يبدو الكثير من الشباب والشابات أكبر سنًا من الحقيقة، ويراودهم الشعور بتقدم العمر، وهى ظاهرة بدأت تنتشر فى العالم؛ بعد ممارسة سلوكيات تزيد تقدمهم شكليًا فى السّن. ويلعب نمط الحياة السريع وغير الصحى دورًا كبيرًا فى تبديد المظهر الشبابى، وتراجع جودة عمل وظائف الجسم المختلفة قبل الأوان الطبيعى؛ مما يؤثر على الحالة النفسية، ولكن يمكن اتباع بعض الأمور للوقاية منها وتقليل الإصابة بها.
الرياضة .. تؤخر ظهور أعراض الشيخوخة
أكثرها شهرة؛ أن يكون الإنسانُ فى عمر 30 إلى 40 عامًا، وتظهر عليه علامات الشيخوخة من نمو الشعيرات البيضاء، زيادة تجاعيد الجلد وغير ذلك؛ وقد تلعب التغيرات الهرمونية والعوامل البيئية وعِلْم الوراثة والنظام الغذائى دورًا فى سرعة حدوثها وقد تصيب الأطفال فى عمر مبكر، وتظهر علاماتها تدريجيًا، فيتجعّد الجلد ويفقد الرأسُ شعرَه ويحدث الصلع، ويكون عرضة لأمراض القلب والمفاصل وغيرها، إلا أن هذا ليس قاعدة كبيرة أو سببًا فى ازدياد هذه الظاهرة ولكن نتيجة الإهمال الشديد فى الصحة والإفراط فى فعل ما يؤذى الجسد، كعدم النوم ليلًا وكثرة السهر، وشرب الخمور والإفراط فى التدخين وغيرها ما تؤدى إلى انتشارها بصورة كبيرة فى الأجيال الشابة. وقد أفادت دراسات طبية حديثة، أن الاستهلاك المنتظم للمشروبات الغازية المحلاة بالسكر يمكن أن يؤدى إلى الشيخوخة المتسارعة للأنسجة، بالإضافة إلى أن تلوث الهواء يُعرض الأطفال والمراهقين بشكل خاص للإصابة بالشيخوخة؛ لا سيما فى المناطق التى تلوثها عوادم السيارات، ومناطق الزحام المرورى، وأن السبب الرئيس لشيخوخة الخلايا هو التعرض لمستويات عالية من التلوث البيئى.
الطعام الصحى يحقق الحياة السعيدة
وأوضحت دراسة طبية أوروبية، أن اليوم الواحد من الإصابة بفيروس كورونا يعادل سَنة كاملة من التقدم فى العمر وأن الذى لم يحصل على اللقاح، سيشعر بأعراض شيخوخة مبكرة خلال 10 أيام من الإصابة؛ وتظهر على صحة الجسم. وأشارت دراسة بجامعة كينچز كوليچ البريطانية إلى أن الأشخاص الأكثر نشاطًا يبدون أصغر عمرًا بنحو عشر سنوات من الذين لا يمارسون نشاطًا بدنيًا، وأفادت أن استهلاك مستويات عالية من الجلوكوز والفركتوز يؤدى إلى تثبيط عملية الإصلاح الطبيعية للجسم، كما أن تناول الوجبات الحارة؛ يؤثر على الأوعية الدموية، ويؤدى تناول الأطعمة المحفوظة لتعرض البشرة للتجاعيد، ويعمل السكر الزائد الإصابة بأعراض الشيخوخة؛ لتأثيره على الأنسولين فى الدم، أما ملح الطعام فيعمل على تخزين المياه أسفل البشرة مما يضرها ويؤثر على شبابها. أعراض مبكرة وقال الدكتور سمير موسى، مدير مسستفى دار الفؤاد السابق: إن أعراض الشيخوخة المبكرة أصبحت تصيب الشباب، والمفترض أن تبدأ بالزحف بعد سن الخمسين، والمرأة أكثر من الرجل لأسباب عديدة؛ كاضطراب هرمونات المرأة وخصوصًا نقص هرمون الاستروچين وتأثير كثرة الحَمل والولادة والوصول مبكرًا لسن اليأس، كما أن التدخين بكثرة، والإدمان الكيماوى وانتشار مواد الإدمان والخطر على صحة الإنسان، وتعاطى الأدوية الكثيرة؛ خصوصًا المضادات الحيوية؛ يتسبب فى عدم امتصاص الأملاح والفيتامينات المهمة للجسم، فضلًا عن انتشار أمراض مثل السكرى وارتفاع ضغط الدم؛ خصوصا إذا أُهمل العلاج.
