هل تغير وجه الصعيد وتغير الفكر السائد للناس هناك؟ للإجابة علي هذا السؤال دعونا نصحبكم إلي قرية القلعة بمحافظة قنا حيث تم عرض مسرحية شجاعة تتحدث عن ختان الأناث. و عن المشاكل التي يعاني منها تازوجان بصراحة و بأسلوب راق أمام أكثر من2500 من رجال و نساء و أطفال قريتي القلعة و القريا بمحافظة قنا الذين جاءوا ليعلنوا أمام الوزيرة د. مشيرة خطاب وزيرة الأسرة و السكان و اللواء مجدي أيوب محافظ قنا إنهم رافضين للختان.. ألا يعد ذلك دليلا واضحا علي حدوث تغير كبير في هذا الفكر لأنه منذ أربع أو خمس سنوات مضت لم يكن أحد يجرؤ علي طرح هذا الموضوع بهذا الشكل المباشر في غرفة مغلقة باعتباره' تابوه' فما بالنا بعرضه علي الملأ أمام الآف المشاهدين!هذا التغير في الفكر لم يكن وليد سنة أو سنتين بل ثمرة حوالي ثمان سنوات من العمل وتبادل الأحاديث والموضوعات الشائكة و الصعبة بأسلوب علمي و موضوعي منذ أن تم إطلاق البرنامج الوطني لمناهضة ختان الأناث عام2003 في عشر محافظات و الذي ينفذ من خلال الجمعيات الأهلية العاملة في هذه القري و منها جمعية كاريتاس في قنا التي لعبت دورا كبيرا في إحداث هذا التغيير. يركز البرنامج علي فكرة العمل عاي كل الأعمار, فبدأ بالجدات باعتبارهن ذوات سلطة و كلمة مسموعة في الأسرة و الأمهات لفتيات في سن الختان و الشباب من الجنسين في المدارس و القيادات المحلية ورجال الدين, ولكل فئة منهم التوجه الخاص بها. فالرجال يتم تعريفهم بالأسباب الحقيقية لمعنتهم الزوجية و الأمهات يتم تذكيرهن بمعانتهن من جراء الختان و تحفيزهن علي عدم تكرار التجربة مع بناتهن, و الجدات يتم يتم استثارة ضعفهن تجاه حفيداتهن ورغبتهن في حمايتهن من أي أذي, و الشباب المتعلم يتم تعريفهه بأضرار الختان لتصبح هذه الفئة هي الوسيط للأسرة و الجدة.. لأن الأسرة تكون استثمرت في تعليم ابنها و بالتالي تصدقه بسهولة و بذلك أصبح الشباب المتعلم هم المرسل لأهاليهم غير المتعلمين و جيرانهم و أقرابهم. فالرسالة التي توجه للشباب من الجنسين تتلخص في جملة قالها الدكتور يحيي الرخاوي أستاذ علم النفس جاء فيها إن الختان يعني الصاق صفة بالفتاة تفيد بأنها مشكوك فيها إلي أن يثبت العكس.. و هي رسالة نفسية بالغة المضمون و تظل مع الفتاة طوال حياتها فتشعرها بالدونية و تؤثر علي حياتها الزوجية بعد ذلك. المشوار لم يكن سهلا خاصة و أن المجتمع القناوي مجتمع يتميز بالأصالة و التمسك بالعادات و التقاليد المتوارثة مما يجعل أهله لا يقبلون الجديد بسهولة و لكنهم و الحق يقال- إذا اقتنعوا بالفكر الجديد تمسكوا به و دافعوا عنه بكل تصميم و شجاعة.. و هذا ما شاهدناه في الحفل الكبير الذي أقيم في السرادق الضخم عندما أعلن أهالي القريتين علي لسان قياداتهم المحلية و الشعبية رفضهم للختان ليكون هذا الإعلان هو الثالث لقري المحافظة بعد إعلان قرية المحروسة عام2008 مناهضتها له.. المهم المتابعة هذا الإعلان لا يأتي إلا بعد التأكد تماما من وجود مجموعة من المقتنعين بالقضية من قيادات المجتمع المدني و رجال الدين والشباب لتستمر هذه المجموعة في العمل داخل القرية تراقب الأطباء و الدايات و تبلغ عنهم في حالة مخالفتهم حتي يتم القضاء نهائيا علي هذه الممارسة الضارة.فوزارةا لأسرة ة السكان لا تعمل علي قضية الختان باعتبارها قضية خاصة بالفتيات فقط و لكن باعتبارها قضية تهم و تؤثر علي كل أفراد الأسرة لأان الزوجة تعاني و زوجها يعاني و أطفالها كذلك. تمكين الأسرة من أجل الطفولة و الجديد الذي لمسناه في هذه الزيارة أن الوزارة تحل في هذه القري و كل قري ال10 محافظات إلي جانب مناهضة الختان علي قضايا تمكين الأسرة باعتبار الأسرة هي الإطار المهم بالنسبة للطفل خاصة في سنوات عمره الأولي فتحاول تكريس الأسرة كمؤسسة تربوية و توفر لها الخدمات الأساسية خاصة التعليم و الصحة و تحاول تثقيف الأسرة و استرجاع القيم المصرية الأصيلة مثل التسامح و تقبل الآخر لغرسها في نفوس الأطفال كذلك تسعي الوزارة إلي توعية الأسرة بمسئوليتها تجاه أطفالها و أهمية وضع المصلحة للطفل فوق أي مصلحة أخري و بالتالي يجب أن يكون قرار الإنجاب قرار واعي و مدروس يخطط له الزوجان لإنجاب عدد الأطفال الذي يلائم ظروفها وامكانياتها ويسمح لأطفالها بالتمتع بطفولتها.