فى جو منسوج بالرقى والجمال، ذهبت إلى الموعد فى الثامنة مساء فى الأوبرا وبالتحديد فى مركز الإبداع وهو اسم على مسمى ويتفق عليه صندوق التنمية الثقافية، قيل لى فى الدعوة عبر التليفون «تعال استمتع ب غنا للوطن» كلمة الوطن لها سحر خاص، وعندما تغنى الحناجر الشابة للوطن، يهتز الفؤاد طربا. لقد كنت أجيب دائما على سؤال: ماذا بعد أم كلثوم وعبدالوهاب وحليم وفريد وليلى مراد ونجاة وقنديل ورشدى؟ إن مصر «ولادة» أى أنها لا تتوقف عن العطاء، فنهر المواهب خصب ويحتاج إلى ذلك الغواص الباحث عن اللآلئ هل كانت كلمة «مصر ولادة» هى مجرد أمل أن يملأ سماء النغم أسماء أخرى تبهج الأذن المصرية؟ ربما! خالد جلال غنا للوطن لكن «غواصا» ماهرا اسمه المخرج خالد جلال، قدم أعمالاً بهرت الناس بصدقها وأشهرها «قهوة سادة» هذا النص القذيفة الذى انتقد أوضاع مصر فى عز صولجان الحكم فى مصر، هذا الغواص يواصل إبحاره بلا توقف، ركب قاربا مجدافاه المايسترو عماد الرشيدى الذى قام بالتدريب والمايسترو احمد محروس الذى قاد العزف. 80 طالبا وطالبة خضعوا لتدريب شاق على مدى شهر كامل، يواصلون الليل بالنهار حتى يقفوا أمام جمهور صفق لهم بحرارة، ولعل هذه الدفعة من الشباب هى الدفعة الثالثة لقسم التمثيل باستديو مركز الإبداع الفنى. ظهر «النجوم الجدد» أمامنا فى ملابس بيضاء وشيلان حمراء تطوق الأعناق، شباب غادة السمان انتفاضة العروبة وشابات يتدفق الحماس من العيون والدفء من الحناجر. أنشر أسماء المبدعين، أولاد خالد جلال - الذين غنوا للوطن، لتتذكروا هذه الأسماء غدا وبعد غد، فى أوبريت الجيل الصاعد «نجوى حمدى، ورباب ناجى» والحان شريف عبد المنعم وعمرو مسعد فى أنا المصرى وأحمد سعيد فى فدائى وأشرف وليد فى بالأحضان ومحمود الشريف فى احلف بسماها ورباب ناجى فى سلمولى على مصر وفى صوت الجماهير، أصوات: نجوى حمدى ألحان مى حمدى وأشرف وليد، وعظمية يا مصر لماهر محمود، «الذى لو سمعه وديع الصافى لصفق له» وفى أغنية يا أغلى اسم فى الوجود: نجوى وسارة وهشام إسماعيل، وعلى الألفى فى يا حبايب مصر وفى أغنية يا بلادى، أصوات إبراهيم الشريف وأحمد كمال وشريف عبدالمنعم. «غناء للوطن» انتفضت عروقهم وعروقهن صدقا، على حد تعبير غادة السمان فصيحة العرب التى تقيس الصدق بنبض العروق. لاحظت أن عبدالحليم حافظ «حاضر» فى هذه الأمسية النادرة، وكأن أغانيه الثائرة عاشت فوق الزمان والمكان ومن غنوا لحليم اتسمت حناجرهم بالرقة والقوة «أصوات أحمد سعيد وأشرف وليد ومحمود الشريف». ويا خالد جلال، واصل إبحارك، فنحن فى حاجة إلى «كشافين» يبحثون بصبر عن مواهب على ضفتى هذا البلد ويظل «الغنا للوطن» على الشفاه.