وجبت التحية بشكل أو بآخر للإعلاميين سيد علي وهناء السمري وبرنامجهما «48 ساعة» الذي كان لقاؤنا به لا يتجاوز الساعتين في نهاية كل أسبوع فرضت الأحداث الساخنة التي مر بها الوطن علي مقدميه وطاقم الإعداد العمل المتواصل والظهور علي الهواء مباشرة لمدة 12 ساعة، فلعبوا أدوارا مهمة في متابعة ثورة الشباب وتحليلها وطرح الآراء حولها وقدموا الانفرادات للقاءات مع الشباب النبيل علي الهواء مباشرة. سألته عن قراءة محددة منك كإعلامي ظل طوال الوقت علي الشاشة يستضيف ويحلل ويبحث في أحداث احتجاجات الشباب الراقي والمتحضر وإلي أين ذهب هذا الاحتجاج؟ - فأجاب قائلاً: إن المسألة بدأت يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير بمجموعة من الشباب الواعي شباب محترم طاهر بريء له مطالب كلنا مشتركون معها ونطالب بها، فهم شباب يحلمون بغد أفضل ومستقبل أجمل، شباب من طبقات وسطي كثيرة ومتعلمون ويعلمون ما يريدونه تحديدا. كانت التظاهرة سلمية للغاية لا أحد يحمل أسلحة وجميع النداءات والشعارات كانت تنادي بمطالب شرعية حتي فوجئنا يوم الجمعة بوجود أجندات كارهة وعدوة لمصر وشعبها ركبت الموجة وتسلقت علي حلم الشباب لتنفيذ مصالحهم وأجندتهم فهم أشبه بخلية نحل، الملكة قاعدة وهم كل الأطراف الخارجية والداخلية التي تهدف إلي تدمير مصر وتدعو لخرابها، أما الشغالات فهم الشباب المصري الذين يستخدمونهم لتحقيق أغراضهم فيقوم الشباب بما يريدونه ويعطونهم الرحيق، وفي النهاية شغالات النحل يكتب لهم الموت وهو ما وصل إليه شبابنا المتظاهرون في ميدان التحرير. كانت بداية سلمية إلي أن قفز علي أكتافهم أصحاب المصالح الشخصية واستغلوا الموقف تلبية لمطالبهم وانتقاما لمسائل ومواقف شخصية وجدوا أن الفرصة سنحت لهم لتخليص الحقوق والقديم، وللأسف لحظات بسيطة بعدما حدث يوم الجمعة من نهب وسرقة وترويع وإثارة الخوف في الناس وحرق الأقسام في ظل الغياب الأمني، توالت الأحداث ليصبح فيما بعد ميدان التحرير دولة داخل مصر يحكمها الإخوان المسلمون في وجود القليل من الأحزاب التي تريد تصفية الحسابات بعدما كان الإخوان المسلمون يتمنون التحدث مع رائد من أمن الدولة، يرفضون الآن الحوار مع نائب الرئيس عمر سليمان ورئيس الوزراء الفريق أحمد شفيق أصبحوا يتحكمون في الميدان والأشخاص الموجودين به. ولكن هيهات فالشعب «ناصح» ولن يخدعه أحد بعد الآن فالشباب قاموا بما لم نستطع القيام به.. وتوالت الأحداث فيما بعد بخطاب الرئيس حسني مبارك الذي قال فيه إنه سيغير مادتين في الدستور هما 76 و 77 وأنه لم يكن ينتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة، فهذا الخطاب أثر في العديد من المتظاهرين الذين شعروا بأن نصف مطالبهم تم تحقيقها وأن من الطبيعي جدا أن نكون مثلنا مثل الدول المتقدمة الحضارية ويكون هناك ممر لانتقال سلمي للسلطة من مرحلة إلي أخري. ورحل العديد ولكن للأسف هناك من لعب بعقول شبابنا شباب جديد مختلف عن شباب 25 يناير من حيث الوعي وطريقة التفكير فجندهم الإخوان وغيرهم الذين لديهم مصالح لبقاء هؤلاء الشباب مطالبين بإسقاط النظام وحثهم علي عدم التراجع عن