آخر يوم.. فرص عمل جديدة في الأردن برواتب تصل إلى 33 ألف جنيه    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    نشر أخبار كاذبة عن الانتخابات يعرضك لغرامة 200 ألف جنيه    4 مليارات جنيه.. بدء صرف «تكافل وكرامة» عن شهر نوفمبر    سعر طن الأسمنت اليوم السبت 15نوفمبر 2025 في المنيا بسوق مواد البناء    الري: الاعتماد على البصمة المائية لتحديد المحاصيل التي يتم زراعتها بالمياه المعالجة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    تركيب إنترلوك بأحياء مدينة باريس فى الوادى الجديد بتكلفة 13,5 مليون جنيه    اللجنة المصرية بغزة: استجابة فورية لدعم مخيمات النزوح مع دخول الشتاء    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لشبيبة القبائل بدوري الأبطال    أجواء خريفية ورياح نشطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس الساعات المقبلة    إخماد حريق محل عطارة امتد لعدد من الشقق ببولاق الدكرور.. صور    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لقرية أم خنان بالحوامدية    محافظ دمياط يُهنئ «الصحة» لحصول المستشفى العام على الاعتماد الدولي من الجمعية البريطانية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل ثلاثة فلسطينيين ويداهم عدة منازل بنابلس    انتخابات النواب، تفاصيل مؤتمر جماهيري لدعم القائمة الوطنية بقطاع شرق الدلتا    تواجد أمني بمحيط محكمة إيتاي البارود تزامنًا مع محاكمة المتهم بالتعدي على تلميذ دمنهور    نانسي عجرم: أنا مدرسة قديمة مع بناتي في التربية وأحب الأصول.. وحياء البنت من الأنوثة    مصطفى كامل يكشف تطورات الحالة الصحية للفنان أحمد سعد    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    هشام حنفي: محمد صبري عاشق للزمالك وعشرة 40 عاما    مواعيد مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الصحة يستقبل وفد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية    إلى جانب القلب والسكري، دراسة حديثة تحذر من مرض قاتل بسبب السمنة    محاكمة خادمة بتهمة سرقة مخدومتها بالنزهة.. اليوم    الرئيس الأمريكي: الولايات المتحدة ستجرى تجارب نووية قريبًا جدًا    رفع أسعار كروت شحن المحمول| شعبة الاتصالات تكشف "حقيقة أم شائعة"    مواجهات مرتقبة ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026    ضبط المتهم بصفع مهندس بالمعاش والتسبب في مصرعه بالهرم    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 15 نوفمبر 2025    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة حلوان حول دور الرياضة في تعزيز الأمن القومي المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    ترامب يعلن نيته اتخاذ إجراء قضائي ضد "بي بي سي" ويعلق على الرسوم الجمركية    استقرار سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري خلال تعاملات السبت 15 نوفمبر 2025    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    سيارة طائشة تدهس 3 طلاب أعلى طريق المقطم    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    نانسي عجرم عن ماجد الكدواني: بيضحكنى ويبكينى فى نفس الوقت    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبيبة أبى
نشر في صباح الخير يوم 08 - 12 - 2009

قال: قابلتها فى حفل خطوبة صديق. جميلة رشيقة. مبهرة وطبيبة.. عندما قدمنى لها إنها خالة العروس، وقدمها باسمها الذى ذكره لى أبى، وعملها طبيبة الذى كان سببا فى فراقهما تساءلت فى نفسى هل يمكن أن تكون هى التى أحبها أبى عندما كان فى مثل عمرى؟!.. لابد أنها هى فقد نظرت إلى بدهشة لأنى نسخة من أبى كما لو كانت أمى استنسختنى منه ولم تحمل بى حقيقة!!.. كان الحفل فى حديقة بيت العروس وكانت فرقة موسيقية تعزف لحنا هادئا، وقام صديقى وخطيبته ليرقصا ودعا المدعوين لمشاركتهما.
دمت إلى حبيبة أبى أطلبها للرقصة، نظرت إلى طويلا وبشىء من الدهشة أشارت إلى الشابات حولها لأدعو واحدة منهن لكنى أصررت على دعوتها هى. قالت إنها لم ترقص من زمن لم أتنازل عن دعوتى وقلت إنها رقصة هادئة. قامت ملبية. رشيقة فى خطواتها. سألتنى عن اسمى لأنها لم تسمعه تماما من صديقى. تعمدت أن أقول لها اسمى ولقبى بالكامل. ابتسمت ولم تعلق. ربتت على كتفى كأنها تقول إنها عرفتنى. شعرت بحنان نظرتها. سألتها كيف احتفظت بجمالها ورشاقتها وبقية السؤال لم أسأله.. أنها فى مثل عمر أبى الذى تؤنبه أمى ألا يفعل هذا.. أو .. هذا لأنه فى عمره الخريفى!.
