كتب: طارق الشناوى الرواية «نجيب محفوظ».. العلم «أحمد زويل».. الغناء «أم كلثوم».. الأدب «طه حسين».. الشعر «أحمد شوقى».. الموسيقى «محمد عبدالوهاب».. السينما «يوسف شاهين».. هكذا أصبح هذا المخرج الكبير متجاوزًا اسمه ليصبح دلالة على نوع الإبداع الذى يمارسه.. إنها حالة نادرة جدًا لا تحدث إلا مع المبدع الاستثنائى.. و«يوسف شاهين» استحق هذه المكانة فى السينما.. عندما أكمل يوسف شاهين عامه ال82، كان لا يزال يقف خلف الكاميرا مبدعًا ولهذا قدم فيلمه «هى فوضى» والذى يحمل رقم 41 فى 2007، وكان يستعد لكى يقدم فيلمه رقم 42 فى 2008 لولا أن القدر لم يمهله.. إنه لا يتنفس إلا سينما ولا يكتمل إلا أمام الكاميرا ولا سكن له إلا فى الاستوديو!! لو أنك حللت كراته الدموية وخلاياه وأنسجته لن تجد كما يعتقد البعض لقطات وزوايا وشاريوه واستوب وأكشن ولكنك ستعثر خلف كل ذلك وقبل كل ذلك وأهم من كل ذلك على سلم موسيقى ومفتاح صول ومقامات شرقية وغربية وإيقاعات بلدى وتانجو وفالس وروك أند رول.. إنه الموسيقى «يوسف شاهين» الذى ظل 82 عامًا يخدعنا وهو متنكر فى صورة المخرج «يوسف شاهين».. إنه مبدع الموسيقى المرئية عبر الشريط السينمائى وتلك هى السينما فى عمقها ونقائها!! العلاقة مع يوسف شاهين لا تعرف الوسط، إما أن تتحول إلى أحد الدراويش وتدور فى فلكه أو تقف بعيدًًا ترفض وتتحفظ وتنتقد فتصبح خارج المدار وغير مسموح لك أن تدخل إلى المجرة.. ولهذا أقدم لكم هذا المقال التالى خارج المجموعة الشمسية الشاهينية. أرصد سينما يوسف شاهين دائمًا من الجانب الآخر، متمتعًا بقدرتى على الحياد، فأنا لست من الذين تأخذهم نشوة الإعجاب إلى حد الدروشة فى حلقات الذكر الشاهينية، ولهذا أقدر سينما هذا الفنان بقدر لا بأس به من الانتقاد، لأن التقدير يحمل فى داخله مشروعية التقييم والاختلاف على عكس الإعجاب أحادى النظرة والزاوية، وهكذا أعايش أفلام المخرج الكبير الذى استطاع طوال مسيرته فى السينما -أكثر من نصف قرن- أن يحافظ على قدرته على التنفس الفنى ليسبح خارج السياق أحيانًا وبعيدًا عن السباق دائمًا فهو لا يسابق أحد سوى «يوسف شاهين»!! شخصية «كاريزمية» لها تأثير مغناطيسى على كل من يعرفونه أو يقتربون منه، وعلى المستوى الإنسانى، إذا دخلت إلى مملكته عليك أن تعرف أن الخلاف مع يوسف شاهين هو المستحيل الرابع بعد الثلاثة الشهيرة «الغول والعنقاء و(الخل) الصديق الوفى» لا يتقبل يوسف شاهين بسهولة أن تقف على الجانب الآخر مما يعتقد هو أنه صحيح، رغم أنه دائمًا لا يكف عن رفع شعار الديمقراطية والرأى والرأى الآخر، إلا أنه يعتبر نفسه هو المرجعية الوحيدة للديمقراطية ودائمًا هو الرأى والرأى الآخر معا، أتذكر عندما كتبت على صفحات «روز اليوسف» مقالا عنوانه «سكوت ح نهرج»، أن نالنى منه الكثير من الهجوم على صفحات الجرائد والمجلات والتليفزيون الأرضى والفضائيات، وامتدت طلقاته لتصل إلى ست الحبايب قائلا (يخرب بيت أمه).. بينما لو سألت «يوسف شاهين» عن أسوأ أفلامه والذى لا يطيق أن يشاهده سوف يقول لك على الفور «سكوت ح نصور»، هو فى داخله مدرك أن هذا الفيلم لم تكن موجته الإبداعية فى حالة وهج ولكن لا يطيق أن تقولها أنت.. يدعو على فيلمه ويكره اللى يقول آمين!! هذه التركيبة الإنسانية علينا أن نأخذها كما هى، بلا فصال وبلا تفصيل بحلوها الذى لا يخلو من مرارة ومرها الذى به مذاق الحلاوة، لأنك ترى يوسف شاهين الإنسان دائمًا على الشاشة لا أعنى بذلك رباعيته «إسكندرية ليه؟»