قرارهم ولا أدري أي نظام يريدون أن يسقطوه فهذه دعوة علنية للفوضي وعدم الاستقرار. وهذا أدي إلي انقسام بين مؤيد ومعارض فتلاحم الاثنان ونتج عن هذا مهزلة ومأساة ستظل ذكري مريرة لكل المصريين أن يتقاتل أبناء الشعب الواحد ومثلما قال نائب الرئيس إن كل من أشاع الفوضي ستتم محاكمته. وأري أن الأحداث سريعة الوتيرة ولا أحد يستطيع تخمين تكملة السيناريو القادم ولكني أجزم أن ما حدث من أبشع المواقف وأصعب الأزمات فمصر ستخرج قوية جدا متماسكة أكثر من الأول، فنحن دولة لن تضعفها المواقف الصعبة ولكن تقوينا وتجمع شملنا فدولة الفراعنة ستكون دولة متقدمة بالخطوات الإصلاحية حتي لو كره الكارهون، بهذا سنظل أقوي وهذه الأزمة ستصقلنا ولن تضعفنا. في معالجتك الإعلامية علي الشاشة من خلال الحوارات علي الهواء وما جاءك من اتصالات ومداخلات تليفونية بدأت في طرح مجموعة من الإشارات وربما الدلائل علي وجود مؤامرة؟! - نعم بل أؤكد لك أن هناك مؤامرات وليست مؤامرة واحدة فمصر دولة لها ثقلها وقيمتها وبقدر قيمتها بقدر ما هناك حاقدون عليها يتآمرون من أجل إسقاطها وضياع حضارتها وتدميرها ولكن أود القول بأن مصر لن تسقط أبدا وستظل دائما شوكة لن تنكسر وإذا سقطت مصر سيسقط العديد من الدول. وأود أن أقول إن المؤمرات علي مصر ليست خارجية فقط وإنما داخلية أيضا وبالنسبة للمتآمرين علي مصر خارجيا فهم عديد من الأمريكان والإسرائيليين وإيران التي تود وجود دولة إسلامية في مصر والعديد الذين لهم مصالح في مصر أما المتآمرون علي مصر داخليا فهم الإخوان وغيرهم من الذين وجدوا أن استغلال هذا الموقف أفضل فرصة لابد من اغتنامها، فمصر الآن أصبحت كاليتيم علي موائد اللئام الكل يريد أن ينهش ما يستطيع نهشه وللأسف إن الكثير من أبناء هذا البلد هم من ينهشون فيها بعدما علمتهم وأعلت من شأنهم وربتهم، تركوا مصر تغتصب علي يد من يسوي ولا يسوي مصر التي صدرت الحضارة إلي الخارج يريدون أن يسقطوها ويكسروها. ما تحليلك للخطاب التحريضي الذي تبنته العديد من القنوات مثل الجزيرة والعربية وبي بي سي؟ - إنه أمر متوقع من مثل هذه القنوات التحريضية التي تفتقد المصداقية وتعتمد علي تشويه الصور وعدم نقل الحقائق فهذه القنوات أيضا جاءت لهم فرصتهم في الانتقام من مصر وتشويهها أمام العالم كله مستخدمين أخطر سلاح وهو سلاح الإعلام المرئي الذي يصل إلي كل الناس ولكن للأسف لم نكن علي استعداد للرد عليهم فأين التلفزيون المصري؟؟ أين التجهيز للرد علي قنوات شأنها التحريض ونقل صور خاطئة وتأويل أحاديث علي السنة الضيوف؟؟ للأسف الجميع ترك الساحة للجزيرة والعربية والحرة وال بي بي سي وال سي ان ان فكانت هذه الظروف بمثابة اختبار مع المهنة والكاريير ومع المعايير المهنية والأخلاق وأيضا للأسف فشلنا فشلا ذريعا.. نكسة لا تقل عن نكسة 1967 وما حفظ للإعلام بعض من وقاره ووجوده هم القنوات الخاصة هي التي جعلت الناس ينصتون ويستمعون إلي صوت العقل وصوت الشرعية في مصر. وبالنسبة لبرنامجكم 48 ساعة هل يكفي للرد علي هذه القنوات؟ - أود القول بأن شعوري بمصر كيتيم علي مائدة اللئام جعلني أنا وهناء السمري وفريق العمل لم نهنأ بالنوم لشعورنا بأن هناك مسئولية كبيرة نحملها علي أعناقنا ورسالة عميقة لابد من توصيلها بالصورة الصحيحة التي لا تعتمد علي التعتيم او التشويه أو الدعايا propganda وأننا لابد أن ندافع من جانبنا عن مصر التي يتقاتل الجميع من أجل نهشها وخرابها وضياعها ولذلك نعمل 12 ساعة متواصلة محاولين من جانبنا إظهار الحقيقة من خلال ضيوفنا في البرنامج والذين تميزوا بمصداقية عالية خلال برنامجنا مثل مرتضي منصور ومكرم محمد أحمد وغيرهما من الضيوف الذين أعطوا ثقلا للبرنامج وقيمة كبيرة من خلال حديثهم الممتاز الذي يحمل صوت الحق كما أن من أكثر الحلقات التي شعرنا من خلالها بالراحة النفسية لتوصيل رسالة شباب إلي العالم كله كانت الحلقة التي استقبلنا فيها شباب 25 يناير بعد مقابلتهم لنائب رئيس الجمهورية عمر سليمان والذين قالوا الكثير وطرحوا فكرة تأسيس حزب 25 يناير ليس لفئة عمرية معينة وإنما لكل من يشعر بروح الشباب بداخله. فهؤلاء الشباب لابد أن نسمعهم ونحترمهم ولا نقلل من شأنهم ولابد من وجود مؤسسات وآليات أكبر تخاطب الشباب وتحترم آراءهم.. فرسائلنا لابد أن تصل إليهم بالشكل الصحيح للشباب وليس علي طريقة الجزيرة والعربية التي تتعمد تشويه الحقائق والتي للأسف لا تتمتع بالشفافية وإنما تبث ما تراه مناسبا لكسب مصالح شخصية من متآمرين عدة وأنا أري أن هناك صعوبة في أن يكون علي عاتق القنوات الخاصة مسئولية الدفاع عن صورة مصر التي تحاول القنوات المحرضة تشويهها. ما هو توصيفك بمقتل عدة أفراد أثناء تلاحم تظاهرتين إحداهما مؤيدة للاستقرار والانتقال السلمي للسلطة والأخري معارضة؟ - أري أن هناك بعض الفئات الفاسدة التي ساهمت في تضليل الرئيس مبارك شخصيا، هذه الفئة تخشي الإصلاح حتي لا يتحاكموا علي ما فعلوه من خراب ونهب وعلي ما ارتكبوه في حق مصر لذلك يحاولون جاهدين إجهاض أي محاولة إصلاحية في مصر، وكان هذا هو دأبهم منذ زمن وليس وليد الموقف، لذلك انتشر هؤلاء الفاسدون بين التظاهرتين لتصعيد المواقف وتسخينها ورشق كل منهما الآخر بالحجارة، وكأنهم أعداء بعدما غيبوا عقول قلة من الشباب لرغبتهم في نشر الفوضي والفساد لأن الإصلاح ليس في صفهم وسيحاكمهم. ماذا تقول لكل من وضع أجندته الخاصة نصب عينيه لتحقيقها مع عدم الاعتبار للخسائر التي قد تئول إليها مصر من نشر الفوضي لاستمرار وضع التظاهر؟ - أقول هيهات لكل من شعر أن مصر ضعيفة أو ستضعف مقابل ابتزازهم لتحقيق أغراض شخصية فمصر هي الأبقي وكل المصالح زائلة وقد مر علي مصرنا العديد من الشدائد والمصائب التي خرجت بعدها قوية آمنة وربنا لا تؤاخذنا بما عمل السفهاء بنا، فهم حقا سفهاء يعتقدون أن مصالحهم أعلي من مصلحة الوطن. وكل ما أريد قوله ودائما أقوله في برنامجي أن مستقبل مصر بين أيدينا ولابد من الحكمة والعقل للمحافظة عليها فمصر ملك لنا ولأبنائنا ولأجيال بعد أجيال ولابد أن نحافظ عليها فما يحدث ليس أبدا من شيم المصريين و«مصر ماتستاهلش مننا كده» وأريد أن أقول لشباب ميدان التحرير توحدوا من جديد ولا تتفرقوا، فمصر أمانة في أعناقكم وأنتم مسئولون عنها وعن مستقبلها لأنكم شبابها.