رغم مرور أكثر من أسبوع علي قرار النائب العام بالتحقيق مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك.. وحبسه 15 يوما علي ذمة التحقيق.. وكذلك قرار حبس نجليه علاء وجمال مبارك 15 يوما.. وترحيلهما إلي سجن المزرعة بطرة.. وأيضا مباشرة ومواصلة التحقيقات معهما داخل السجن لدواع أمنية. رغم ما حدث وتأكد.. ورغم كل هذا إلا أن رجل الشارع البسيط.. والناس في مصر بصفة عامة يساورها الشك.. ولا تريد أن تصدق أن ما حدث يحدث.. أو يمكن أن يحدث ويعقل بأي حال من الأحوال.. الناس لا تريد أن تصدق أن الرئيس السابق يمكن أن يحاكم ويحبس.. وأن يعامل كأي مواطن عادي خرج علي القانون.. فتمت محاكمته بالقانون وأنه لا حصانة لأحد أياً كان سوي بالقانون. الناس تشعر وهي في ريبة مما يحدث أن كل هذا مجرد تمثيلية.. وأن هذه الإجراءات هي مجرد محاولة لإرضاء القوي الثورية.. وأفراد الشعب.. وأيضا محاولة لاحتواء المظاهرات المليونية الحاشدة التي هددت بالذهاب إلي شرم الشيخ لإحضار الرئيس السابق وأسرته وتقديمهم جميعا إلي محاكمة ثورية.. وشعبية يكون الحكم فيها للشعب علي ما ارتكبه الرئيس السابق من فساد سياسي ومالي وترويع للناس وقتل للمتظاهرين.. والمتاجرة بأحلام وأقوات الشعب.. الناس في شك وريبة من أن قرار النائب العام قد نفذ بالفعل بحبس الرئيس السابق.. وعلي الرغم من أن القرار لم ينفذ حرفيا حتي الآن لوجود مبارك في مستشفي شرم الشيخ لسوء حالته الصحية، وكذلك تضارب التقارير الصحية والأمنية حول إمكانية نقله إلي مستشفي القوات المسلحة بطريق الإسماعيلية إلا أن رجل الشارع لا يستطيع أن يستوعب أن مبارك رئيس مصر السابق طوال 30 عاما سيدخل سجن طرة في حال تحسنت صحته.. وأنه سيلحق بنجليه علاء وجمال واللذين يحقق معهما فعلا في السجن وأن رءوس الفساد كلهم أصبحوا في السجن. الناس تسأل: إذا كان ما حدث صحيحا.. فلماذا لم يتم تصوير علاء وجمال في السجن.. ولماذا لم يتم تصوير التحقيق مع مبارك في مستشفي شرم الشيخ.. ومتي نراهم فعلا علي شاشات التليفزيون يحاكمون كأي شخص عادي والإجابة المنطقية تقول: إنه لم يتم تصوير أي من المسئولين في السجن.. وهل تم فعلا تصوير نظيف والشريف وسرور وعزمي والعادلي وبقية رموز الفساد وغيرهم في الزنزانة.. ومنذ متي يتم تصوير المتهمين في السجن.. وأنه إذا كانت هناك إمكانية لتصوير أي منهم، فتكون إما أثناء ترحيلهم ودخولهم أو خروجهم إلي جهات التحقيق.. أو أثناء المحاكمة مثلما تم تصوير العادلي وجرانة والمغربي وعز. الناس تتساءل وهي غير مصدقة.. وتتضارب مشاعرها وهي تنتقل من مرحلة الشك إلي اليقين.. ألم يكن من الأفضل لمبارك وأسرته أن يرحلوا جميعا خارج مصر بعد قرار التنحي بدلا من أن يلقوا هذا المصير المحتوم الذي لا فرار منه؟! والإجابة تأتي: وهل كان هناك أحد يصدق أن يد العدالة ستطال مبارك وأسرته وكل المسئولين عن فساد البلاد والعباد في بر مصر قبل ثورة 25 يناير؟!.. هل كان أحد يتوقع أن الرئيس السابق مبارك ونجليه سيلقون هذا المصير بعد أن أعلنها صراحة