علي المسرح المدرج وقف ثمانون من الشباب والفتيات يرتدون جميعهم البنطلون الأسود والبلوزة البيضاء أما الوشاح فلونه أحمر، إذن فإننا منذ البداية أمام ألوان علم مصر. وأمامهم جلس فريق العزف الصغير أورج ودرامز وطبلة ورق وأوكرديون إنها الدفعة الثالثة التي تخرجت حديثاً في مركز الإبداع قسم التمثيل وغناء. أما عن كلمة السر فانها خالد جلال المخرج والمبدع الذي أخذ علي عاتقه انتقاء هذه المواهب من بين المئات الذين تقدموا فوظيفته ببساطة يطلق عليها «صائد الأحجار الكريمة» فمن بين ثلاثة آلاف تقدمت في الدفعة الثالثة اختار ثمانين ما بين تمثيل وغناء ورقص. من بين هؤلاء النجوم الشباب نجد أصواتا قوية تقف بجوار قاعة الكبار، وعلي سبيل المثال غني أغنية «عظيمة يا مصر» لوديع الصافي ويا مصر للشاعر أحمد تيمور غناها الشاب شادي عبدالسلام، أما رباب الفتاة السوداء المصرية الوجه فقد غنت «سلمولي علي مصر سلمولي» للمطربة صباح. وما شاهدناه ليس مجرد غناء إنما تقف وراء هذا العرض قيم كثيرة جداً قيمة إنكار الذات وقيمة انصهار الكل في واحد قيمة اكتشاف أجمل شيء في كل متقدم تم قبوله. وهذا ما أكد عليه معظم من غنوا في هذا العرض أما التفاصيل فتقرأها في مجلتنا صباح الخير الأسبوع القادم. كان من المقرر أن يعرض هذا العرض خمسة عشر يوماً، إلا أنه وأمام إصرار الجمهور امتد إلي خمسين ليلة، وحقيقة الأمر لا أجد سبباً لإيقافه، فمن حضروا آخر العروض ما هو إلا ربع من وقفوا واكتظوا أمام البوابة الخارجية للمسرح فلماذا إذن يتوقف!!! هل سيستمع وزير الثقافة إلي هذا المطلب؟! خرجت أمسية الغنا للوطن وحالة من الدهشة قد انتابتني.. أين هذه المواهب، فجميعهم لا يمزحون معنا ولا يضحكون علينا حتي تعبيرات وجوههم كانت واحدة مع اختلاف الأغاني فهنا وفي أغنية يابلادي يابلادي مشاعر الحزن والأسي كست وجوههم، وفي أغنية فدائي لحليم تتغير ملامحهم لتصبح التحدي والانتقام والثورة ثم بالأحضان ومشاعر من الشجن والفرح علت وجوههم. أعود لأقول أن كلمة السر هي خالد جلال الذي اختاره بمشورة بقية الفريق والمايسترو عماد الرشيدي الذي قام بتدريبهم علي الغناء ماذا يغنون فاستمعنا إلي «بالأحضان» صوت الجماهير «فدائي» «مصر مصر أمنا» وما «نقولش ايه ادتنا مصر» وغير ذلك ما بين الغناء الجماعي والصولوهات التي تألق فيها كثير منهم، لا أريد ذكر أسماء حتي تقرأوا كلماتهم الأسبوع القادم. حضرت العرض علي مدي ليلتين متتاليتين وخرجت ألعن الذين يصورون لنا أنهم الاختيار الوحيد. وليس أمامنا سواهم بل علي العكس تماما. أخر حركة مطرب واحد فقط من الثمانين شاباوفتاة يساوي عشرات الأصوات التي فرضها علينا الإعلام لا لسبب إلا ليقتلوا المشاعر بداخلنا.