غضب واستياء كبير متصاعد في الأوساط الفنية، والثقافية إثر الهجوم العسكري الفاحش على تراث المصريين وحضارتهم المحفورة بالأعمال الفنية والتراثية التي لا تقدر بثمن، سواء في ماسبيرو أو غيرها من المتاحف والمخطوطات التاريخية، لتحويلها لمجرد بزنس، وفقط، بغض النظر عن الحقوق التاريخية أو حقوق الملكية الفكرية. وكانت آخر فصول المهزلة، عقب إطلاق الجيش المنصة الإعلامية الجديدة WATCH IT". حيث وقعت مؤخرا، مجموعة إعلام المصريين، التي تمتلكها مجموعة دي ميديا الإعلامية، بروتوكولاً جديدًا مع الهيئة الوطنية للإعلام، اتفاقا تستحوذ بموجبه على المحتوى المصري، سواء ما تم إنتاجه سابقًا أو حاليًا من التلفزيون المصري، ويمتلك حقوقه الرقمية. ويقضي البروتوكول بإتاحة ذلك المحتوى على المنصة الرقمية الجديدة Watch iT (مملوكة للاستخبارات) حصريًا، والتي أطلقتها الشركة المتحدة للخدمات الرقمية لتقديم المحتوى في صورة أفضل ومتطورة، وصرح رئيس مجلس إدارة مجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية، تامر مرسي، أن شركات إنتاج المحتوى العالمية أو القنوات المتخصصة في مختلف المجالات اتجهت عالميًا إلى حماية حقوق الملكية الفكرية للمحتوى من خلال منصات رقمية مثل منصة Watch iT، وبصورة حصرية. وأطلقت الاستخبارات منصة Watch iT مع بداية شهر رمضان، بعد أن حصلت على الحقوق الرقمية للمحتوى الدرامي والبرامجي على شاشات القنوات المختلفة، لتتيح للمستخدم مشاهدة الأعمال ومتابعتها من خلال المنصة، وبصورة حصرية. وزعم رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، حسين زين: إن البروتوكول هو جزء من مسئولياتهم نحو حماية حقوق المحتوى الإعلامي المصري، كما أنه يتم تقديم المحتوى باستخدام تقنيات حديثة تناسب تغير طرق تلقي المحتوى عالميًا، وتعظم عوائده. وجاء البروتوكول الجديد مكملاً لما تقوم به إدارة منصة Watch iT، بالحصول على حقوق محتوى مميز يتمثل في مكتبة التلفزيون المصري حصريًا في مختلف المجالات، ويلائم مختلف الفئات، لا سيما أن التلفزيون المصري يمتلك الكثير من المحتوى المميز. يأتى هذا استكمالاً لما يسعى إليه العسكر قبل سنوات من سرقة وخطف مبنى ماسبيرو و"تفريغة من محتواه" بعد إعلان الحكومة عن بيع بعض من أصول مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون من أجل سداد الديوان والتي تقدر ب22 مليار جنيه. عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق كان قد أعلن منذ فترة أن حجم الخسائر التي يتعرض لها ماسبيرو كل عام حوالي 100 مليون جنيه سنويًّا، وأشار بأن الميزانية تتخطى 3 مليارات جنيه، بالإضافة إلى أن حجم العمالة في ماسبيرو 35 ألف موظف، وأوضح أنه بحلول العام القادم 2020 سيتم خفض العاملين إلى 15 ألفًا. وأشار إلى أن الحل في معالجة العجز السنوي للاتحاد هي أن ننتج 10 مسلسلات تكون على نفس ما يقدم في القنوات الخاصة، ولكي نفعل ذلك نحتاج إلى 300 إلى 400 مليون جنيه، وقد أشار لحل عجز ماسبيرو المالي بأن يتم بيع أراضي الاتحاد التي لا يستخدمها حتى يتم دفع جزء من مديونية بنك الاستثمار وبالتالي يتم تقليل الدين. وسبق وأن بدأت خيوط الجريمة تظهر للعلن، بعدما بدأت المولود المخابراتى الجديد (DMC)، فى وراثة التلفزيون الرسمي (ماسبيرو)، حيث كشف البروتوكول الذي عقد قبل نحو عامين تعاون بين (DMC) التي تسمي "ماسبيرو القطاع الخاص)، والتلفزيون الحكومي الرسمي (ماسبيرو)، يسمح بنقل مواد التلفزيون الحكومي من أفلام ومسلسلات، للشبكة الخاصة الجديدة، وايضا مذيعات، وموافقة اتحاد الإذاعة والتلفزيون على تأجير أربعة استوديوهات للشبكة الجديدة، فضلا عن تمرير قانون الخدمة المدنية الجديد وخروج موظفي التلفزيون بالمعاش المبكر بعدما حدد سن 50 عاما لهم. وقد نشرت مجلة "الأهرام العربي" 19 يناير 