التعرض للأشعة فوق البنفسجية يؤدى لتلف الجلد
وأضاف «موسى»: كذلك النحافة الشديدة؛ خصوصًا للنساء وبعد عمليات التخسيس أو الأمراض النفسية المصاحبة لنقص الشهية؛ بينما يبدو أصحاب الوزن الزائد أكبر سنًا، وكذلك أصحاب الأمراض المزمنة؛ خصوصًا «المناعية»، والاكتئاب المزمن أو حتى الطارئ والحاد، وأمراض الأوعية والقلب والأنيميا، وتناول الأغذية غير المفيدة؛ خصوصًا السكريات بإفراط؛ التى تضيف كيلوجرامات للبطن، وتزيد من فرص الإصابة بمرض السكرى ومشاكل الجلد؛ خصوصًا حَب الشباب والتجاعيد، وتناول الكحوليات والمسكرات، وهذا بعض من كل، ولم تعد الأمراض تأتى لسن معينة؛ وقد يصاب بها الشباب أكثر من المتقدمين فى العمر. بينما أشار الدكتور أحمد حجازى، استشارى طب الأسرة، إلى أن أهم الأسباب لهذه الظاهرة هى التعرض للأشعة فوق البنفسجية؛ حيث يؤدى إلى تلف الجلد وتغيرات عميقة فى طبقة الكولاچين؛ وتشمل شيخوخة الجلد مثل التجاعيد والخطوط الدقيقة. والوجه الذى قضى سنوات فى العمل تحت أشعة الشمس قد يبدو مجعدًا بشدة وذات ملمس خشن؛ لأنه بمجرد تخطى العشرين دقيقة فى الشمس؛ فإن فوائد امتصاص فيتامين (د) الضرورى يتم التغلب عليها من خلال إتلاف الأشعة فوق البنفسجية للجلد. الإفراط فى شرب القهوة يؤدى للشيخوخة المبكرة
ويُعد السهرُ ليلًا من أهم العادات غير الصحية؛ فاستمراره لفترات عمرية مطولة كفيل بمنح مظهر أكبر من العمر الفعلى وتؤدى قلة النوم لظهور أكياس ودوائر سوداء تحت العين وكذلك التدخين، شرب الكحول، نقص فيتامينات مثل (ب12 وأ وج)، والإفراط فى استخدام مستحضرات التجميل. وأضاف «حجازى»: أغلب الشباب يفضلون الأطعمة الجاهزة وسريعة التحضير، فيصبح أغلب غذائهم معتمدًا على مكسبات طعم وألوان صناعية لتعزيز النكهات؛ ويدخل إلى الجسم كميات كبيرة من الملح والدهون والكولسترول، وبالتالى فإن الطعام الذى لا يساهم فى بناء جسم الإنسان يتسبب فى هدمه. سوائل كافيه ويوضح أن الإفراط فى تناول الوجبات التى تحوى نسبة عالية من المواد الحافظة من أبرز وأشهَر أسباب الشيخوخة المبكرة؛ لأنه يتسبب فى ازدياد الجذور الحرة بالجسم والتى تؤدى لتلف خلايا الجسم، وكذلك تعتبر اللحوم المصنعة من أهم الأطعمة التى تؤدى إلى الشيخوخة؛ حيث تحتوى على مواد حافظة تسبب الكثير من المشكلات الجلدية، كما تحتوى على الصوديوم مما يساعد على احتباس السوائل بالجسم والتأثير على صحة القلب؛ لأنها تحتوى على نسبة عالية من الدهون الضارة بالصحة، وتؤدى الأغذية التى بها نسبة من الكربوهيدرات كالأرز والمكرونة والخبز، إلى رفع مستوى الدهون فى