لم أكن مُتحمسة كثيراً لمشاهدة فيلم «بيبو وبشير» لعدة أسباب أولها أن الفيلم لم يحقق إيرادات فى موسم أفلام العيد وثانيا أن بطلته «منة شلبى» تُعانى منذ فترة من حالة إخفاق فى اختيار أدوارها السينمائية وقد ظهر ذلك فى فيلم «إذاعة حب» لشريف سلامة الذى عُرِضَ قبل شهر رمضان وقبله فيلم «نور عينى» لتامر حُسنى لكن فى ذات الوقت كانت هناك أسباب أخرى تدفعنى لمشاهدته أولها أن طبيعة عملى تفرض علىَّ مشاهدة كل الأفلام المعروضة. ثانياً الإيرادات لم تكن يوماً هى المؤشر الحقيقى لجودة الأفلام وثالثاً لشغفى فى معرفة مدى تألق آسر ياسين فى تقديم اللون الكوميدى خاصة أنه تميز ونجح فى تقديم أدوار درامية مُركبة فى العديد من الأفلام من قبل منها «رسايل البحر» للمخُرج داوود عبد السيد و«الوعد» للسيناريست وحيد حامد وأخيراً لشغفى بمشاهدة مريم ابوعوف كمُخرجة تقدم تجربتها السينمائية الاولى بعد نجاحها كمخرجة دراما مع نجمة بحجم ليلى علوى فى مسلسل «هالة والمستخبى»، وهى بالمناسبة عملت كمساعد مخرج لأكثر من خمس سنوات بجانب عملها فى مجال الإعلانات ولها تجارب مع الأفلام التسجيلية وقد شاركت فى إخراج فيلم «18 يوم» الذى عُرِضَ فى مهرجان «كان». نعود لفيلم بيبو وبشير الذى شاهدته فى حفلة الواحدة ظهرا بسينما سيتى ستارز وموعد هذه الحفلة عادة لا يكون عليه إقبال جماهيرى وبلغة أصحاب السينمات يسمونها موعد «ميت» لكن ما شاهدته أن قاعة العرض كانت تقريبا كاملة العدد ولم يكن بها إلا الصفان الأماميان فقط هما اللذان بلا جمهور وكانت هذه بداية طيبة لى وقلت لنفسى قبل مشاهدة الفيلم ربما تكون الدعاية السماعية الجيدة للفيلم هى التى جعلت الجمهور يقبل عليه على عكس ماحدث معه فى موسم العيد. أما الفيلم نفسه فأنت عندما تشاهده ستشعر أنك أمام فكرة فيلم قريبة الشبه من فكرة أفلام أخرى سبق تنفيذها بأبطال آخرين ومواقف درامية مختلفة. هنا الفيلم يعتمد على كوميديا الموقف نفسه لذلك لابد أن تجد نفسك متورطا فى الضحك ورغم أن حالتى المزاجية لم تكن مهيأة لاستقبال هذه النوعية إلا أن مُخرجة الفيلم نجحت فى إطلاق خيالها مع ما كتبه مؤلفا الفيلم هشام ماجد وكريم فهمى لتسحب المتفرج لعالم بطلى فيلمها اللذين يضطران للإقامة فى شقة واحدة لكن فى مواعيد مختلفة ولايعرف أى منهما أن الآخر يقتسم معه الشقة ولابد طبعا من وجود طرف ثالث ليلعب دور العقل المدبر لهذه الحيلة وهو صديق البطل الذى لجأ لهذه الحيلة حتى يرضى قريبه صاحب الشقة الذى لايتنازل عن مبلغ 4000 جنيه كإيجار لشقته، لذلك يقرر تأجيرها لصديقه آسر ياسين «بشير» بمبلغ ألفى جنيه وفى ذات الوقت يؤجرها لمنة شلبى «بيبو» بألفى جنيه أخرى ومثل هذه الفكرة لابد أن يتفجر منها مواقف كوميدية - وطبعا رؤية المخرج وكاتب السيناريو يكون لهما دور فى نجاح مثل هذه النوعية. وبصراحة تعجبت كثيرا من هجوم البعض على الفيلم بحجة أنه مقتبس من فيلم «غريب فى بيتى» .. ففيلم «بيبو وبشير» فكرته قامت على شخصين يقيمان فى شقة واحدة دون أن يعرف الآخر أن هناك من يشاركه الشقة، وقد تتشابه فكرته من فكرة فيلم «غريب فى بيتى» لوحيد حامد والمُخرج سمير سيف لكن التناول فى الفيلمين مختلفان تماما، ففى فيلم وحيد حامد شاهدنا نور الشريف يجسد شخصية شحاته أبوكف لاعب كرة القدم الذى يدخل فى صراع ومشاجرات مع سعاد حسنى «عفاف» الأرملة منذ بداية أحداث الفيلم ليثبت أنه الأحق بالشقة نظراً لتعرضهما لعملية نصب من شخص أجر الشقة لكليهما وطبعاًالفرق واضح بين