مستشار وزير التموين السابق: أوقية الذهب ستتجاوز 5000 دولار قبل نهاية العام.. وأنصح بالشراء الآن    بكام الطن اليوم؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الإثنين 13-10-2025 ب أسواق الشرقية    ارتفاع الدولار الأمريكي اليوم الإثنين 13-10-2025 أمام بقية العملات الأجنبية عالميًا    حافلات الصليب الأحمر تستعد لاستقبال الأسرى الفلسطينيين    نتنياهو يصف الإفراج المتوقع عن الرهائن بأنه حدث تاريخي    الرئيس الإندونيسي يعلن مشاركته في قمة شرم الشيخ    حدث ليلا.. تنبيه عاجل للأرصاد.. وقصة مقتل صالح الجعفراوى (فيديو)    المغرب يتأهل للمرة الثانية فى تاريخه لنصف نهائي كأس العالم للشباب    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    أجواء خريفية الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025    في مشهد مهيب.. الأهالي يشيّعون 6 من أسرة واحدة ضحايا حادث طريق قفط – القصير    اليوم.. محاكمة 64 متهما ب الانضمام لجماعة إرهابية في التجمع الخامس    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    الدرندلي بعد فوز المنتخب: «أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي»    سعر طن الحديد يقفز 2000 جنيه.. أسعار مواد البناء والأسمنت الإثنين 13 أكتوبر 2025    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    الأمل فى شرم الشيخ    موعد ومقررات امتحانات شهر أكتوبر 2025.. أول اختبار رسمي في العام الدراسي الجديد    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    حضور إعلامي دولي واسع لنقل قمة شرم الشيخ للعالم.. 88 وسيلة إعلامية كبرى    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 أكتوبر    مصر تعلن قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    مقتل شاب دهسه أحد أقاربه بسيارة في فرح بالبحيرة    إعانة وسكن كريم للأطفال.. استجابة إنسانية من محافظ قنا لأسرة الزوجين المتوفيين    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    سلوكيات تدمر أقوى الصداقات.. تجنبها قبل فوات الأوان    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب في عدد من المحافظات    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    أخو صالح الجعفراوى يكشف وصية أخيه الأخيرة: لا تبكوا عليّ وأكملوا طريق الحرية    عاجل- رئيس هيئة الرعاية الصحية يراجع جاهزية المستشفيات والمخزون الدوائي لقمة السلام بشرم الشيخ    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض دماغية خطيرة    خبراء التغذية يحددون أفضل الأطعمة لصحة المفاصل والوقاية من الالتهابات    زيزو: التأهل للمونديال لحظة تاريخية.. وأتمنى تحقيق حلم المشاركة في كأس العالم    حسام حسن: صلاح مثل أخي الصغير أو ابني الكبير.. إنه نجم العالم    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    على أغانى أحمد سعد.. تريزيجيه يرقص مع ابنه فى احتفالية التأهل للمونديال    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    عاجل| بدء صرف حافز 1000 جنيه شهريًا للمعلمين بعد أيام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان أغلى من الحجر والطقوس
نشر في صباح الخير يوم 14 - 04 - 2020

فى زيارة عمل لإحدى قرى الصعيد البعيدة لتقييم بعض مشروعات التنمية الاقتصادية والتعليمية المُنفذة من قِبَل الجمعيات الأهلية، لاحظت أن أهالى القرية من المسلمين والأقباط يتسابقون لجمع تبرعات من أبنائهم الميسورين الذين يعملون فى القاهرة أو دول الخليج أو دول المهجر «أمريكا وكندا وأستراليا».
من أجل بناء منارة كبيرة لجامع القرية القديم بدلًا من منارته الصغيرة، وتجليد الجدران الجيرية للكنيسة القديمة بالرخام الأبيض والأخشاب وتغطية أرضها بالسيراميك بدلًا من البلاط القديم. فى حين أن المدارس المجتمعية للبنات داخل القرية التى تعالج ظاهرة تسربهن من التعليم الإعدادى، والتى أُنشئت بتبرعات من بعض الأهالى والجمعيات الأهلية ومعونات دولية، كانت تعانى من أزمة شديدة فى دعمها المادى واستمرار عملها.
وسألت بعض قيادات القرية والمسئولين عن جمع التبرعات: «لماذا لا يتم جمع تبرعات من أبناء القرية لمدارس تعليم البنات مثلما يتم للجامع والكنيسة؟»...وتجرأتُ أكثر فقلتُ: «تعليم البنات أولوية عن منارة الجامع ورخام وسيراميك الكنيسة، وبصراحة أكثر فإن منارة الجامع القديمة رُغم قصر طولها فإنها جميلة ومتناسبة مع صغر حجمه. وأن الرخام والسيراميك لا يتفقان مع بساطة الكنيسة القديمة، فسوف يحرمها الدفء والحيوية والجَمال. ولا تحتاج الجدران إلا لطلاء زيتى بسيط وأيقونات قبطية أصيلة، كما أن بلاط الكنيسة القديم والمنقوش عليه ورود صغيرة أجمل مائة مرة من السيراميك».