الجسم؛ مما يعمل على تكسير الكولاچين الموجود فى الجلد. وأكمل: الرجال المُعَرّضون لضغوطات متوسطة وعالية مُعرضون لخطر الموت والشيخوخة المبكرين أكثر ب50 ٪؛ وفقًا لبحث أمريكى؛ حيث وجد أن التوتر المزمن مرتبط بعدة أمراض، بما فيها: أمراض القلب، الربو، أمراض المناعة الذاتية والفشل فى الجهاز المناعى. والأشخاص الذين يجلسون معظم اليوم ولا يمارسون أى رياضة هم أكبر من عمرهم الفعلى، فضلًا عن أن الوحدة وعدم وجود أصدقاء مقربين؛ وهى من أسباب الشعور بالوحدة.
الشباب يعانون من الشيخوخة المبكرة نفسيا وجسديا
وأضاف: إن الإفراط فى تناول القهوة؛ رُغم فوائدها الغذائية؛ فإن الإصابة بأعراض الشيخوخة المبكرة، بالإضافة إلى عصائر الفواكه المعلبة فيها؛ لاحتوائها على نسب عالية من المواد الحافظة والألوان الصناعية والسكر بكميات كبيرة. وترجح دراسات أن الضوء الأزرق للهاتف المحمول قد يسبب مشاكل جلدية مختلفة، بما فى ذلك الشيخوخة المبكرة. بينما قال د.أحمد عبدالعزيز، استشارى الأمراض الجلدية، إن من أهم أسباب الشيوخة المبكرة بعض الحالات الوراثية النادرة جدًا التى يمكن أن تسبب علاماتها فى مرحلة الطفولة والبلوغ المبكر، ومشاكل الغدة الدرقية، وأمراض جهاز المناعة كما فى حالة البُهاق والصلع، الإفراط فى التدخين؛ حيث يؤدى ذلك إلى أنواع مختلفة من المشاكل الصحية وتستنزف العناصر الغذائية الموجودة فى الجسم، لذلك يصاب المدخنون بخطوط دقيقة حول الفم، وتجاعيد أعمق فى الجبهة، ويرتبط التدخين بالشعر الباهت والهش والجاف والشيب المبكر. أضاف «عبدالعزيز»: كذلك عدم شرب كميات كافية من الماء؛ فجفاف الجسم يؤدى لجفاف الجلد، ليكون أضعف وأكثر عرضة للتجاعيد، كما يوصى الخبراء باستهلاك أطعمة، مثل: الخيار، الطماطم، الكوسة والباذنجان، التى بها أكثر من 90 ٪ ماء. وأضاف: تؤكد الأكاديميات الأمريكية للعلوم والطب، أن كمية السوائل اليومية الكافية هى نحو 15.5 كوب يوميًا للرجال ونحو 11.5 كوب للنساء، ويشمل ذلك السوائل من الماء والمشروبات والأطعمة. كما أن التوتر لفترةٍ طويلةٍ، واضطرابات القلق، تؤثر على صبغة ونمو الشعر وعلى الحالة الصحية بشكلٍ عامٍ ويؤدى سوء التغذية ونقص الغذاء الصحى وعدم نظافة فروة الرأس؛ إلى ضعِف البُصَيلات، بينما يسبب الإفراط فى استخدام أدوات التصفيف الحراريّة، وصبغات الشعر الكيميائيّة الضرر لبُصيلات الشعر، ومع الوقت تَتلَف وتَفقِد قُدرتها على إنتاج الصبغة. وقالت د. نهى مصطفى الجمل، إخصائى الأمراض الجلدية، إن فيتامين (C) هو أحد مضادات الأكسدة التى يمكن أن تمنع تلف الخلايا