مصر.. أمة فى خطر!! ليس هذا كلامى!! بل هو ما تحذر منه التقارير العالمية باعتبار (مصر) من أكثر الدول تضررا من تغيرات المناخ، فالغموض العالمى الذى يغطى على التلاعب والعبث بمكونات المناخ بأياد بشرية وعلماء مجهولين، واستخدام المناخ كأخطر سلاح للتدمير الشامل.. كل هذا يهدد بغرق دلتا نهر النيل، وخسارة سدس أراضى مصر الزراعية الخصبة، وتشريد أكثر من (10 ملايين إنسان) هم سكان الدلتا والمدن الساحلية!! فهل استعد المسئولون وصانعو القرار والسياسيون لحماية مصر من هذه الكارثة المحققة؟! للأسف الشديد كل التقارير الدولية والعالمية تحذر من أن (مصر) من أكثر الدول تضررا من تغيرات المناخ، وأن أكثر من (20٪) من أراضى الدلتا سوف يلتهمها البحر ومهددة بالغرق، طبقا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية (IPCC)، بالاشتراك مع منظمة الأرصاد العالمية (WMO)، وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة، وهذه التحذيرات الشديدة تثار منذ عام 1995!! والسؤال المهم: هل استعد المسئولون فى مصر منذ عام (1995) لما قد يصيب مصر من أضرار بسبب التغيرات المناخية؟! هل سمعوا عن شىء اسمه (حروب المناخ)؟! هل يعلمون أن قوى الشر فى العالم تستخدم (المناخ) كأخطر سلاح للتدمير الشامل؟! أم أنهم اعتبروا هذه التقارير الدولية التى تؤكد (غرق دلتا نهر النيل) تخاريف علماء؟! والكارثة الأكبر ماذا فعلنا لحماية أكثر من (10ملايين إنسان) من التشرد هم سكان الدلتا والمدن الساحلية؟! وماذا فعلنا لحماية سدس أراضى مصر الزراعية والخصبة من الغرق؟! الحقيقة المؤلمة أننا لم نفعل شيئا!! وشغلتنا القضايا العبيطة والمتخلفة مثل هل تزوج عبدالحليم حافظ من سعاد حسنى؟! وهل تزوجت سعاد حسنى من عبدالحليم حافظ؟! أما قضايا حروب المناخ، وغرق الدلتا، وتشرد الملايين من الناس ففى ستين ألف داهية!! * مصر تستغيث!! يا سادة: إننى أتحدث إليكم بكل الصراحة الحزينة والمؤلمة إذا لم ننجح فى إيصال رسالة عاجلة إلى السياسيين المصريين وأعضاء مجلسى الشعب والشورى ومجلس الوزراء والمسئولين وصانعى القرار، من أجل إنقاذ دلتا النيل من الغرق واعتبارها قضية حياة أو موت، فإننا نغامر بنسف حقوقنا فى حياة آمنة لنا ولأطفالنا، خاصة بعد استخدام قوى الشر فى العالم للمناخ كأخطر سلاح للدمار الشامل، وقهر وإخضاع وإذلال الشعوب، ويكفى أن مصر أطلقت صرخة تحذير ونداءً دوليا لإنقاذ دلتا نهر النيل من الغرق فى مؤتمر «بالى» بأندونيسيا بسبب الغموض الشديد الذى يكتنف التغيرات المناخية، وارتفاع درجة حرارة الأرض، وطالبت مصر بضرورة وضع قائمة عاجلة تضم الدول الأكثر تضررا من ظاهرة التغيرات المناخية التى تهدد الكرة الأرضية بكوارث مميتة، وتنذر بتهديد خطير للبشرية والحياة نفسها فى جميع أنحاء العالم. يعتبر ارتفاع سطح البحر الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض من أخطر التأثيرات التى تواجه المناطق المنخفضة من دلتا نهر النيل، حيث يتوقع العلماء أن ترتفع درجة الحرارة بين (2-4 درجات)، وأن منسوب مياه البحار والمحيطات قد يرتفع مترا أو اثنين أو أكثر، فكل الاحتمالات قائمة، وقد يؤدى هذا إلى أن تتعرض مناطق شاسعة من الدلتا لمخاطر الغرق المباشر، كما تتعرض مناطق أوسع لمخاطر تغلغل المياه المالحة فى المياه الجوفية مما يسبب ارتفاع ملوحة التربة، وما يصاحبها من نقص فى المحاصيل والإنتاج الزراعى، وانتشار المجاعات، وتشرد ونزوح الملايين من البشر إلى مناطق أخرى، وظهور ما يسمى «بلاجئ المناخ» حيث من المتوقع أن يتعرض (200مليون لاجئ) خلال ال 25 سنة القادمة إلى خطر المناخ بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض. * غرق دلتا مصر.. يهدد الأمن القومى الخطير فعلا أن ارتفاع درجة حرارة الأرض قد حدث بالفعل منذ سنوات طويلة، وقد اعترف بها ليس فقط الخبراء والعلماء، وإنما أيضا «السياسيون» الذين يمتلكون سلطة اتخاذ القرار لمواجهة التهديدات والكوارث المتوقعة، ففى