دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    سعر الذهب اليوم الأحد 4 مايو 2025 في مصر.. استقرار بعد الانخفاض    مختص بالقوانين الاقتصادية: أي قانون يلغي عقود الإيجار القديمة خلال 5 سنوات "غير دستوري"    الأرصاد تكشف طقس الساعات المقبلة: أمطار وعودة الأجواء الباردة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 148 مخالفة عدم غلق المحلات في مواعيدها    مينا مسعود يحضر العرض المسرحي في يوم وليلة ويشيد به    الإفتاء توضح: هذا هو التوقيت الصحيح لاحتساب منتصف الليل في مناسك الحج لضمان صحة الأعمال    عشان دعوتك تتقبل.. اعرف ساعة الاستجابة في يوم الجمعة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد فشله في اعتراض صاروخ اليمن وسقوطه بمحيط مطار تل أبيب    شاهد عيان على جسارة شعب يصون مقدراته بالسلاح والتنمية.. قناة السويس فى حماية المصريين    مد فعاليات مبادرة كلنا واحد لمدة شهر اعتبارا 1 مايو    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري الأحد 4-5- 2025    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    الكوابيس القديمة تعود بثياب جديدة! كيف صاغ ترامب ولايته الثانية على أنقاض الديمقراطية الأمريكية    هجوم كشمير أشعل الوضع الهند وباكستان الدولتان النوويتان صراع يتجه نحو نقطة الغليان    الوجهان اللذان يقفان وراء النظام العالمى المتغير هل ترامب هو جورباتشوف الجديد!    رئيس وزراء أستراليا المنتخب: الشعب صوت لصالح الوحدة بدلا من الانقسام    واصفًا الإمارات ب"الدويلة" الراعية للفوضى والمرتزقة"…التلفزيون الجزائري : "عيال زايد" أدوات رخيصة بيد الصهيونية العالمية يسوّقون الخراب    بغير أن تُسيل دمًا    درس هوليوودي في الإدارة الكروية    تمثال ل«صلاح» في ليفربول!!    وجه رسالة قوية لنتنياهو.. القسام تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يكشف تعرضه للقصف مرتين    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة الثالثة من مرحلة حسم الدوري    عاجل.. الزمالك يرفض عقوبات رابطة الأندية    لجنة حكماء لإنقاذ مهنة الحكيم    من لايك على «فيسبوك» ل«قرار مصيرى».. ال SNA بصمة رقمية تنتهك خصوصيتنا «المكشوفة»    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    بسبب وجبة «لبن رايب».. إصابة جدة وأحفادها ال 3 بحالة تسمم في الأقصر    والدتها سلمته للشرطة.. ضبط مُسن تحرش بفتاة 9 سنوات من ذوي الهمم داخل قطار «أشمون - رمسيس»    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» يوسف البدرى وزير الحسبة ! "الحلقة 3"    بعد ختام الدورة الحادية عشرة: مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. وشعار «النضال من أجل الاستمرار»    سرقوا رائحة النعناع الطازج    أهرامات العالم!    عبدالناصر حين يصبح «تريند»!    في ظل فضائح وكوارث حكومة الانقلاب .. مجند يحاول الانتحار فى معبد فيله احتجاجا على طقوس عبادة الشمس    الرئيس السيسى ينتصر لعمال مصر    أول مايو يخلد ذكرى «ضحايا ساحة هيماركيت» عيد العمال احتفاء عالمى بنضال الشقيانين    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    وزير الصحة يوقع مذكرة تفاهم مع نظريه السعودي للتعاون في عدد من المجالات الصحية الهامة لمواطني البلدين    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    الأهلي سيتعاقد مع جوميز ويعلن في هذا التوقيت.. نجم الزمالك السابق يكشف    إنتر ميلان يواصل مطاردة نابولي بالفوز على فيرونا بالكالتشيو    كامل الوزير: هجمة من المصانع الصينية والتركية على مصر.. وإنشاء مدينتين للنسيج في الفيوم والمنيا    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    الفريق كامل الوزير: فروع بلبن مفتوحة وشغالة بكل الدول العربية إحنا في مصر هنقفلها    كامل الوزير: البنية التحتية شرايين حياة الدولة.. والناس فهمت أهمية استثمار 2 تريليون جنيه    50 موسيقيًا يجتمعون في احتفالية اليوم العالمي للجاز على مسرح تياترو    كامل الوزير: 80% من مشروعات البنية التحتية انتهت.. والعالم كله ينظر لنا الآن    حزب الله يدين الاعتداء الإسرائيلي على سوريا    الشرطة الألمانية تلاحق مشاركي حفل زفاف رقصوا على الطريق السريع بتهمة تعطيل السير    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    " قلب سليم " ..