي الأقصر لأن دوري هو التوعية وربط المرأة الريفية بالوحدة الصحية وأنا الآن أعمل في مشروع صحة المرأة والذي يندرج تحته تنظيم الأسرة والتوعية عن مرض أنفلونزا الطيور والخنازير بالإضافة إلي حملة تطعيم شلل الأطفال .. ومن المواقف الصعبة التي تواجهها تقول رفض الرجال لفكرة تنظيم الأسرة من أساسها وهذا يتكرر كثيرا ولكننا نحاول معهم من خلال عقد الندوات في النجوع والقري ونستضيف فيها أطباء متخصصين وشيوخاً من الأزهر. وسمية عبده 92 سنة مشرفة رائدات إدارة البندر تقول: الدور الذي أقوم به هو أني أتولي متابعة حضور وانصراف الفتيات وخطوط سيرهم.. وتضيف: أحببت هذه المهنة منذ أن تقدمت للعمل بها من 11 سنة لأني من خلالها أقدم خدمة لأهل مدينتي وأي وظيفة أخري مهما كانت درجتها لن تعلمني القيم التي تعلمتها كرائدة ريفية مثل الأمانة وحفظ أسرار البيوت التي ندخلها لأداء عملنا وفن التعامل مع الناس وإقناعهم بالمعلومات الصحيحة حتي وإن كانت مخالفة للعادات المتوارثة وكيفية الاستحواذ علي ثقتهم لأنهم أمانة في عنقي فكل معلومة أقولها لهم يجب أن أكون واثقة منها وهذا بالفعل خلق بيني وبين الأهالي علاقة تتجاوز حدود أداء المهنة المكلفة بها لدرجة أن هناك بعض السيدات يخبرنني بمشاكلهن الزوجية والأسرية لذلك كانت علاقتي معهن أشبه بالأخوة أو الصداقة وحتي الآن بالرغم من أنني أصبحت مشرفة إلا أنهم يسألن علي باستمرار ويرغبن في الحديث معي. وعن المراقبة علي عمل الرائدات تقول: أتأكد بنفسي من قيام الرائدة بعملها وأسأل الأهالي بشكل مستمر عن حضور الرائدة وأسلوبها في إيصال المعلومة فبالتأكيد هذه مهنة صعبة وعلي من تعمل بها ألا تنظر للماديات لأن مرتباتنا زهيدة ولم تزد منذ أربع سنوات عن 032 جنيها.. ولكن الأهم هو أننا نشعر أن لنا دورا في الحياة. وتؤكد أن الختان هو أصعب المشروعات التي يعملن بها ثم يأتي بعده تنظيم الأسرة حيث في الفترة الأخيرة بدأت الأسر تشعر بالإرهاق المادي بسبب كثرة عدد الأبناء وكذلك التعب والوهن الذي تشعر به الأم بعد تكرار الحمل والولادة بعكس الختان فهو عادة متوارثة من الأجداد نحاول أن نغيرها لكن بصعوبة شديدة.. والبعض استجاب لنا لكن الأغلبية مازالت تمارس هذه العادة في الخفاء بمساعدة بعض الأطباء. وعن النصائح المستمرة التي توجهها إلي الرائدات الريفيات تقول: أركز علي أن عملنا قائم علي إقامة علاقة صداقة مع السيدات وأن تتأكد من معلوماتها دائما قبل أن تقولها وأن تحفظ الأسرار وأن تكون مستمعة جيدة. أما سهير نخلة مشرفة الرائدات الريفيات في مديرية شئون الصحة بالأقصر فتقول: بالإضافة إلي البرامج المتعلقة بالصحة فنحن نقدم للسيدات الريفيات البرامج التي تهدف إلي تمكين المرأة ذاتيا من خلال برنامج "المرأة المصرية تتكلم" من خلاله نعلم المرأة كيفية التفاوض واتخاذ القرار وأن لا تفرق في المعاملة بين أبنائها الذكور والإناث وكيفية التفاعل مع الحياة العامة وبعد فترة