قررت ربط البشر بالحجر، وكل معلم من المعالم التراثية بالثوب الفلسطينى، حتى أصبح العالم بمقدوره معرفة كل ثوب وتحديد المدينة أو القرية الفلسطينية التى يتبعها. إنها مها السقا مدير مركز التراث الفلسطينى ببيت لحم، التى تحدثت عن مشروعها، الذى وهبته حياتها والهدف الرئيسى منه قائلة: «ثوب يافا أشهر ما يميزه، زهر البرتقال وقصر هشام أبرز معالم ثوب أريحا، وغزة أشهر ما يميزها المطار والمجدل، لذلك كانت هذه المعالم أبرز ما ميز ثوبها، وهكذا كل مدينة وقرية فى فلسطين، كنت حريصة على أن يتحدث ثوبها عنها، ويعبر عن معالمها، ويروى للعالم بتطريزه عن أبرز ما يميزها». بشر..حجر: اتخذت «السقا» من الثوب الفلسطينى وثيقة لإثبات هوية وطنها فلسطين، ولإثبات حق الأرض، وعن ذلك تقول: «قررت أن أربط التاريخ بالجغرافيا من خلال كل ثوب فلسطينى، ومن هذا المنطلق أصدرت خارطة الأزياء الفلسطينية، التى حرصت من خلالها على تقديم فلسطين التاريخية والجغرافيّة من خلال أبرز المعالم التاريخية والأثرية، فقد حاولت أن أربط بين البشر والحجَر، حتى أصبح العالم إذا رأى فتاة فلسطينية أدرك أصولها، من أى قرية أو مدينة، عندما يتطلع إلى تطريز ثوبها، وهذا الفن تفوقت من خلاله وأصبحت واحدة من أشهر رائدات الحفاظ على التراث الفلسطينى فى الوقت الراهن». قصة وطن: وتضيف السقا: «أثناء الانتفاضة الأولى أدركت أن هناك نضالًا آخر يتوجب التركيز فيه، لذلك قررت أن أهتم بالتراث الفلسطينى، فقمت بالعديد من الأبحاث الميدانية فى المخيمات، ثم بدأت رحلتى مع الثوب الفلسطينى، ووثقت وجود أى فلسطينية على أرض وطنها فلسطين، ومنه تستطيع كل امرأة فلسطينية أن تثبت حقها فى الأرض، التى كتبت قصتها على ثوبها، فقد صارالعالم يدرك حقها وهويتها من ثوبها، الذى تعلمت تطريزه بعمر صغير حتى قبل أن أتجاوز السابعة، ونشأت وكبرت عليه، فهو عُرس كل فتاة وامرأة فلسطينية، هو الهوية، التى من المستحيل التنازل عنها». أصدرت مها السقا العديد من الكتب فى هذا الشأن، من أبرزها التراث العربى الشعبى الفلسطينى «هوية وانتماء» الذى صدر عن جامعة القدس المفتوحة، بالإضافة إلى أكثر من عرض لأثواب مدن وقرى فلسطين، التى شهدت إقبالًا وردود أفعال لايزال الجميع يتحدث عنها بإبهار لما منحته هذه الفنانة للثوب الفلسطينى من ثراء.