شعر / منصور عياد    «إدمان السوشيال ميديا .. آفة العصر».. الأوقاف تصدر العدد السابع من مجلة وقاية    مصرع شخص وإصابة 6 في انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بأسوان    تمهيدا للرحيل.. نجم الأهلي يفاجئ الإدارة برسالة حاسمة    فحص 700 حالة ضمن قافلتين طبيتين بمركزي الدلنجات وأبو المطامير في البحيرة    الصحة: العقبة الأكبر لمنظومة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ضعف الوعي ونقص عدد المتبرعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللقاء الثانى - قصة قصيرة
نشر في شموس يوم 28 - 04 - 2012

لم أكن قد انتهيت من صلاتي بعد... عندما أحسست بمن يجلس الى جواري... وشعرت بسرعة خفقات قلبي التي استغربتها وتجاهلتها...وجاهدت كي أتم صلاتي بالتركيز الروحاني الذي بدأت به...ولم التفت لمن شرع لتوه في الصلاة...وبعد أن فرغت من صلاتي هممت بالانصراف ...ولكن لم أصدق عيني انه هو...!! بعد عشرين عاما عاد إلى الوطن ...الشعر الأبيض لم يغير من ملامحه الكثير ...التجاعيد حول عينيه زادتهما عمقا ...لا زلت اذكره...!! هل هو الآخر عرفني ...؟ أم أن الزمن لعب بملامحي....وقطع حيرتي بالسؤال التقليدي..
- كيف حالك يا "بيلا"
وأجبته : نشكر الرب...حمد للرب على سلامتك أنت....!
ونهضنا سويا وخرجنا من الكنيسة وسرنا متجاورين ....وركبنا سيارة واحدة الى نفس المكان الذي اعتدنا أن نلتقي فيه...قبل عشرين عاما.!
أحسست بنفس الإحساس الذى ظننته قد مات أو تغير نحوه...انجذبت إليه من جديد...وكأنى شذرة حديد لا سلطان لها ولا قوة أمام مجاله المغناطيسي...مشدودة إليه ...ينقلني بين قطبيه كيفما يشاء... ووقتما شاء
ومن حديثي معه عرفت أن لقاءه بى لم يكن بمحض صدفة ... لقد مكث لعدة أسابيع يراقبني ويرصد تحركاتي حتى قرر المكان والزمان ليظهر في حياتي من جديد..وبكلماته الرقيقة قال:
- أنت كما أنت لم تتغيرى ...جمال..رشاقة...أناقة...وأن كان اللون الأسود لا يزيدك إلا وقارا
وقلت بدوري: أنت أيضا ...لم تتغير كثيرا
قال: وما بيننا لازال كما هو
قالها بهدوء وهو يركز على عيني كأنه يطل على أعماق.. أعماق فؤادي ... ارتبكت ولم أعطه ردا...استمر قائلا :
صدقيني لم انسك ولو للحظة واحدة ...لقد عشت معك ..وبك...مع حبي لك ...حبنا
قلت معترضة: كيف...؟لقد علمت انك تزوجت بعد أن هاجرت وأنجبت ولدا ثم بنتا
قال: حقا تزوجت "قدس الله روحها" وأنجبت ...لكن ظللت أنت حبيبتي وصورتك لم تفارقنى فقد كنت أنت زوجتي التي تحمل أسما آخرا وجنسية أخرى ثم صارت أم أبنى فأبتنى هل تصدقيني أن قلت لك أنى لا أذكر ملامحها ولا أريد ...!لقد عشت معك ولك !
سألته : أبنك وبنتك حضرا معك إلى الإسكندرية؟
قال: "بولين"...أبنتي ...اخترت لها نفس أسمك ...كي أردده دون حرج ...هي تدرس الآن بهارفارد وتعمل بجوار دراستها...أما " مايكل" بالجامعة الكندية ويعمل أيضا أثناء دراسته...و "رافى " أبنك الوحيد سيلتحق بكلية الهندسة بعد أيام...أليس كذلك؟
ولم يعطنى فرصة للسؤال ومضى قائلا: لازالت لا تصدقيني ! كل أخبارك عندي أولا بأول ...وعندما علمت أن زوجك "موريس" أنتقل إلى جوار الرب تشجعت وجئت لألقاك...وأحيطك علما أنى لم آت إلى الإسكندرية منذ عشرين عام ...!
قلت بنبرة استنكار: كيف...؟ ألم تحن لأهلك..لأصدقائك...للمكان الذي نشأت فيه ..ل...
