هو التغيير الخامس لرئاسة تحرير مجلة «صباح الخير».. وسبق ذلك أربعة تغييرات وبذلك يكون تداول الرئاسة فى مجلة صباح الخير تسعة رؤساء خلال ما يقرب من خمسة وخمسين عاما. وهذا يجعل متوسط بقاء رئيس التحرير فى منصبه ست سنوات ! أى دورتين كاملتين طبقا للائحة التى تنص على تعيين رئيس التحرير فى منصبه لثلاث سنوات، تتجدد أو تنتهى طبقا لأدائه. مجلة «صباح الخير» التى أسستها فاطمة اليوسف وإحسان عبد القدوس عام 1955، وصدر العدد الأول منها فى 12 يناير عام 1956 هى المجلة الصحفية النموذج فى تداول السلطة بين جميع المطبوعات الصحفية فى مصر. وهذا الأسبوع صدر قرار رئيس وزراء مصر الدكتور عصام شرف بتعيين الابن محمد هيبة رئيسا للتحرير خلفا لابننا محمد عبد النور. وإذا كنت أصف كل من تولوا رئاسة التحرير بعدى بالأبناء، ذلك لأنهم سواء اعترفوا بذلك أم لا، فهم من أبنائى وتلاميذى الذين تشرفت بقيادتهم لسنوات طويلة منذ أن اختارنى الأستاذ أحمد بهاء الدين فى 15 فبراير عام 1956 لأنوب عنه فى استقبال الشباب الجامعى الراغبين فى العمل بمجلة «صباح الخير». وظللت أستقبل الشباب وأحسن استقبالهم وأضعهم على أول طريق النجاح ليصبحوا نجوما فى عالم الصحافة، وذلك من خلال فكرة بسيطة جدا، وهى أن يكون الموضوع الصحفى هو النجم، وبالتالى يصبح كاتبه نجما. وأذكر أننى طوال سنوات عملى الأولى فى «صباح الخير» كان المحررون أشهر من مدير التحرير أو رئيس التحرير وهو كاتب هذه السطور. أذكر أن أستاذنا يحيى أبو بكر، وكان يومها رئيسا للهيئة العامة للاستعلامات، وكنا فى حفل استقبال سأل زميلى مفيد فوزى عمن هو الذى يقف إلى جانبك فأجابه مفيد بأنه لويس جريس مدير التحرير. كان مفيد فوزى نجما صحفيا وكذلك رؤوف توفيق ونجاح عمر وعبد الله الطوخى وصبرى موسى وصالح مرسى وعلاء الديب وفاطمة العطار وفوزية مهران وعبد الستار الطويلة، وكنت مديرا لتحرير المجلة الذى يقدم هؤلاء النجوم، لدرجة أن أستاذ الصحافة الدكتور سامى عزيز أطلق على فى تلك الأيام لقب صانع النجوم. والحق أقول لكم أننى اليوم أشعر بالفخر وأنا أنظر إلى سنوات عمرى السابقة، لأنها حفلت بأعظم إنجاز فى حياة الإنسان، وهو بناء البشر، ووضعهم على أول طريق النجاح. هذا ما فعلته خلال خمسة وستين عاما من العمل الصحفى فى مؤسسة روزاليوسف ومجلة صباح الخير. ولقد أحسست بالفخر والزهو أن رئيس وزراء مصر الدكتور عصام شرف قد اختار أحد الكوادر الصحفية التى أسهمت فى تربيتها وإعدادها للقيادة. وشهدت عيناى حفلا صغيرا عندما تسلم فيه محمد هيبة مكتب رئيس التحرير من زميله محمد عبد النور. الاستاذ محمد هيبة .. رئيس تحرير مجلة صباح الخير كان مشهدا مؤثرا ورائعا، وقد تعانق الاثنان، وجعلنى هذا المشهد أسترجع تلك الأيام التى استقبلت فيها محمد عبد النور القادم من كلية الآداب قسم فرنسى، ومحمد هيبة القادم من كلية الإعلام جامعة القاهرة. وتزامل محمد هيبة ومحمد عبد النور فى جريدة ملعب صباح الخير التى أصدرتها عام 1981، وكانت مجلة رياضية عينت لها شابا فى الثالثة والعشرين من عمره رئيسا للتحرير وهو الزميل عزت الشامى رئيس تحرير مجلة «ستالايت» اليوم. ذكريات جميلة خطرت ببالى، وأنا أشاهد الموقف الحضارى فى تدوير السلطة بين الزملاء. وشعرت بالراحة، وأغمضت عينى، وقلت فى سرى : يمكننى اليوم الانطلاق إلى رحاب الله بقناعة تامة، لأنه باختيار محمد هيبة رئيسا لتحرير مجلة صباح الخير يكون عدد الشباب الذين قدت خطواتهم إلى قمة العمل الصحفى فى مصر قد بلغ خمسة وعشرين شابا وفتاة تولوا منصب رئيس التحرير فى المطبوعات المصرية. وسعدت