مع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات، اليوم الثلاثاء، نتائج الجولة الأولى بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب والتى شملت 13 محافظة وإصدار أحكام بطلان بعض الدوائر من القضاء الإدارى، نشهد الأيام المقبلة إعلان ميلاد لمجلس النواب المقبل خاصة بعد تمكن عدد من نواب المعارضة والمستقلين من حجز مقاعدهم تحت القبة دون دخول جولة الإعادة التي ستجري يومى 15 و16 ديسمبر بالخارج وفى الداخل يومى 17 و18 ديسمبر. كما رسمت التطورات الأخيرة بإصدار المحكمة الإدارية العليا أحكامًا حاسمة بإبطال نتائج 29 دائرة كاملة في المرحلة الأولى، بعد قبول الطعون المقدمة ضدها، شكلًا جديدًا للبرلمان القادم يحجز فيه النائب مقعده باختيارات الشعب فقط.
الأحكام التى صدرت طالت 5 محافظات تم إلغاء نتائج دوائرها بشكل كامل في الجولة الأولى وهى سوهاج، الوادى الجديد، أسيوط، قنا، والأقصر، بينما طالت قرارات الإبطال أغلب دوائر المنيا، الجيزة، الفيوم، والبحيرة بجانب 19 دائرة ألغت الهيئة الوطنية للانتخابات نتائجها.
وكانت مفاجأة الجولة الأولى من المرحلة الثانية بالانتخابات هى تمكن بعض المرشحين ممكن لم يتكبدوا مبالغ طائلة فى الدعاية الانتخابية من الوصول إلى جولة الإعادة وتصدر هؤلاء الدكتور محمد زهران دائرة المطرية، وعماد الغلبان دائرة ميت غمر ود. عبدالقوى غلوش دائرة ومركز طنطا بمحافظة الغربية، بجانب عبدالفتاح خطاب دائرة الهرم فى المرحلة الأولى، حيث تمكن هؤلاء عبر حملات بسيطة من الوصول لجولة الإعادة فى معركة شرسة مع المنافسين لينجحوا في كسب ثقة الناخبين بدوائرهم بعد انضمام شباب لحملاتهم الانتخابية بهدف تقديم الدعم لهم.
إجراءات تنظيمية صارمة اتخذتها الهيئة الوطنية للانتخابات
عودة المعارضة
فى الوقت ذاته، عادت وجوه برلمانية بارزة إلى مجلس النواب من المحسوبين على المعارضة الفاعلة، بعدما شهدت المرحلة الثانية من الانتخابات تشديدات صارمة من الهيئة الوطنية للانتخابات لمواجهة أى تجاوزات والكشف عن تفاصيلها على الفور بجانب اتخاذ وزارة الداخلية إجراءات لضبط المخالفين ومن قاموا بتوزيع أموال أمام لجان الانتخابات والتعامل بحسم مع الوقائع التى تم إبلاغها بها، وهو ما أدى الى أن تكون المرحلة الثانية أكثر انضباطا من الأولى ولم تشهد تدخلات كبيرة بما عزز مبادئ النزاهة والشفافية وفتح الباب أمام منافسة حقيقية أتاحت للمعارضة أن تصل إلى مقاعدها وحصد الثقة الشعبية فى الدوائر المختلفة، وهو ما أكدنا عليه فى تقارير سابقة فى «صباح الخير» ليكون المشهد الانتخابى مختلفًا والصورة داخل البرلمان القادم أكثر اختلافًا، وسط توقعات أن تكون المناقشات تحت القبة ساخنة عند طرح تشريعات وقضايا جماهيرية فى الجلسات العامة أو اللجان النوعية للبرلمان.
وجاء نجاح عبدالمنعم إمام رئيس حزب العدل والذى كان مرشحًا فى دائرة التجمع والقطامية ليكون بمثابة خطوة جديدة فى تعزيز تواجد المعارضة بالبرلمان، وكذلك فوز ضياء الدين داود النائب المستقل عن محافظة دمياط، وهو من أبرز المعارضين فى البرلمان، بالإضافة إلى تمكن إسلام قرطام عن حزب المحافظين فى دائرة البساتين من حصد المقعد من الجولة الأولى بالمرحلة الثانية، فضلا عن تمكن النائب أحمد فرغل كأحد أبرز الوجوه المعارضة فى دائرة بورسعيد من العودة للبرلمان.
ولم يكن نصيب المعارضة فقط فى الفوز بالجولة الأولى بالمرحلة الثانية، بل هناك أيضا مجموعة أخرى تخوض جولة الإعادة بالمحافظات المختلفة منهم النائب أحمد الشرقاوى فى المنصورة وأحمد البرلسى عن حزب التجمع فى المحلة الكبرىبالغربية، وكذلك القيادى الوفدى محمد عبدالعليم داود فى دائرة دسوق بكفر الشيخ.
صعود المستقلين
حالة التوازن بين المعارضة والأحزاب الكبرى فى البرلمان سيكون لها انعكاس كبير على التشريعات القادمة، وهى حالة لن تأتى من فراغ؛ بل جاءت بعد معارك شرسة شهدتها جولات الانتخابات التى أجريت حتى الآن، ومن المنتظر أن تستمر هذه الحالة فى الجولات المتبقية، وطبقا لما رصده الائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية حول المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، هناك تحولات مهمة فى توجهات الناخبين، أبرزها صعود لافت للمستقلين وتراجع لتمثيل المرأة على المقاعد الفردية.
