وقفت أمام البحر أشكى همومى.. خرج السمك يلطم.. لا أجد مبررا لقولنا زمن قبيح.. أو زمن جميل ، فالقبح والجمال فى كل عصر.. زمان كنا نسمعهم يقولون: أحيانا الأمور تأتى خطأ.. الآن نحن نقول أحيانا الأمور تأتى صح.. لقد فهمت لماذا لا أحب النظر إلى الصور الفوتوغرافية القديمة.. فهى تثير الشجن.. ومن أقوال الشاعر التركى محمد إقبال : • أنا أطوق باحثا عن زاوية العزلة.. أتيت إلى هنا واختفيت فى سفح الجبل.. • إن كمال جاذبية العيون فى الأغانى المتكسرة مثل دعاء طفل يجرب النطق ونجم المساء جلس على عرش الشفق الأحمر ومشهد جمال المساء هو جنة العين المبصرة.. • إن سكون ليل الفراق مجرد حيلة لى.. فقد علمتنى ذكرى أحدهم الترنم والغناء.. هذه هى حالة روحى غير الصابرة ومثلى كمثل طفل صغير وحيد.. • فى أحد أركان الحديقة يصرخ العندليب ويتوارى عن أعين الإنسان فى عزلة بين أوراق الشجر.. • والبلبل صاحب الصوت العذب هو مطرب الحديقة وكأن هواء البستان يحيا بأنفاسه.. فهو صورة طائرة لثورات العشق وأجمل ما خطه قلم. • فى الحديقة عقدت المجالس الصامتة لأبناء الحديقة.. بينما تتعالى صيحات الرعاة فى أودية الجبل.. وتتساقط أوراق الورود فى الخريف.. ومثلما تتساقط أاوراق الورود مثلما تتساقط اللعب المزركشة فى يد طفل يغفو. • إن هذه الأرض المليئة بالمتع والمباهج بلا حدود لأن هناك حزنا هو المتجدد دائما.. إن قلوبنا لا تخلو من ذكرى عهد السلف.. وهذه الأمة لا تنسى ملوكها.. لقد انتهى ظهور عظمة الأمة لكن ظهور شأن الجمال باق طول الزمن. واحد من الأربعين • استيقظت من نومها وهى تقول عشرة.. لم تتذكر الحلم تماما الذى رأته.. لم تتأكد من شيء سوى وجه حبيبها الذى هجرها منذ عشر سنوات.. ربما يكون هذا هو نفس اليوم الذى تزوج فيه وهجرها.. إنها تتذكر الشهر فقط.. يوليو.. عشر سنوات مرت.. هكذا ببساطة تقول عشرة.. لكن كم تحمل هذه العشرة أشياء كثيرة وشهورا وأحلاما وآمالا.. • وضعت حبها فى عملها وتفوقت.. إنها ليست عالة على أحد. رجتها أمها فى صباح ذلك اليوم أن تذهب إلى فرح قريبة لهما للمجاملة.. تكدرت قليلا فهى لا تحب الأفراح خصوصا أفراح الأقارب الذين يضايقونها بسؤال لماذا لم تتزوج ؟! وإلى متى ستظل هكذا.. فقررت أن تذهب إرضاء لأمها.. استقبلتها أم العروس بفرحة وقادتها إلى إحدى المناضد فى قاعة الاحتفالات فى فندق كبير.. وبعد لحظات جاءت أم العروس وهى ممسكة بذراع رجل قدمته لها.. توجهت لرؤيته.. ولم تعلق على كلمات أم العروس الضاحكة.. إنها خصصت هذه المنضدة لغير المتزوجين لعل الفرح يهديهم ويتزوجون.. فى حياة بعض الناس حب مفقود أو حبيب مفقود يكون متعلقا به وقت فقده أو هجره أو اختفائه ويظل يبحث عن الشبيه بالملامح أحيانا أو نوع العمل أحيانا إلى أن يجده فى بعض التشابه ويقولون يخلق من الشبه أربعين !.. وربما بدون أن تدرى أو ظلت تنتظر واحدا من هؤلاء الأربعين الذى يشبهون حبيبها الذى هجرها وكانت فى قمة حبها له.. عندما قام إلى البوفيه لم تتعجب من طريقته فى احتوائها كأنها تعرفه منذ عشر سنوات وانشغلا بالحديث معا كأنهما فى مكان مزدحم لا يعرفان فيه أحدا.. عندما اقتربت منهما أم العروس قال لها الرجل يبدو أن العدوى أصابته.. شعرت بشيء من الخجل.. إنها تعرف لماذا انجذبت لهذا الرجل ولم تفهم لماذا انجذب هو لها.. والحقيقة التى فهمتها من قريبتها أنها تشبه زوجته الراحلة !