هذا الأسبوع، ومع بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بالجامعات، للحاصلين على الثانوية العامة هذا العام، تناقل البعض آراء متخصصين فى مجالات مختلفة، يحذرون من الالتحاق بكليات تخصصهم، عبر وسائل التواصل الاجتماعى. قال أحد الأطباء المشهورين على صفحته موجها كلامه للطلاب: «لو لقيت ورقة تنسيق مكتوب عليها طب بشرى، أوعى تمد إيدك..دى فيروس»، وبالمثل حذر بعض أساتذة الآثار والعاملين فى المجال الطلاب من الالتحاق بكلية الآثار، لعدم وجود مجالات للعمل. لكن بقى اللافت هذا العام هو انتقال التحذير من الالتحاق من كليات الإعلام، من مجرد آراء شخصية على فيس بوك، إلى مقالات من صحفيين وإعلاميين مشهورين وبعضهم من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، بعضهم رؤساء تحرير سابقين مثل مقال لرئيس تحرير الأهرام ويكلى السابق، جلال نصار، ومقدم البرامج الصحفى محمد على خير، حتى إن نقيب الصحفيين نفسه، علق على الأمر بأنه «لا يوافق على دعوات منع الطلاب من دخول كلية الإعلام، لكنه مع تقليل أعداد المقبولين فيها وضرورة رفع مستوى الدراسة فى هذه الكليات، والاهتمام بالأقسام المطلوبة فى سوق العمل»، مؤكدا أن «كثرة أعداد الصحفيين العاملين داخل المؤسسات من بين أسباب أزمة الصحافة، بالإضافة إلى أن عدم الاهتمام بتوفير حياة كريمة للصحفى وتدريبه أثر فى تراجع إيرادات الصحف والمحطات التليفزيونية». وحذر جلال نصار، رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلى، الطلاب من الوضع المتدنى الذى وصل إليه حال الإعلام فى مصر من وجهة نظره، لافتا إلى أن العمل كصحفى أو مراسل تليفزيونى أو إذاعى، لم يعد فرصة جيدة يجب السعى إليها. على الجانب الآخر، جاءت ردود الأفعال من أساتذة كلية الإعلام، التى حمل بعضها اعترافا بالمشكلة، وعكس بعضها دفاعا غير مقنع بالنسبة للكثيرين. علم الدين: على كليات الإعلام إعادة النظر فى مناهجها وقال د. محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن ما تم نشره من تحذيرات عبر «الشوسيال ميديا» والصحافة الإلكترونية خلال الأيام الماضية، وجهات نظر تحترم وتعكس الواقع الذى يعيشه سوق الإعلام فى مصر، والسبب فى ذلك يرجع لسوء الوضع الإعلامى وفرص العمل التى تكاد تكون منعدمة بسبب التغيرات التى طرأت على فكر الجمهور المصرى، والتى من أهمها انصرافه عن شراء الصحافة المطبوعة أو متابعة أى من المرئية أو المسموعة واهتمامه بشكل كبير بالإعلام الرقمى الذى يشبع فضوله فى معرفة الأخبار ويرضى ذوقه فى المحتوى الترفيهى مما جعل دراسة الإعلام لا فائدة لها. وتابع: إن ما يجب فعله هو أن يعلم الطلاب قبل التحاقهم بكلية الإعلام أن سوق العمل الإعلامى لم يعد «جرائد ومجلات وراديو وتليفزيون» مثل السابق، وأن فرص العمل فى هذه الوسائل التقليدية أصبحت محدودة جدا بسبب دمج المؤسسات الإعلامية مع بعضها، وعدم رغبة الجمهور فى متابعة هذه الوسائل، وأصبحت المواقع الإخبارية وتطبيقات الموبايل الإخبارية هى طريقه الأفضل للتواصل مع قاعدة جماهيرية عريضة من القراء. أشار إلى أن تزايد دور مواقع التواصل الاجتماعى وتأثيرها الكبير على مختلف فئات وأعمار المصريين جعل كل شركة وهيئة فى مصر تُنشئ لنفسها حسابات عبر جميع مواقع السوشيال ميديا لتعلن عن خدماتها أو منتجاتها، وهى متأكدة أنها ستصل للجمهور المستهدف، أى أن فرص العمل فى هذا المجال الرقمى أصبحت أكبر وأوسع، ولذلك يجب أن يكون هناك شباب متخصصون فى هذا المجال ولن يتم هذا إلا بالدراسة العميقة لخبايا وسائل التواصل الاجتماعى، وصانع ومصمم المحتوى، هو ما يحتاجه سوق الإعلام حاليا، مما يحتاج بالتبعية لتغيير المناهج الدراسية لكى تتناسب مع متطلبات سوق العمل، باختصار يجب أن تعيد كليات الإعلام، دراسة مناهجها حسب الوضع الجديد لعالم الميديا الرقمية. هبة شاهين: الإعلام سيظل من كليات القمة وحذروا النقابات والمؤسسات من الدخلاء هبة شاهين، رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس، قالت إن هذه التحذيرات جاءت نتيجة لدخول عناصر ليست على دراية تامة بالمناهج الإعلامية فى مهنة الإبداع. وأضافت أن حل هذه المشكلة ليس فى الابتعاد عن الالتحاق بكليات الإعلام، بل بتوجيه هذه التحذيرات للمؤسسات الإعلامية والنقابات بعدم قبول غير دارسى الإعلام للعمل، لأن صناعة الإعلام تحتاج بجانب الموهبة والثقافة والخبرة ودراسة علوم الاتصال والإعلام. وحول ما يواجهه خريجو ودارسو الإعلام فى مصر من بطالة، قالت شاهين إن هذه المشكلة تواجه جميع الشباب فى مختلف التخصصات بسبب تفاوت نسب العرض والطلب بين الخريجين والوظائف المتاحة فى سوق العمل، وقالت إن هذه الآراء لن تؤثر على تنسيق كلية الإعلام فى قائمة التنسيق وستظل من كليات القمة!! حسام عزت: «إعلام التعليم المفتوح أساء للمهنة» ويرى الإذاعى حسام عزت، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، أن تدريس الإعلام ضمن برامج التعليم المفتوح ساهم بشكل كبير فى تدهور صورته سواء كان مطبوعا أو مرئيا، لافتا إلى أن طلاب التعليم المفتوح غير مؤهلين لدراسة الإعلام. أضاف: تدنى رواتب الإعلاميين، مقارنة ببقية المهن والوظائف، ساهم فى صناعة هذا الواقع المتدنى لحال الإعلاميين، لافتا إلى أنه عندما تم تعيينه فى الإذاعة كان راتبه ومكانته مميزة فى المجتمع وبين أفراد عائلته، ولم يعد هذا الأمر كما كان. أشار عزت إلى مشكلة تواجه صناعة الإعلام الآن، وهى دمج المؤسسات الإعلامية، والتى ترتب عليها الاستغناء عن عدد كبير من العاملين فى المؤسسات المدمجة وبالتالى أصبح عدد كبير من العاملين فى «الميديا» لا يعتمدون بشكل أساسى على هذا العمل ويؤمنون أنفسهم بمشاريع تجارية أوكسائقين فى «أوبر»، وإذا كان أحدهم من محبى وعشاق الإبداع الإعلامى، يبحث عن فرصة عمل فى مؤسسات إعلامية أخرى.