حلم الحصول علي كل شيء هو حلم يراود الأغلبية وهذا يحمل في طياته قدرا كبيرا من حب الذات والأنانية، ففكرة الحصول علي «الواحد الصحيح» في حد ذاتها أمر مُستحيل. وليس غريبا علي السيناريست تامر حبيب اختياره للعبة الحب وما تحتويه من مشاعر عاطفية مُختلفة لتحويل فكرة فيلمه لشريط سينمائي يجذب المتفرج وهذه النوعية سبق أن قدمها في أفلام ناجحة منها «سهر الليالي» الذي ضم 8 أبطال من العيار الثقيل ووقتها حقق الفيلم نجاحاً غير متوقع بخلاف الجوائز التي حصل عليها الفيلم، والفيلم الثاني «عن العشق والهوي» لمني زكي وأحمد السقا ومنة شلبي وحقق الفيلم نجاحاً أيضاً لكنه لم يصل لنفس درجة نجاح فيلم «سهر الليالي». أول ما يلفت انتباهك في فيلم «واحد صحيح» هو الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها أبطال الفيلم وهي نفس الطبقة التي اعتمد عليها بطل الفيلم هاني سلامة في أفلامه الرومانسية السابقة مثل «السلم والثعبان» و«أنت عمري» وغيرها وقد لايضع المتفرج ذلك في حساباته اعتمادا علي أن مشاعر الحب المتباينة لا تفرق بين غني وفقير، فأحاسيس المرأة واحدة في جميع الطبقات لكن ذلك لا يعفي هاني سلامة من حصر نفسه فنياً في طبقة اجتماعية معينة لأكثر من عشر سنوات. نعود لفيلم «واحد صحيح» نحن هنا أمام شخصيات مُتباينة منها الأناني والمهزوم في حبه والذي ضحي بحبه لاختلاف الديانة ويبقي هدف محاولة الحصول علي كل شيء هو الشيء المشترك في شخصيات مؤلف الفيلم لكنهم فشلوا في الوصول لاكتمال رغباتهم، دائما هناك شيء ينقصهم. «بااحب نفسي قوي وبااحب الستات لأن اللي مش ها يعرف يحب نفسه مش ها يعرف يحب اللي حواليه» هذه هي قناعة الشخصية الرئيسية بالفيلم التي جسدها مهندس الديكور عبدالله «هاني سلامة» التي قالها علي لسانه بأول مشاهده بالفيلم فهو يبحث عن كل نساء العالم في امرأة واحدة والوحيدة التي تستطيع إعطاءه هذا الإحساس لايستطيع الزواج منها، يدور في فلك «عبدالله» 4 شخصيات نسائية وكل واحدة منهن تبحث عن الكمال في حياتها. أبرزهن هي بسمة «نادين» الصديقة الأنتيم لهاني سلامة «عبدالله» التي تتولي مهمة البحث له عن عروسة مناسبة فهي تعتبره بمثابة ابنها وليس بمثابة شقيقها، وفي ذات الوقت هي مطلقة من شريكه في العمل «عمرو يوسف» ولديها منه طفلة لكن مع نهاية الأحداث يكشف المؤلف حقيقة مشاعرها تجاه بطل الفيلم وفشلها في الحصول علي كل شيء، أما أجرأ الشخصيات النسائية وأجملها بالفيلم كانت لرانيا يوسف التي لعبت دور الدكتورة فريدة. وهذا الدور كان معروضا علي غادة عادل لكنها اعتذرت عنه ووقتها تردد أن وجود مشهد بالمايوه المفروض أنها ستظهر به في حمام السباحة بفيللتها هو وراء اعتذارها عن الدور لكن من يشاهد الفيلم سيجد المخرج هادي الباجوري كان حريصا علي تصويره بطريقة لا تؤخذ عليه ولا علي البطلة لكن يبدو أن فكرة البطولة الجماعية لا تروق لغادة عادل أو أن أجرها في الفيلم لم يكن يرضيها لكن في النهاية كل فنان من حقه أن يبحث عما يراه في مصلحته من وجهة نظره حتي إذا كانت النتيجة خسارة دور سيضيف لتاريخه الفني.. فريدة تنتمي لأسرة فقيرة وتسعي للزواج من رجل أعمال ثري زكي فطين عبدالوهاب «أياد» رغم علمها أنه شاذ جنسياً لكنها اعتبرت زواجها منه بمثابة عقد اتفاق مثل أي عقد آخر فهي تمنحه الشكل الاجتماعي مقابل انتشالها من عالم الفقر هي وأسرتها. وعندما تحاول الحصول علي الكمال أو الواحد الصحيح من خلال علاقتها بمهندس الديكور «عبدالله» هاني سلامة تفشل فهي أحبته بصدق لكنها بالنسبة له لم تكن سوي امرأة للمتعة فقط لذلك يلفظها بمجرد إحساسة بمحاولتها إفساد حياته، ويتم طلاقها بعد اكتشاف زوجها أمر علاقتهما المُحرمة. تفاصيل شخصية دكتورة فريدة «رانيا يوسف» تغري أي ممثلة ومثل هذا الدور يحتاج ممثلة تتوافر فيها مقومات هذه الشخصية الطاغية الأنوثة، أما كندة علوش «أميرة» الفتاة المسيحية