حذر مؤتمر المبادرة العربية لمواجهة آثار تغير المناخ، من تأثيرات سلبية شديدة ستعانى منها الدول العربية بسبب تغير المناخ، خاصة مصر، فى ظل التوقعات بلجوء الملاحة الدولية إلى مسار بديل لقناة السويس بعد ذوبان أجزاء من المحيط المتجمد الشمالى، مما سيؤثر بالسلب على عائدات المصدر الثانى للدخل القومى فى مصر، إلى جانب احتمالية تعرض أجزاء من دلتا النيل للغرق، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤدى إلى تهجير الملايين. واتفق المشاركون فى المؤتمر الذى نظمه المركز القومى لبحوث المياه، أمس، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى، على أن المناطق الساحلية فى الدول العربية ستكون الأكثر تضرراً من هذه التغيرات، بسبب ارتفاع الكثافة السكانية فى هذه المناطق والتى تصل إلى 50% من إجمالى عدد السكان فى المنطقة العربية البالغ أكثر من 360 مليون نسمة، والذى يتوقع أن يرتفع إلى 600 مليون بحلول عام 2050 . وقالت الدكتورة شادن عبدالجواد، رئيس المركز القومى لبحوث المياه، إن الدراسات العلمية تعد نماذج مختلفة للآثار السلبية للتغيرات المناخية، لعرضها على حكومات الدول، تمهيداً لتنفيذ خطط من شأنها الحد من تلك الآثار. وأضافت شادن فى كلمتها أمام المؤتمر أن التغيرات المناخية سوف تؤثر سلبياً على المناطق الساحلية للدول العربية، خاصة أنها أنفقت المليارات على إقامة المشروعات الاستثمارية فى هذه المناطق، مشيرة إلى أن أكثر المشكلات التى تواجهنا هى نقص المعلومات وعدم التنسيق بين الهيئات وفقد مساحات من الأراضى الزراعية بسبب تآكل الشواطئ وملوحة التربة وتداخل مياه البحر مع الخزان الجوفى فى شمال الدلتا. وأكدت رئيس المركز القومى لبحوث المياه أنه تجرى حالياً متابعة مستوى ملوحة مياه الرى فى المناطق الشمالية والمياه الجوفية وحركة المياه على السواحل، موضحة أنه تتم دراسة هذه التغيرات وآثارها من خلال نموذج رياضى مصرى وآخر أمريكى، للكشف عن التغيرات المناخية التى تتعرض لها مصر، ووضع حلول عملية للحد من تأثيرها. وأضافت أنه تم إعداد دراستين عن التغيرات المناخية: الأولى تدور حول التعامل مع التغير المناخى وآثاره على السواحل المصرية من بورسعيد وحتى الإسكندرية، والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لها، والدراسة الأخرى عن تكلفة التغير المناخى فى هذه المناطق. من جانبه، أكد الدكتور مصطفى طلبة، الخبير الدولى فى البيئة، أن أزمة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية ترتبط بشكل أساسى بموضوع ارتفاع درجة حرارة الأرض وذلك لتسببه فى ارتفاع سطح البحر وتمدد مياهه، مشيراً إلى أن مشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض سوف تؤدى إلى التسريع بالآثار السلبية للتغيرات المناخية وتعرض مناطق كثيرة للغرق، منها شمال الدلتا. وقال طلبة فى مداخلة له خلال الجلسة الأولى للمؤتمر: «حتى الآن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية محدودة، ولكن فى حالة ذوبان الجليد فى المحيط القطبى الشمالى فستتعرض المنطقة لكارثة مزيد من الغرق، بالإضافة التى تأثيرها على الانتاجين الزراعى والسمكى، وزيادة أعداد العاطلين من الفلاحين المشتغلين بالزراعة». وأشار طلبة إلى ضرورة وضع الخطط اللازمة لحماية المناطق الهشة والضعيفة فى شمال الدلتا من تأثير ارتفاع مياه سطح البحر وعدم التقليل من خطورته، مشيرا إلى أهمية تنفيذ الحكومة خططاً عملية لحماية هذه المناطق من الغرق، وألا «تضع يدها فى المياه الباردة»، وتترك للأجيال المقبلة مهمة التعامل مع «مصيبة» التغيرات المناخية. وأكد الدكتور عصام حجى، الخبير بوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، أنه لا توجد دراسات مستقبلية فى مصر عن الآثار المتوقعة للتغيرات المناخية، مشيراً إلى أنه من المحتمل حدوث تداخل بين مياه البحر المتوسط والمياه الجوفية العذبة فى شمال الدلتا. وشدد حجى على أن أخطر الآثار السلبية للتغيرات المناخية هو أن الطرق الملاحية بين آسيا وأوروبا الغربية قد لا تحتاج للمرور بقناة السويس، بسبب صلاحية أجزاء من المحيط المتجمد الشمالى للملاحة طوال العام، مما سيؤثر سلبياً على حركة الملاحة بالقناة. وكشف الخبير بوكالة الفضاء الأمريكية عن أنه من المتوقع تعرض أكثر من 2500 كيلو متر مربع من الأراضى الزراعية للتدهور فى الإنتاجية بسبب التغيرات المناخية خلال ال25 عاما المقبلة، مطالباً بضرورة إقامة قاعدة مشتركة للبيانات بين مصر والمنطقة العربية للاستفادة منها فى تنفيذ مشروعات من شأنها الحد من تأثير هذه التغيرات على الاستثمار الزراعى والصناعى والسياحى. وحذر الدكتور محمد الراعى، أستاذ البيئة بجامعة الإسكندرية، من أن ارتفاع سطح مياه البحر بسبب التغيرات المناخية له العديد من النتائج، منها الغرق المباشر لبعض المناطق الهشة فى شمال الدلتا، وتغلغل مياه البحر فى هذه المنطقة، مما يؤدى الى ملوحة التربة وتداخل مياه البحر المتوسط مع مياه الخزان الجوفى، بالإضافة إلى تعرض المنطقة للعواصف الرملية والبحرية والترابية التى ترتفع مع زيادة معدلات ارتفاع درجات الحرارة. وشدد الراعى خلال كلمته أمام المؤتمر على أن مصر من أكثر دول العالم تضررا من التغيرات المناخية، مشيراً إلى ظهور آثارها السلبية فى هبوط بعض الأراضى فى مدينة الإسكندرية على سبيل المثال بمعدل 5 ملليمترات سنويا.