فى الوقت الذى ترصد فيه الإحصائيات منذ سنوات، تراجع التليفزيون فى العالم أمام السوشيال ميديا، يحلل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، محمود علم الدين آخر إحصائيات «الإعلام والجمهور» عالميًا خلال جائحة كورونا، والتى غيرت الموازين، ليرى د. محمود «فرصة» أمام التليفزيون، لاستعادة المشاهدين، والمنتجين وفلوس الإعلانات أيضًا. يرسم د. محمود علم الدين، خريطة جمهور الإعلام فى العالم، بحسب الإحصائيات المتوفرة لديه، حيث لم يعد التليفزيون فى صدارة الاستحواذ على جمهور الإعلام، فعدد الذين يشاهدون التليفزيون والمتابعين له وصل إلى 2 ونصف أو 3 مليارات تقريبًا، وأقل من 2 مليار أو مليار و700 مليون تقريبًا يقرأون الصحف المطبوعة، بينما من يدخل يوميًا على محرك البحث جوجل تجاوز 4 مليارات و400 مليون، وعدد من يتعاملون مع مواقع التواصل الاجتماعى 3 مليارات و400 مليون، منهم مليار على «تيك توك» وواتس أب 900 مليون إلى مليار. سحبت مواقع التواصل الاجتماعى البساط والجمهور من الوسائل التقليدية، لأنها موجودة على الكمبيوتر والتابلت والموبايل، وبها قدر من التفاعلية وإمكانية أن يتحول أى شخص لإعلامى ويتحدث ويكتب ويعبر عن رأيه، وفيها قدر من التنوع والمعلومة والترفيه وأشياء كثيرة لم تكن تتيحها له الوسائل التقليدية، فيمكن أن يقرأ الجرنال والمجلة والكتاب ويشاهد الفيلم السينمائى، فضلًا عن إمكانية إبداء الرأى، وقدرتى أن أتحول لمنتج للمحتوى. هذه النقلة نتج عنها قلة عدد المتابعين للراديو والتليفزيون وقلة قراء الصحف، وبالتالى انسحب هذا على الممولين والرعاة والمنتجين، والعاملين أيضًا. فيصل عدد الذين يعملون فى الصحافة فى أمريكا إلى أقل من 40 ألفاً، وهناك تراجع، بينما من يعمل فى شركة مثل «ألفا بيت» التى تملك أكثر من محرك بحثى وموقع يقترب من 60 ألفًا. البحث عن المصداقية لكن جائحة كورونا صنعت تحولًا فى خريطة الإعلام، لصالح الوسائل القديمة، لأن الناس خلال الجائحة كورونا بحثوا عن المعلومة المدققة الموثقة، التى يعدها المحترف، فى مقابل معلومات غير دقيقة وغير موثقة وصفها مدير منظمة الصحة العالمية بأنها «وباء معلوماتى يسير متوازيًا مع وباء كورونا». الوباء المعلوماتى قد يهون من خطورة كورونا فيتراخى الناس، وقد يهول منها فيحدث نوع من الفزع، تستغله الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، من خلال مواقع التواصل. وبحسب الإحصائيات التى يتابعها أستاذ الإعلام محمود علم الدين، الناس بدأت تعود إلى قراءة الصحف ومتابعة الأخبار عبر التليفزيون، خلال كورونا، وجاءت إعادة الاعتبار لهذه الوسائل كونها أكثر مصداقية، لكن لم تحقق حتى الآن عوائد اقتصادية، والذى كسب من كورونا هو المواقع التى تقدم الخدمة المشفرة مثل «آبل ونتفليكس» وأيضًا مواقع أخرى تعتمد على تقديم مواد تخصصية يحتاجها الناس ولا يجدونها فى وسائل أخرى. الناس عايزه إيه؟ وحول كيفية استعادة التليفزيون لدوره كوسيلة اتصال جماهيرية وفعالة، قال علم الدين: «مفتاح نجاح الإعلام حاجتين: أن يقدم محتوى جذاب وأن يرضى هذا المحتوى الجماهير». ويشرح: محتوى جذاب فى أسلوب العرض وبشكل إبداعى مختلف تمامًا، الإبداع هنا هو المدخل ثم يكون هذا المحتوى أيضًا يلبى طموحات واهتمامات الناس، «شباب وشيوخ وجيل الألفية وكل جيل له اهتماماته، اللى الإعلام عليه أن يسأل ويبحث ازاى يغطيها، وبالتالى التليفزيون عليه أن يطور محتواه وشكله لكى يلبى اهتمامات وطموحات ورغبات المشاهدين، محتاج فهم للناس عايزة إيه، ومحتاج فنانين ومبدعين يقدمون صيغًا إبداعية تليفزيونية مختلفة تمامًا عن الصيغ التقليدية، مفتاح نجاح الإعلام فى أى وقت أن تقدم صيغًا إبداعية كثيرة، تعيد اختراع نفسها». وتابع: «على سبيل المثال مجلة (زى اطلنتك) مجلة أمريكية كانت تعانى قبل جائجة كورونا، وضعت مجموعة أساليب التطوير، فارتفع توزيعها بنسبة 125 %، التطوير كان فى الأفكارالمبتكرة التى لم يسبقها إليها أحد، وعندما نراجع تجاربنا الرائدة فى الصحافة المصرية، نجد أن كل جورنال نجح كان بصيغة إبداعية جديدة، يعنى جريدة المصرى سنة 1936 ونفس الشىء لمجلة المصور سنة 1925 وروز اليوسف، وجريدة أخبار اليوم سنة 1944 ومجلة صباح الخير سنة 1956، كان لكل منها صيغة مختلفة إبداعيًا وتقدم محتوى لفئات تحتاجه، لهذا نجحت واستمرت، مفتاح نجاح الإعلام، هو فى فهم احتياجات القراء والمشاهدين، ثم تقديم صيغ إبداعية جديدة تجذب الناس».