كم مرة نشرت الصحف تصريحات حكومية عن حل مشكلة ما.. ولم يتم الحل!! وكم مرة نشرت الصحف تصريحات لمسئولين عن تذليل العقبات أمام المواطنين، ولم يتم ذلك! عشرات المرات، لا بل آلاف المرات وحياتك!! صباح السبت الماضى نشرت الصحف عينة من هذه الأخبار التى سبق أن قيلت مئات المرات عبر عشرات السنوات ولم يتحقق منها شىء، فالكتابة لا جمارك عليها وتصريحات المسئول لا أحد يأخذها على محمل الجد! والخبر الذى أقصده، وطالما قرأت عنه منذ اشتغالى بالعمل الصحفى- قبل 33 عاماً- يتعلق بمحو الأمية، هذا اللهو الخفى الذى يسكن بيننا ولا يريد أن يفارقنا أبداً!! عنوان الخبر الأول: أسيوط بلا أمية خلال عامين أما التفاصيل فتقول: حتى تصبح المحافظة بلا أمية، أكد اللواء نبيل العزبى محافظ أسيوط ضرورة استمرار تنفيذ مبادرة أسيوط بلا أمية، لتصبح المحافظة خالية من الأمية خلال عامين! أما الخبر الثانى فعنوانه إسكندرية بلا أمية عام 3102، وتفاصيله كما يلى: تحت رعاية أمانة الحزب الوطنى بالإسكندرية تطلق المحافظة وجمعيتا سنابل الخيرية ومصر الخيرية وبالتعاون مع وزارة التعليم والتضامن الاجتماعى والأسرة والهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار مشروع إسكندرية بلا أمية عام 3102 يوم الثلاثاء المقبل فى احتفالية كبرى بحضور الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة لشئون المجالس النيابية والقانونية، واللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية، والدكتور سعيد الدقاق أمين عام الحزب الوطنى بالإسكندرية، ويهدف المشروع لمحو الأمية لغير المتعلمين وإعلان الإسكندرية بلا أمية بحلول عام 3102، من خلال برنامج زمنى محدد سلفاً وبالتنسيق مع الجمعيات الأهلية فى الأحياء المختلفة، وبالتعاون مع السادة أعضاء مجلسى الشعب والشورى كل فى دائرته.. و.. و.. إلخ. ولا أشك لحظة واحدة فى صدق نوايا محافظ أسيوط اللواء نبيل العزبى، أو محافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب وكلاهما مشهود له بالكفاءة والنزاهة والجدية. فما أكثر ما قرأت مثل هذه الأخبار عن محو الأمية مئات المرات، دون أن تتحول الأمنية المستحيلة إلى واقع وفعل!! ومنذ قيام ثورة يوليو 2591 لم تنجح حكومة واحدة فى القضاء على هذه المشكلة التى استوحشت واستفحلت بل أضيف إليها مئات الألوف من خريجى الجامعات الذين لا يجيدون كتابة بضعة سطور دون خطأ إملائى واحد! واللافت للنظر، وكما جاء فى سياق نفس الخبر الذى نشرته الأهرام أنه يعقد على هامش الاحتفالية مؤتمر بمشاركة رأفت رضوان رئيس هيئة محو الأمية. مئات المؤتمرات والندوات سبقت إقامتها عبر سنوات طويلة عريضة، وحضرها أو رأسها العشرات من وزراء المعارف- زمان- أو التربية والتعليم الآن! نعم مئات المؤتمرات والندوات التى أنجبت آلاف التوصيات من عينة يجب عمل كذا.. وينبغى عمل كيت!! وتنفض المؤتمرات والندوات وتطير التوصيات فى الهواء أو تدخل أدراج النسيان ثم لا حس ولا خبر بعد ذلك!! وما هو الفرق بين المؤتمر الذى سيعقد خلال أسابيع أو شهور عن مئات المؤتمرات التى سبقته سواء فى القرن العشرين أو القرن الحادى والعشرين!! ما الفرق بين دراسات وأبحاث هذا المؤتمر وبين أبحاث ودراسات عديدة سبق أن ناقشت وحللت مشكلة محو الأمية، ووضعت تصورات ورؤى لحلولها!! ندوات ومؤتمرات محو الأمية التى لا حصر لها، تذكرنى بندوات مماثلة ومؤتمرات مشابهة بحثت وناقشت أحوال الرياضة المصرية!! ومثلها أيضاً ناقشت أحوال السينما المصرية؟! وعشرات المؤتمرات والندوات ناقشت أزمة القيم أو مأزق منظومة القيم- بلغة أهل النخبة. أما الندوات والمؤتمرات الأقل شهرة فتناقش موضوعات لطيفة وظريفة من عينة الاكتئاب مرض العصر أو الغيرة القاتلة أو السعادة الزوجية بين الممكن والمستحيل أوأدب الأطفال إلى أين أو لماذا غابت أغنية الطفل، أما عفريت الأسعار المنفلت فقد شهد آلاف المؤتمرات والندوات والتوصيات!! أما لماذا فشلت كل هذه الندوات والمؤتمرات فى حل المشاكل التى نعانيها، فالإجابة ببساطة شديدة أن العيب فينا نحن الناس وليس فى تكرار الندوات والتوصيات!!؟