وأشار الائتلاف إلى عودة الميل التصويتى نحو المرشحين المستقلين على حساب مرشحى الأحزاب السياسية، وهو ما وصفه تقرير الائتلاف بأنه «اتجاه يعكس إعادة تموضع للثقة الشعبية تجاه المرشح الفردى»، خاصة فى ظل تراجع تأثير أحزاب الوسط والأقلية فى عدد من الدوائر.
كما سجل تقرير المنظمات الحقوقية تراجعًا حادًا لفرص المرشحات، إذ لم تتمكن أى مرشحة من الوصول إلى جولة الإعادة من بين 89 مرشحة، باستثناء النائبة سناء برغش فى دائرة دمنهور بالمرحلة الأولى.
وذكرت المنظمات فى تقاريرها أن ما حدث يعكس تغييرًا واضحًا فى السلوك الانتخابى ويعيد رسم خريطة التنافس بين المستقلين والأحزاب، فضلا عن تأثيره المبكر على فرص التمثيل النسائي، وأكد الائتلاف أن جولات الإعادة ستكون شديدة التنافسية.
من جانبه قال سعيد عبدالحافظ عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنسق الائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية فى تصريحات خاصة إنه تم خلال المرحلة الثانية بالانتخابات رصد أنماط تصويتية متباينة وصعود للمستقلين فى الدلتا وتنظيم حزبى فى المدن، وكذلك تم رصد حالة من الإقبال الواضح من جانب الناخبين فى مختلف محافظات المرحلة الثانية، وهو ما يعكس ارتفاعًا ملحوظًا فى معدلات المشاركة مقارنة بالمرحلة السابقة، لافتا إلى أن ذلك الإقبال جاء بعد حالة الطمأنينة التى استشعرها الناخبون عقب رسالة رئيس الجمهورية وتوجيهاته للهيئة الوطنية للانتخابات، وما تلا ذلك من انضباط فى عمل اللجان الفرعية، فضلا عن الطبيعة التصويتية النشطة للدوائر الريفية التى تعرف بارتفاع نسب المشاركة فيها قياسا بالدوائر الحضرية.
وأضاف: رصدنا تباينا واضحا فى كثافة التصويت وفقا لطبيعة كل دائرة. ففى الدوائر الريفية بمحافظات الدلتا، برزت هيمنة لافتة للمستقلين على حركة الناخبين وتجمعاتهم حول مقار الاقتراع، مع حضور قوى للعائلات ورموزها التقليدية فى حشد الكتل التصويتية خاصة فى محافظاتالشرقية والدقهلية والغربية، وهو ما عكس الثقل الاجتماعى للعائلات وقدرتها على التأثير فى اتجاهات التصويت داخل هذه الدوائر، بينما كان هناك تنظيم أكثر لصالح مرشحى الأحزاب داخل الدوائر الحضرية فى القاهرةومحافظاتالقناة، حيث اعتمدت الحملات الانتخابية على مجموعات تصويتية صغيرة ومنظمة بعيدا عن أساليب الحشد التقليدى واسعة النطاق.
جولة الإعادة
يأتى ذلك بينما تدور حاليا معارك طاحنة فى 19 دائرة انتخابية تم إلغاؤها بالمرحلة الأولى وفقا لما أعلنه المستشار حازم بدوى رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات خلال مؤتمر إعلان النتيجة الرسمية للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وهى دائرة واحدة بالجيزة و4 دوائر فى قنا و7 فى سوهاج و2 فى الفيوم و1 فى الإسكندرية و3 فى البحيرة، حيث تجرى الانتخابات بهذه الدوائر داخل مصر غدا الأربعاء وبعد غد الخميس 3 و4 ديسمبر وهى الدوائر التى أطلق البعض عليها «دوائر الدم والنار»، لأن معظمها فى الصعيد وتشهد معارك قوية بين المرشحين، كما تجرى الانتخابات أيضا فى دوائر جولة الإعادة بالمرحلة الأولى فى نفس التوقيت.
وانتهى الصمت الانتخابى لجولة الإعادة بالمرحلة الأولى فى 30 نوفمبر الماضى، وتجرى الإعادة بالخارج 1 و 2 ديسمبر، والداخل 3 و 4 ديسمبر، وتعلن النتيجة الاعادة 11 ديسمبر، وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد قررت إجراء الجولة الأولى من الدوائر الملغية يومى 1 و2 ديسمبر فى الخارج ويومى 3 و4 ديسمبر فى الداخل، وتعلن النتيجة يوم 11 ديسمبر، وفى حالة الإعادة تجرى الانتخابات فى الدوائر ال19 يومى 24 و25 ديسمبر فى الخارج، ويومى 27 و28 فى الداخل وإعلان النتيجة يوم 4 يناير.
وبالنسبة للمرحلة الثانية كانت الانتخابات فى الخارج قد أجريت 21 و22 نوفمبر، وفى الداخل 24 و25 نوفمبر، على تعلن اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر النتيجة للمرحلة الثانية، وتقدم الطعون لهذه المرحلة خلال 48 ساعة من إعلان النتيجة ويكون بحد أقصى يوم 4 ديسمبر وتفصل المحكمة خلال 10 أيام من 5 ديسمبر حتى 14 ديسمبر، وتجرى جولة الإعادة فى الخارج يومى 15 و16 ديسمبر وفى الداخل يومى 17 و18 ديسمبر، على أن تعلن النتيجة يوم 25 ديسمبر.