قاطعني: لست قاسيا إلى هذا الحد...؟ "بابا"..و "ماما" زاروني أكثر من مرة ...و" تريزة" أختي الوحيدة هاجرت مع زوجها إلى أمريكا ونتزاور من وقت إلى آخر ...واصدقائى على اتصال دائم بهم عن طريق الانترنت الذي قرب كثيرا من المسافات وسهل الاتصال في أي زمان و مكان ..أما أحبابي ..أنا هنا من أجلهم
وضم كفى المرتعشتين بين كفيه... وأطال النظر إلى عيني ...يبحث عن حبه عن وجوده... و لا اعرف أن قد وجد إجابة مرضية أم لا..؟ وانتهى اللقاء الأول بيننا على وعد بلقاء ثان .
عدت إلى الكنيسة حيث تركت سيارتي ...دخلت للصلاة من جديد ولكن لست تلك المرأة الحزينة التي تستعين بالرب على فراق زوجها ...بل في حاجة إلى مشورة الرب فيمن عاد يطرق باب قلبي من جديد باحثا عن حب قديم..
قدت سيارتي وأشعر إنها التي تقودني ...مبرمجة على الطريق ...لولا إنها سيارتي لذهبت بى إلى طريق غريب...لقد ارتبكت ...مشاعر دفينة جميلة عشتها ...أيمكن أن تحيا من جديد أم هذا هو الحب الحقيقي الذي لا يموت مهما أفترق الحبيبان وباعدت بينهما الأيام ...!
دخلت إلى حجرتي ...اتجهت إلى مرآتي ..أتأمل وجهي فلم ألحظ تجاعيد حول عيني وشعري مازال اسود فاحما ...ولم يجاملنى أني كما أنا لم أتغير محتفظة برشاقتي وأناقتي مثلما كنت دوما ...واستلقيت على السرير ...ورجعت بى الذاكرة عشرين عام إلى الوراء ...إلى أن وصلت إلى اليوم الذي حدده "روفائيل" لزيارتنا مع والديه ليحددوا موعدا لإعلان خطوبتنا رسميا ...وكنا ننوى إشهار ذلك بنفس الكنيسة التي قابلته فيها منذ ساعات....سعادتي في ذلك اليوم لو كانت فرقت على العالم بأثره لأفاضت ...وملأت أركان البيت بالورود التي يحبها وأشعلت الشموع التي يحب نورها ودفئها....حتى الشراب شراب اللوز الذي يحبه ...والموسيقى الصادحة في كل مكان هي الموسيقى التي يعشقها ....لقد سكنني قبل أن أسكن معه ...جرى بمجرى الدم في عروقي قبل أن يتم إكليلنا ...كنا كالروح الواحدة بجسديين ...خلق كل منا للآخر ...ودقت الساعة السابعة مساء ولم يأت "رافى"...وساورني القلق عليه ..لابد أن مكروها قد حدث له ...لا يمنعه عن الحضور اليوم إلا شيئ خارج عن أرادته...وفى السابعة والنصف علا رنين الهاتف ...جريت عليه كالغريق الذي يستنجد بالقشة والطالب يسأل عنى.
- أود التحدث إلى " بولين " لو سمحتي
بلهفة وسرعة معا
- أنا هي ... من المتحدُث ؟
ببرود : لا يهم من أنا ..أنا أحمل لك رسالة اعتذار من "روفائيل"...
بحدة تساءلت: "روفائيل حنا"...؟
قال: نعم ...أنه يعتذر لك ولأسرتك لعدم الحضور...
بقلق ولهفة معا: لماذا..؟ ماذا حدث...؟
قال: أطمئن ...هو بخير...لقد هاجر إلى كندا ...وهو هناك الآن و...
لم أسمع ماذا قال بعد ذلك لقد سقطت سماعة التليفون منى ...وتسمرت مكانى ...أطرافي شلت لا أقوى على تحريك ساكنا ...أهذى بكلمات...كيف ..؟...ولماذا لم يخبرنى.؟وأنا...؟ وما بيننا....؟ وأخذ والدي السماعة من يدي وسمع ما قاله الطرف الآخر وحزن لرؤيتي حزينة كسيرة ...وتبدل فرحى مأتما ...لكنه ضغط على نفسه وأتصل بوالد "روفائيل" كي يتأكد منه..ووجه والدي وهو يتلقى الكلمات من الطرف الثاني تؤكد ما حملته مكالمة الصديق المجهول .
وبالرغم من أنها أصبحت حقيقة واقعة..لقد هاجر..!و كى يحصل على الجنسية الكندية التي ستؤهله للحصول على جميع الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها المواطن الكندي لابد أن يتواجد داخل البلاد مدة لا تقل عن عشرين شهر متصلة أو منفصلة ...