، «حدوته مصرية»، «إسكندرية كمان وكمان» و«إسكندرية – نيويورك»، ولكننى أشير إلى ما يربو على 40 فيلمًا قدمها للسينما كلها تنطق وتهتف بل تصرخ فى كثير من الأحيان باسم يوسف شاهين فى حركة الكاميرا أداء الممثل من خلال هذا التفرد الذى يجمع بين إيقاع الكاميرا وإيقاع الفنان الذى يقف أمام الكاميرا، الرؤية التشكيلية فى الكادر الوهج البصرى والسمعى.. كلها مفردات تقول دائمًا أن يوسف شاهين كان هناك يدير ويوجه ويحلل ويحدد اللقطة ويراجع أداء الممثل.. إنه البصمة الفنية التى لها سحر ومذاق.. ولكن تلك الرؤية على المستوى المرئى والمسموع بقدر ما هى غنية بقدر ما تخذلها الرؤية الدرامية التى لا تصل فكريًا إلى شموخ ما تراه وتسمعه وما تتمنى أن تشعر به ولهذا فإن يوسف شاهين دائمًا ما يتناقض مع الكتّاب أصحاب الرؤية الذين يتعامل معهم ويصطدم بهم وبعنف غالبًا، ومن يتوافق مع يوسف شاهين هو من يسبح فى بحر يوسف شاهين بأخذ مفردات يوسف الفكرية بل اللفظية أيضًا ويلعب عليها، لقد اصطدم مثلًا مع محسن زايد فى «إسكندرية ليه» 1979 ووصل الخلاف إلى المحاكم مع يوسف إدريس فى «حدوتة مصرية» 1982 وحكى لى الفنان والكاتب الكبير الراحل «حسن فؤاد» أنه كان يذهب إلى الاستوديو وإلى مواقع تصوير فيلم «الأرض» يوميًا ومعه عصا كبيرة يشهرها فى وجه صديقه «يوسف شاهين» مداعبًا إياه بها حتى يضمن ألا يضيف يوسف شاهين شيئًا إلى السيناريو والحوار الذى كتبه حسن فؤاد عن قصة عبدالرحمن الشرقاوى وكان على استعداد أن يدخل فى معركة لو لم يلتزم يوسف شاهين. والواقع أن يوسف شاهين حتى عام 1970 «الأرض» كان يمنح مساحة لكى يقدم مذاقًا آخر فى مفردات الحوار ويسبح أيضًا فى بحر فكرى يتوافق معه ويؤمن به فهو يكتفى بأن يقود سفينة الفيلم لكنه ليس صاحب البحر! لو تتبعت الأسماء التى كانت تكتب أفلام يوسف شاهين وتنفرد هى فى العادة بالسيناريو والحوار لوجدت عددًا من المحترفين أمثال السيد بدير وعلى الزرقانى وأبو السعود الإبيارى وعبدالحى أديب ووجيه نجيب ،حتى فى أفلامه الأولى التى كان يشارك يوسف فى كتابة السيناريو مع نيروز عبدالملك أو حسين حلمى المهندس سوف تلمح أن هؤلاء الكتاب لهم حضورهم فى الشريط السينمائى، لكن منذ فيلم «الاختيار» عام 1971 ومساحة يوسف شاهين يسيطر بمفرداته فى أدق التفاصيل ومنها فى جمل الحوار حتى أنه عندما بدأ فى الاستعانة بجيل آخر من الكتاب فى «وداعًا بونابرت» 1985 مثلًا يسرى نصر الله ومحسن محيى الدين سوف تلمح أنهما يقدمان فى الحوار مفردات «شاهينية» إن المطلوب ممن يكتب مع يوسف شاهين أن يلتزم بالمفرادات الشاهينية فى السيناريو أو الحوار وأكثر من هضم هذه المفردات هو خالد يوسف والذى بدأ رحلته مع يوسف شاهين عام 1994 مع فيلم «المهاجر» قبلها بنحو ثلاث سنوات شارك فى (القاهرة منورة بأهلها) فى مشهد أو اثنين، ثم انتقل سريعا