واثقة أننى لن أضيف جديدا بالتأكيد على أننا نعيش حالة من الحزن منذ الأربعاء الماضى.. بدايه من ساعة انتهاء مباراتنا فى كرة القدم مع فريق الجزائر.. وتصاعدت بالاعتداءات الهمجية من المشجعين الجزائريين على كل ما هو مصرى سواء بالقول أو بالفعل. ولكن أيضا من ساعة ما انتهت المباراة وبداية وصول أخبار الاعتداءات على المصريين فى السودان ونحن نعيش حالة من الحشد الإعلامى أو التعبئة الإعلامية المكثفة على مدار الساعة فى كل قنوات التليفزيون الرسمية والخاصة. شحن مستمر وتعبئة إعلامية.. للدرجة التى جعلتنى أعتقد أننا كأفراد مطالبون بالقيام بعمل محدد لم تفصح عنه وسائل الإعلام وتنتظر أن نقوم به من تلقاء أنفسنا.. على أساس أن اللبيب بالإشارة يفهم..!! فهل نحن مثلا على وشك إعلان الحرب على الجزائر.. وكل هذه التعبئة الإعلامية الغرض منها جذب متطوعين للجهاد فى سبيل رد كرامتنا المهدرة؟!.. بالتأكيد لا يمكن أن يكون هذا هو الهدف.. فهل هناك عاقل يستطيع أن يخبرنا ما هو الهدف..؟! نتائج هذا الشحن ظهرت بدايتها يوم الخميس الماضى.. عندما خرج الآلاف من الشباب الغاضب متجهين إلى السفارة الجزائرية بالزمالك للانتقام لشرفهم (أو هكذا تخيلوا).. وللأسف تابعت بنفسى هذا المشهد لتواجدى فى موقع الأحداث بالصدفه.. وأشهد أن الشرطة تعاملت فى البداية مع الحشود الغاضبة بمنتهى الحكمة والتعقل.. ولكن عندما تطورت الأحداث وظهر النعش الجزائرى مع محاولة المتظاهرين اقتحام السفارة واضطرار الشرطة للوقوف بحزم لوقف هذا التهور.. انقلبت الآية وفلت عيار المتظاهرين وبدأ تكسير المحلات والاعتداء على سيارات الشرطة وعلى أفرادها أنفسهم. وفى اليوم التالى (الجمعة) كانت مظاهرة فى ميدان مصطفى محمود.. رفعت شعار: عايزين حقنا.. مطالبين برد كرامتهم المهدرة..!! ما أريد قوله.. أن الموقف لم يعد يحتمل كل هذا الشحن والتعبئة للجماهير.. فالكل غاضب.. والشحن الإعلامى يرفع درجات الغضب فى نفس الوقت جميعنا نعرف أنه ليس بيد هذه الجماهير شىء تفعله للتنفيس عن الغضب مما حدث عقب المباراة وأيضا أو بالمرة التنفيس عن غضب متراكم من أشياء أخرى لا تمت للمباراة بصلة. دليلى على ذلك ما ردده المتظاهرون أمام السفارة الجزائرية عقب تصدى الشرطة لهم من هتافات ضد الحكومة المصرية.. يعنى الغضب موجود ومكتوم.. والشحن الإعلامى أتى أُكله.. فبدأ الانفجار للتنفيس عن القديم والجديد. وبالتالى أصبح أخشى ما أخشاه الآن.. أن يكون إعلامنا الرسمى والخاص بصدد تحضير عفريت لن يستطيعوا بسهولة صرفه.. وكل ما أتمناه على الله أن يكون هناك عقلاء فى الإعلام ينصحون لاعبيهم من مذيعين ومعدى برامج.. بتهدئة اللعب.. فى هذه المنطقة.. لأنه أشبه باللعب بالنار.. كان من نتائج هذا الشحن المتواصل أيضا أن ارتفعت دعوات كفاية عروبة.. وكفاية الحديث عن الأشقاء العرب.. وكفاية تحمل مشاق دور الشقيقة الكبرى.. وتعالوا نعيش لنفسنا شوية.. سمعت هذه الكفايات تتردد أكثر من مرة فى كل القنوات.. وللأسف فى كل مرة كانت تتردد فيها هذه العبارات كان الإعلامى أو المذيع المتلقى لها يؤكد بالموافقة والإعجاب بما يقال بإيماءات متكررة من رأسه للتأكيد على روعة الاقتراح..!! لا أعرف.. لم نحاول أن ننسى أو نتناسى أن الإجابة عن السؤال المطروح فى الساحة الآن بشدة.. لماذا يكرهوننا؟! إجابته تبدأ من يوم ما رفعنا شعار مصر أولا.. ولم نكتف بهذا بل انطلقنا نعاير العرب جميعا بأفضالنا عليهم.. والتأكيد على أنه بالرغم من كل هذه الأفضال لم نسلم من الإهانات والتطاول علينا. لو كانت النتيجة الإيجابية الوحيدة التى سنخرج بها من محنة مباراة مصر والجزائر فى السودان.. أن نجيب بصدق وصراحة على: لماذا يكروهننا؟!.. ونبدأ فى تعديل طاقات كرههم لنا لنحولها إلى حب واعتراف حقيقى بأهمية مصر بالنسبة لهم.. لو استطعنا أن نفعل هذا.. نكون فعلا استفدنا من المحنة.. لكن أن نستمر فى طرح السؤال دون أن نهتم بالبحث عن إجابة.. مكتفين بأن الحل الوحيد هو أن تنعزل مصر عن محيطها وتكتفى بالانكفاء على نفسها.. فلابد أن نتوقع المزيد من الكره لنا.