مررت بفترة رافضة هذه الحقيقة .."رافى" آثر بلاد المهجر على حبي له...يستحيل أن يهجرني ...هل يمكن للروح أن تغادر الجسد طواعية بإرادتها..؟ لا بد أنه يختبرني؟ ياله من اختبار صعب للغاية..أنه لم يخبرنى عن مجرد التفكير في السفر...لكنه حكى لي عن تجربة أبن عمه الذي هاجر وحصل على وظيفة مرموقة أهلت له حياة رغدة وناجحة ...
مكثت أربعة وعشرين شهرا متعلقة بأمل عودته بعد أن يمضى الفترة الأولى المطلوبة منه ....لا بد أن يعود من أجلى ..من أجل حبنا ..!ورفضت مجرد فكرة الأرتباط بآخر ...كيف..؟أنا روحا وجسدا أعيش معه وله رغم البعد ...رغم انعدام الاتصال ...ولا حتى بخطاب ...أن ما بيننا متصل بشكل ما لا يدركه الناس ...أنها أشياء لا يفهمها ألا من جرب مثل هذا النوع من التلاشي في الآخر.....!
وكما اتصل بى احد أصدقائه ليخبرني عن قرار هجرته ..أتصل بى آخر ليخبرني أنه قد تزوج وحياته استقرت بالمهجر و لا يفكر مطلقا فى العودة إلى الوطن ...وهو يخبرني بذلك لأنه يثق في حبي له ويعلم أنى في انتظاره لكنه لن يأتى...و لابد أن أعيش حياتي ولا داع لمزيد من الانتظار..نزل علىّ الخبر كالصاعقة ...التي زلزلت كياني ...أصبحت أرى كل شيء بريبة وشك ...أتلمس كل ما حولي محاولة التصديق أنى واعية وهذه هى الحقيقة .. أنى يقظة و لست نائمة ويسيطر على حلم مؤلم لا أريد أن أفوق منه قبل أن يظهر "رافى" ويكذب كل هذا...هاجر...هجرني ...ثم تزوج ...يعنى هجرني إلى الأبد...أذن ما كان بيننا ما هو ألا وهم
كبير ...أنه لم يبادلنى نفس الحب ...ربما أحب حبي له ...لكن حب المال والنجاح أولى وأفضل منى...
عندئذ زادت جرعات إلحاح والدي تارة ووالدتي تارة أخرى أنه لم يعد لي حجة أو عذر كي أتعلق به أكثر من ذلك و لابد أن التفت إلى نفسي ...أن أتزوج وأعيش حياتي ...لأني تجاوزت سن الرهبنة...ولن استطيع حتى اللحاق بالراهبات ...
ومرت الأيام بطيئة كسوله..حتى ظهر "موريس" في حياتي ..في وقت تعافيت من الصدمة واقتنعت أنه كما يعيش حياته بدوني..أنا الأخرى أستطيع أن أكملها مع آخر وكما أنى على قيد الحياة بعد أن هجرني لأكثر من عامين أستطيع أن أمضى قدما عاما وراء عام ...وعلاقتي ب"موريس" منذ البداية وهى مختلفة علاقة شخصان يرغبان في تكوين أسرة معا ويعيشان حياة هادئة ما تبقى لهما من العمر ...وشعرت بالارتياح له ...أنه الرجل الذي يعين زوجته وأسرته.."يعتمد عليه" كما يقولون ...أما قلبي فقد أغلق تماما ولم يعد لخفقانه وجود ....وتم زواجي من " موريس " بعد شهور معدودة...وأنجبت أبنى الذي سماه "موريس" .."روفائيل" ...دون ترحيب أو معارضة منى ...ومضت بنا سفينة الحياة ...هادئة...راقية..مرفهة...أحسها كالمياه الراكدة التي تنتظر ألقاء الحجر بها كي تحرك ساكنا ...حتى رحل فى هدوء قدس الله روحه الطاهرة قد كان بمثابة الملاك الذي يمشى على الأرض ومحبوبا من كل الناس ويحب كل الناس ...لكن لم يفلح فى اختراق اعماقى...لم ينجح في تضميد جرحى ظل قلبي عليلا ولا دواء لي إلا.....وهنا أنتشلنى رنين التليفون من ذكرياتي أنه هو..الداء و الدواء!
قال: هل أيقظتك...؟ ... بتلقائية: لا... لم أنم بعد...
- أحببت أن أسمع صوتك قبل أن أنام.. ... قلت في نفسي يا...مثلما كنت تفعل زمان!