ابتسمت وقرصتنى من خدى، وقالت أن تكون جميلا طول عمرك حافظ على جمالك الداخلى. جمال نفسك ومشاعرك. واخدم الناس على قدر استطاعتك.
بينى وبين أبى صداقة جميلة ليس فقط لأنى ابنه الأكبر لكن لأنى أميل إلى أخلاق وثقافة وتصرفات جيله عن جيلى.. وقد حدثنى يوما عن حبيبته الوحيدة، وأن جدتى وقفت ضد زواجه منها لأنها كانت فى المرحلة الأخيرة من دراسة الطب. وبنات تلك الأيام كن مولعات بالعمل فما بالك بطبيبة.. وكيف ترعاه وبيته وعياله وهى فى عمل هكذا؟!. وعمله فى تجارة والده الراحل يحتاج لزوجة متفرغة.. وكان أبى يعرف أن حبيبته لن تضحى بعملها، وكما قالت له أن الله اختارها لتخدم الناس فحبب إليها مهنة الطب.. فهل تعصى الله؟؟.. كانت جدتى متشددة.
قوية فلم يستطع أن يرفض اختيارها، وربما جمال أمى الصارخ وقتها ومركز والدها فى الحكومة جعلاه يخضع لاختيار جدتى فقد كان لوالد أمى الفضل فى أعمال أبى التجارية.
عندما عدت إلى البيت.. كان أبى يجلس بجوار أمى أمام التليفزيون كعادتهما المملة.. نظرت إلى أبى نظرة خاصة فهمها.. إننى أريد أن أقول له شيئا خاصا.. سألنى عن حفل خطوبة صديقى.. تابعت نظرتى.. قلت الجو رائع وأنا أفتح باب الشرفة.. زعقت أمى أن رطوبة الجو الخريفى تتعبها تبعنى أبى وأغلق الباب خلفنا.
قلت له بابتسامة ماكرة.. أخيرا قابلت حبيبتك.. وضع يده على فمى ونظر خلفه.. قلت إن أمى لن تجازف وتخرج خلفنا.. قلت.. لابد أنها كانت جميلة جدا فى ذلك الزمن.. هز رأسه موافقا.. لقد سألته ذات يوم إذا كان يحتفظ بصور لحبيبته، فقال بحسرة إنه مزقها. حرقها، وحرق خطاباتها ليرضى أمى عندما اكتشفت مكانها السرى فى مكتبه!.. وأعجبنى تصرف جيل أبى وأخلاقه وتحمله فقد عمل أبى كل جهده ليرضى أمى ويخلص لها.. وآخر شىء علمه من حبيبته أنها فتحت عيادتها الطبية فى مدينتها الساحلية.. وآخر كلمات كتبتها له ردا على خطاب إخبارها بزواجه.. أن يوفقه الله فى حياته.
قلت لأبى هامسا.. رقصت رقصة هادئة مع حبيبتك.. نظر إلى بدهشة.. هل عرفتك؟! قلت إنها طبعا عرفتنى لأنى صورة مستنسخة منك فى ذلك الزمن.. لكنها لم تقل شيئا.. ربتت على كتفى بحنان وفهمت أنها عرفتنى.. نظر أبى إلى لا شىء.. وقال.. هواء الليل الخريفى منعش.. تركته ليسترجع بعض ذكرياته الجميلة.. حقيقة بعد مقابلة حبيبته وحديثى معها عذرت أبى أنه لم ينسها.
ماذا حدث للنساء؟!
قال الرجل وهو يضرب كفا بكف كأنه يحدث نفسه. لاحول ولا قوة إلا بالله.. ماذا حدث للنساء؟!.. وماذا حدث فى المجتمع؟!.. هل أصبحت رجلا متخلفا عن القيم الجديدة لهذا العصر؟!.. هل أنا متزمت عنيد حتى لا أتجاوب مع أى جديد؟!.. ولنعرف حكاية الرجل المصدوم.
إنه فى أواخر عمره الخمسينى الذى عاشه بقيم ومبادئ راسخة تزوج فى منتصف عمره العشرينى من فتاة تصغره قليلا. عاش معها ثمانية وعشرين عاما كانت مثال الزوجة المطيعة المحبة لزوجها وأبنائهما الثلاثة، وعندما توفيت منذ ثلاث سنوات حزن عليها لدرجة أنه لم يفكر فى الزواج مع أنه لايعتبر عاجزا من كل ناحية، ومع أن أولاده لايحتاجون لرعايته.
