قصة نجاح جديرة بأن تكون مصدر إلهام للكثيرين أو لنكن أكثر دقة.. شركة استطاعت أن تسير على الطريق الصحيح بعد مرحلة انهيار وصلت إلى حد نية عرض بيعها بالمزاد.. لذا رصدت صباح الخير هذه التجربة المتميزة. الشركة المصرية العامة للورش (الترسانة) أسسها محمد على سنة 2181 كترسانة بحرية على ضفاف النيل ببولاق لبناء السفن النيلية وإصلاحها وعمل العمرات اللازمة لها، ثم تطورت أنشطتها لتكون أول شركة أحلت المنتج المصرى محل الإنتاج الأجنبى فى عدد كبير من المجالات كبناء وصيانة الوحدات النهرية والبحرية والإنشاءات المعدنية وتنفيذ مشروعات الرى والصرف وأعمال التجريف تحت الماء وتنفيذ الأعمال المدنية للكبارى وبناء السفن والإنشاءات المعدنية وصناعة الأثاثات الخشبية للمدارس وكان لها صيت قوى، وكانت بداية فكرة محمد على لإنشائها بهدف وجود أسطول بحرى ليدخل منابع النيل كلها والحصول عليها إلا أنه على مدى 4 سنوات تم تكسير هذا الأسطول، لذا كانت الصناعات السابقة من نصيبها بأعلى جودة وأقل تكلفة، ولكن على مدار السنوات الماضية بدأت فى الانهيار تدريجياً بعد مرحلة الانفتاح والتوجه الرأسمالى وكانت من زيادة العمالة مع إنتاجية ضعيفة وحققت خسائر وصلت إلى 24 مليون جنيه على مدار عدة سنوات بواقع 5 إلى 6 ملايين سنوياً ترحل.. وبدأت تهرب منها الخبرات.. ولم نعد نسمع عنها بل وضعت فى القائمة السوداء لبعض الشركات التى تعاملت معها ولم تنفذ لها الأعمال. كانت العنابر مقفرة بحسب كلام العمال هناك الذين وجدتهم كخلية نحل تعمل بعد أن كان سيتم عرضها فى المزاد.. وهناك عنبر يجهز للعمل به خلال أسبوعين.. جو من النشاط والحركة وكثير من الصناعات المعدنية جارى العمل بها فى الورش منها ورش بناء سفن وإنشاءات معدنية، وأخرى بها ماكينات تشغيل وأوناش ومعدات لحام ووجدت القزق وهو وحدة كبيرة جداً لرفع وإنزال الوحدات البحرية تم تصنيعه هناك، وأكد لى العمال أن هذه لم تكن الحالة سابقاً منذ 4 سنوات بعد أن كانت تلك الورش مكاناً لنواح الغربان.. وعن الأرقام وحجم الأعمال للشركة تؤكد المهندسة سمية جاد أمين رئيسة القطاع التجارى بالشركة حجم الأعمال الآن بالشركة وصل إلى 82 مليون جنيه وصافى ربحه 2 مليون جنيه، ويتم أيضاً تسديد الخسائر وفق برنامج، أما إنهاء الأعمال القديمة فيتم تنفيذها أيضاً وفق جدول، كما يؤكد سمير أحمد شوقى رئيس قطاع الإنتاج فى جولته معى فى الورش وسط العمال.. لمزيد من التفصيل حول هذه التجربة يقول سامى محمود سعد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية العامة للورش والترسانة: برنامجنا لإنهاء الأعمال القديمة منذ أن توليت إدارة الشركة من 3 سنوات لأن الأسعار تضاعفت أربع مرات على مشاريع تم التعاقد عليها بتكلفة قديمة ولم تنفذ من سنة 99 للآن وعددها كان كالآتى: 5 كبارى استطعنا أن نسلم منهما 3,. كوبريان سنسلمهما قبل 03/6 القادم.. وأُسند لنا فى آخر سنتين 5 كبارى لإنهاء أعمالها الهندسية ثمنها 82 مليون جنيه هى كوبرى سليلقوس فى الشرقية، وبكفر عامر بالشرقية وكوبرى أبودهشان وجومباداى بدمنهور، و3 كبارى رست علينا منذ 3 شهور ثمنها 021 مليون جنيه بوجه قبلى، وأحدث مشروع تقدم به لنا الدكتور عادل محمود إبراهيم رئيس قسم التصميم وهندسة الإنتاج بعين شمس للتعاقد على الأعمال المعدنية