من الوقوف أمام الكاميرا للوقوف خلفها، ومنذ ذلك الحين فإن خالد يوسف له حضوره فى السيناريو والحوار «المصير» 1997، «الآخر» 1999، «إسكندرية – نيويورك» 2004، وحتى فيلمه الأخير «هى فوضى» كان يساعده فى الإخراج فى البداية ولكن مع استمرار العمل كان «خالد يوسف» صاحب القرار لأول مرة فى «هى فوضى» لأن «يوسف» لم يعد قادرًا على المتابعة لكل التفاصيل فهو فيلم نلمح فى بنائه «خالد يوسف» ولكن به قدر من نبضات «يوسف شاهين».. إنه حالة خاصة ولهذا كان لابد وأن يكتب الأستاذ اسم تلميذه لأول مرة بجواره لأنه تجاوز دور المساعد وأصبح فى الفيلم يعبر عن قناعاته هو ولو راجعت أفلامه التى ساعد فيها «يوسف شاهين» قبل «هى فوضى» سوف تكتشف أن «خالد» يعيش إلى حد التقمص روح «يوسف شاهين» فى الحوار والسيناريو ولكنه لا يعبر بالضرورة عن أفكاره هو والدليل أنك لو شاهدت أفلام خالد يوسف «العاصفة» و«زواج بقرار جمهورى» و«أنت عمرى» و«ويجا» «خيانة مشروعة» «حين ميسرة» وحتى ( كارما ) لوجدت مذاقًا إخراجيًًا ومنهجًًا آخر فى التفكير، ولو قارنت سيناريو «حين ميسرة» الذى شارك «خالد يوسف» فى كتابته مع «ناصر عبدالرحمن» بالسيناريوهات التى شارك هو «يوسف شاهين» فى كتابتها قبل «هى فوضى» الذى كتبه «ناصر عبدالرحمن» منفردًا لاكتشفت أيضًا أنهما لكاتبين مختلفين! يوسف شاهين يريد لمن يقترب من دائرته أن يفكر ويحلم كما يريد له يوسف شاهين أن يفكر ويحلم مع استثناء «هى فوضى»؟! هل يستطيع المبدع أن يحكم على فيلمه؟! أن يرى إبداعه بحياد تام... الواقع يؤكد أنه دائمًا بداخل المبدع ناقد قاسىٍ له آراءه التى لا تتوقف عن الانتقاد وبعض المبدعين أعرف أنهم لا يفضلون أن يشاهدوا أعمالهم مثل الراحل محمود مرسى الذى قال لى أنه لم يشاهد أيًا من المسلسلات أو الأفلام التى قدمها لأن بداخله كرباج اسمه ناقد يقول له ليس هذا هو المطلوب بالضبط، وأيضًا كان الراحل أحمد زكى دائمًا ما يكرر نفس هذه الأسئلة على نفسه وبعد أن يحصل على جائزة تبدأ رحلة الحساب العسير وأنا أعرف أيضًا أن يوسف شاهين لا يتوقف عن ترديد مثل هذه التساؤلات بل إن لديه بعض الأفلام التى لا يفضل أن يراها على الشاشة ويسقطها من رصيده فى الماضى مثل «رجل فى حياتى» وبعد ذلك احتل هذه المكانة «سكوت ح نصور»، وكان يوسف شاهين يضع أيضًا فيلم «أنت حبيبى» بين قائمة تلك الأفلام التى لا ينظر إليها بعين الإعجاب وذلك لأنه أثناء التصوير حدث بينه وبين فريد الأطرش العديد من المشادات.. وخاصة أثناء تصوير أغنية «يا سلام على حبى وحبك»- الدويتو الذى جمع بين فريد وشادية- كان الصراع حتميًا وضروريًا بين فريد وشادية ويصل بينهما إلى حد الدفع بالأيدى ولم يرض فريد بذلك وشعر بأنه يتعرض للإهانة، وأصر يوسف شاهين على أن هذه المداعبات والمشادات ضرورية وانتصر فى النهاية رأى يوسف شاهين لكنه ظل لا يحب هذا الفيلم.. ثم عرض على سبيل الخطأ فى أحد أسابيع لأفلامه فى مدينة النور باريس وفوجئ يوسف شاهين بهذا النجاح الطاغى الذى حققه الفيلم فأصبح من بعدها أحد أفلامه المفضلة لأنه اكتشف أن الجمهور فى الغرب ضحك مثل جمهور الشرق على كل المفارقات الكوميدية التى تشبعت بالفيلم