ويحد من الآثار الضارة للمُركبات التى تنتجها عمليات الخلايا العادية والمصادر الخارجية مثل التلوث أو دخان السجائر. وأيضًا يساعد على منع أضرار أشعة الشمس، ويمنع إنتاج الميلانين؛ وهو الصبغة التى قد تسبب بقعًا داكنة على الجلد. وقد أكدت الدراسات أن النوم الجيد يعمل على تعافى الجلد بشكل ملحوظ؛ حيث أكدت كلية الطب فى جامعة هارفرد أن الإجهاد المزمن يسبب شيخوخة الخلايا. والعصبية والتوتر الدائم؛ يترجم على المدى البعيد إلى تجاعيد الوجه. بينما قالت د.إيمان عبدالله، استشارى العلاج الأسرى: أصبح الشباب يعانون من أعراض ومَظاهر الشيخوخة، نفسيًا وجسديًا؛ فأصبحوا أكثر مكوثًا فى المنزل أمام الوسائل الإلكترونية، وذلك لحدوث إدمان لديهم وشعورهم بالسعادة المؤقتة، وعند سَحب تلك الوسائل الذكية من أحدهم أو حدوث عُطل بها يشعر بالاكتئاب والحزن، نظرًا لشعوره بأنه ليس له دور فعلى يؤديه دونها وحدوث ازدواجية فى المعايير وصراع بين العالم الافتراضى والواقع. وأصبح التعامل الواقعى يسبب له مشاكل، ويتقلص دوره فى الانعزال والجلوس وحيدًا فى غرفته والبعد عن ممارسة الرياضة والهوايات المفضلة. جيل المتقاعدين وأضافت «عبدالله»: إن العديد من الدراسات وصفت هذا الجيل بأنه جيل المتقاعدين كالذين فى سن المَعاش، وتوصلت إلى أنه جيل يقضى ثلث وقته وعمره أسبوعيًا فى أشياء غير مفيدة وهادفة، ما سبب كثرة أعراض التقزم أو قصر القامة، ومشاكل بصرية يعانى منها الشباب وآلام فى العمود الفقرى والفقرات، وقلة الرغبة فى بذل المجهود والكسل الشديد والإكثار من العمليات الشرائية عبر الإنترنت «الأون لاين»؛ وجميعها من الأسباب الناتجة عن الجلوس فترة طويلة أمام الشاشات الذكية. وأجمع الخبراء على وجود طرُق لتقليل علامات الشيخوخة المبكرة، ومكافحة أسبابها؛ ومنها: عدم التعرض للشمس الحارقة ساعات طويلة، التقليل من المكوث أمام الوسائل الإلكترونية والمشاركة فى أنشطة على أرض الواقع، والحفاظ على رطوبة الجسم؛ عبر شرب لترين من الماء يوميًا. إضافة إلى الحذر من تناول الأطعمة الحارة والحمضيّة والمقليّة، والابتعاد عن التدخين والكحوليات والعصبية والتوتر الدائم، والحرص على تناول العصائر الطازجة «الفريش» والصحية والتمور والشوكولاتة الداكنة، والحصول على قسط كافٍ من النوم فى مواعيد شبه ثابتة، وتنشيط الدورة الدموية؛ بممارسة الرياضة30 دقيقة على الأقل يوميًا، والاغتسال بالماء البارد، وتدليك فروة الرأس 5 - 10 دقائق، وجعل الأمل والتفاؤل والفرح على رأس قائمة الأولويات، والمواظبة على تناول الخضروات والفواكه الطازجة.