أنه لن يهرب ولن يغادر أرض مصر.. وهو عاش وسيموت في مصر. الناس فعلا في ريبة غير مبررة لأنهم حتي الآن لم يدركوا أن مصر تغيرت تماما بعد الثورة.. وأن ما كان مستبعدا ومستحيلا حدوثه أصبح الآن واقعا يمكن حدوثه بفضل ثورة 25 يناير وأنه فعلا الآن لا سيادة علي الشعب إلا سيادة القانون مهما كان اسم أو موقع أو مكانة الشخص الذي يقع تحت طائلة القانون. لسنوات طويلة عاش الناس في بلادي يحلمون بتحويل وزير أو مسئول أو رئيس للوزراء أخطأ في حق الناس ويحال للمحاكمة والمحاسبة.. لسنوات طويلة عاش الناس يحلمون بإصدار قانون لمحاسبة الوزراء.. وللأسف الوزير أو المسئول الكبير لم يكن يحاسب إلا بعد أن يخرج من الوزارة، هذا إذا تمت محاسبته من الأصل.. لهذا كله كان يصعب علي الناس تصديق أن الرئيس السابق حسني مبارك قد تم حبسه هو ونجليه.. والبقية تأتي. الناس يجب أن تعي وتدرك أن الثورة غيرت كل المفاهيم والقوانين التي كانت سائدة.. وعلي الناس أن تثق وتصدق أن الجيش وهو حامي الثورة لا ينحاز إلا للشعب صاحب هذه الثورة.. ويستجيب لمطالب الشعب الشرعية.. وقد كان ذلك اختياره وإيمانه منذ اللحظة الأولي لاندلاعها في 25 يناير.. ومنذ أن صدر البيان الأول من المجلس الأعلي للقوات المسلحة. يجب علينا جميعا أن نصدق أن مصر تغيرت فعلا.. وأنه مهما كان الثمن الذي تدفعه وعلينا أن ندفعه.. فإننا نتجه نحو الأفضل. - وفاة الحزب الوطني بصدور قرار المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطني وأن تؤول كل ممتلكاته إلي الدولة تكون بذلك قد كتبت شهادة وفاة ودفن لهذا الحزب للأبد.. وينهي بذلك حقبة سياسية من تاريخ مصر السياسي استمرت 34 عاما تعتبر هي الأسوأ، وكلنا يعرف أن الحزب الوطني أنشئ بقرار من الرئيس السادات من فوق أي أنه حزب ولد من رحم السلطة.. ولم يكن في يوم من الأيام حزبا جماهيريا خرج من الشعب.. وبدأت فيه إرهاصات تزاوج المال مع السلطة وهو زواج غير شرعي نتج عنه مولود الفساد الذي أخذ يكبر وينمو طوال هذه السنوات الثلاثين الماضية، حتي وصلنا إلي ما نحن فيه الآن.. وللأسف فإن الرئيس السابق مبارك وقع في فخ هذا الحزب منذ البداية لأنه كان يجب أن يخلع نفسه من رئاسة هذا الحزب لأن الشعب اختاره رئيسا لكل المصريين بعد حادث المنصة وليس لأنه كان رئيسا للحزب الوطني.. وللأسف لم يستطع مبارك أن يحاصر رموز الفساد في هذا الحزب حتي استشري الفساد وحتي تضخم الحزب بانضمام جمال مبارك له.. وأصبح بعدها الحزب هو الدولة والدولة هي الحزب فكان الانفجار الذي أطاح بكل شيء. لقد كنا نطلق علي هذا الحزب اسم الحزب «الوثني» لا لشيء إلا لأنه لادين له إلا السلطة ولا شريعة له إلا المال.. ولذا كان هذا الحزب حزبا هشا من البداية وحتي النهاية. كان الانضمام للحزب يتم من راغبي السلطة.. وبالأمر لكوادر وعلماء مصر في كل مكان.. كلهم تم تسخيرهم لتنفيذ سياسات دعمت الديكتاتورية والفساد وسيطرة المال علي كل شيء.. الحزب الوطني كان أحد أسباب خراب البلد طوال 30 عاماً. وفي النهاية.. سعيكم مشكور.