مع عودة الثقة للناخبين والمرشحين بانتخابات مجلس النواب، بعد قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء العملية الانتخابية فى 19 دائرة على النظام الفردى بالكامل لوجود مخالفات بها، زادت المعارك اشتعالا داخل هذه الدوائر التى يمكن تسميتها ب«على صفيح ساخن»، خاصة أن معظمها بمحافظات الصعيد وتحديدًا سوهاجوقنا وتدور فيها منافسات شديدة بين مرشحى الأحزاب والمستقلين المنتمين لعائلات كبيرة. المكتسبات التى حدثت فى الشارع السياسى جاءت بعد توجيهات الرئيس السيسى للهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة وفحص بعض الأحداث التى وقعت فى بعض الدوائر الانتخابية التى جرت فيها منافسة بين المرشحين الفرديين وطالب الرئيس، الهيئة بالتدقيق التام عند فحص هذه الأحداث والطعون المقدمة بشأنها، وأن تتخذ القرارات التى تُرضى الله - سبحانه وتعالى - وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، وبالفعل كان للتوجيهات الرئاسية وما تلاها من قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء نتائج 19 دائرة بالمرحلة الأولى، تأثير كبير؛ حيث أغلق الباب أمام الجدل الذى شهدته الساحة السياسية حول نزاهة الانتخابات.
وبمجرد إعلان القرار بإلغاء الدوائر، شهد الشارع السياسى ارتياحًا كبيرًا، بينما اشتعلت من جديد التربيطات وتحول الأمر إلى صراع جبهات بين مرشحى العائلات ومرشحى الأحزاب فى هذه الدوائر وفى المقدمة محافظة قنا التى تم إلغاء الانتخابات فى جميع دوائرها، وبدأ أنصار المرشحين فى دوائر هذه المحافظة إعداد فيديوهات على السوشيال ميديا للترويج للكوادر المستقلة التى تخوض الانتخابات ولها تاريخ برلمانى أو حتى من يخوضون المعركة للمرة الأولى أمام مرشحى الأحزاب الكبيرة الذين كانوا قد دخلوا مرحلة الإعادة وفاز بعضهم من الجولة الأولى، وأصبح هناك الكثير من المرشحين المستقلين الذين تتزايد فرص وجودهم بالبرلمان رغم عدم نجاحهم أوحتى دخولهم جولة الإعادة بالمرحلة الأولى، لكن ما حدث سيعيدهم بقوة للمشهد وقد يقتربون من دخول البرلمان وتأتى فى المقدمة دائرة قفط وقوص ونقادة، وتضم العمدة أبوالحسن الجزار، وعبدالراضى عربى علوان وعلى عبدالقادر محمود، وهى الدائرة التى شهدت جدلاً واسعًا بعد ترشح النائب معتز محمود مرشح حزب الجبهة الوطنية بهذه الدائرة والوحيد الذى فاز من الجولة الأولى للانتخابات بحصوله على أكثر من 65 ألف صوت قبل أن يصدر قرار الهيئة الوطنية بإلغاء الانتخابات. بجانب المرشح أحمد عبدالحميد المحرزى، دائرة مركزى أبوتشت وفرشوط وفتحى قنديل مرشح بدائرة نجع حمادى ودشنا. الأمر نفسه تكرر فى دوائر محافظة سوهاج التى تشهد حاليًا تنافسًا على صفيح ساخن، بعد أن تم إلغاء الانتخابات بها فى 7 دوائر وهى مركز سوهاج وأخميم والمراغة وطهطا وجرجا والمنشأة ودار السلام، وأشهر المرشحين الذين قد تتزايد فرص نجاحهم العمدة هاشم محمد هاشم «مستقبل وطن» والمهندس مصطفى مزيرق «مستقل»، بينما فى دائرة المنشأة هناك المرشح عاطف كعربان «مستقبل وطن» ومظهر أبوكريشة «مستقل»، وفى دائرة جرجا ستكون هناك معركة شرية للمستقلين من بينهم محمود أبوخروف وإسماعيل الطهطاوى ومروان البارودى أمام مرشح حزب الشعب الجمهورى ياسر نصر. ويعمل أنصار المرشحين على الحشد الانتخابى بكل قوة بعد أن تغيرت قواعد اللعبة، وأصبحت لديهم قناعة ورسالة قوية بأن الدولة لا تقبل بأى شبهة تمس نزاهة العملية الانتخابية، وأن ما حدث أعاد الانضباط والمسار الصحيح ورسخ الثقة بين المواطن والدولة ووضع إطارا صارما للتعامل مع أى تجاوزات مستقبلية، بما يضمن انتخابات نزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للشعب بعيدا عن أى تجاوزات، حيث تجرى انتخابات الدوائر التى تم إلغاؤها يومى 1 و2 ديسمبر للمصريين بالخارج، بينما تجرى فى الداخل يومى 3 و4 ديسمبر.