ونطقت بها أحداثه وذلك من خلال تلك الرؤية المتقدمة جدًا لمفهوم الفيلم الغنائى الكوميدى!! دائمًا فن قيادة الممثل أحد الأسلحة المهمة جدًا للمخرج وبالنسبة ليوسف شاهين هو سلاح لا يعرف أبدًا الهدوء.. فى أول أفلامه الروائية «بابا أمين» الذى أخرجه وهو فى الثالثة والعشرين من عمره وأسند بطولته إلى حسين رياض، طلب من هذا العملاق أن يلتزم بأسلوب يوسف شاهين فى الأداء ولهذا ظل هذا الفيلم مختلفًا عن كل الأفلام التى شارك فى بطولتها حسين رياض الذى كان أقل انفعالًا وخطابية وأكثر شاعرية!! فى فيلم «الأرض» الذى لعب بطولته محمود المليجى.. قال لى يوسف شاهين أن المشهد الأخير الشهير لمحمود المليجى وهو ينتقد أهل القرية ويقول لهم «كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة».. هذه اللقطة أعادها يوسف شاهين أكثر من 25 مرة وأن اللقطة التى نراها فى الفيلم هى اللقطة رقم «25» لأنه فى كل مرة كان يطلب من محمود المليجى إعادة الأداء ليحصل منه على تلك الذروة فى الأداء التى دخلت كلاسيكيات السينما العربية باعتبارها لقطة لا تنسى.. قال لى «يوسف شاهين» أنه بعد أداء «المليجى» 24 مرة كان كل العاملين فى الاستوديو فى كل مرة يصفقون إعجابًا بالمليجى.. 24 مرة صفقوا إلا هو لم يقتنع إلا فى المرة رقم «25»!! ويظل هذا المخرج قادرًا على أن يتنفس سينما دائمًا هناك معادلة إنتاجية تمنح يوسف شاهين القدرة على ألا يستسلم لأنه بطبعه شخصية لا تعرف الاستسلام فى مطلع الخمسينيات وجد لنفسه مساحة على خريطة القطاع الخاص على سبيل المثال مع «بابا أمين» 1950 و«ابن النيل» 1951 و«سيدة القطار» 1952.. لا يخلو أى عام – منذ أن بدأ يوسف شاهين مشواره– من فيلم يخرجه وهذا يعنى أنه يعلم علاقته مع السوق السينمائية، ويشير استمراره أيضًا إلى أن أفلامه كان لها مردود فى شباك التذاكر يتيح له أن يقدم كل عام فيلمًا وأحيانًا فيلمين مثلًا «صراع فى الوادى» و«شيطان الصحراء» عام 1955 و«باب الحديد» و«جميلة بوحيرد»1958، وعندما بدأت الدولة فى الإنتاج من خلال مؤسسة السينما كان ليوسف شاهين نصيب مثل «الناصر صلاح الدين» الذى أنتجته السيدة آسيا مع مؤسسة السينما عام 1963 و«الأرض» عام 1970 إنتاج مؤسسة السينما و«الاختيار» 1971 إنتاج مؤسسة السينما و«الناس والليل» 1972 إنتاج مؤسسة السينما مع مساهمة إنتاجية من الجانب الروسى «الاتحاد السوفيتى سابقًا»، وبعد أن توقفت الدولة عن الإنتاج، حيث أشارت التقارير إلى أن المؤسسة خسرت 8 ملايين جنيه والحقيقة أن الهدف كان مواكبة التغيير السياسى والاقتصادى الذى تبناه الرئيس «أنور السادات» وهو الانفتاح الاقتصادى فتوقفت الدولة عن دعم السينما واتجه يوسف شاهين إلى الإنتاج العربى المشترك مع دول المغرب العربى «العصفور» عام 1974 مع الجزائر و«عودة الابن الضال» عام 1976 مع الجزائر أيضًا.. ثم أنتج من خلال شركته مع تونس فيلم «السقا مات» الذى أخرجه صلاح أبو سيف عام 1977!! ثم أطل على فرنسا منذ عام 1985 مع «وداعًا بونابرت» حيث كان التليفزيون الفرنسى يشاركه الإنتاج فى الأفلام مثل «اليوم السادس»، «إسكندرية كمان وكمان»، «المهاجر» و«المصير» وعندما قررت مدينة