الفنان الإسبانى سورويا sorolla «1863 - 1923» أعظم من صور ضوء إسبانيا على شواطئ مدينة فالنسيا، وهو أحد القلائل فى تاريخ الفن الذين استطاعوا استثمار الضوء بشكل مدهش. يقول: «المرسم هو المكان المثالى لتدخين البايب» هذه الكلمة تعكس فلسفته وفكره وجوهر فنه، وهو يقصد أن المرسم ليس للرسم وإنما التصوير يكون خارجه حيث تتألق الألوان وتبدو مشرقة وساطعة تحت ضوء الشمس. والذين سافروا إلى إسبانيا ربما لاحظوا تألق وإشراق الضوء الذهبى والأزرق الساطع، ولد سورويا فى فالنسيا شرق مدريد ورغم أنه عرف بأنه أعظم من أبدع وصور مشاهد الحياة اليومية بجوار الشاطئ فإنه كان رساما متمكنا للبورتريه والمناظر الطبيعية، وكان أستاذا للون والرسم فى الهواء الطلق خارج المرسم مثل كل التأثيريين. كانت سنوات النضج بالنسبة لسورويا عندما عاد لإسبانيا عام 1889 بعد أربعة أعوام قضاها فى روما فى منحة فنية لدراسة الموضوعات التاريخية والدينية، ثم سافر بعدها لباريس وتأثر هناك ببعض الفنانين والذين عرفوا بتألق الضوء واللون فى أعمالهم مثل السويدى زورن zorn وهنا وجد سورويا المفتاح لأسلوبه فيما بعد، وبالرغم من أنه طور إحساسه بالرسم فى الخلاء خارج المرسم أثناء تصوير دراسته فى روما، فإن معظم لوحاته كانت بورتريهات لشخصيات وموضوعات اجتماعية، وكان متأثرًا فيها بأعمال الفنان الإسبانى الكبير فلاسكير والذى كان يشاهد أعماله فى متحف البرادو بإسبانيا، كانت ألوانه فى تلك المرحلة تميل للبنيات. منذ عام 1900 كانت بداية سنوات الإبداع وغزارة الإنتاج، فقد أصبح سورويا معروفًا عالميًا، وكانت أهم أعماله مناظرة للشاطئ والتى كان يرسمها من مدينته فالنسيا عندما يعود إليها كل حين هربًا من حر مدريد القاسى. كانت موضوعاته للحياة اليومية بجوار الشاطئ تصوير مناظر الأطفال يستحمون حيث تلمع أجسادهم تحت ضوء الشمس، كما رسم الصيادين فى مراكب الصيد كان يقضى يومه بجوار الشاطئ يرسم، وتميزت لوحاته بألوانها المشرقة والتى تقترب من ألوان الباستيل من حيث الإشراق والنضارة اللونية، فمن الأزرق والروز والبنفسجى والبرتقالى والأبيض المتألق، والضوء الإسبانى المنتشر يعطى لمناظره طزاجة وحيوية، وكانت هذه اللوحات هى التقاط للحظة على الشاطئ مثل لقطة الفوتوغرافى،يرسمها بلمسات من فرشاته الدسمة والسميكة. حققت لوحات سورويا نجاحًا كبيرًا فى أمريكا، وبسبب ذلك كلف من مؤسسى جمعية هوسبنك الاجتماعية الأمريكية برسم لوحات تؤرخ للحياة الإسبانية تعلق فى مكتبة الجمعية، ومجموعة اللوحات أطلق عليها «رؤية إسبانية» وقد سافر سورويا لكل الأقاليم الإسبانية لتصوير لوحات تعكس التقاليد والملابس والعادات أثناء العمل واللعب، ولم يعد لديه وقت ليرسم مناظر الشاطئ والمناظر الطبيعية التى اشتهر بها وصنعت اسمه ولكنه حاول أن يرسم مناظر الشاطئ فى لوحاته المكلف بها بين الأشخاص. كان يرسم المرأة باحتفاء شديد ويضفى عليها الجلال والأناقة، وكان يحاول أن يشبه الناس فى فنه بتماثيل الإغريق والرومان والتى أعجب بها عندما شاهدها فى متحف اللوفر والمتحف البريطانى. لسوء الحظ لم يكن لدى سورويا وقت لاكتشاف المزيد فى فنه، ففى عام 1920 أصيب بجلطة جعلته غير قادر على الرسم، ويرحل بعدها بثلاثة أعوام، وقد حولت الحكومة الإسبانية منزله فى مدريد إلى متحف يحتوى على روائع أعماله ويزوره عشاق فنه من جميع أنحاء العالم.