تُعتبر قضية الهجرة غير المشروعة، من أخطر القضايا التى تواجه دول أوروبا الغربية الواقعة شمال البحر المتوسط؛ حيث تُعد السواحل الإيطالية مَلجأً لآلاف الراغبين بالوصول لأوروبا والاستقرار بها، ما شكّل أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة للحكومات الغربية، وباتت تحتاج لحلول ناجزة لضمان الاستقرار. وبعيدًا عن صخب المؤتمرات والمنتديات وورش العمل التى ناقشت هذه القضية الخطيرة سواء فى دول أوروبا أو فى البلدان المصدرة للهجرة غير المشروعة، يأتى مشروع «لمّ الشمل» بمبادرة من أحد طيورنا المهاجرة فى إيطاليا، وهو الدكتور عيسى إسكندر، الذى يشغل حاليًا منصب رئيس اتحاد العمال المصريين بإيطاليا ورئيس القطاع الدولى للاتحاد الإيطالى للعمل (UIL)، والذى التقته «صباح الخير» خلال زيارته الأخيرة للقاهرة لتدشين المرحلة الثانية من مشروع «لمّ الشمل» بالتعاون مع وزارة القوى العاملة المصرية. الفكرة والتنفيذ • بداية؛ كيف جاءت فكرة هذا المشروع؟ - بدأت فكرة مشروع لمّ شمل الأسرة عندما زادت محاولات أعداد كبيرة من أسر المصريين للالتحاق بذويهم فى إيطاليا مستخدمين جميع طرُق الهجرة غير المشروعة، وعند وصولهم للأراضى الإيطالية- بهذه الطريقة- كان لا يسمح لهم بتقنين وضعهم - طبقًا للقانون الإيطالى- ولذلك كان وجودهم غير مشروع ولا يسمح لهم بالحصول على تصاريح عمل وإقامة وتأمين صحى وعلاج، إضافة إلى الكثير من المميزات التى تحصل عليها الأسرة فى حالة دخولهم بطريقة مشروعة، ولذلك اجتمعت جميع اتحادات ونقابات إيطاليا للبحث عن حل لهذه الظاهرة والعمل على لمّ شمل الأسرة بطريقة مشروعة، وبدأنا نناقش بعض المقترحات الخاصة بهذه المشكلة، وجاءت فكرة أننا من الممكن أن نطلب تمويلًا للمشروع من قبل الاتحاد الأوروبى ووزارة القوى العاملة ووزارة الداخلية الإيطاليتين، وقمنا بتقديم المشروع الذى لاقى ترحيبًا كبيرًا؛ لأنهم بهذه الطريقة يضمنون دخول المواطن الأجنبى لإيطاليا بطريقة مشروعة عن طريق وثيقة سفر وتأشيرة؛ خصوصًا أن الكثير من المهاجرين الذين كانوا يدخلون إيطاليا بطريقة غير مشروعة لا يحملون هويات تحقيق الشخصية، بل إنهم كانوا يخشون تقديم جوازات سفرهم خوفًا من وضعهم فى القائمة السوداء، حتى إن الكثير منهم كان يعطى أسماء خاطئة لكى لا يشوه اسمه الحقيقى. وأضاف إسكندر: لكن فى حالة مشاركة المهاجر فى المشروع؛ فإنه يقوم بتقديم مستنداته وأوراقه الأصلية؛ ليتم إشراك أسرته بمصر فى برنامج للغة والثقافة الإيطالية لكى يكون اندماجه مع المجتمع الذى ستعيش فيه أسرته بأسرع وقت ممكن، وقد تم- حتى الآن- تدريس اللغة الإيطالية ل 600 شخص (من جميع الأعمار)، كما تم حاليًا تقنين أوضاع 200 شخص، ومن المنتظر تقنين أوضاع الباقين قريبًا. وأوضح د.إسكندر، أن عدد العمالة المصرية الحالى فى إيطاليا يبلغ نحو 170 ألف نسمة، ونحن نستعد الآن لاستقبال أى عدد من الطلبات، ونتمنى أن يشارك عدد كبير فى المشروع. مؤكدًا: نحن على استعداد لتسهيل كل الإجراءات القانونية للحصول على جميع التصاريح مجانًا- من خلال مكاتبنا فى إيطاليا- عند وصولهم للأراضى الإيطالية. عقبات • ما العقبات التى واجهت المشروع؟ - من العقبات التى واجهت تنفيذ المشروع بمصر، وجود الكثير من المشاركين من مدن بعيدة عن القاهرة، وتلك كانت مشكلة؛ خصوصًا فى حالة الزوجات وصعوبة ذهابهن إلى القاهرة لتلقى الدروس، وتم علاج هذه المشكلة بأن قررنا أن يذهب المدرس ومدير المشروع إلى هذه المدن، وكذلك تم منح كل المشاركين تطبيقًا إلكترونيّا يتم من خلاله متابعة الدروس عن بُعد. وأضاف: يتم تقديم طلبات «لمّ الشمل» من داخل إيطاليا من خلال مكاتب التمثيل النقابى المنتشرة فى جميع أنحاء إيطاليا، وبعد ذلك تصل الطلبات إلى وزارة الداخلية- قسم المهاجرين- ثم نحصل على أرقام هواتف العائلة المصرية من الشخص المقيم فى إيطاليا ويتم التواصل من قبل مكتبنا فى القاهرة؛ حيث يساعدنا فى تنفيذ المشروع السفارة المصرية فى روما والسفارة الإيطالية بالقاهرة. وأضاف إسكندر: المشروع يتم تنفيذه فى عشر دول - من بينها مصر- تصدر هجرات غير مشروعة إلى أوروبا، وقد حاز المشروع على اهتمام بالغ من قبل هشام بدر- السفير المصرى فى روما- والسفير الإيطالى فى القاهرة جان باولو كانتينى، كما ساهم فيه بدور فعال وزير القوى العاملة محمد سعفان. أيدٍ عاملة مطلوبة • ما الفائدة التى ستعود على الإيطاليين من هذا المشروع فى ظل الظروف الاقتصادية الدقيقة التى تمر بها أوروبا بصفة عامة؟ - نحن نعلم أن المجتمع الغربى يحتاج فى المستقبل إلى إيدٍ عاملة؛ لأن متوسط أعمار الإيطاليين والأوروبيين - بصفة عامة- مرتفع جدّا، وأيضًا فإن عدد المواليد قليل جدّا، ولذلك فدخول عائلات جديدة شابة فى المجتمع الإيطالى والأوروبى سينعش الاقتصاد وسيوفر أيدى عاملة فنية جديدة. وبصفتى رئيس اتحاد العمال المصريين فى إيطاليا، أعترف بأن لدينا عدة مشاكل تعانى منها العمالة المصرية- منذ سنوات- أهمها الضمانات الاجتماعية التى تسمح للعامل بالحصول على المعاش، وذلك بعد تسديده للتأمينات لمدة 20 عامًا، وإذا لم يصل العامل إلى تسديد مستحقات تلك الفترة الزمنية كاملة؛ فإن القانون لن يسمح له باستحقاق معاش، ولذلك. وفى آخر لقاء تم مع وزير القوى العاملة فى مصر، تم الاتفاق على تقديم اقتراح للحكومة الإيطالية لكى تسمح للعمالة المصرية بالحصول على المعاش حتى فى حالة عدم إتمام العشرين عامًا خدمة. وختم إسكندر بقوله: ننتظر أيضًا من الحكومة الإيطالية أن تعطى للمصرى - الذى بحوزته رخصة قيادة مصرية- صلاحية تحويلها إلى رخصة قيادة إيطالية. ما لاشك فيه؛ فإن مثل هذه المشاريع الواقعية على الأرض، ستعود بالنفع على جميع الأطراف؛ بل إنها ستكون أنفع من المؤتمرات والمنتديات وورش العمل التى كثيرًا ما تخرج بتوصيات برّاقة وأفكار ذهبية وحلول وردية، لا نجد لها مردودًا فى الواقع المُعاش.
سطور من المشروع
• يهدف مشروع «لمّ الشمل» أو Progetto Form @ « إلى لمّ شمل الأسَر بذويهم العاملين فى إيطاليا من خلال عدة عناصر: - يجب أن يكون لرب الأسرة عمل ثابت وسكن ودخله يصل إلى 500 يورو، كذلك تحصل الزوجة على نفس حقوق الزوج، فإذا كانت إقامته لمدة سنتين تحصل الزوجة على نفس مدة الإقامة. - يتضمن المشروع (فى مصر) برنامجًا تدريبيّا للعائلة قبل وصولهم لإيطاليا؛ حيث يتم إلحقاهم بدروس مجانية لتعليم مفردات اللغة الإيطالية لضمان سهولة التعامل مع الحياة اليومية بإيطاليا، كما تحصل العائلة المشاركة على حقيبة تتضمن قاموسًا «عربى- إيطالى»، وتطبيقًا على الكمبيوتر لتعلم اللغة الإيطالية، ويتم فى أعقاب ذلك إرسال كشوف بأسماء من حصلوا على التدريب إلى السفارة الإيطالية بالقاهرة، حتى يتسنّى لهم الحصول على التأشيرات اللازمة. - بدأت المرحلة الأولى للمشروع عام 2017 وانتهت فى ديسمبر2019، وأسفرت المرحلة الأولى عن لمّ شمل نحو 600 أسرة؛ حيث تبدأ المرحلة الثانية للمشروع الشهر المقبل تحت اسم «فورما 2»، التى تستمر لمدة 24 شهرًا - أسوة بالمرحلة الأولى- بهدف جذب أكبر عدد ممكن من الأسر المستهدفة. 3116 3117