لكوبرى معدنى حجمه 003 طن بوجه قبلى بصافى ربح 5,8 مليون فى 6 شهور. كما أننا دخلنا فى 9 محطات للصرف الصحى ب42 مليون جنيه 3 منها بجمصة و3 بدسوق، و3 ببلبيس وعندنا من الأعمال ما يكفى لموازنة 0102 - 1102 وبعد أن كان العمل يصل فقط ل61 مليوناً وصل إلى 02 مليوناً فى أول عام لى بصافى ربح 6,2 مليون بعد أن كانت تحقق الخسائر فى السنوات السابقة ثم وصلنا إلى 23 مليوناً حجم أعمال وهو ما لم يحقق على مدار تاريخ الشركة وتم الإعلان عن ذلك فى الجمعية العمومية.. وطموحى أن يصل حجم الأعمال إلى 001 مليون فى السنة وهذه الأرباح هى ما جعلت مرتبات الموظفين تصرف من الشركة وليس من الشركة القابضة للصناعات المعدنية كما كان يحدث قبل ذلك، حيث كانت الشركة تخسر فالمرتبات تصرف من هناك من صندوق الخصخصة، وعندما سألنا عن حال العاملين وهل كان التخلص من العمالة طريقة لزيادة الأرباح فى الشركة، خاصة أننا عرفنا من العاملين أنه تم الاستغناء عن بعض العمال بسبب الزيادة غير المبررة وقلة إنتاجيتهم أجاب: نحن نعمل بروح القطاع الخاص التى تتواءم مع قطاع الأعمال ولم يتم الاستغناء عن العاملين إطلاقاً بل وضعت هيكلاً جديداً للشركة وغيرت اللوائح المالية والإدارية بما يتماشى مع ذلك واجتمعت بهم جميعاً لأن الحالة كانت مقهورة والشركة فى انكماش وكان سيتم تصفيتها، وأخبرتهم جميعاً أننا علينا عبء النهوض بالشركة وتحقيق أرباح وزيادة الإنتاج وكل سيحاسب على مقدار عمله فلا مكان لعمالة ضعيفة الإنتاج أو أعداد ليس لها قيمة إنتاجية، وطرقت جميع الأبواب وكان للقطاع التجارى دوره فى ذلك للتسويق وتم ترقية 06 فرداً السنة الماضية و06 فرداً هذه السنة. * تحديات فى الاستثمارات الخارجية وعن وجود استثمارات خارجية يضيف رئيس شركة الترسانة.. فى أغسطس كنا فى السودان كوفد من الشركة القابضة للصناعات المعدنية وعرضنا منتجاتنا ولاقت قبولاً كبيراً؛ لأن أعمالنا متصلة مع السودان بنهر النيل ووجدناهم منفتحين للتعامل معنا وعرضوا علينا الأرض والتسويق ونحضر نحن العمالة والتمويل، فى مقابلتنا مع وزيرى الصناعة والرى ومسئولين من الكهرباء ورئيس هيئة الموانئ السودانية وطلبوا منا العمل المشترك لتحديث الترسانة البحرية الخاصة بالبحر الأحمر، كما أنه يوجد النقل النهرى هناك وهو ما اشترته شركة كويتية تريد أن تستغل النيل فى نقل البضائع من الشمال للجنوب ويريدون بناء الصنادل ومستعدين للشراكة معنا، ولنا بالفعل وكيل هناك لدراسة مناقصات، ولكن المشكلة الأساسية هى التمويل فإمكانياتنا للاستثمار فى الخارج مازالت محدودة كما أن المنافسة التى نجدها من الصين والهند قوية جداً، فالصينى مثلاً عندما يدخل فى مشروع هناك تموله الدولة تماماً مقابل 51 عاماً بقسط سنوى ويضمنون استثماراتهم هناك عن طريق البترول لكن تواجدنا المصرى هناك يكون بصورة فردية كشركة السويدى أو استثمارات الدكتور أحمد بهجت فلا يوجد لدينا تكتلات استثمارية مصرية. ما لمسته فى الشركة من عمال فى الورش ومسئولى القطاعات ورئيس مجلس إدارة الشركة كان دليلاً واضحاً على أن الإدارة النزيهة وروح الفريق بين العاملين والتواصل بين الإدارة والعاملين تساعد على تحقيق معادلة إنتاج سليمة تتضمن عاملاً ومعدات وزمناً محدداً قادرة على المضى بخطى سريعة على طريق النجاح ولو بعد فترة انهيار.