السلع نصف المصنعة تقود صادرات مصر لتجاوز حاجز ال3 مليارات دولار فى يوليو    أبرز وأهم تصريحات خليل الحية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة (فيديو)    المغرب وموريتانيا يوقعان على برنامج عمل في مجال التحول الرقمي لمنظومة العدالة    نيويورك تايمز: هناك قلق أمريكى من انسحاب نتنياهو من اتفاق غزة    يورتشيتش يعلن قائمة بيراميدز لمواجهة فاركو بعد التتويج بالسوبر الأفريقى    وزارة الرياضة: هناك تحقيق فى أزمة لاعبى تنس الطاولة    زوج يُلقي بزوجته من شرفة المنزل ببورسعيد والأمن يقبض عليه    يسرا تحتفل مع محمد رمضان بإطلاق تريلر فيلم أسد وبعيد ميلاد شيرين دياب بالجونة    مصطفى هريدي يكشف ل واحد من الناس علاقته بالزعيم عادل إمام وأول أدواره    عصام السقا يعلق على خبر اليوم السابع ويرد على ليلى محاربة السرطان: ليا الشرف أركب الخيل معاكى    عضو الإسماعيلي السابق: المجلس الحالي ارتكب مخالفات جسيمة.. والوزارة انتصرت لرغبة الجمهور    شبانة عن تتويج المغرب بمونديال الشباب: "عندهم نظام.. واحنا عندنا أزمات"    موعد مباراة بنفيكا ونيوكاسل يونايتد في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري في البنوك اليوم    إصابة 10 أشخاص إثر تصادم ميكروباصين بالبحيرة    امتحانات أكتوبر موحدة داخل الإدارات التعليمية وتقتصر على مقررات الشهر فقط    أصيب ب 44 غرزة.. محام دمنهور المعتدى عليه من أحد الأشخاص: نجوت من الموت بأعجوبة (فيديو وصور)    خبير استراتيجي: انتهاك إسرائيل للسيادة والأجواء اللبنانية يدفع حزب الله للتمسك بسلاحه    عاجل- وزارة العمل: لا قرارات عشوائية في زيادة الأجور.. والمجلس القومي يجتمع قريبًا لبحث الحد الأدنى الجديد    استقرار أسعار الدواجن والبيض اليوم مع تراجع محدود لبعض الأصناف    فيروز أركان تخطف الأنظار بإطلالة ملكية بالأبيض في أحدث جلسة تصوير    د.حماد عبدالله يكتب: أصحاب المصالح والصوت العالى "فى مصر" !!    يوسف شاهين يتصدر الترند بعد تصريحات جريئة من يسرا تكشف كواليس أول لقاء جمعهما وموقفه الصادم من لون شعرها    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    مصدر أميركي: انفجار رفح نجم عن خطأ "إسرائيلي".. ترامب يتدخل: المعبر يُفتح رغم التصعيد    بعد فشل الاحتلال فى معركة طوفان الأقصى…هل يسعى ناصر القدوة للقضاء على حماس بسلاح الدبلوماسية؟    بالتزامن مع رفع "المنقلب " الوقود على المصريين .. لماذا استجاب ملك المغرب لجيل "زد " واحتفى بمطالبهم ؟    فيضانات مدمّرة تجتاح ألاسكا وحاكمها يطالب ترامب بإعلان حالة كوارث كبرى (صور)    كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب    تامر مصطفى ل في الجول: مباراة الأهلي صعبة ولكن    انتخابات الأهلي - ياسين منصور يكشف حقيقة استقالته من شركة الكرة.. ولقاءه مع توروب    السيطرة على حريق داخل مستشفى خاصة بالمنيا دون خسائر بشرية    أول تحرك من أوقاف الإسكندرية في محاولة سرقة مكتب بريد عبر حفر نفق من داخل مسجد    هل تفكر هنا الزاهد في تكرار تجربة الزواج مرة أخرى؟ الفنانة ترد    قرار عاجل ضد المتورطين في قضية شيكات المطربة بوسي    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    أخبار 24 ساعة.. صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل    متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر    إرسال عينات الدم المعثور عليها فى مسرح جريمة تلميذ الإسماعيلية للطب الشرعى    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    تحالف مصرفي يمنح تمويل إسلامي بقيمة 5.2 مليار جنيه لشركة إنرشيا    فى عيدها ال 58.. اللواء بحرى أ.ح. محمود عادل فوزى قائد القوات البحرية :العقيدة القتالية المصرية.. سر تفوق مقاتلينا    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة    أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    على الطريقة الأجنبية.. جددي من طريقة عمل شوربة العدس (مكون إضافي سيغير الطعم)    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلنا نصّدق الأخبار الكاذبة .. وهنا المشكلة
نشر في صباح الخير يوم 13 - 12 - 2017


ريشة الفنان: محمد سعد
هناك مشكلة كبيرة يحدثنا عنها علماء النفس ونحن نبحث ونتحرى ونناقش أسباب انتشار ظاهرة الأخبار الكاذبة والمزيفة والشائعات.. فمن خلال دراساتهم وفحوصهم على عينات كبيرة من الناس تكشفت لهم حقيقة غريبة هى أننا.. كلنا نصدق الأخبار الكاذبة والشائعات، والقصص الملفقة!