2017 تفاصيل "الصفقة" بين إدارة التسويق بالقطاع الاقتصادي بماسبيرو وقناة "DMC" الفضائية، التي قالت أن هدفها "محاولة استغلال بعض المواد المملوكة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون لتنمية موارد ماسبيرو والاستفادة من إمكاناته". وتضمن بيع عدد المسلسلات الدرامية من 30 إلى 64 مسلسلاً دراميًّا، نظير مبلغ يقدر ب 10 مليون جنية، بعقود بين الطرفين، بعد موافقة مجلس الأعضاء المنتدبين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون. يشار لأنَّ شركة “سينرجي للإنتاج الفني” التابعة لمجموعة “إعلام المصريين”، والتي يديرها تامر مرسي ، قد منيت بخسائر مادية فادحة. إلا أنَّ هناك خسارة أخرى كبيرة تتعلق بالهدف الرئيسي من السيطرة على الأعمال الفنية، وهو إيصال رسائل محددة إلى الجمهور عبر تلك الأعمال، تكون موجهة من الأجهزة الأمنية، وهو ما فشلت الأعمال الفنية التي تم إنتاجها في تحقيقه، فلم تحقق تلك الأعمال نسب المشاهدة المرجوة، إذْ عزف المشاهدون عنها وأقبلوا على شاشات أخرى ومنها شاشة التلفزيون المصري “ماسبيرو زمان” التي تعرض روائع التراث الفني المصري وخصوصًا في شهر رمضان هذه الأيام.وبسبب اتجاه الجمهور إلى قناة “ماسبيرو زمان” وعزوفه عن قنوات “إعلام المصريين”، ومن ثم اتجهت شركة الاستخبارات الآن لوضع يدها على تراث التلفزيون المصري، في محاولة لتوفير مكتبة تضم الكثير من المواد النادرة، من أجل عرضها على منصتهم WATCH iT، وتعويض ما تم هدره من أموال. غضب فني محاولة استحواذ شركة المخابرات على تراث “ماسبيرو”، أثارت غضب بعض الفنانين والكتّاب في مصر، ومنهم مؤلف الأغاني أيمن بهجت قمر الذي هدد باتخاذ إجراءات قانونية، إذا تم التصرف في المواد التي بحوزة التلفزيون المصري، ومنها مواد يمتلك فيها حقوقَ ملكية بصفته ابن كاتب السيناريو والمؤلف الراحل بهجت قمر الذي كتب الكثير من الأفلام المصرية القديمة. مناورة الهروب العسكري للملكية العامة وردًّا على ذلك، أصدرت الشركة بيانا أعلنت فيه للمرة الأولى بوضوح أنها مملوكة للدولة، دافعت فيه عن موقفها، وقالت إنها “في إطار جهودها في حماية حقوق المبدعين والمنتجين والتراث الفني المصري ومستقبل صناعة الدراما والسينما، تصدّت لمهمة إحياء وعرض المحتوى الإبداعي المصري وفق أحدث الطرق، وإيقاف مسلسل الإهدار والسطو والقرصنة التي تعرض لها هذا المحتوى العام لسنوات طويلة من خلال تطبيقات وبرامج وقنوات أجنبية، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي أهدرت الحقوق، وتحولت لساحة للقرصنة هددت الإبداع، وهددت شركات الإنتاج في مختلف المجالات”. كما أعلنت الشركة أنها “لن تتوقف عند حماية وعرض المحتوى الإبداعي بماسبيرو، بل ستكون لديها مفاجآت كبيرة في عمليات الإنتاج مستقبلاً، تنافس بها عمالقة منصات الديجتال لعرض المحتوى الدرامي والسينمائي المصري في العالم”. وفي محاولة أخرى لتعويض الخسائر، أعلن تامر مرسي أيضًا عن حصوله على حقوق عرْض الدوري المصري رقمياً وحصريا على WATCH iT لمدة أربع سنوات. وقال في بيان إن ذلك “يتيح لمستخدم المنصة الاستمتاع بكافة الأهداف والمباريات والملخصات. كما ستقدم المنصة برامج رياضية متخصصة، وذلك لإضافة متعة الاستمتاع بمثل تلك الحقوق الحصرية”. وقال البيان إن “الحصول على حقوق الدوري المصري الرقمية، هو بداية إثراء المحتوى الرياضي الرقمي على المنصة، وأيضاً يمثل حماية لحقوق استخدامه، وستتوالى إضافة الكثير من المحتوى الرقمي في مختلف المجالات”. وهكذا تتحول الثقافة والتراث المصري لمجرد بيونس لصعاليك العسكر الداحلين على المهنة، وهم الذين لا يؤمنون بثقافة ولا تاريخ بقدر ايمانهم بالبزنس ، والا لما كانوا حظروا نشر الرةايات وحذفوا المشاهد التلفزيونية، واوقفوا الكتاب وحبسوا المثقفين والاعلاميين.