كثيرا باختيار القيادات الجديدة لمجلة روزاليوسف وروزا اليومية، الزميل الأستاذ إبراهيم خليل رئيسا لتحرير جريدة روزاليوسف اليومية، والزميل الأستاذ أسامة سلامة رئيسا لتحرير مجلة روزاليوسف الأسبوعية. الاستاذ اسامة سلامة .. رئيس تحرير مجلة روزاليوسف الاستاذ ابراهيم خليل .. رئيس تحرير جريدة روزاليوسف اليومية أما رئاسة مجلس الإدارة فقد تولاها الزميل الأستاذ محمد جمال الدين المعدول. الاستاذ محمد جمال الدين المعدول رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف وإننى أستبشر خيرا لهذه القيادة الجديدة فى إعادة الثقة عند القراء فى مصر والعالم العربى عن مجلة روزاليوسف أولى المجلات السياسية فى العالم العربى. كما أننى أثق فى أن قيادة مؤسسة روزاليوسف الجديدة سوف تدعم التحرير ليكسب الثقة مرة أخرى فى كتّاب روزاليوسف.. كشموع تضىء وتنير العقول، وتنشر المعرفة فى المجتمع المصرى والعربى. تهنئة من القلب للزميلين إبراهيم خليل وأسامة سلامة اللذين أحببتهما من كتاباتهما قبل أن أقابلهما شخصيا. وتهنئة من القلب للرجل الذى اختارته حكومة الدكتور عصام شرف قائدا لمسيرة روزاليوسف التنويرية بعد ثورة 25 يناير عام 2011. تحية للزميل محمد جمال الدين. معرض الكتاب فى ميدان التحرير تلقيت دعوة من الجامعة الأمريكية لحضور معرض الكتاب الذى تقيمه إدارة النشر والتوزيع بالجامعة فى ميدان التحرير. مستر تريفور وزوجتة رئيس مكتبة الجامعة الامريكية التى اقام الاحتفال ولحسن حظ الجامعة أن مبناها الرئيسى يطل على ميدان التحرير من شارع القصر العينى. تقول الدعوة : فى ضوء ثورة 25 يناير المصرية لعام 2011، والإلغاء المفاجئ لمعرض الكتاب السنوى العالمى، الذى تقيمه الهيئة المصرية العامة للكتاب الأمر الذى أصاب الكثيرين بالأسى والأسف وقد كان يحضر هذا المعرض سنويا ما لا يقل عن المليون زائر، كما كان يحضره عدد لا بأس به من الناشرين وبائعى الكتب والذين يحرصون على حضور معرض الكتاب سنة بعد أخرى ولإيمان إدارة النشر والتوزيع بالجامعة الأمريكية بالقيمة الثقافية والإبداعية التى يمثلها معرض الكتاب العالمى فى القاهرة. لهذا قرر قسم النشر بالجامعة الأمريكية ضرورة استمرار الدور الذى يلعبه هذا المعرض فى حياة مصر الثقافية، وذلك بإقامة معرض للكتاب فى مبنى الجامعة الأمريكية المطل على ميدان التحرير، والذى أصبح بفضل ثوار 25 يناير من أشهر ميادين العالم. ومعرض الكتاب فى ميدان التحرير سوف يضم آلاف العناوين للكتب التى تصدر فى مصر وخارج مصر، وسوف تقام الندوات واللقاءات الإبداعية التى يتحاور خلالها المثقفون حول قضاياهم وقضايا المجتمع المصرى والعربى، وحول دور الثقافة والمثقفين فى إشعال الثورات. المعرض بدأ يوم 31 مارس واستمر حتى الثالث من شهر أبريل - نيسان - 2011، من العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء. أدهشتنى الفكرة وشدت انتباهى، وبدأت أتأملها.
بائعو سور الازبكية فمن السهل إلغاء معرض الكتاب، ولكن الصعب هو دراسة الظروف واتخاذ القرار المناسب. الظروف التى أدت إلى فكرة إلغاء المعرض السنوى العالمى للكتاب هى بالدرجة الأولى أمنية. فكلنا يعلم انسحاب البوليس من مواقعه الأمنية فى الشوارع والميادين فى جميع محافظات مصر، الأمر الذى أشاع الفوضى، وهجوم البلطجية، والقيام بحرق مراكز الشرطة، وبعض مبانى الحزب الوطنى الحاكم فى ظل مجالس شعبية مزورة، وهجوم على المتظاهرين المسالمين، الأمر الذى أدى إلى سقوط الشهداء بالآلاف، وأصاب المواطنين بالرعب. ولولا صمود شباب الثوار فى مواجهة البلطجية والفوضى، ووقوف