وهذه مصيبة، ومن هذا المدخل تجد الشخصيات والمجموعات المريضة والمغرضة التى تنشر هذا الوباء مدخلها السهل إلينا.

ليس فقط لأن من ينشر هذه الأخبار له مصلحة فى رواج ما ينشره إذ يتحقق له من ورائه النفع المادى بزيادة الإقبال على موقعه الإلكترونى وبالتالى زيادة الإعلانات والمكاسب المالية، أو بالانتقام من شخص ما أو بتشويه قضية ما أو حتى لمجرد العبث والإثارة.
ومع أن تاريخ نشر الأكاذيب والشائعات قديم جدا، وأقدم حتى من تاريخ اختراع الطباعة وظهور الصحف، ويعود فى أسبابه إلى الصراع على السلطة منذ بدء التاريخ وقيام الدولة، وسنتابع فى حلقة قادمة تسلسلا تاريخيا لفنون الكذب، إلا أن التطور التكنولوجى المتلاحق خلال العقدين الأخيرين واختراع الإنترنت جعل مسألة نشر الأخبار الكاذبة والقصص الملفقة أكثر رواجا على مدار كل دقيقة من كل يوم طوال العام وكل عام!
وهذا التطور فى تكنولوجيا الاتصالات والتواصل الذى يسره وجود الإنترنت والكمبيوتر والتليفون المحمول الذكى وغيرها، أحدث - فى الحقيقة - انقلابا فى عملية إنتاج وترويج الأخبار التى كانت الإنسانية تعرف إلى وقت قريب، أنها تصدر فقط من خلال وسائل إعلام فوقية لها نظمها وأساليبها وتحكمها القيم والاعتبارات المهنية والمسئولية الأخلاقية والسياسية، والقوانين والآداب العامة وحتى مواثيق الشرف، ونقصد بها الصحافة والإذاعة والتليفزيون. لكن الانقلاب حصل عندما أصبح فى مقدور أى إنسان لديه حساب على الشبكة العنكبوتية العالمية «إنترنت» أن يطلق ما يشاء من الأخبار والشائعات والأكاذيب وكل ما بدا له، بلا رقيب ولا حسيب، فليس فوقه من يراجعه، وليست هناك ضوابط مهنية أو أخلاقية تحكمه، بل إن اسم مروج الأخبار الكاذبة وعنوانه قد يكون محجوبا عن متابعيه على الموقع الإلكترونى، كما رأينا فى قصة ملك الأخبار الكاذبة التى أوردناها الأسبوع الماضى.
هذا اليسر وهذه السهولة فى النشر عبر النت، خدم الحقيقة فى بعض الأحيان عندما نشرت حقائق عديدة مهمة ومفيدة، كانت خافية ومخفية على الناس. لكن الأغلب الأعم مما ينتشر على الفضاء الإلكترونى انتشار النار فى الهشيم، كما يقول العرب، هو التلفيقات والشائعات والكذب القراح.
فليس هناك من وسيلة للتعرف على ناشر الشائعة أو التشنيعة أو المعلومات المزيفة والمضللة، ومع ذلك فهى تنتشر بأسرع من سرعة الضوء ربما!
جعلوا الصور.. تكذب!
ومما ساعد على رواج الأخبار الكاذبة أن التكنولوجيا الحديثة التى تتقدم كل يوم، يسرت عمليات التلاعب بالبيانات والصور، وكان للصورة فعلها السحرى فى سريان الأكاذيب والعمليات المسماة «فوتو شوب» يعرفها العالم كله ونعرفها فى مصر وأشهرها طبعا الصورة الملفقة التى نشرها «الأهرام» للرئيس المخلوع حسنى مبارك - قبل أن تخلعه ثورة المصريين فى يناير2011 - وتم التلاعب فيها بحيث أصبح مبارك الذى كان فى خلفية الصورة يتقدم على باقى من ظهروا فيها ومنهم الرئيس الأمريكى وقتها باراك أوباما!.. وفى الفترة الماضية وخلال بحثى عن قصص ال«فوتوشوب» الشهيرة، وجدت صورة ملفقة تجمع هيلارى كلينتون فى مصافحة حميمة مع «بن لادن».. وراج مع الصورة خبر كاذب يشيع أنها باعته كمية من الأسلحة الحساسة!
اللعب على الذاكرة
المفاجأة التى يفجرها علماء النفس هى أننا جميعا أو الأغلبية العظمى منا، نميل إلى تصديق الأكاذيب والشائعات!