- "بيلا" .... أين ذهبت..؟ ... - أنا هنا ...وأنت من أهله ..
ثم وضعت السماعة منهية المكالمة ...والتقطت وسادتي وضممتها بين أحضاني ورحت في سبات عميق
وفى اليوم التالي وجدتني أتحول إلى شذرة حديد منجذبة نحو مجالي المغناطيسي ...مسلوبة الإرادة مستسلمة لقطبيه من جديد! سعادتي طاغية وهذه المرة لم يكتف بضم كفى بين كفيه و لا النظر في عيني لقد دنى أكثر وأكثر دون أن أنفر منه وتلامست شفتانا عندئذ ابتعدت قبل أن يذوبا في بعضهما البعض وشعرت بالخجل بادرني قائلا:
- ألتمس لي العذر...أنى بالفعل أشتاق إليك ...أريد أن أضمك إلى صدري ..أن يجمعنا بيت واحد إلى الأبد ولن يفرق بيننا إلا الموت
إلا الموت كررتها داخلي بشيء من السخرية...وظللت صامتة...لا اعرف ماذا أقول...استكمل قائلا:
- أنا على أتم استعداد للذهاب إلى الكنيسة اليوم بل الآن
ابتسمت ابتسامة الفرح أو ابتسامة النصر لا اعرف وقلت : بسرعة هكذا....لا ...أنى احتاج لبعض الوقت
قال مداعبا: لن نضيع المزيد من الوقت... أنا احتاج إلى ورقة زواجنا كي أنهى إجراءات سفرك معي وطبعا "رافى" ابنك سيكون معنا أعرف أنك لن تقبلي البعد عنه ودراسته للهندسة هناك أفضل ومستقبله هناك أحسن في كل شيء
قلت: لقد فكرت في كل ما يخصني ويخص "رافى" وقررت ما سيكون مصيرنا أيضا!
قال ملاطفا: -بالطبع يا "حبيبتي" فأن لم أفكر فى كل صغيرة وكبيرة تخصك فبماذا سأنشغل..؟ موافقة على الأسبوع القادم...؟ هل يناسبك...؟
لم أجب بكلمة نعم ولم أنطق بكلمة لا ...لكنه أعتبر أن موافقتي مفروغ منها و"السكوت علامة الرضا"...واستمر قائلا:
- لا تفكري في أي شيء أنا سأتكفل بكل شيء حتى دعوات الأصدقاء سأتولى أنا أمرها ...عليك فقط أن تختاري فستانك وهدية زواجك بأي مبلغ تحدديه سأترك لك شيك مفتوح بحساب مفتوح بلا حدود ....الأحد القادم الخامس عشر من شهر أغسطس ...يوم جميل أنا أحب رقم خمسة ...
وقمنا معا واتجهنا إلى الكنيسة وحجزنا موعدا كما حدده الساعة السابعة من مساء الأحد الموافق الخامس عشر من شهر أغسطس...ولمحت علامات الزهو لا الفرح في عينيه ...سيظفر بى أخيرا كما قال
خلال هذا الأسبوع ظللت شاردة ...جمعت كل اغراضى المهمة من البيت ....حتى صورة زفافي مع "موريس" لم أتركها
وجاء يوم الأحد ...وتخيلت أن "روفائيل" ذهب منتشيا إلى الكنيسة سعادته غامرة في انتظار حبه القديم الذي سيكلله بالزواج اليوم ...تجمع الأهل و الأصدقاء ...والكل يتساءل "أين العروس؟" "أين بولين؟"يتصل ببيتي لا مجيب ...يتصل بموبايلى غير متاح حاليا ...والعرق ينصبب من جبينه ...يوارى وجهه خجلا مع كل من يسأله "أين بولين؟" "لماذا لم تحضر؟" "لعل المانع خيرا" ...وغيرها وهو لا يجد مبررا مناسبا لهم ...ولا يصدق أنى اخلف موعدي معه اليوم ...واليوم بالذات الذي بات يحلم به طويلا..
لقد هجرته كما هجرني ...هجرت كل مكان جمعني به أو يمكن أن يجمعني به ...اليوم فقط شفيت تماما من جرحه لأنه سيشعر بنفس الجرح ...
اليوم فقط تيقنت أنى أحببت زوجي دون أن أدرى انه حبي الحقيقي الذي أثمر زهرة شابة هي كل حياتي "رافى"...سأعيش له ومعه ما تبقى لي من العمر نتذكر معا أياما حلوة عشناها سويا مع والده إلى حين أن يجتمع شملنا معه مرة أخرى في الفردوس الأعلى...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.