يعد برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر ثمرة جهود القيادة السياسية التى ترى بعين الواقع أن صعيد مصر الذى أُهمل طويلًا، هو أحد أهم ركائز التنمية بمصر الحديثة؛ لذا أولته الحكومة اهتمامًا كبيرًا؛ حيث قامت فى 2015 بإعداد برنامج قومى لتنمية المناطق المتأخرة تنمويًا بدءًا بمحافظات الصعيد، وتم فى هذا الإطار الإعداد لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر. وقال اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية: إن البرنامج شارك فى الاجتماعات التنسيقية التى عقدتها وزارة التخطيط فى ضوء مناقشة المبادرة الرئاسية لدعم التكتلات الاقتصادية بمحافظتى قناوسوهاج، تسويقيًا بقيمة 50 مليون جنيه والتى تديرها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، لوضع حملة تسويقية لمنتجات تلك التكتلات لتتكامل مع خطط العمل الأساسية لكل تكتل، موضحًا أن البرنامج يوفر نموذجًا للتنمية المحلية المتكاملة بمحافظتى قناوسوهاج قابلًا للتكرار فى المحافظات الأخرى فى صعيد مصر، ومن ثم فى المناطق الأخرى المهمشة والمتأخرة تنمويًا، وتم توقيع وثيقة البرنامج واتفاقية تمويله مع البنك الدولى فى أكتوبر 2016 بقرض قدره 500 مليون دولار ومساهمة مكافئة من الحكومة المصرية كمكون محلى لمحافظتى سوهاجوقنا، ويمتد البرنامج حاليًا جزئيا بمحافظتى أسيوطوالمنيا.
بناء تكتلات إقتصادية جديدة للمشروعات القائمة بالريف
ومن أهم برامج هذه التنمية بناء تكتلات اقتصادية جديدة للمشروعات القائمة بالمناطق الريفية خاصة الصناعات التراثية واليدوية المهددة بالانقراض، ودعم التنافسية والتنمية الاقتصادية وتهيئة بيئة الأعمال كأداة لدعم وزيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل حيث يعمل البرنامج على تنمية وتطوير عشرة تكتلات بمحافظات الصعيد كمرحلة أولى وهى: تكتلات العسل الأسود، الفركا، الطماطم، الشمر والفخار بمحافظة قنا، الأثاث، التلىّ، البصل، الصناعات النسيجية والفاصوليا الخصراء بمحافظة سوهاج، الرمان والنباتات الطبية والعطرية بأسيوط والعسل الأسود والنباتات الطبية والعطرية بالمنيا. تكتل «الفركا» تعد حرفة الفركا من أقدم الحرف اليدوية التى ورثها أهل مركز نقادة بمحافظة قنا عن أجدادهم الفراعنة، وهى عبارة عن غزل منسوجات مختلفة أشهرها الشيلان باستخدام الأنوال اليدوية بمهارة ودقة مجموعة من الفنانين المبدعين من أبناء الصعيد والذين يقدر عددهم بحوالى 150 نوالًا 60 % من العاملين من السيدات و40 % من الرجال. وتعد نقادة المصدر الوحيد على مستوى العالم المنتج لهذه الحرفة التراثية والتى يستخدم فى تصنيعها خيوط من القطن والحرير، حيث تعتمد الفركا على تصميمات مستوحاة من البيئة والطبيعة لتعبر عن تراث وهوية الصعيد.
اهتمام خاص بالحرف التراثية واليدوية المهددة بالانقراض
الفخار والخزف صناعة الفخار من أقدم الحرف فى التاريخ فتعود أصولها بمحافظة قنا إلى ما قبل العصر الفرعونى، حيث كانت تصنع الأوانى الفخارية بطرق بدائية «دون حرق المنتجات» فى العصور الحجرية، وعصور ما قبل الأسر الفرعونية، وبدأت الصناعة تنتشر مع الوقت لكونها صناعة متوارثة بين الأجيال، فتمسك بها 300 أسرة من أهالى محافظة قنا حتى يومنا. يتكون التكتل من حوالى 300 وحدة إنتاجية بمتوسط يد عاملة حوالى 1800عامل أغلبهم من أفراد الأسرة، غير أن بعض الورش تلجأ إلى العمالة الموسمية. وترتكز الحرفة فى عدة مناطق على مستوى محافظة قنا، ولكن أكبرها قرية الشيخ عاى بمركز نقادة والتى تضم 103 وحدات، تليها قرية حجازه بمركز قوص والتى تحوى 84 وحدة إنتاجية ثم تأتى دندرة والدير الغريب بمركز قنا وبها حوالى 60 و40 وحدة على التوالي. تتم صناعة الفخار بالتكتل يدويًا باستخدام أدوات بسيطة وتتنوع المنتجات التى يعرضها التكتل من أوانى الطهى وأوانى حفظ المياه والأغذية وأدوات المائدة وقطع الزينة مع التركيز على أوانى الطهى لكونها الوحيدة التى تتحمل درجات حرارة عالية جدًا مثل وضع المنتج مباشرة على شعلة النار عاى عكس منتجات التكتلات الأخرى.