الإنتاج الإعلامى المصرية أن تنتج كان ليوسف شاهين نصيب بفيلمه «الآخر» فهو إنتاج مشترك بين المدينة وقناة التليفزيون الفرنسية وشركة يوسف شاهين.. وعندما دخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون وجهاز السينما التابع للمدينة فى الإنتاج قدم معهما ومع الجانب الفرنسى أيضًا «إسكندرية – نيويورك»! دائمًا يستطيع يوسف شاهين من خلال عقلية إنتاجية بقدر ما تتمتع بمرونة فهى أيضًا منضبطة جدًا ولهذا يعثر على تلك المعادلة التى تتيح له أن يظل فى الساحة السينمائية وأن تسافر أفلامه إلى مهرجان «كان» فإذا لم يشترك فى المسابقة الرسمية مثل «المصير» 1997 فإنه مرة يفتتح تظاهره «نظرة ما» بفيلمه «الآخر» ومرة يختتم تظاهرة «نظرة ما» بفيلمه «إسكندرية – نيويورك» ثم يشارك قبل الرحيل مباشرة بفيلمه «هى فوضى» فى «فينسيا»! تواجد مكثف وحياة ونبض ومعايشة لكل ما يفرزه العصر من إبداع ولهذا يتجدد دائمًا على الشاشة وتتجدد أشواقنا إليه.. إن فيلم مثل «باب الحديد» الذى حقق الآن أرباح تقدر ب 120 مرة ثمن إنتاجه.. هذا الفيلم لاقى فشلًا ذريعًا عام 1958 عندما عرض لأول مرة وأصبح بعد ذلك فيمًا جماهيريًا فى كل الفضائيات بل إنه عرض جماهيريًا فى باريس فى مناسبات عديدة.. هكذا أصبح هو طوق النجاة لكل من يفشل له فيلم جماهيريًا يقول لك إنه سوف يصبح علامة مثل «باب الحديد» ولم يدرك هؤلاء الذين «يتشعبطون» فى «باب الحديد» أن هذا الفيلم حمل رؤية فكرية وسينمائية متقدمة لم يدركها وقتها الجمهور ولهذا لعب الزمن لصالحه ولكن الأفلام التى يخاصمها الجمهور الآن سوف يظل على خصامه معها حتى قيام الساعة!! إنه المخرج العربى الوحيد فى جيله،الذى استطاع أن يطير خارج السرب متحديًا كل العوائق والعواصف وأيضًا المؤامرات فلقد طالب يومًا ما البعض بسحب جواز السفر المصرى بعد أن قدم فيلمه «القاهرة منورة بأهلها» عام 1991 وكان قد عرض فى قسم «أسبوعى المخرجين» فى مهرجان «كان» بحجة الإساءة لسمعة مصر ونشر غسيلها القذر خارج الحدود، وشىء من هذا حدث أيضًا لفيلمه الأخير «هى فوضى» ولكن لم يجرؤ أحد هذه المرة على أن يطالب بسحب جواز سفره المصرى.. لأنهم من الممكن أن يأخذوا من يده جواز سفره المصرى ولكن لن يستطيع أحد أن ينزع مصر من قلبه، يوسف شاهين حدوتة مصرية وعالمية !! • 9 مطربين شاركوا كممثلين فى أفلامه تعاون شاهين مع 9 مطربين عبر مسيرته، بدأها ب ليلى مراد فى سيدة القطار عام 1952، فريد الأطرش وشادية وقدمهما فى صورة مختلفة فى فيلمى «ودعت حبك» عام1956 و«أنت حبيبى» عام 1957، وقدم مع فيروز ونصرى شمس الدين فيلم «بياع الخواتم» عام 1965 كما اختار اللبنانية ماجدة الرومى لتكون مفاجأة فيلم «عودة الابن الضال» عام1976 - تمثيلًا وغناء – داليدا فى «اليوم السادس 1986، والتونسية لطيفة العرفاوى فى «سكوت هنصور» عام 2001. ويمثل محمد منير حالة خاصة، لأنه أكثر المطربين مشاركة بصوته وأدائه فى أفلام يوسف شاهين، فقدم معه فيلم «حدوتة مصرية» عام 1982بأغنية أصبحت فيما بعد أحد أهم الأيقونات فى حب الوطن، تبعه بعدها بأربعة أعوام فى فيلم «اليوم السادس» 1986 بأغنيتى الطوفان، ثم فيلم «المصير» عام 1997.