يأتى ذلك بينما شملت المرحلة الأولى من انتخابات النواب منافسة على 142 مقعدًا بنظام القائمة والتى تم إعلان نجاحها، بينما هناك 141 مقعدًا بنظام الفردى وتم حسم 41 مقعدًا بشكل نهائى، وجاء حزب مستقبل وطن فى مقدمة الأحزاب التى حصدت مقاعد حتى الآن بحصوله على 24 مقعدا والجبهة الوطنية على 5 مقاعد وحماة الوطن على 9 مقاعد والنور على مقعدين والشعب الجمهورى على مقعد، بينما هناك مقعد لصالح أحد المستقلين. ومن المنتظر أن تجرى الإعادة على 59 مقعدًا بمشاركة 20 مرشحًا لمستقبل وطن و15 مرشحًا لحماة الوطن و8 مرشحين للجبهة الوطنية و60 مرشحًا مستقلا و3 مرشحين للعدل والشعب الجمهورى والوفد ومقعدين للمصرى الديمقراطى ومقعد للنور وآخر للإصلاح والتنمية. وجاء قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء نتائج الاقتراع فى 19 دائرة انتخابية بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025 فى 7 محافظات، وذلك بعد رصد مخالفات جسيمة أثرت على سلامة العملية الانتخابية ومشروعية نتائجها. وأكد رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار حازم بدوى أن قرار الإلغاء جاء التزاما بضمان النزاهة والشفافية، وأن من بين أسباب الإلغاء وجود خروقات فى الدعاية الانتخابية أمام لجان الاقتراع بالمخالفة للقانون، وما قد يترتب على ذلك من تأثير غير مشروع على إرادة الناخبين وعدم تسليم المرشح أو وكيله صورة من محضر حصر الأصوات فى بعض اللجان، وهو إجراء قانونى جوهرى لضمان النزاهة ووجود تفاوت ملحوظ فى عدد الأصوات بين اللجان الفرعية والعامة، بما يثير الشك حول دقة البيانات وسلامة الإجراءات ووقوع عيوب جوهرية تنال من نزاهة ومشروعية الاقتراع والفرز، وفق ما أكدته لجان المتابعة والتفتيش داخل الهيئة. وأمام هذه التطورات لن يهدأ صراع الجبهات فى دوائر «على صفيح ساخن» بمحافظات الصعيد إلا بإعلان النتيجة رسميًا من الهيئة الوطنية للانتخابات، الأمر الذى زاد حدة المنافسة بين المرشحين وأشعل الماراثون الانتخابى بهذه الدوائر، وسط توقعات أن يؤدى ما حدث إلى قلب موازين القوى بهذه الدوائر وفوز مرشحين جدد يحصدون أصوات المنتمين لعائلاتهم. فى الوقت ذاته، تعانى بعض الأحزاب الكبيرة من أزمات من بينها حزب الجبهة الوطنية بعد إعلان اللواء كمال الدالى مرشح الحزب فى دائرة الجيزة الانسحاب بشكل مفاجئ من استكمال جولة الإعادة معلنا استقالته أيضا من منصبه بالحزب. الإرادة الشعبية من جانبه، قال الدكتور هيثم عمران أستاذ العلوم السياسية فى تصريحات خاصة ل«صباح الخير» إن ال19 دائرة التى ألغيت بها الانتخابات تشهد تحركات مكثفة للحشد بشكل كامل فى ظل استعداد كل طرف أو مرشح لحشد ما يملك فى هذه الجولة الحاسمة ولثقة المرشحين أنه لن تكون هناك تدخلات من قبل أحد فى الانتخابات والتأثير على أصوات الناخبين، وأن الإرادة الشعبية هى الحاسمة بشكل نهائى دون تدخلات بجانب حرص