مطرزات التلىّ التليّ المصرى هو فن وحرفة تطريز موثقة ومقدرة لدى صناعة الأزياء العالمية، تُستخدم فيها خيوط معدنية مسطحة، مطلية بالفضة والذهب، وتُطرز على شكل زخارف هندسية تتجذر فى التاريخ المصرى والفن الشعبى، وتناسب التنويع والبراعة فى التصميم الحديث. أخذت الحرفة التى تحتكر النساء ممارستها فى الاندثار بداية من الثلاثينيات حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضى، حتى انطلقت جهود إعادة إحيائها بتدريب مجموعات من الفتيات فى كل من أسيوطوسوهاج، بالتعاون مع منظمتى اليونيسكو واليونيسف. وأُعيدت الحرفة الى الحياة ثانية، وشهدت ازدهارًا كبرًا فى قرية جزيرة شندويل التى زاد فيها عدد المشتغلات بالتليّ والمنسج إلى نحو أكر من 1000 سيدة وفتاة، يتوزعن ما بن حرفية ومدربة وقائدة فريق ورائدة أعال؛ وأصبح تكتل جزيرة شندويل بمحافظة سوهاج صاحب الصدارة فى الحرفة، وتُسوق منتجاته بعدة محافظات خارج التكتل كما ُيسوق بعضها خارج البلاد. صناعة الأثاث بدأت صناعة الأثاث فى مركز طهطا بمحافظة سوهاج منذ أكثر من 30 عامًا وتطورت عبر الزمن لتصبح مدينة متكاملة متخصصة فى صناعة وتجارة الأثاث؛ حيث تأتى مدينة طهطا فى المرتبة الأولى فى إنتاج الأثاث فى صعيد مصر فهى تغذى كافة مراكز محافظة سوهاجومحافظات الصعيد المجاورة من أسيوط حتى أسوان.
صناعة منتجات الغزل والمفروشات يدويا بأخميم
ويوجد فى طهطا نحو 1500 ورشة متخصصة فى صناعة الأثاث المنزلى يعمل بها قرابة 6000عامل يتميزون بالحرفية والمهارة. ويشتهر الأثاث الطهطاوى بجودة ومتانة الخامات المستخدمة فى صناعته والمتفرد به فى صعيد مصر، بالإضافة إلى تنافسية أسعاره. ويتمتع صناع الأثاث فى طهطا بقدر عالٍ من المرونة والحرفية بحيث يتم تنفيذ التصميمات المختلفة التى يطلبها العملاء والتى تتماشى مع الذوق الرفيع وإضافة البصمة الشخصية المتفردة على المنتجات. وتوفر مدينة طهطا تجربة تسوق فريدة حيث يستطيع العملاء إيجاد كل ما يحتاجونه من منتجات الأثاث وتوفر التنوع الكبير فى المنتجات والتصميمات. النسيج اليدوى يتخصص تكتل النسيج اليدوى بأخميم والكوثر بمحافظة سوهاج فى إنتاج الأقمشة والمفروشات والملابس من الغزول الطبيعية كالقطن والكتان والحرير، حيث يتم نسج المنتجات يدويًا بأيدى النساجين على الأنوال الخشبية المستخدمة منذ آلاف السنين فى أخميم، والتى خضعت لعدة تطويرات لزيادة كفاءتها مع الاحتفاظ بطابعها اليدوى الأصيل. ويتألف التكتل من حوالى 30 وحدة إنتاجية «منتجين/مصنعين»، ونحو 1000 عامل وعاملة، ونحو 400 نول. ويشتهر التكتل بمنتجات المفروشات المنزلية والفندقية والملابس واللوحات المنسوجة والمطرزة يدويًا بالإضافة إلى المنتجات الوسيطة من فرش للتنجيد وقماش للملابس. وتتلخص الميزة النسبية للتكتل فى إنتاج منسوجات يدوية من القطن، بالإضافة إلى عناصر السمعة التاريخية لمنسوجات أخميم والخبرة الفنية بالنسيج اليدوى والتوسط بن محافظات الجمهورية، وانخفاض تكلفة العاملة. الفخار من أقدم الصناعات اليدوية
العسل الأسود يعتبر تكتل صناعة العسل الأسود واحدًا من أهم التكتلات التى يستهدفها البرنامج ويسعى من خلاله لتطوير 300 عصارة للعسل على مستوى مراكز محافظه قنا هى نجع حمادى، فرشوط، أبوتشت، ملوى وديرمواس، وتبدأ صناعة العسل الأسود، فى موسم الشتاء مع بداية موسم التصنيع، حيث تنتشر مصانع العسل البدائية فى جميع أنحاء مراكز المحافظة، مع انتشار زراعة محصول قصب السكر فى تلك المناطق. ووضعت صناعة العسل الأسود محافظة المنيا فى مقدمة المحافظات فى تلك الصناعة، وهناك محاولات كبيرة لتطوير الصناعة، لتظل المنيا رائدة فى الصناعة، وبسبب انتشار زراعة قصب السكر فى جنوبالمنيا انتشرت