الشباب فى لجان شعبية، حلت فورا مكان البوليس فى تنظيم حركة المرور، والكشف عن المندسين لما نجحت ثورة 25 يناير فى إزاحة النظام الفاسد للرئيس السابق، وفرار رموز الفساد، فى الحكومة والحزب الوطنى. وفى ضوء هذه الظروف اتخذت حكومة اللواء أحمد شفيق ووزير الثقافة حينذاك الدكتور جابر عصفور قراراً بتأجيل إقامة معرض الكتاب الدولى إلى أجل غير مسمى. أصاب هذا التأجيل جميع الناشرين ومعتادى الاشتراك فى هذا المعرض بخيبة الأمل والإحباط والحسرة على ضياع الفرصة التى تجىء مرة كل سنة للبيع المكثف للكتاب. واجتمع أعضاء قسم النشر والتوزيع فى الجامعة الأمريكية وطرحوا سؤالا: كيف نواجه هذه المشكلة؟ وكانت المشكلة لدى قسم النشر والتوزيع فى الجامعة الأمريكية أن هذا القسم يكسب سنويا مليون جنيه من مبيعات الكتب فى معرض الكتاب الدولى كل سنة. وطرح رئيس القسم السيد مارك لينز سؤالاً : كيف نعوض المليون جنيه فى ميزانية القسم والتى كنا نحصل عليها من المبيعات خلال معرض الكتاب ؟ وتوالت الإجابات من أعضاء القسم لماذا لا نقيم معرضا بديلا ؟ فعلا : لماذا لا نستغل اسم ميدان التحرير الذى أصبح مشهورا فى العالم بفضل ثوار 25 يناير 2011؟ لماذا لا نطلق على المعرض اسم معرض التحرير للكتاب ؟! وهكذا اكتملت الفكرة، وقال مارك لينز رئيس قسم النشر : فعلا هذه فكرة عبقرية.. إقامة معرض الكتاب باسم معرض التحرير للكتاب، وندعو الناشرين فى مصر وباعة الكتب والمؤسسات الثقافية للاشتراك فى هذا المعرض ونقيم معرضا صغيرا بديلا للمعرض الكبير. وذهبت إلى المعرض وتجولت فى أقسامه واكتشفت أن هناك أكثر من مائة ناشر من مصر فقط، وعدداً كبيراً من المؤسسات الثقافية، كانت مؤسسات كثيرة من مؤسسات وزارة الثقافة المصرية تشترك فى هذا المعرض، كما أن السيد وزير الثقافة الدكتور عماد أبو غازى هو الذى افتتح المعرض وتجول فى معظم أقسامه. الهيئة المصرية العامة للكتاب اشتركت من خلال أقسام كثيرة لوزارة الثقافة. وكان الأجدر أن تقوم الهيئة بهذا المعرض وفى الجامعة الأمريكية التى كانت سوف ترحب كثيرا بالفكرة، ولكن كما يقول المثل : اللى سبق أكل النبق!! وعندما أتأمل هذا الذى حدث أجد نفسى أهتف قائلا : إن هناك دائما أسلوبا آخر لمواجهة المشاكل ! وأنه لم يعد أسلوب المنع أو الإلغاء هو الأسلوب الوحيد، هناك دائما أفكار أخرى وحلول أكثر إبداعية من الإلغاء والمنع. الفكر الآخر والأسلوب الابتكارى فى مواجهة المشاكل هو ما يجب أن نتحلى به فى قادم الأيام. من السهل جدا أن تقول ممنوع الوقفات الاحتجاجية والتظاهر من أجل المطالب الفئوية، ولكن الصعب هو ابتكار وسيلة وإيجاد حلول للمشاكل. إن الجماهير تخرج للتظاهر عندما لا تجد استجابة من قيادتها للتفاهم. إن الجماهير تواجه الاستبداد والعناد بالتظاهر والامتناع عن العمل، ولكن لو وجدت من يستمع إلى شكاواهم، ومن يلتفت إلى شئونهم، فإنهم سوف يصلون إلى الحلول وتهدأ المسائل. إن الشعار المرفوع من ثوار 25 يناير هو التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية وحكومة الدكتور عصام شرف ليست فى حاجة إلى إصدار قرارات بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، ولكن عليها أن تقوم بتعيين قيادات تعمل على تنفيذ مطالب الثوار فى التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية. الأمور واضحة كل الوضوح بعد 25 يناير 2011، ما نحتاج إليه قيادات تقوم بتنفيذ التغيير، وتطبيق العدالة الاجتماعية والاستماع فى حرية كاملة لمطالب الجماهير. وحتى يحدث ذلك سنظل نعانى من المظالم والاحتجاجات والتوقف عن العمل.