عاملنى كعقل وليس كجسد!!

«عاملنى كعقل وليس كجسد» صرخة مدوية تطلقها النساء فى وجه الرجال لأن معظمهم ينظر للمرأة كجسد مثير فاتن ممشوق يشتهونه علناً أو سراً فى خيالهم.. وللأسف لا يتوقفون عند عقل هذه المرأة أو حتى أحاسيسها!!
فلماذا ارتبط الفكر والعقل بالرجل؟ وارتبط الجسد بالمرأة؟!
كم كان نزار قبانى بليغاً عندما وصف نظرة العرب للمرأة عندما قال: وكل رجال القبيلة لا يمضغون الطعام
ويلتهمون النساء بثانية واحدة ولم أر قبائل ليست تفرق ما بين لحم النساء.. وبين الرطب!! فيا للعجب!!
ولا يوجد تراث فى الكون يحمل كل هذه الكمية من الغزل البرىء وغير البرئ فى المرأة كالتى يحملها تراثنا وكله غزل جسدى لم يتطرق إلى الفكر أو السلوك، ولم يتغير- للأسف- الأمر كثيراً فى زماننا هذا.. زمن العولمة والمساواة بين الرجل والمرأة!!
فى جلسة ضمتنى مع عدد من الزوجات الجميلات المثقفات فوجئت بشكوى غريبة تصدر منهن، وهى أن أزواجهن يعاملهن كجسد وشكل خارجى فقط وليس كعقل.. زوجة منهن عمرها- 35 سنة- تعمل فى مجال السياحة والطيران تقول: زوجى لا يهتم سوى بجسدى فقط.. أنا بالنسبة له كم مهمل فى البيت عبارة عن دولاب أو كرسى.. نادراً ما يحاور عقلى على الرغم من محاولاتى المستميتة لذلك، أنا مثقفة وقارئة جيدة ولى عقل وآراء، فلماذا لا يحترم عقلى بل يستخف به أحياناً؟! أهم شىء عنده هو إطفاء شهوته معى فى المساء!! فأنا رفيقة فراش فقط مجرد جسد مثير..
يغيب عنا الحوار طوال الليل وتشتعل بيننا الرغبة فى المساء فقط!! وأسأل نفسى ليه؟! ليه لا يلتفت لعقلى أيضاً ويعطيه نفس قدر الاهتمام بجسدى؟! المدهش أنه رجل مثقف وقادر على التحاور والمناقشة التى يبرع فيها مع الآخرين «فقط» أما أنا لا.. معى هو تمثال جامد، فهل كل الرجال هكذا يستخفون بعقل المرأة ويعتبرونها «هايفة» لا تفهم ولا تعى شيئاً؟!
زوجة ثانية عمرها- 37 سنة- جميلة وناجحة فى عملها.. متزوجة من رجل أعمال ناجح تقول: للأسف منذ السنوات الأولى من زواجى وزوجى يعاملنى على أننى تمثال جميل نحته أشهر نحات فى العالم.. وهذا الشىء يسعدنى بالطبع، ولكن مع مرور الوقت أصبحت أفتقد للحوار معه «بالعقل» فى أمور الحياة ومشاكلها.. دائماً يشعرنى بأنه «فاهم كل حاجة وفى كل حاجة» وأنا لا أفهم شيئا.. لماذا يحترم عقول «الرجال» من أصدقائه ويتهاون بعقلى أنا؟! الزوجة الثالثة عمرها- 40 سنة- وتم طلاقها مؤخراً من زوجها بسبب هذه المشكلة وتقول: زوجى كان لا يحترم سوى جسدى الذى كان يقدم له كل فروض الولاء والطاعة، أما عقلى فكان «ملغياً» عنده.
والرجل الذى لا يحترم عقلى كما يحترم جسدى يسقط من نظرى ولا أستطيع أن أحترمه ولا أقدره لأنه ببساطة يكون رجلا «هايف» وأنا لا أستطيع التعامل مع رجال «هايفين».
فما أجمل أن يتعامل الرجل والمرأة بالجسد والعقل معاً، فإذا اجتمع الاثنان تكون العلاقة كاملة ورائعة لا تضاهيها متعة فى الدنيا.. أتمنى أن أرتبط برجل يحترم عقلى ويشتهى جسدى «الاثنان معاً» فما أجمل هذا الإحساس الرائع المكتمل.. فهل يا ترى أنا أبحث عن إبرة فى كومة قش؟!
سألت عددا كبيرا من الرجال سؤالاً مباشراً وصريحاً: ما هو أول شىء يجذبك فى المرأة: عقلها أم جسدها؟!
وصدمت عندما كانت إجابتهم كلهم واحدة وتلقائية وبمنتهى الثقة: «جسدها»!! رجل منهم قال لى: إن تفكير وكلام معظم النساء الآن ينصب على شكلهن وجسدهن وكيف يحافظن عليه مشدوداً ممشوقاً سواء بالرياضة أو الريجيم.. تفكير أى امرأة انحصر فى الوقت الحالى فى كيفية مقاومة علامات السن.. والشد والنفخ والكى والتكبير والتصغير والشفط.. فتحولت المرأة إلى دمية بلاستيكية هدفها إضرام النار والخيال فى عقل الرجل!! واتهم المرأة العصرية بأنها أصبحت لا تهتم سوى بجسدها وبشكل مستفز ولذا أسقط الرجل «عقلها» من قاموسه اليومى وأصبح لا يبحث سوى عن جسدها!!
ربما ما ذكره هذا الرجل فيه جانب من الصحة، ولكنى أتساءل لماذا أتهم كل النساء أو حتى عدداً كبيراً منهن؟! فهناك سيدات يفضلن البقاء على طبيعتهن ويرون أن كل مرحلة من العمر لها وقارها وجمالها.. ثم حتى لو كان فيه بعض النساء يلجأن لجراحات التجميل فما العيب فى ذلك فى أن يحافظن على مظهرهن فى نظر أزواجهن كى لا تزوغ عيناه على امرأة أخرى!! علينا ألا نتهم كل امرأة تهتم بنفسها ومظهرها بأنها «ست هايفة» فما المانع فى أن نجمع ما بين أناقة وجمال المظهر بأناقة وجمال «العقل» أيضاً!!؟