الفيلمين فيلم «بيبو وبشير» أكد أن هناك مُخرجة لديها رؤية فنية خاصة ومهارة فى توجيه أبطال فيلمها وضبط إيقاعه ويُحسب لها أنها قدمت نفسها كمخرجة سينمائية من خلال عمل كوميدى يعتمد على كوميديا الموقف وهو أصعب الأنواع ومن النادر تقبل الجمهور لهذه النوعية إلا إذا كانت مصنوعة بحرفية وبذلك سينضم «بيبو وبشير» لقائمة الأفلام الناجحة التى اعتمدت على كوميديا الموقف. سواء من الأفلام القديمة أو الحديثة. * أبطال الفيلم نجحت «منة شلبى» فى تجسيد شخصية عبير «بيبو» الفتاة البورسعيدية الجدعة التى تأخذ حقها بذراعها ولايخشى عليها والداها من إقامتها بمفردها فى القاهرة فهى تعمل ضمن فرقة موسيقية وبالتحديد تعزف على ألة «الدرامز» وزُملاؤها يعاملونها كرجل مثلهم. والطريف أن «منة» صرحت فى أحد حواراتها أن شخصيتها فى الفيلم تتشابه كثيراً مع شخصيتها الحقيقية وأصدقاءها الرجال يتعاملون معها على أنها رجل مثلهم. وفى هذا الفيلم عادت «منة» لتألقها الذى اعتدنا عليه فى معظم أفلامها وسينضم فيلمها «بيبو وبشير» لقائمة أدوارها الناجحة فى العديد من الأفلام منها «أحلى الأوقات»، و«أنت عمرى»، و«بنات وسط البلد»، «ويجا»، و«العشق والهوى» وغيرها، أما «آسر ياسين» فهو أهم مُفاجآت الفيلم فهو مُمثل حتى النخاع، قادر على التلون فى نوعيات مُختلفة من الأدوار بنفس درجة التألق وعندما شاهدناه فى أدوار جادة توقعنا أنه سيتميز فى تلك المنطقة فقط لكنه فى فيلم «بيبو وبشير» أثبت العكس وأكد أن كفة «المُمثل» لديه أرجح من كفة «النجم» فهو فى هذا الفيلم يجسد شخصية بشير الذى يعمل كمترجم لغة لمدرب منتخب كرة السلة التنزانى الذى يتورط فى مشاركة منة شلبى «بيبو» فى نفس الشقة دون أن يعرف أنها حبيبته التى يقابلها بالخارج وقد نجح آسر ياسين فى اختيار لوك الشخصية التى يجسدها وظهر ذلك فى شكل الشعر المفروض أن والدته من تنزانيا ووالده مصرى ، أما الممثل محمد ممدوح فنستطيع القول أنه أخذ فرصة لابأس بها فى هذا الفيلم ليكون دوره فيه بمثابة نقطة الإنطلاق لأدوار متنوعة نحن لانزال نعانى من قلة الممثلين الموهوبين فى لعب الأدوار الثانية لأن الكثيرين منهم بمجرد تحقيقهم لبعض النجاحات نجدهم يتطلعون للعب أدوار البطولة المطلقة وللأسف يحققون فشلا ذريعا وتظل الأدوار الثانية التى جسدوها مع النجوم هى أجمل أدوارهم التى لاينساها الجمهور ونتمنى أن يعى محمد ممدوح الدرس ممن سبقوه. وفى الفيلم لعب دور صديق البطل الذى يورطه فى تأجير الشقة من الثامنة مساء وحتى الثامنة صباحا أما الفترة المتبقية فتكون من نصيب منة شلبى «بيبو» وطبعا استغل صديق البطل اختلاف طبيعة عمل كلا من «بيبو» و«بشير» ليلعب لعبته الدرامية معهما التى تحتدم عند تواجد «بيبو وبشير» فى توقيت واحد بالشقة.تحية للنجوم الكبار الذين ساندوا هذه التجربة وعلى رأسهم صفية العمرى وعزت أبوعوف الذى تعتبر مشاركته فى هذا الفيلم لها مذاق خاص لأن الفيلم يحمل توقيع ابنته. أيضا لايستطيع المتفرج نسيان المشهد الوحيد لباسم سمرة فى الطائرة وهو يلتهم برطمان العسل بأصابعه ويحاول إغراء كل من «بيبو وبشير» بالتهام العسل من يديه طبعاً طريقة أداء باسم أعطت للمشهد مذاقا خاصا فهو ممثل من العيار الثقيل ويحسب له موافقته على أدائه عندما انتهى عرض الفيلم اكتشفت أن مدته أكثر من المعتاد وعلمت أن مخرجته اضطرت لحذف بعض المشاهد لأنها فوجئت أن مدته ساعتان ونصف وللحق يحسب لها أنها حذفت بعض المشاهد بالشكل الذى لايؤثر على الفيلم بالسلب.