المؤتمر العالمى لتغيرات المناخ الذى عقد فى «تورنتو» بكندا عام 1998تأكد فيه أن حرارة العالم بالفعل فى تزايد مستمر، ولم يعد ينفع معها سياسة (انتظر حتى نرى)!! وصدمتنا سطور تقرير «تورنتو» عندما حذر العلماء من أن «البشرية تقوم بتجربة على اتساع الكرة الأرضية، لا تقل خطورة نتائجها عن حرب كونية نووية»!! المشكلة المرعبة الآن أننا نشاهد فى مصر نتائج ارتفاع مستوى سطح البحر وآثار ارتفاع درجة حرارة الأرض، فالنحر أكل شواطئ مصيف رشيد خلال الأعوام الأخيرة، وهو نفسه ما يحدث فى مناطق رأس البر والبرلس وإدكو، بل وفى الإسكندرية بلغ النحر مداه عندما ابتعدت «منارة الإسكندرية» إحدى عجائب الدنيا السبع بمسافة (2 كيلو متر) من الشاطئ، ليس هذا فقط بل أن مدينة الإسكندرية سوف تفصلها المياه عن باقى مصر، وهذا الارتفاع فى مستوى البحار سوف يؤدى إلى إغراق الشواطئ المصرية بالماء إلى داخل الدلتا بمسافة تتراوح بين (20-30 كيلو مترا)، والمحزن أن السواحل المصرية لا ترتفع عن سطح البحر إلا بأكثر من (نصف متر) وهو ارتفاع قليل جدا، وأكد الباحثون «بمعهد وودز هول للبحار بالولايات المتحدةالأمريكية» أن ارتفاع مستوى البحر من «متر واحد إلى 3 أمتار»، سيؤدى إلى فقدان (20٪) من مساحة الدلتا وهذه المساحة يقطنها أكثر من (10 ملايين إنسان) يمثلون (12٪) من السكان، وتعطى هذه المساحة (20٪) من الناتج القومى المصرى. * إنقاذ دلتا مصر.. حياة أو موت هل يعلم السياسيون فى مصر ما أكده العلماء الأمريكان (جون مليمان - وجيمس برودس) وزملاؤهم بمعهد (وودز هول) لعلوم البحار، من العواقب الوخيمة والكوارث الإنسانية والاقتصادية لارتفاع مستوى سطح البحر فى مصر، خاصة أن دلتا نهر النيل فى مصر كبيرة وواسعة ومزدحمة بالسكان، وحينما تقام الخزانات والسدود مثل السد العالى كما فى حالة نهر النيل تكون تأثيرات الغمر والغرق وتآكل الشواطئ شديدة للغاية، ولقد حجزت مياه النيل تماما منذ الانتهاء من إنشاء السد العالى بأسوان فى عام 1964، ولهذا السبب انعدمت الرواسب والطمى وقلت المياه العذبة التى يلقى بها النيل فى البحر المتوسط، وباتحاد الرواسب مع هذا الانخساف الحادث فى الدلتا حدث تآكل مذهل فى شواطئ الدلتا، ففيما بين (عامى 1966و 1974) تآكلت مناطق كثيرة من الشواطئ المصرية بمعدل زاد على (المتر سنويا)، وفقد بعض الشواطئ ما زاد على (100 متر) سنويا، والمشكلة فى مصر أن الناس يعيشون على حوالى (5,3٪ فقط) من الأرض، والكثافة السكانية داخل هذه المساحة تبلغ (1800 شخص) فى الكيلو متر المربع، وهى ضعف الكثافةالسكانية فى بنجلاديش!! المرعب أكثر أن معظم أراضى مصر الزراعية الخصبة وذات الإنتاجية العالية تقع داخل دلتا النيل، وفى دراسة مهمة باستخدام الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد كانت هناك حقائق مخيفة عن تقلص مساحة الأراضى الزراعية فى محافظة كفر الشيخ خلال عقدين من الزمن بلغ حوالى (20٪) أى بمعدل (2٪ سنويا)، والدراسة الثانية أكدت أن منطقة «شرق الدلتا» فقدت حوالى (34٪) من مساحة الأراضى الزراعية، ولو استمر الحال فى مصر على هذا النحو فمن المتوقع أن تفقد مصر جميع أراضى الدلتا الزراعية خلال (60 عاما)، المؤسف أن هناك خطرا حقيقيا يغتال أراضى الدلتا الزراعية كل يوم ولا أحد يتحرك أو حتى يحزن!! والمثير للسخرية والدهشة أنه لا توجد إحصائية دقيقة حول مساحة الأراضى الزراعية فى مصر!! المفاجأة!! يبدو أن دلتا مصر لن تغرق فقط!! بل نحن الذين سنظل غارقين أيضا فى بحور الخرافات والخزعبلات وسيطرة القضايا التافهة والمتخلفة والعبيطة على عقولنا!! لذلك نناشد المسئولين والسياسيين وكل من يحب مصر الإسراع وألا يتباطأ فى اتخاذ القرارات المصيرية لمواجهة كارثة حروب المناخ الخفية والسرية التى تشن ضد مصر لقهرها وتجويعها وإذلالها وإخضاعها، يا سادة: إن عالمنا سيتغير ليس فقط بسبب تغيرات المناخ، ولكن بسبب تأخر قرارات السياسيين!! وعليه العوض ومنه العوض!!