وأهم امرأة في حياة بطل الفيلم لأنهه حبه الأول الحقيقي والتي تختار الاختفاء من حياتة رغم حبها له لتعيش «راهبة» في الكنيسة حتي لاتكرر تجربة والدها الذي تزوج مسلمة . أيضا ياسمين رئيس «مريم» المذيعة التي لم تستطع الفوز بعبدالله «هاني سلامة» كعريس لها رغم محاولات نادين «بسمة» للتوفيق بينهما. أجمل ما في الفيلم هو نهايته وكذلك التقاء هاني سلامة بالسيناريست تامر حبيب، كلاهما له رصيد في تقديم الأفلام الرومانسية الناجحة وبمناسبة هاني سلامة نحن حتي هذه اللحظة لم نر ممثلا ينافسه في هذه المنطقة منذ قيامة ببطولة فيلم «السلم والثعبان» أي منذ 11 عام تقريباً أما كندة علوش وبسمة فقد لعبا ادوارهما كما هي مطلوبة منهما ، وأريد توجيه تحية للنجم محمود حميدة الذي أدي بصوته دور والد كندة علوش بالفيلم. أما السيناريست تامر حبيب فلا أدري لماذا يهدر موهبته في تقديم برامج خفيفة فهو كمؤلف له بريق في الأعمال السينمائية أكثر من الدراما التليفزيونية أما عمرو يوسف فقد لعب دور طليق بسمة «نادين» الذي يعلم حقيقة مشاعرها تجاه شريكه في العمل عبدالله «هاني سلامة» بتلقائية وقد اختار عمرو يوسف طريقة الأداء الهادي الذي يعتمد علي الانفعالات الداخلية أكثر من الأداء الصاخب وهذ أصعب بالنسبة للفنان ومن أقوي مشاهده هي التي جمعته ب «هاني سلامة» بعد رفض طليقته «بسمة» حضور زفاف عبدالله «هاني سلامة» علي ياسمين رئيس «مريم» بحجة مرض ابنتها فهو الوحيد الذي يعلم سبب رفضها حضور زفاف «عبدالله» لذلك أخبره بحتمية انفصالهما كشركاء في العمل. أما هادي الباجوري فهو كمخرج يعرفه الجمهور جيدا من خلال تميزه كمخرج للكليبات الغنائية لكنه في «واحد صحيح» يقدم أوراق اعتماده كمخرج له رؤية سينمائية تضعه في منطقة جيدة وسط مخرجي السينما ويُحسب له رؤيته الفنية لتفاصيل كل شخصية علي حدة وحفاظه علي إيقاع فيلمه وتوجيهه الجيد لأبطاله خاصة أداء هاني سلامة فهو مع هادي الباجوري مُختلف تماما ويحسب للمخرج أنه لم يستخدم «كلوز» العين لبطل الفيلم الذي كان يعتمد عليه أغلب المخرجين الذين عمل معهم هاني سلامة. أيضا لا نستطيع إغفال دور زكي فطين عبدالوهاب فهو ممثل جيد أعطي ثقلا لدوره رغم صغر مساحته وكذلك زيزي البدراوي التي لعبت دور أم «هاني سلامة». شهد الفيلم ميلاد ياسمين رئيس ورغم أنها ظهرت في أعمال فنية من قبل إلا أن فيلم «واحد صحيح» هو الميلاد الحقيقي لها فنيا، ونفس الشيء بالنسبة لعمرو صالح الذي لعب دور مُخرج برنامج المذيعة مريم «ياسمين رئيس». وأخيرا.. عندما علمت أن هاني سلامة سيقدم فيلم «واحد صحيح» مع أحمد السبكي توقعت أن التجربة ستُخفض من أسهمه وستسحب من رصيده الفني وعندما علمت أن المؤلف هو تامر حبيب تساءلت ما الذي جمع أسماء لها رصيد فني يُحترم مع الجمهور مع مُنتج لا هم له سوي توفير التوليفة التجارية الشهيرة «راقصة» ومطرب شعبي «وكوميديان». في معظم أفلامه طبعاً تيترات الفيلم تحمل اسم كريم ابن أحمد السبكي لكن المؤكد أنه يعمل تحت جناح والده ذي الخبرة الكبيرة بعالم الإنتاج والمؤكد أيضا أن أحمد السبكي علي مدار تاريخه في عالم الإنتاج صنع أفلاما لها قيمة لا نستطيع إنكارها لكنها لا تتعدي أصابع اليد ومثل هذه النوعية من الأفلام هي التي تفرض قانونها عليه بعيدا عن قناعاته وتكون عناصر كل فيلم علي حدة من أبطال ومخرجين ومؤلفين بمثابة قوة ضغط عليه لا يستطيع فرض قانونه عليهم. ويعتبر «واحد صحيح» من الأفلام التي فرضت قانونها عليه مع الوضع في الاعتبار أنه لم ينتج من قبل علي مدار تاريخه في عالم الإنتاج هذه النوعية علي الإطلاق والمُثير أن الفيلم وجد إقبالا جماهيريا لمسته بنفسي عندما حضرت الفيلم بإحدي الحفلات الصباحية وهذا يعني أن «واحد صحيح» حقق معادلة «الفيلم الجماهيري بالإضافة للمستوي الفني الجيد» لذلك عليه إعادة حساباته وينتج أفلاما بعيدة عن توليفة عائلة السبكي الشهيرة.