من استيعابها لهذا البرنامج نبدأ في تعليمها أساليب القيادة وهو قريب من عمل الرائدة الريفية لكن بشكل مصغر ونهدف به تحريك المجتمع من خلال تبنيه قضايا كتنظيم الأسرة وختان الإناث . وهنا سألتها حول كيفية تنفيذ هذه البرامج فردت: نحاول بأبسط الألفاظ أن نعلم السيدات الطريقة السليمة والوقت المناسب للحديث مع زوجها وكذلك توحيد أسلوب التربية بين الولد والبنت وألا تفرق بينهما وضرورة الاهتمام بالبنت أكثر حتي يكون عندها ثقة بنفسها ولها رأي تستطيع أن تعبر عنه ومع ذلك فنحن ننحت في الصخر ومازال أمامنا وقت حتي يتقبل الناس هذه المفاهيم. وعن أصعب المشاكل التي تواجهها تقول: ختان الإناث وحق المرأة في الإدلاء بصوتها في الانتخابات وتنظيم الأسرة فنحن نتابع مواظبة السيدات علي استخدام وسائل منع الحمل مع كل واحدة منهن علي حدة ويمكن أن نقول إن نسبة 58٪ بدأن يتفهمن المشكلة التي نوليها اهتماما بالغا هذه الأيام إلي جانب أنفلونزا الخنازير والوبائية. وعن زواج الشباب الأقصري من أجنبيات تقول: نحن نحاول أن ننفذ البرنامج التابع لوزارة الصحة حول مكافحة الأمراض المعدية مثل الإيدز من خلال عقد ندوات لتوعية للشباب وكذلك الكشف الدوري في العيادات المتنقلة. بالاضافة إلي مشاركة الرائدات في كافة حملات التطعيمات بما فيها تطعيم الدواجن ضد أنفلونزا الطيور. ولولا وجود الرائدة الريفية ما كان الأهالي يتقبلون دخول أغراب إلي منازلهم تحت أي ظرف. وأغلب عملنا الآن متركز حول إسنا وأرمنت ونحاول أن نمدهما بالخدمة الصحية اللازمة وسنبدأ بتدريب رائدات إسنا وأرمنت مع بداية هذا الأسبوع علي توعية المنقطعات عن استخدام وسائل منع الحمل والآثار الجانبية لها حتي يباشرن عملهن. وتقول د. سعاد سعد مقررة المجلس القومي للمرأة بمحافظة الأقصر حول الدور الذي يقوم به المجلس من خلال عمل الرائدات: "عملنا هو خدمة القرية في أي مجال ونركز علي القضايا الصحية ونحن نستعين بالرائدات في تنظيم الندوات التثقيفية التي نعقدها في القري ونستعين بهن أيضا في استخراج بطاقات الرقم القومي للسيدات الفقيرات ونعمل في هذا المشروع منذ عام 0002 وقد تم استخراج الرقم القومي لجميع السيدات في قري محافظة الأقصر بمساعدة الرائدات الريفيات وكذلك نستعين بهن في تقديم قروض لمشاريع صغيرة للمرأة المعيلة والمجلس القومي للمرأة يهتم أيضا بتنظيم الدورات التدريبية لتنمية مهارات الرائدات ونركز في التدريب علي إظهار دور الرائدة في المجتمع وأن رسالتها أن تفيد المجتمع في جميع الجوانب وأنها مسئول الاتصال بين القرية والمدينة. وتضيف إن هناك مواصفات معينة يتم علي أساسها اختيار الرائدة الريفية فيجب أن تجتاز اختبارات القبول وأن تكون حاصلة علي قسط متوسط من التعليم وأن تهتم بمظهرها وأن تكون لبقة تجيد الاتصال مع الآخرين ولابد أيضا أن تكون من ابنة البلد أو من نفس القرية التي ستعمل بها وألا يكون عندها مشاكل أسرية تعطلها عن عملها.