رفضتْ قيادات القرية ما قُلته بحجج دينية واجتماعية مفادها أن أبناء القرية العاملين فى الخارج يدفعون لبناء بيوت الله لتكون فى أفضل شكل وصورة لاستقبال المُصلين. وهذا هو الأبقى لهم فى الدنيا والآخرة، وأن الدوافع الاجتماعية والدينية لدعم تعليم البنات ليست قوية بما يكفى لإقناعهم بالتبرع من أجل مدارس المجتمع للبنات!!
مبالغات البناء والطقوس
المبالغة فى بناء دور العبادة وتزيينها بمواد ثمينة من «رخام وأخشاب وزجاج ملون»، والتزيُّد فى استعراض الطقوس الدينية؛ خصوصًا فى مواسم الأعياد، هما ظاهرتان غريبتان بعض الشىء على المجتمع المصرى فى العَقدين الأخيرين. ولا تتفقان مع ظروفنا الاقتصادية المتواضعة، ولا تعكس أى رؤية معمارية وفنية أصيلة. بل على العكس تكرّس ثقافة أن «الحَجَر أغلى من البَشر» وأن «الطقوس مقدمة على مقاصد الدين وغايته».
وفى إطار أزمة «الكورونا» جاءت بيانات الأزهر الشريف ودار الإفتاء والكنائس المصرية حاسمة لإقرار وقف كل الطقوس والصلوات الجماعية، سواء فى صلاة الجمعة أو قداسات الأحد، إضافة لكل الخدمات الدينية؛ انتصارًا لمقاصد الدين العليا فى حفظ الإنسان وحمايته من كل الأخطار والأضرار، وإعمالًا للعقل وأخذًا بالأسباب والحكمة والعِلم.. وذلك رُغم دعوات بعض رجال الدين الإسلامى والمسيحى لاستمرار الطقوس الجماعية؛ لأن الله قادرٌ على حماية المؤمنين وبيوته من أى مَخاطر!!.
الفضاء الإلكترونى للمتدينين
قرارات غلق المساجد والكنائس آلمت المتدينين كثيرًا؛ خصوصًا لأنها صادفت مناسبات دينية كبيرة مثل: الصيام وأسبوع آلام السيد المسيح وعيد القيامة عند المسيحيين،
والاستعداد لصيام رمضان وصلاة التراويح وليلة القدر فى الشهر الفضيل عند المسلمين، وما يصاحب هذه المناسبات من طقوس دينية وعادات اجتماعية مميزة. ويشار هنا إلى أن النساء البسيطات؛ خصوصًا فى الريف هن الأكثر تضررًا؛ حيث تشكل هذه المواسم الدينية فرصًا لممارسة حرياتهن الاجتماعية فى الذهاب للمساجد والكنائس والاستمتاع بالعادات والطقوس الاجتماعية المصاحبة لها.
ورُغم ذلك استجاب المتدينون للقرارات وحوّلوا صلواتهم وعباداتهم إمّا إلى صلاة «بيتوتية»؛ كل واحد فى بيته، أو صلاة جماعية من خلال الفضاء الإلكترونى. ومن خلال تطبيقات «الإنترنت والسوشيال ميديا» صارت كل جماعة أو أسرة تنظم وقتًا مُعينًا للصلاة والوعظ والتأمل للقصد الإلهى من هذا الوباء. وعملت المؤسّسات الدينية أيضًا على زيادة قدراتها الإلكترونية باستخدام العديد من صفحاتها الرسمية على السوشيال ميديا لبث الصلوات والوعظ والتعليم والآراء الفقهية؛ لتكون وسيلة للتفاعُل والحوار بينها وبين الناس وتلقّى طلباتهم وأسئلتهم ومقترحاتهم.
وفى تقديرى، أن الناس اختبروا تجربة دينية ثمينة، سوف تذكّرهم دائمًا أن الصلاة والتقرُّب لله لا تتطلب كل هذه المبالغات والطقوس، بل تتطلب أكثر التواضع والعمق وانفتاح القلب والصدق مع النفس.
يتحدث العالم الآن عن كَمّ ونوعية التغييرات التى سوف تحدث فى مجالى السياسية والاقتصاد بعد أزمة «كورونا»، فهل ستحدث تغييرات أيضًا فى المجال الدينى، وفى أى اتجاهات؟؟
التجربة التى نَمُرُّ بها الآن ستشكل مساحات كبيرة للتفكير والتأمل والمراجعة، سواء من قِبَل المؤسّسات الدينية المسيحية والإسلامية أو الباحثين أو الناس العاديين، حول كثير من القضايا الدينية التى طالما دارت حولها الكثير من الأسئلة والنقاشات. ويأتى على رأسها: هل لاتزال خطابات التطرف والتعصب الدينى والمذهبى والمصالح السياسية والمؤسّسية المغلقة صالحة فى إطار الانكشاف الكونى بأن مصير العالم والإنسان بات مشتركًا بعد أزمة «الكورونا». وهل المبالغات فى بناء دور العبادة والطقوس لاتزال صالحة فى إطار معاناة الناس من الأزمات الاقتصادية ونقص حاجاتهم الأساسية؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.