عندما دخلت المجلة فى 2009 كان من أكثر الناس الذين كنت أتمنى أن أتكلم معهم هو الكاتب محمد الرفاعي.. كنت محبة بل عاشقة لكتاباته الساخرة .. كانوا يحذروننى منه.. «خدى بالك رفاعى مش بيحب يكلم حد».. كنت أصبًّح عليه يرد بطرف عينه ويتمتم بكلمات غير مفهومة. كان أحيانا يدخل مكتبه ليجد عفاريت الصبوحة كلهم يصلون فى الأوضة.. يدارى ابتسامته ويشخط فينا.. عملتوها زاوية؟!! أضحك وأقول له آه زاوية محمد الرفاعي.. ثم قرر الأستاذ محمد عبدالنور رئيس التحرير فى ذلك الوقت أن نعمل تحت قيادته فى ملزمة «صباح الفل» للكتابة الساخرة، وعلمنى الكثير عمره ما بخل بنصيحة أو معلومة.. عمره ما استهزأ ولا قلل من جهد أحد. وبدأ يسمح لنا نقعد معاه.. أو فرضنا نفسنا عليه بمعنى أصح.. كنت أقوله صباح الفل.. يرد متمتما بكلمات لا أفهمها، ممكن أدخل اقعد مع حضرتك؟!.. تمتمة.. أقوم داخلة والبنات ورايا.. يبتسم ويشغل الراديو ويقعد يكتب وإحنا حواليه.. والكل مستغرب. إحنا إزاى قدرنا نحتله،. فى الحقيقة هو اللى احتل قلبنا وعقلنا بحاجات بسيطة أوي.. صدقه صراحته وحبه الحقيقى الخالى من غير أى مصلحة.. مع الوقت أصبح الأحد والخميس يومين مقدسين فى الأسبوع.. أصبح هو الأب اللى اهتم وقلق وسأل ونصح وشجع وساعات كتير اللى زعق وهزأ وشتم «يا بت يا نيلة»، وعندما يكون راضيًا يقولى يا بكرية. أحكى وهو يسمع أشكى وهو يهز رأسه بمعنى ولا يهمك.. وهو يحكى عن الماضى وذكرياته وأسمع وأهزر وأتريق ويضحك.. أجمل ضحكة فى الدنيا، من شهور بدأ يحكى عن أصحابه اللى سبقونا للسماء وعينه ترغرغ. ومن أيام قالى فجأة هو أنا عايز إيه تانى من الدنيا يا بكرية؟!.. بصيت له وكشرت.. قالى والله بجد.. أنا شفت كل حاجة وطلعت معاش ودخلت الألفية الثالثة وحضرت ثورتين وكام رئيس لمصر.. خلاص بقى كفاية.. ماتقولش كده. سكت وابتسم.. وأنا قلبى اتقبض. 2017 طلعت فعلا أسوأ سنة مرت علينا كما قلت لي.. والسنين الجاية انت مش فيها.. لكن هتفضل فى قلبى وعقلي.. هتفضل أجمل ما حصل لى فى حياتي.. هتفضل أبويا الذى لم يأتِ بى لهذه الدنيا، لكن أبويا الذى أعنِّى عليها.. وأصحى من النوم حتى أذهب إلى المجلة حتى وأنا كارهة لها.