لأراد رسامو الكاريكاتير المصريون التضامن مع رسام الكاريكاتير السورى الكبير على فرزات فى محنته بعد أن اعتدى عليه مجموعة من البلطجية لانتقاده النظام السورى فكان لهم ما أرادوا وقدموا احتفالية تليق بقيمة وقامة الرسام العربى الكبير، حيث استضاف أتيليه القاهرة معرضا ضم رسومات فرزات مع رسومات أخرى لرسامى كاريكاتير مصريين لإعلان تضامنهم وتأييدهم لفرزات. المعرض الذى نظمه متحف الكاريكاتير بالفيوم والجمعية المصرية للكاريكاتير جاء فى حجم وقيمة فرزات الرسام الذى عرف برسوماته الجريئة التى كانت سببا فى اعتداء البلطجية عليه خاصة أنها رسومات تتناول قضايا محلية فى مجملها - العربى - ولكن مفرداتها البصرية والتشكيلية ترتفع بها إلى مستوى العالمية وكما قال أحمد طوغان رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير ومحمد عبلة رئيس الأتيليه فى افتتاح المعرض فإن على فرزات آمن بدور رسام الكاريكاتير فى الوقوف إلى جانب شعبه والدفاع عن حريته وحقه فى الحياة وتسبب حادث الاعتداء عليه فى إعلاء شأنه وشأن فن الكاريكاتير كما حقق عكس ما أراده الطغاة الأغبياء وسيظل فرزات قامة كبيرة تمنحنا الحرية برسوماته التى تقف ضد الديكتاتوريين والطغاة. والمعرض المهم ينقسم إلى قسمين: الأول يضم رسومات فرزات المعبرة والخالية فى معظمها من التعليقات والكلمات والجزء الآخر يضم رسومات الرسامين المصريين تضامنا وحبا لفرزات. ونلاحظ فى رسومات فرزات قدرتها على مهاجمة الطغاة والديكتاتوريين بشكل إبداعى رائع، فالنظام السلطوى يرتدى قناعا فى شكل حمار وعندما يحاول خلعه تجد تحت القناع حمارا أيضا وهناك نماذج مستنسخة للديكتاتور وتسير على رأسه قدم الدولة العظمى، والرأس على شكل حذاء، وهناك لوحة للديكتاتور وهو يعادى الجماهير ويقف ضد التيار الشعبى ولوحة أخرى للنظام السلطوى فى شكل شجرة كبيرة أعلى الأرض بينما الثورة زهرة صغيرة جذورها أسفل الأرض، ويلعب فرزات على تلك التيمة كثيرا فى أعماله، فالحكومة رافعة شعار الإصلاح وهى تركب على حصان يقفز على الحواجز ولكنها حواجز الفساد الذى يمنعها من الإصلاح، والحكومة الجديدة فى سيارة عطلانة، فى لوحة أخرى يعطى الديكتاتور ظهره للجماهير ومخه يسقط من خلف رأسه وأخرى للديكتاتور يدوس على الشعب فى سبيل كرسى الحكم، ويصور فرزات مثقف السلطة يكتب ما تمليه عليه أجهزة المخابرات، وفى أخرى، المثقف فى شكل قلم يكتب به الديكتاتور ما يشاء، وفى لوحة أخرى رائعة يقف الزعيم العربى بشنب كبير جدا ولكن الشنب معلق عليه ملابس داخلية! وعن حرية التعبير يتألق فرزات فيرسم متظاهرين يعبرون عن آرائهم ومن ورائهم العسكر يقفون لهم بالهراوات، وفى أخرى يدوس الديكتاتور على المتظاهرين، وعن سرقة المال العام يصور فرزات المسئول قبل توليه المسئولية معدما وبعد تركه للمنصب يصبح ثريا ثراء فاحشا ويرسم أحزاب السلطة شبيهة تماما لرجال السلطة وكأنها تمثيلية مستنسخة. وفى لوحة أخرى يرسم النظام محشورا فى زجاجة والمعارضة تحاول إخراجه منها دون جدوى، وهكذا يواجه فرزات فى رسوماته الأنظمة القمعية والديكتاتورية بلا هوادة ويكشفها ويفضحها بلا مواربة وبتعليقات بسيطة تكاد تكون غير موجودة ولكنها معبرة وموحية ولهذا ما كان من رجال النظام السورى سوى معاقبته بالاعتداء عليه ولكنهم لا يعلمون أن إرادته الصلبة أقوى من الهمجية وإذا كان هو الآن فى إجازة فإنه سيعاود الرسم طالما بقى فى العمر نفس. والجزء الثانى من المعرض يضم أعمال رسامى الكاريكاتير المصريين طوغان وجورج ومصطفى حسين وجمعة وحاكم وسمر وأحمد عبد النعيم وكلها تدين الاعتداء على فرزات، بالإضافة إلى لوحة ضخمة عبر فيها جمهور المعرض عن آرائهم وأهدوها لفرزات ومن التعليقات الطريفة: جرحك جرحنا يا على وحيث تتوجه قلوبنا أنت هناك، وجرحك أغلى جرح لأنه أعطاك فكرة عمن يعشقوك، ومن يرسم هموم الناس يصبح نبضهم، وزهرة اللوتس مقدسة زى روحك بالضبط، وشكرا لإشعال أصابعك، فالأصابع الحرة تحررنا ومحال أن تنتهى. وكان الرسام السورى الكبير قد تعرض - حسب كلام ابنته ليندا- لهجوم من 4 أشخاص اعتدوا عليه بضرب مبرح وأصابوه بكدمات كثيرة فى الوجه والعيون والرقبة وحاولوا كسر أصابعه التى يرسم بها ثم سحبوه من سيارته ووضعوه فى سيارتهم ورموه على طريق المطار. ويبقى أن نعرف أن فرزات يبلغ من العمر ستين عاما وفاز بالعديد من الجوائز الدولية والعربية فى مجال الكاريكاتير ومنها جائزة مهرجان صوفيا الدولى ببلغاريا عام 1987 وجائزة الأمير كلاوس الهولندية عام 2003، وأقام له معهد العالم العربى بباريس معرضا عام 1989 ونشرت رسوماته بالعديد من الصحف العربية والأجنبية. وقد حصل فرزات على ترخيص بإصدار جريدة «الدومرى» عام 2001 وشهدت الصحيفة رواجا كبيرا إلا أنها توقفت عن الصدور بسبب مشاكل مع السلطات وأسس فرزات صالة للفن الساخر بمقر الجريدة للجمهور عبرت عن همومه وعكست واقعه وكانت لسان حاله. فى النهاية نتمنى الشفاء لعلى فرزات الذى نشرت رسوماته الضحكة والأمل فى جراح السوريين وقاومت الظلم والفساد والعنف ولاتزال.