من القضاء ومنظمات المجتمع المدنى ومندوبي اللجان على المتابعة للعملية الانتخابية بشكل منظم ودقيق. وأضاف: ما سيحدث عند التصويت فى لجان هذه الدوائر سيكون خير مثال على الديمقراطية ونموذج حقيقى للانتخابات، والجميع سوف يلتزم بالمعايير والقواعد التى حددتها الهيئة الوطنية للانتخابات كجهة مستقلة فى عملها. وتابع: الفرصة ستكون متاحة أمام المرشحين المستقلين ممن ينتمون لعائلات كبيرة وعصبيات قبلية فى الصعيد لحسم المعركة التى ستكون شرسة، خاصة أن معظم الدوائر التى تم إلغاء نتيجة الانتخابات بها هى من محافظتى سوهاجوقنا. التصويت بالمرحلة الثانية يأتى ذلك فى الوقت الذى تتصارع فيه الجبهات بين مرشحى المرحلة الثانية التى تجرى عملية التصويت بها فى اليوم الثانى والأخير اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر وستكون الإرادة الشعبية بها هى الحاكمة أيضا، وسخرت الأحزاب كل جهودها من أجل حشد الأصوات لمرشحيها بينما يواصل المستقلون العمل بكل قوة للفوز فى هذه المعركة الصعبة وخلال الأسبوع الماضى نظم حزب الجبهة الوطنية بمحافظة الغربية مؤتمرا جماهيريا لدعم مرشحيه فى انتخابات مجلس النواب وسط حضور كثيف من الأهالى وقيادات الحزب ومرشحيه على مستوى القائمة والفردى. وأوضح السيد القصير، الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية ومرشح «القائمة الوطنية من أجل مصر» أن الحزب يقوم على العمل الجماعى وليس الفردى، وهو ما كان واضحا فى اختيار مرشحى الحزب لمجلسى الشيوخ والنواب، حيث تمت وفق معايير دقيقة تعتمد على الكفاءة والخبرة والقدرة على خدمة الناس، موضحًا أن الحزب يضم قيادات واعية تمتلك خبرات فى مختلف المجالات. كما عقدت أحزاب مستقبل وطن والشعب الجمهورى وحماة الوطن وغيرها مؤتمرات جماهيرية لدعم مرشحيها حتى اللحظات الأخيرة قبل إعلان الصمت الانتخابى وانطلاق عملية التصويت، حيث بدأت فترة الدعاية الانتخابية فى المرحلة الثانية بالانتخابات يوم 6 نوفمبر وانتهى الصمت الانتخابى يوم 20 نوفمبر، وأجريت الانتخابات فى الخارج 21 و22 نوفمبر وفى الداخل 24 و25 نوفمبر، على أن تعلن النتيجة للمرحلة الثانية يوم 2 ديسمبر، وتقدم الطعون للمرحلة الثانية خلال 48 ساعة من إعلان النتيجة ويكون بحد أقصى يوم 4 ديسمبر وتفصل المحكمة خلال 10 أيام من 5 ديسمبر حتى 14 ديسمبر، وتجرى جولة الإعادة فى الخارج يومى 15 و16 ديسمبر وفى الداخل يومى 17 و18 ديسمبر، على أن تعلن النتيجة يوم 25 ديسمبر. وتجرى المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025، فى 13 محافظة بإجمالى 73 دائرة انتخابية يتنافس فيها بالنظام الفردى 1316 مرشحًا وقائمة، بقطاعى القاهرة وجنوب ووسط الدلتا، وشرق الدلتا، وتضم محافظات المرحلة الثانية القاهرة والقليوبية والدقهلية والغربية والمنوفية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وجنوب سيناء وشمال سيناء.