وقد قام فريق من الباحثين فى مركز دراسات علم النفس فى جامعة بنسلفانيا الأمريكية بدراسة ظاهرة رواج الأكاذيب والتلفيقات وأيضا سرعة تقبل عامة الناس وأغلبيتهم لما يرد فى هذه الأخبار الكاذبة، وقام العلماء ببحث كيفية التخلص من هذا الوباء الذى يجتاح العالم، وباء الأخبار الكاذبة، كيف نتخلص من المعلومات المغلوطة والمضللة والمزيفة التى تسكن أذهاننا؟..لكن الموضوع لم يكن سهلا فهو يتضمن عناصر متداخلة ومعقدة، ومن هنا جاءت النتائج التى توصلوا لها مخيبة للآمال ومحبطة للغاية، لأن المهمة شبه مستحيلة، وهم يكادون يقولون لنا أن كل ما سيقدمونه لنا من أفكار وإرشادات لن يكون مفيدا كما نتمنى، وهذا هو ما توصلوا إليه حتى الآن والبحث مستمر، ومع ذلك فهناك نتائج طيبة ومعلومات مفيدة حول الأسلوب أو الآلية التى يتبعها عقل الإنسان فى تقبل وتذكر وتحليل ما يتلقاه من معلومات أو أخبار.
وذاكرة الإنسان هى بمثابة وعاء يضم كل المعلومات والذكريات والمشاعر الماضية، لكنها فى تقدير هؤلاء العلماء ليست مجرد مخزن يحتفظ بالمعلومات ويقوم أيضا بطريقة آلية، بحذف ما يتم تجاوزه أو يفقد أهميته أو تأتى معلومات جديدة تفقده أهميته أو صدقيته، فلا يكون له أثر.. العكس هو الصحيح، فالمعلومات على اختلافها وتنوعها تبقى عالقة فى الذاكرة، وفى كل عملية استعادة أو تذكر تتم سلسة من التفاعلات الداخلية للعقل وهى عملية ذهنية مركبة ومعقدة. وقد كشفت تجارب علمية عديدة أن المعلومات التى يتجاهلها الإنسان ويحاول التخلص منها تظل راسخة فى عقله الباطن، ليس هذا فقط بل إنها تعمد التأثير على تفكيره، حتى لو لم يكن مقتنعا تماما بصحتها!.. وتوصل العلماء إلى أن العقل يعجز فى الحقيقة وفى أغلب الأحيان عن التحرر من الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة والخاطئة التى تعشش فى داخله. وهكذا يصلون بنا إلى أنه لا يمكن محو معلومة من الذاكرة لمجرد أن الإنسان تأكد من عدم صدقها، ويعود ذلك إلى أن عمل العقل والعقل الباطن لا يخضع لسيطرة كاملة للإنسان عليه، لمجرد أنه يرغب فى ذلك!
وما العمل إذن؟!
ينصح هؤلاء العلماء بأن يتم تصحيح المعلومات والأخبار الكاذبة والشائعات، من خلال السعى للحصول على فهم صحيح للأمر، بدلا من مجرد السعى للتخلص من الأكاذيب. فالاطلاع على المعلوات الصحيحة والتأكد من مدى صحتها بواسطة الشروح والأدلة والبراهين هو الطريق الصحيح لطرد المعلومات والأخبار المزيفة والكاذبة من رؤوسنا، حيث ييسر هذا الطريق فرص ترسخ هذه المعلومات الصحيحة والأخبار الصادقة فى العقل بدلا من مجرد مطاردة الشائعات ومحاولة إثبات أنها مجرد أخبار كاذبة.. هذه النصيحة سهلة كما يقول علماء النفس، لكن تطبيقها فى الواقع سيكون صعبا ومعقدا قليلا.
ويبقى السؤال المهم: لماذا نصدق غالبا الأخبار الكاذبة والشائعات؟!
نشرت دراسة حديثة فى مجلة «علم النفس والشخصية» قام بها العالمان أنثونى واشبرن، وجاء فيها أنه فى الغالب يقع نبذ الحقائق العلمية الصحيحة من طرفين يكونا على خلاف حول مسألة ما، خاصة إذا كانت سياسية، حيث إن الإنسان يتلقى معارضة شرسة فيما يتعلق بآرائه الأيديولوجية التى طالما دافع عنها. أى أن الإنسان سيتقبل المعلومات والأخبار - صادقة كانت أم كاذبة - بموقف مسبق وقد يصل إلى حد القول بأنه موقف غير عقلانى، وأميل لعاطفة، فى تلقى أو رفض ما يصله من أخبار ومعلومات وشائعات وأكاذيب، وهذا ما يطلق عليه العلماء «التفكير فى الغرفة والصدى» أى أن الإنسان فى هذه الحالة لا يسمع ولا يرى إلا ما يميل إليه بعواطفه ومعتقداته.. والحل الوحيد لدى العلماء لمواجهة الأكاذيب هو فى نشر المعلومات والأخبار والحقائق الراسخة بشرط أن يكون لها بعد عاطفى، يجعلها أكثر جاذبية بحيث تطرد الأخبار الكاذبة. •
وفى الأسبوع المقبل نكمل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.