مصانع العسل الأسود البدائية منذ عشرات السنين والتى ما زالت على عهدها القديم دون تطوير. ويشمل تطوير تكتل صناعة العسل تدريب العاملين بهذا القطاع على كيفية إدارة المشروع بطريقة علمية، بالإضافة إلى تطوير التصنيع وفقًا للأساليب والمعدات الحديثة التى تسهم فى توفر الوقت والجهد والتكلفة وتعطى جودة أفضل للمنتج. والبرنامج سيوفر الدعم المالى للعاملين بهذا القطاع تسهيلًا عليهم فى تنفيذ أعمال تطوير تلك الصناعة. تجفيف الطماطم أصبحت مصر أهم لاعب فى صناعة تجفيف الطماطم عالميًا، فمنذ بدأت التجربة فى قرى ونجوع محافظة الأقصر، حققت خطوات ناجحة ثبتت أقدام مصر فى المركز الثانى عالميًا فى إنتاج الطماطم المجففة وتصديرها للأسواق الخارجية. يلعب البرنامج دورًا مهمًا فى ذلك بتوفير مستلزمات مناشر التجفيف، حيث بدأ مشروع صناعة تجفيف الطماطم فى قرية بنبان بمحافظة أسوان عام 2010 وانتشر فى عام 2011 فى الأقصروقناوأسوان. الرمان والنباتات العطرية يمثل محصول الرمان والذى تتميز به محافظة أسيوط فى مركز البداري أهمية قصوى لها، للوفرة فى كمية الإنتاج وجودة المحصول الذى جعله يحتل المركز الأول عالميًا ويحظى بشهرة وسمعة عالمية ويتم تصديره لأغلب دول العالم بكميات كبيرة. ويسعى البرنامج لتعظيم الاستفادة من محصول الرمان من خلال إنشاء مصنع لمركزات الرمان ومشتقاته وتسويق تلك المنتجات عالميا لتحقيق أعلى عائد اقتصادي. فى حين تزرع مصر أكثر من 30 نوعًا من النباتات الطبية كنباتات تصديرية، على مساحة 80 ألف فدان، وتحتوى الفلورة المصرية على أكثر من 2500 نبات طبى وعطرى، يتم زراعة أكثر من 30 نباتًا طبيًا وعطريًا منها على سبيل المثال: العيلة الخيمية أو الحبوب العطرية، مثل: الكمون، الينسون، الشمر، الكراوية، الكزبرة، حبة البركة، وتمثل حوالى 50 % من مساحات زراعة النباتات الطبية، وتأتى فى المرتبة الثانية «العائلة الشفوية»، مثل: النعناع بأنواعه، البردقوش، المريمية، الزعتر، الريحان، ثم العائلة المركبة أو النباتات الزهرية، مثل: البابونج، شيح الكاموميل، الإقحوان أو عباد القمر، بالإضافة إلى حشيشة الليمون، السترونيلا، الكركدية، الحنة، وكلها من أشهر النباتات الطبية التصديرية. النباتات الطبية والعطرية تمثل حوالى 1 % من إجمالى المساحات الزراعية، والنباتات الطبية ترتكز زراعتها على 4 محافظات هى: بنى سويف، الفيوم، المنيا، أسيوط، وتمثل نحو 80 % من زراعة النباتات الطبية، وال20 % الباقية موزعة على أسوان، الغربية، وباقى المحافظات. تكتل الفاصوليا يُمثل محصول الفاصوليا أهمية اقتصادية فائقة للدولة وللمزارع على حد سواء، حيث تقوم مصر بتصديره فى مواعيد مختلفة عن الدول المنتجة له والمنافسة لنا فى السوق العالمية، فمصر هى المُصدِّر الأكبر للفاصوليا الخضراء خلال أشهر يناير وفبراير وأوائل مارس دون منافسة، وتأتى فى المرتبة الرابعة عالميًا فى ترتيب المصدرين من حيثُ كمية الفاصوليا الخضراء، وترجع أهمية «الفاصوليا» الاقتصادية لكونها محصولًا غير مجهد للتربة، بجانب أن الجذور تُعد بمثابة سماد عضوى، فضلًا عن قلة مكوثها فى الأرض ويقوم البرنامج حاليًا بزراعة نحو 220 فدان فاصوليا فى مركزى جرجا ودارالسلام فى محافظة سوهاج بمناطق زراعة القصب، وهو تحميل محصول الفاصوليا على القصب الخريفى. حيث يتم استغلال المساحات الكبيرة من القصب الخريفى، واستغلال القصب المزروع فى حماية الفاصوليا من انخفاض درجة الحرارة، كما تم عمل دراسة للتأكد من عدم انتقال الآفات فى هذا الوقت (وقت الزراعة) من القصب إلى الفاصوليا، كما تم عمل تعديل طفيف فى زراعة القصب (أثناء تجهيز الأرض)، ليتناسب مع زراعة الفاصوليا وريها فى زراعة القصب أو الفاصوليا.