فالقضية السكانية أصبحت اليوم هي القضية الأساسية للوزارة و تدخل ضمن' حزمة' البرامج و المشروعات التي تنفذها في المحافظات تحت اسم' البرنامج القومي لتمكين الأسر' الذي يدعو إلي مفهوم الأسرة الصغيرة من منظور حقوقي يدعم مساندة الأسرة و يتم من خلاله التركيز علي التوعية الثقافية لعدة موضوعات منها الختان و مناهضة العنف ضد الأطفال و النساء و الترويج لفكرة التربية بالحوار الهادئ و الصراحة, و توضيح أضرار زواج الصغيرات و العنف المنزلي, و أهمية الاستثمار في تعليم البنات.. كما يتم من خلال البرنامج تمكين الأسر و توفير فرص عمل للبالغين لمناهضة عمالة الأطفال لأن الطفل كما قالت الوزيرة د.مشيرة خطاب مكانه المدرسة وليس أماكن العمل حتي لا يحرم من طفولته و من فرص نموه النفسي و التعليمي السليم و من فرصة تحسين مستواه المعيشي في الكبر فيظل أسير دائرة الفقر طوال حياته.و تعتمد الوزارة في خطتها هذه علي حقيقة أن الأسرة المصرية ليس لديها أغلي من أطفالها و الدليل علي ذلك كم الإتصالات التي ترد إلي خط الوزارة المجاني16000 أو خط المشورة الأسرية16021 لتستفسر عن أفضل أساليب التربية لأنها تثق في زأي التربويين والاخصائيين الذين يجيبون عليهم ويوضحوا للسائلين أن طفل اليوم أصبح أكثروعيا مما تعتقد وهو في حاجة اليحوار جاد وعرض للحقائق بشكل موضوعي يناسب تفكيره المتقدم نتيجة احتكاكه بالعالم مع ضرورة احترام تفكيره والاستماع اليه واحترامه.. وفي اطار متابعة الجهود المبذولة للتصدي لقضية السكان المرتبطة بقضية التنمية التقت الوزيرة مشيرة خطاب ومحافظ الأقصر الدكتور سمير فرج والدكتورة سحر السنباطي رئيس قطاع تنظيمالأسرة بوزارة الصحة بعدد من الرائدات الريفيات والأطباء والطبيبات العاملين في المحافظة ببتأكيد علي مفهوم الشراكة في تفعيل برامج العمل السكاني علي المستوي المحلي وعرض الدروس المستفادة من برامج الأسرة والسكان علي أرض الواقع والتعرف علي الاحتياجات الميدانية من العاملين بالميدان لضمان الارتقاء بجودة البرامج المقدمة والتي تستهدف الأسر المهمشة والأكثر احتياجا.. وهي الجهود التي اثمرت عن تنظيم قوافل سكانية لتقديم خدمات الرعاية الصحية لجميع التخصصات بواقع قرية كل شهر في المحافظات كلها وحملات قومية لتنظيم الأسرة تحت شعار' صحتك في تنظيم أسرتك' تقدم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بالمجان مع التركيز علي تنمية البشر خاصة الرائدات الريفيات وصديقات الأسرة لأنهن حلقة الوصل بين الوزارة والمنتفعات من هذه البرامج وتقع عليهن مسئولية اقتاع السيدات بالاكتفاء بطفلين فقط لتحقيق حياة سعيدة وبأهمية استخراج شهادة ميلاد لأطفالهن وخطورة الزواج المبكر واضرار الختان وغيرها من الموضوعات باعتبار أن الحفاظ علي صحة المرأة هي الخطوة الأولي لتنميتها وتمكينها. فالمشوار مستمر للتصدي لقضايا السكان بالتعاون والشراكة بين الجهات المعنية والتنسيق بين مختلف الوزارت والجمعيات الأهلية في المحافظات فالإمكانيات كلها كما طالب الرئيس مبارك مستمرة للتصدي للزيادة السكانية الرهيبة التي لا تتحمل ظروف بلدنا والتي تلتهم كل فرض التنمية. والمهم أن تتضافر جهود الجميع من وزارات تعليم وصحة واعلام وجمعيات أهلية وأوقاف لإقناع الأفرادبأهمية التفكير والتخطيط لحياتهم وفقا لإمكانياتهم حتي نصل الي بر الأمان ونبدأ في جني ثمار برامج التنمية.