فى لحظة ملل ووحدة سمع صوتها، كان يشعر بالضجر من القراءة ومشاهدة التليفزيون وحتى من جلسة الأصدقاء أدار مؤشر الراديو وتوقفت يده على إذاعة عندما سمع صوتها. كانت تتحدث حديثا شيقا. صوتها هادئ. رصين وتتحدث فى نظرية علمية شائكة تبسطها للمستمعين. تحول كيانه إلى أذنين. فى نهاية الحديث عرف اسمها وعملها. امرأة تعمل فى موقع مهم وتتحدث ببساطة وصوت حنون لابد أنها امرأة رائعة.
فى صباح اليوم التالى علم من دليل التليفونات أرقام مكان عملها واتصل بها جاءه صوتها هذا الصوت الذى سكن فى أذنيه من الليلة السابقة. أخبرها أنه استمع إلى حديثها بالأمس وتأسف أنه لم يسمعه من أوله.. وإذا كانت تسمح له بزيارتها فى عملها ليطلع على هذا الموضوع الذى يهمه فى عمله.
ببساطة رحبت به وذهب إليها مباشرة.
فكر فى ذكرى توافقه مع زوجته الراحلة لكنه تعب من وحدته ويحتاج الآن لصحبة امرأة متعلمة مثقفة، وتمنى أن تكون هذه المرأة التى سمع صوتها ليست متزوجة.
امرأة جميلة وناضجة عرف فيما بعد أنها فى الخمسين من عمرها. عندما لم يجد خاتم زواج فى إصبعها شعر بفرحة الأمنية المستجابة فى حينها.. وفى نهاية حديثهما العلمى أعرب عن إعجابه بعقلها ورجائه أن تقبله صديقا لها.. عندما ترددت فى الإجابة سألها إذا كانت متزوجة؟.. قالت ببساطة إنها مطلقة.. تشجع وسألها إذا كانت لاتمانع أن يتقابلا بعيدا عن عملها حتى لايعطلها لاحظ ترددها فأخبرها أنه أرمل، فحددت هى المكان والوقت.
عام كامل وهما يلتقيان فى يوم محدد وساعة معينة ومكان معروف، فهى لانشغالها بعملها وأبحاثها ووالدها العجوز.. ويومان يقضيهما معها ابنها الوحيد لاتستطيع أن تقابله سوى مرة واحدة فى الأسبوع.. خلال ذلك العام عرفا عن بعضهما الكثير. عرف أنها لاتريد الزواج مرة ثانية بعد أن خانها الرجل الذى أحبته وعاشت معه عشرين سنة.. حاول أن يثنيها عن رأيها وليس كل الرجال خائنين!. حدثها عن الوحدة وقيمة الصحبة عندما يتقدم العمر بالإنسان.. أخبرته أنها لاتشكو من الوحدة ولن تتوقف عن أبحاثها العلمية إلا بموتها.. سألها عن حاجتها البيولوجية كأنثى!.. قالت إن هذه الحاجة لم تعد تقلقها.. سألها وماذا عن علاقتهما؟!.
فهمت قصده وقالت يمكنهما أن يكتبا ورقة زواج عرفى يشهد عليها اثنان على أن تستمر حياتهما كما هى!.. يعنى يلتقيان يوما واحدا فى الأسبوع. فى بيته أو.. الأفضل فى بيتها بدلا من المكان العام.. وإذا شعر أحدهما أنه لايرتاح مع الآخر يمزقان الورقة.. لأنها قد صدمت بالمحاكم والأحكام الظالمة على النساء.
وصدم الرجل من كلامها. لاشىء فى ظروفها يمنعها من الزواج الحقيقى سوى إصرارها على حريتها.. كانت طبيعة المرأة التى فهمها من زمن أنها إذا طلقت تشعر بمذلة وتنتهز الفرصة لتتزوج آخر.. وإذا ترملت تشعر بمصيبة حتى إذا كانت وارثة، وتقبل الزواج حتى وإن كان الرجل يطمع فى إرثها.. كانت المرأة زمان بطبيعتها تسعى إلى الاستقرار العاطفى والمادى فماذا حدث للنساء الآن؟!.
بعد صدمته علم أن الكثيرات الآن يفضلن حريتهن بعد زيجات فاشلة.. أو.. موت أزواجهن.. خصوصا إذا كان لهن مكان سكن ودخل أيا كان عملهن.. أو.. من إرث لهن.
ماذا حدث فى عقول النساء؟! المفروض أن يكون هو المراوغ فى الزواج ويسعد بعلاقة زواج عرفى!.. انقلب الحال وأصبح هو.. الرجل الذى يسعى إلى الاستقرار وبيت يجمعه بحبيبته.. وهكذا ضرب الرجل كفا بكف وهو يحدث نفسه.. «لاحول ولا قوة إلا بالله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.