في لقاء السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مع مجموعة من الشخصيات المصرية سألته عن رأيه في التحركات الشعبية في ذكري النكبة، فأشار إلي أهمية أن تحافظ التحركات في مصر علي الطابع السلمي، كما تم نشر تصريحات له ناشد فيها المصريين بعدم محاولة دخول فلسطين يوم 15 مايو قائلا: اهتموا بالجبهة الداخلية الآن حتي تمر المرحلة الانتقالية سريعا. أما الهدف من هذه التحركات الشعبية المصرية لدعم الانتفاضة الفلسطينية، فالإجابة أنقلها من هتافات ميدان التحرير، حيث كان الرد هو أن الهدف يتضمن التأكيد علي أن «الصهيوني هو عدوك». إنه هتاف اندلع من حناجر الثوار مع بدايات الأنشطة الشعبية السلمية المصرية الداعمة للانتفاضة الفلسطينية الثالثة في القاهرة. وكان هذا الهتاف بميدان التحرير يوم الجمعة الماضي مواكبا في الوقت ذاته للهتاف الشهير المتجدد «مسلم ومسيحي إيد واحدة» في تعبير شعبي بسيط عن أن الدعوة للانتفاضة الفلسطينية الثالثة متزامنة مع الدعوة لضرورة مواجهة الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، هو أمر يتضمن إشارة واعية إلي أن العدو هم الصهاينة، وأنهم بسبب عدائهم لنا فإن أياديهم الخفية تتحرك وتتسلل لإشعال نيران الفتن الطائفية كي تشغلنا عن مواجهتهم. وحين نقول إن أيادي الصهاينة الخفية تعبث من أجل بث الفتنة الطائفية في مصر فإن هذا القول ليس مجرد عبارات إنشائية بنظرية المؤامرة، وإنما هو حقيقة ثابتة عبر وثائقهم. ولقد أعاد «محمد سيف الدولة» نشر الوثيقة الصهيونية لتفتيت الأمة التي كان قد قدمها الدكتور عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين في قضية تنظيم ثورة مصر عام 1988. وهي وثيقة تؤكد حرص إسرائيل علي تفتيت أمتنا، ولقد تحقق علي الأرض العديد مما تضمنته تلك الوثيقة، وانظر حولك تري النتائج واضحة: فتنة طائفية بالعراق بعد احتلالها. تقسيم السودان بين الشمال والجنوب مع مواصلة العمل علي فصل الغرب في دارفور. ليبيا أصبحت شبه منقسمة بين الشرق للثوار والغرب للقذافي، وأيادي الناتو تتحرك بما لايحقق الانتصار لأي من الطرفين. اليمن عبر تشبث «علي عبد الله صالح» بالكرسي تكاد أن يطالها التقسيم. سوريا ونغمة الصراع بين الحكم العلوي الشيعي والأغلبية السنية تتضمن إشارات واضحة حول بث الفتنة الطائفية. وما يجري من الأصابع الخفية لإشعال الفتنة الطائفية في مصر هو أمر نعيشه ونتنفسه وندرك جميعا خطورته، لكن لا يدرك الكثيرون أنه مخطط صهيوني قامت أياديهم الخفية بزرعه تدريجيا، إنما انطلاقا من خطط مدروسة، فما جاء في الوثيقة الصهيونية حول مصر تضمن ما يلي: في مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين. إن تفتيت مصر إلي أقاليم جغرافية منفصلة هو هدف إسرائيل السياسي علي جبهتها الغربية. الملايين من السكان علي حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن. بخلاف الجيش فليس هناك أي قطاع يتمتع بقدر من الانضباط والفعالية. إن مصر المفككة والمقسمة إلي عناصر سيادية متعددة، علي عكس ما هي عليه الآن، سوف لا تشكل أي تهديد لإسرائيل. كانت هذه مقتطفات قصيرة مما ورد في الوثيقة الصهيونية التي تهدف في مجملها إلي تفتيت مصر وكل الدول العربية إلي كيانات صغيرة متناحرة تنشغل في النزاعات الداخلية، وتؤجل إلي أجل غير مسمي المواجهة مع العدو الرئيسي وهو الكيان الصهيوني. مما يجعل إسرائيل تنزعج بشدة من أنباء التأييد للانتفاضة الفلسطينية الذي يعني لهم أننا مازلنا ندرك أن الصهاينة هم العدو، وبما يعني لنا أن مهاجمة إسرائيل هي في الواقع دفاع عن النفس.